متاهة الانتقام

  • 2014/05/18
  • 9:42 م

عنب بلدي ــ العدد 117 ـ الأحد 18/5/2014

عمرو الدمشقي

ذاقت المناطق «المحررة جزئيًا» من قوات الأسد، ويلات الحرب والدمار وأنهكها القصف والحرمان منذ إعلان تحريرها، فأمست تعيش كابوسًا يوميًا لا يخلو من «براميل الموت» وقذائف المدفعية وغارات الطيران الحربي؛ ثم طالت مدة المعاناة واستفرد نظام الأسد بمعارضيه فلم يوفر طريقة لإركاعهم إلا وجرّبها.

ونظرًا لانسداد الأفق أمام حل قريب، انتشر طاعون الكراهية والحقد في هذه المناطق على مؤيدي الأسد الذين مازالوا يعيشون في مدنهم، التي ما زالت تخضع لسيطرته.

أن تعيش بدون أدنى مقومات الحياة الإنسانية، بينما يعيش جيرانك الذين لا يفصل بينك وبينهم سوى مئات الأمتار ينعمون بالأمن والاستقرار ورغد العيش، ولأن المحرومين ليسوا ملائكة أو أنبياء، انتشرت عندهم   ظاهرة الحقد على الجانب المنعّم.

وبدأت ردّات فعلهم، بما توفر لديهم من أسلحة وقدرات عسكرية، تطال المناطق التي مازالت تخضع لسيطرة الأسد، محاولين نقل المأساة التي يعيشونها إلى تلك المناطق، حيث انهمرت القذائف العشوائية ومدافع «جهنم» على دمشق، وأحياء حلب الغربية، ومركز محافظة إدلب وغيرها، مسفرة عن عشرات الضحايا، وجلهم من المدنيين نساء وأطفال.

وفي الآونة الأخيرة طبق المعارضون أيضًا شعار «الجوع أو الركوع» الذي استخدمه الأسد مرارًا للضغط على المدن الثائرة، فتارةً يقطعون طرق إمداد المساعدات الإنسانية، وتارة يوقفون الخدمات من كهرباء وماء، وأوضح الأمثلة اليوم ما تشهده أحياء حلب الغربية المحاصرة من قبل قوات المعارضة من معاناة إنسانية نتيجة قطع الكهرباء والماء عنها، حيث يتواجد حوالي 3 ملايين نسمة مهددين بمخاطر متعددة منها التسمم الناتج عن الماء الملوث وانقطاع الخبز من أفرانها لاعتماده على الماء بشكل أساسي.

صحيحٌ أن المعارضة تريد مقايضة الخدمات بوقف العمليات العسكرية على شرق المدينة، لكنها بنفس الوقت تقلّد النظام بأساليبه الملتوية في التجويع وتشريد الآمنين وتخويفهم، بعد انسداد الطرق الأخرى أمامها، الأمر المنافي تمامًا للأهداف التي خرجت لأجلها الثورة السورية، الساعية للوصول إلى الحرية والكرامة والعدالة لكل أطياف الشعب.

كما ﻻ ننفي ضلوع النظام بقصف هذه المناطق أحيانًا بقصد التعبئة التشبيحية والإعلامية، وإيجاد مادة دسمة توزع للمجتمع الدولي.

بالمحصلة فقد ضاع شعبنا في متاهة الانتقام الدامي، فراح يقوم بمغامرات عبثية تصبّ في مصلحة النظام وتؤكد نظريته في «مكافحة الإرهاب والمخربين»، فهل يستيقظ التيار الشعبي السوري ليوقف المسألة في بدايتها.

مقالات متعلقة

  1. عن المرض الأسدي بالطائفية
  2. عين الروس العسكرية على دير الزور .. ماذا يجري؟
  3. غوامض المحنة السورية
  4. أكراد سورية وخيارات «الاتحاد الديموقراطي»

رأي

المزيد من رأي