الصحافة الورقية.. هل انتهى عصرها

  • 2016/03/13
  • 12:57 ص

فريق التحقيقات – عنب بلدي

فتح إعلان إيفجيني ليبيديف، مالك شركةإي اي آي ميديا، إيقاف الإصدار الورقي لصحيفةالإندبندنتفي 26 آذار الجاري، الباب مشرعًا لأسئلة جوهرية حول مستقبل الصحافة الورقية في العالم، وإلى أي مدى سيقاومالورقكواحدة من وسائل تقديم الأخبار والمعلومات في ظل التطور التكنولوجي وتحول إمبراطوريات الإعلام العالمية إلى الساحة الرقمية لنقل المحتوى، بحثًا عن تكاليف أقل وجمهور أكبر، لا سيما مع تحول وسائل التواصل الاجتماعي إلى مصدر أساسي للمعلومات عند شريحة واسعة من الجمهور.

قرار مالك الشركة البريطانية إيقاف النسخة الورقية للإندبندنت والاكتفاء بالموقع الإلكتروني مع التركيز على الخدمات الرقمية الأخرى، يستشرف المستقبل بنظرة المستثمر الحذر والخبير الإعلامي، الذي يرى أن “العصر الورقي” للصحافة شارف على النهاية، وأن المستقبل هو للصحافة الرقمية. ففي رسالته الموجهة إلى الموظفين حول إيقاف النسخة الورقية من إندبندنت قال ليبيديف: “نعلن قرارًا تاريخيًا، إننا نتبنى المستقبل الرقمي حصرًا في وقت يقرأ صحافتنا مزيد من الناس في أماكن أكثر من ذي قبل”.

وربما تقود هذه الخطوة صحفًا عالمية أخرى، وربما عربية، إلى سلوك نفس الاتجاه، إذ سبق وأوقفت مجلة نيوزيويك، والتي تعد من أهم وسائل الإعلام الأمريكية، نسختها الورقية أواخر العام 2012 والتي يزيد عمرها عن 80 عامًا، لانخفاض عائدات الإعلان، قبل أن تعاود الصدور ورقيًا في آذار 2014. وتشير بعض الإحصائيات والتقارير الصحفية إلى تراجع عام في مبيعات الصحف الورقية في العالم مقابل ارتفاع مطرد في القراءات عبر الإنترنت مع تطور الصحافة الإلكترونية ووسائلها بشكل متسارع. وبحسب تصريح رئيس تحرير جريدة “اليوم السابع” المصرية، خالد صلاح، للشرق الأوسط، فقد انخفضت كمية الصحف المطبوعة في مصر إلى 800 ألف نسخة بحلول أيار 2015 بعد أن كانت في العام 2010 بحدود مليوني نسخة يوميًا.

“الربيع‭ ‬العربي” عزز‭ ‬الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬

في المنطقة العربية، أعطى “الربيع العربي” لمفهوم الصحافة الورقية زخمًا كبيرًا مستفيدة من هامش الحرية التي منحته الثورات في مصر وتونس وسوريا، مع اختلاف تفاصيل التجربة في كل بلد عن الآخر، واليوم ماتزال الصحافة الورقية تحظى بحيز مهم من اهتمامات القراء لعوامل عديدة، أبرزها غياب البديل، وهنا نتحدث عن النموذج السوري، الذي ظهرت فيه “صحف الثورة” كبديل عن صحافة النظام الرسمية.

لكن خبراء ومتخصصين في الإعلام يتوقعون أن يكون لـ “ثورة التكنولوجيا” وسرعة انتشار الأخبار على وسائل التواصل الاجتماعي دور في الإجهاز على الصحافة الورقية، وإن لم يكن الموت المتوقع قريبًا، فهو مؤجل إلى حين في الدول العربية لكثير من الأسباب، أبرزها استمرار الحروب والصراعات، والتي سببت غيابًا للبنية التحتية من كهرباء وإنترنت وكوادر بشرية، وهي عوامل أساسية للإعلام الإلكتروني، ما يجعل فرصة القارئ العربي، والسوري بشكل خاص، في تناول صحيفة أو مجلة والحصول منها على المعلومات أكبر من أي وقت مضى.

ارتفاع‭ ‬التكاليف‭ ‬وتغير‭ ‬سلوك‭ ‬القراء ‬هل‭ ‬يقضي‭ ‬على‭ ‬الصحيفة‭ ‬الورقية؟

ثمة رأي آخر يعزز فكرة توجه القراء إلى الصحافة الإلكترونية وهجر الورقية، يقول إن “سلوك الناس” أصبح مغايرًا ومتماشيًا مع الطبيعة التكنولوجية المحيطة وسرعة تطور الأحداث، إذ لم يعد بالمقدور الانتظار لصباح اليوم التالي للحصول على وجبة من الأخبار والمعلومات، ولا بد من المواكبة اللحظية لما يجري، وهذا ما تفتقده الصحافة المطبوعة.

لكن السرعة وسهولة النشر التي يتمتع بها الإعلام الإلكتروني، وما ينجم عن ذلك من اختصار و”سطحية” في التغطية، يعيد الدفة إلى الصحيفة الورقية لتأخذ الدور في إنتاج تقارير وقصصًا أكثر عمقًا، وتحليلات لما وراء الأخبار.

سمير الطويل – سوريا

“الورقية”‭ ‬تواجه‭ ‬عقبة‭ ‬النفاذ‭ ‬للجماهير

يعتبر الصحفي السوري، سمير الطويل، والذي عمل في الصحافة الورقية وتحوّل لاحقًا إلى الإعلام الإلكتروني، في حديث مع عنب بلدي، أن وسائل التواصل الاجتماعي أجبرت الإعلام الورقي على التراجع، مستشهدًا بعدد المطبوعات الحالية مقارنة بالمواقع الإلكترونية، يقول “السبب الأساسي لمحدودية الإعلام الورقي، هو صعوبة النفاذ (ACCESS) والوصول إلى الجمهور، وكذلك محدودية التوزيع وعدم الوصول إلى كثير من الأماكن في ظل الحرب السورية والعنف، وهذا لا ينطبق على سوريا فقط بل على الإعلام الورقي بصورة عامة”.

ويرى الطويل أن الصحافة الورقية في سوريا كانت محدودة التأثير في الثورة، وأنها حاليًا إلى اندثار وستحل مكانها الصحافة الإلكترونية لا محالة.

وبالنسبة لصحافة النظام، أو تلك التي ماتزال تصدر عن مؤسسات تابعة لوزارة الإعلام في حكومته، يعتقد الطويل أيضًا بمحدودية تأثيرها لأن نطاقها الجغرافي ضيق مع خروج كثير من المدن والبلدات عن سيطرة النظام، إذ لا يتعدى نطاق التوزيع عبر مؤسسة المطبوعات جغرافية دمشق وبعض مناطق الساحل، وأعدادها ليست كما كانت قبل العام 2011، وهو ما يدلل على تراجعها أيضًا وسيرها في طريق الاندثار.

حذام زهور عدي – سوريا

الصحافة‭ ‬الإلكترونية.. ‬الإفلات‭ ‬من‭ ‬الرقابة

عرفت الصحافة الإلكترونية في عام 1993 بإصدار صحيفة “سان جوزيه ميركوري” الأمريكية، تلاها تدشين أول ظهور إلكتروني لصحيفتي “ديلي تليغراف” و”التايمز” البريطانيتين عام 1994.

عربيًا، كانت صحيفة “الشرق الاوسط” من أوائل الصحف العربية التي ظهرت على الشبكة العنكبوتية في 9 أيلول 1995، ثم تلتها صحيفة النهار اللبنانية، التي أصدرت طبعة إلكترونية يومية بدءًا من الأول من كانون الثاني 1996، وبعدها صدرت صحيفة السفير اللبنانية.

 إلا أن القفزة الكبيرة التي شهدتها الصحافة الإلكترونية كانت عقب أحداث الحادي عشر من أيلول العام 2011، وقتها استفاق العالم على وقع حدث مهول في أمريكا، واستطاعت الصحف الإلكترونية والمواقع الإخبارية أن تنقل بالكلمة والصوت والصورة ذلك الحدث التاريخي بدقة وكفاءة، بينما تعثرت بعض الصحف والفضائيات التقليدية وأثبتت فشلها في تلك المهمة، وفق ما يذكر عدد من الخبراء والدراسات الإعلامية التي واكبت تلك الحقبة. واستمر تطور الإعلام الإلكتروني حتى وصل إلى مستويات من المهنية أصبح فيها يجاري الصحافة التقليدية ويهددها في أكثر من ناحية، وخاصة في الشق المادي وتحقيق هامش ربحية أكبر، فضلًا عن تميزه في نواح اجتماعية عديدة.

ترجع الكاتبة والباحثة حذام زهور عدي، في حديثها لعنب بلدي، بالذاكرة لما قبل الثورة وتتحدث عن الحماس الصحفي الذي عاشه الجمهور السوري خلال فترة إصدار صحيفة “الدومري” في دمشق ومساهماتها في فضح الفساد، وعلى حد قولها “قد يكون من أسباب ذلك التحرك النسبي في الحماس أن الصحف كانت تعالج مواضيع تهتم الناس”.

واليوم، يبدو أن المشهد قد طرأ عليه تغيير، فالصحافة الإلكترونية باتت تستهوي الأجيال الجديدة أكثر بأشواط من الصحف المطبوعة، بسبب “قدرتها على الإفلات من الرقابة المجتمعية والأسرية والسلطوية، وهذا ينطبق على شعوب العالم ولكنه في المجتمعات العربية أشد تأثرًا”.

وفي جانب الصحافة الورقية، تشير الباحثة إلى تراجع قراء الصحافة السورية المطبوعة بشكل كبير في زمن البعث، وذلك بسبب الاستبداد والرقابة الشديدة على الإعلام، إذ تكونت عند عامة الناس قناعة بأنها ليست أكثر من آلة إعلام رسمية، رغم وجود بعض الأقلام التي حاولت أن تخرج عن أوصافها السابقة، إلا أنها كسدت وظلت مخزنة لدى كتابها.

ورهنت الباحثة استمرار الصحافة المطبوعة السورية، باستمرار الثورة وتطورها من جهة، وتباين أعداد جمهور كل صحيفة، خاصة أن الميل إلى القراءة تراجع في العالم كله، كما تفيد الدراسات الإحصائية التي تُجرى في مراكز متخصصة.

وتمنت الباحثة على مالكي الصحف إصدار إحصائيات تعكس الخط البياني لتطور توزيع صحفهم شهريًا، ليقيّموا مستقبلها.

وربطت الكاتبة السورية ازدهار الصحافة المطبوعة، بنجاح الثورة وتحقيق قدر من أهداف الحرية، التي تسمح بصحافة ورقية حرة تظل سيدة الصحافة وأمها الحقيقية.

المدير التنفيذي لشركة غوغل العالمية، إيريك شميدت، وفي كتابه “العصر الرقمي الجديد”، الذي طالعته عنب بلدي، يرى أن التركيز المستقبلي للقراء سيكون بالأساس على التحليلات المعمقة التي تصدر عن خبراء ومختصين، وتركز على أبعاد الأحداث وانعكاساتها، والتي لا يمكن تخصيص أماكن لها في الإعلام الإلكتروني نظرًا لطبيعة القارئ هناك. ويرى شميدت أنه يجب التركيز في الإعلام المطبوع على الصحافة الاستقصائية المستندة إلى الوثائق والإثباتات وتهيئة الكوادر الضرورية لهذا المضمار.

منى مجدي فرج – مصر

الثورات‭ ‬دفعت‭ ‬الصحف‭ ‬العربية إلى‭ ‬الأمام.. ‬ولكن! ‬

كثيرة هي العوامل التي تضغط على الإعلام المطبوع وتجعله يعيش في قوقعه يصعب عليه الخروج منها، لجهة ارتفاع تكاليف الطباعة وأسعار الورق، واحتدام المنافسة مع وسائل إعلام أخرى على رأسها الإعلام الإلكتروني ومنصات التواصل الاجتماعي وبدرجة أقل التلفاز، لكن يبقى لهذا النوع من الإعلام جمهوره الذي يثق به ويعتقد أنه يقدم أعلى درجات المصداقية في تغطية الأحداث، وهنا ترى الدكتورة منى مجدي فرج، المدرّسة في كلية الإعلام في جامعة القاهرة، أن الصحافة المطبوعة الخاصة في مصر كان لها تأثير ايجابي، من ناحية كشف الفساد ومتابعة أخبار الثورة في مختلف المحافظات، عبر آراء الكتّاب وتحليلاتهم للوضع.

وتقول مجدي لعنب بلدي إن الصحف الخاصة استفادت من هامش الحرية في كشف أسرار تورط مسؤولين في قضايا تخص الأموال العامة، إلا أن عدد متابعيها انخفض قرابة 60% حاليًا عما كان عليه في بداية ثورة 25 يناير، فمثلًا صحيفة “المصري اليوم” كانت توزع خلال الثورة حوالي أربعة ملايين نسخة، إلا أنها وصلت حاليًا إلى حوالي مئة آلاف فقط.

وتعتقد مجدي أن للحرب تأثيرها على الحالة المزاجية للقراء، إضافة إلى تأثر أرقام توزيع الصحف وحظر استيراد المواد الخام، فضلًا عن وجود عوامل كثيرة تؤثر على الصحافة المطبوعة في الوقت الراهن، أهمها انصراف الفرد بشكل عام عن متابعتها بحكم ظهور المحتوى الإخباري الإلكتروني، ودخول” الموبايل” سوق المنافسة، إضافة إلى ارتفاع تكلفة الأحبار وسعر الورق.

سادت حالة “صحية” من التغيير في المجال الإعلامي بدلًا من سيطرة الخطاب الأحادي في الصحافة المصرية، كما تقول الدكتورة، ولمعت أسماء عدد من الكتاب والصحفيين الشباب، وانتشرت التحقيقات الجادة والمتعمقة، إلا أن الصحافة المطبوعة تعرضت لـ “نكسة بعد سيطرة الجيش على مقاليد الحكم مرة أخرى”.

تضيف مجدي “كانت الجرائد الخاصة تقدم تحليلات جادة ووجبات لتحقيقات دسمة، استقبلها المواطن بشغف نتيجة الحالة المزاجية العامة وسيادة مناخ الحرية، إذ شعر أنها تكشف الفساد وتعمل لتحقيق المبادىء التي بدأت الثورة من أجلها”.

مهند الحاج علي – لبنان

الممولون‭ ‬يتحكمون‭ ‬بالصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬

يتحدث الصحفي اللبناني، مهند الحاج علي لعنب بلدي، عن تراجع الصحافة الورقية في لبنان، وأوضح أن ذلك مرتبط بنقاط أساسية، أولها هو الانفصال عن القارئ وتوجهاته. فالقارئ ليس لاعبًا أو عاملًا في تحديد صحة المؤسسة ماليًا، بل هو غالبًا عبء عليها، لناحية الحساسية بين ما يجب نشره وبين ما يطلبه الممول.

ووجد الحاج علي مقاربة واسعة بين واقع الصحافة اللبنانية مع نظيرتها السورية، “لو نحينا جانبًا صحف الديكتاتورية السورية في دمشق، نجد أن الصحافة الورقية في الخارج ممولة من مؤسسات ودول، خصصت مبالغ لمكافحة التطرّف ودعم المجتمع المدني”.

واعتبر الصحفي اللبناني أن المبالغ المخصصة للصحافة الجديدة في سوريا ستكون “ظرفية”، أي أنها لن تتجدد لفترة طويلة، وسيشكل هذا الأمر تحديًا للمؤسسات الناشئة، متسائلًا “أي مصادر تمويل في ظل الأزمة الاقتصادية والنفط المتدهور؟”.

لكن الحاج علي، رأى أن هناك ضوءًا جديدًا يسطع في الإعلام العربي، وهو نجاح الإعلام المحلي، وتابع “في لبنان كان هذا الأمر لافتًا، وتبين أن المؤسسات المحلية قادرة على تمويل إعلام محلي صغير، بشرط ارتباط المؤسسات سياسيًا مع القوى المهيمنة محليًا، لذلك أرجح استمرار الإعلام المحلي، وضمور الوطني في سوريا، بعد انحسار الحرب كليًا”.

استغلال‭ ‬الصحفيين‭ “‬الصغار‭” ‬من‭ ‬أجل‭ ‬التوفير

المشكلة الأساسية، من وجهة نظر مهند الحاج علي، هي أن التركيبة المالية للمؤسسات “استغلالية”، بحيث يتعامل الناشر معها كأنها مؤسسة ربحية، ويعتمد على الصحفيين الصغار لتوفير الرواتب، وهذا الاستغلال مردّه ضعف النقابة نتيجة الهيمنة عليها سياسيًا.

وشدد الحاج علي على أن “النموذج المالي للمؤسسات الصحفية اللبنانية مبني على طريقة الإعلام التقليدي، أو ما أسميه (المبنى)، وهذا النموذج يتطلب مالًا كثيرًا غير متوافر في السوق، سوى عبر الريع الإقليمي (دعم دولي ومحلي وافر)، وهذا غير موجود اليوم، لذا أعتقد أن المؤسسات السورية الجديدة بعيدة عن هذا النموذج، وهو سائد فقط في إعلام نظام الأسد، وهذا أيضًا أحد الأسباب الأساسية لضمور الإعلام التقليدي في لبنان”.

مصعب الحمادي – سوريا

‭”‬دكاكين‭” ‬تضخ‭ ‬منتجًا‭ ‬إعلاميًا

يجمع معظم منظري الإعلام، السوريين والعرب، ومنهم الصحفي مصعب الحمادي، على أن الإعلام الجديد هو وليد الثورة السورية وتنسيقياتها، لكن بعضهم ذهبوا إلى أن عددًا من المؤسسات الجديدة هي “دكاكين إعلامية”، أسسها “منتفعون” من الثورة.

وقال الحمادي في حديثه لعنب بلدي، إن “للصحافة الورقية دورًا في الاحتفالية المعنوية والثقافية التي شهدتها مناطق واسعة من البلاد، عندما تحررت من قبضة النظام. عندها أصدر نشطاء التنسيقيات بحماس مطبوعاتهم الحرة، غير خائفين من سلطة أو رقابة، وتفتقت مواهب سورية كانت مدعاة للفخر والإعجاب”.

وأوضح أن الحالة الثقافية التي شهدتها سوريا منذ مطلع عام 2012 لم تستمر أبعد من سنة ونيف، حيث سيطر تنظيم القاعدة على مساحة الحرية التي ازدهرت، واستبدل مطبوعات الثوار بمناشير جهادية، فيما فتح بعض المتنفعين “دكاكين إعلامية” خارج البلاد، وبعيدًا عن مجال التأثير المفترض، وراحوا يزعمون أنها هي إعلام الثورة، وأنهم فرسان الإعلام الثوري، وفق تعبيره.

وأشار الحمادي إلى أن “الصحف التي تستحق الاحترام أصبحت نادرة، ولن يكتب مستقبل جيد للصحافة الورقية في سوريا ما لم يسقط النظام القمعي أولًا ويتنحى المتنطعون والمتسلقون ثانيًا، بقطع الدعم الدولي المشبوه عنهم، عندها يمكن أن تلوح فرصة لولادة حقيقية وراسخة، لأننا رأينا بالفعل إرهاصات حقيقية لها رغم قتامة المشهد”.

الصحافة الورقية، ستستمر في سوريا على المدى المنظور، رغم زحف الصحافة الإلكترونية والإعلام البديل، وفق الحمادي، وتابع “ربما جيلنا على الأقل لن يشهد تلك النهاية المتوقعة، في ضوء المعطيات الموجودة، وفي سوريا تحديدًا لا نستطيع أن ننكر أن هناك شريحة معقولة لا يحلو لها القراءة والاطلاع إلا عبر الورقة، وعن طريق تقليب الصفحات في حضن القارئ”.

استطلاع في سوريافيسبوك أولًا والصحف ثانيًا

أجرت الشبكة السورية للإعلام المطبوع بالتعاون مع مركز عمران للأبحاث والدراسات مطلع العام الحالي استطلاع رأي لجمهور الصحف في المناطق المحررة من الشمال السوري (لم ينشر بعد) شمل 726 مبحوثًا (عينة مركزة)، في مسعى لتقييم أداء خمس صحف مستقلة، توزع شمال سوريا وغربها (هي عنب بلدي، وسوريتنا، وصدى الشام، وتمدن، وكلنا سوريون)، ومعرفة رأي القراء بالصحف المحلية، بالإضافة إلى تحديد المصادر الإعلامية التي يحصل منها المواطنون على الأخبار والمعلومات في المناطق السورية المحررة.

 

الشبكة السورية للإعلام المطبوع – استطلاع كانون الثاني 2016


العينة التي شكل الشباب (ما بين 19 و 35 عامًا) ما نسبته 47% منها، يقيمون في إدلب وريفها وحلب وحماة واللاذقية، تبين أن 81% منهم يحصلون على الصحف السورية الورقية بطريقة منتظمة، و50.7% من إجمالي المبحوثين قالوا إن درجة ثقتهم بوسائل الإعلام المطبوعة “متوسطة”، بينما اعتبرها 38.2% منهم “عالية”.

وفي سؤال تحديد المصدر الأول لحصول القراء على المعلومات والأخبار، حاز موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك” على المرتبة الأولى بنسبة 57.6%، تليه الصحافة المطبوعة بنسبة 53.6% ثم التلفزيون بنسبة 42%، فالمواقع الإلكترونية بنسبة 32.6%.

وفي قراءة تحليلية لنتائج الاستطلاع يتبين أن تسيّد وسائل التواصل الاجتماعي وعلى رأسها فيسبوك باهتمامات الجمهور من أجل الحصول على المعلومات يصب في ما يذهب إليه الخبراء والمنظرون في مجال الإعلام والاتصال، بأن الصحافة الورقية لن تكون في أحسن حالاتها خلال السنوات المقبلة ما لم تتدراك الواقع، الذي يفرض عليها منافسة شديدة مع العالم الرقمي.

يقول حمد العثمان، صحفي أردني مستقل، لعنب بلدي، “إن المستقبل الآن للصحافة الإلكترونية في ظل ارتفاع تكاليف مستلزمات إنتاج الصحف الورقية، وأكبر دليل على ذلك هو إيقاف صحف عالمية كبرى لنسخها المطبوعة”.

وأشار العثمان، إلى أن الصحف الورقية وضعت أمام خيارين إما الاستمرار مع تراجع القراء وزيادة الخسائر، وإما التركيز على نسخها الإلكترونية، وسرعان ما اختارت الخيار الثاني، يضاف إلى ذلك سهولة تدفق المعلومات عبر الصحف الإلكترونية مدعومة بالثورة التكنولوجية وبتطبيقات الهاتف النقال، وكل هذا أفقد الصحف الورقية جزءًا كبيرًا من أهميتها.

يشير موقع أرشيف المطبوعات السورية إلى صدور ما يزيد عن 290 صحيفة دورية “معارضة” في سوريا منذ بداية الثورة، مقابل قرابة 15 صحيفة حكومية أو مقربة من النظام السوري، مايزال عدد منها يصدر حتى الآن وعلى رأسها (الثورة، وتشرين، والبعث، والوطن).

ومن بين الصحف المعارضة، التي توقف ما يزيد عن 60٪ منها، لا يزيد عدد الصحف المطبوعة بانتظام عن 25، أبرزها صحف الشبكة السورية للإعلام المطبوع (عنب بلدي، وسوريتنا، وتمدن، وكلنا سوريون، وصدى الشام، وعين المدينة، وزيتون)، التي تطبع من كل إصدار 6000-7000 نسخة، توزع 70٪ منها في الشمال السوري المحرر والباقي على المواطنين السوريين اللاجئين في المدن التركية البارزة. وصحف أخرى مثل الغربال، وطلعنا عالحرية، والحرمل، وصور، وياسمين سوريا، وبوير، وحبر وغيرها، تطبع بأرقام متفاوتة.

ياسر عبد العزيز – مصر

المهنية‭ ‬أم‭ ‬أموال‭ ‬الداعمين؟‭ ‬

الوضع الاقتصادي للمنطقة، وتراجع أسعار النفط، إضافة إلى الضغوط التي تتعرض لها صناديق الاستثمار حول العالم، يجعل السوق الإعلامية تعيش في حال لا تحسد عليها، فكثير من المشاريع الإعلامية توقفت في المنطقة، وأخرى انطلقت وسرعان ما تعثرت، لكن ما سبب ذلك؟ وهل يمكن للمشاريع القائمة حاليًا أن تتحول إلى الربحية.

يقول الخبير الإعلامي المصري ياسر عبد العزيز لعنب بلدي ردًا على ذلك “يقول الباحثون الأمريكيون (No press industry without business plan) وهذا يعني أنه يصعب إقامة صناعة صحافة ناجحة من دون دراسات جدوى مالية منطقية، ويستثنى من ذلك بالطبع الإعلام العام الممول من دافعي الضرائب والإعلام المجتمعي القائم على فكرة التبرعات والعمل التطوعي”. مشيرًا إلى أنه “في أجواء كتلك التي نشأ فيها الإعلام السوري البديل سيمكن تفهم الاعتماد على تمويل المنظمات الصديقة، لكن ما يضمن نجاح الصناعة واستدامتها بمعزل عن التأثير السياسي هو الاستناد إلى جدوى مالية”.

وللخروج من عباءة الممولين والتحول إلى الربحية والمهنية في آن معًا، يرى عبد العزيز أن “غياب القابلية للإفلاس يفسد صناعة الإعلام ويرهنها للسياسة وأهداف الممولين، ولا يهدف هذا بالطبع إلى الحض على تجاهل الثورة أو التخلي عن السوريين أو التحول إلى تجار، لكن الازدهار والاستدامة والاستقلالية التحريرية لن تتحقق إلا عبر الادارة التنافسية الهادفة إلى توفير الموارد عبر إقناع الزبائن بجودة المنتج وقدرة هذا الأخير على الوفاء بالمعايير المهنية، ومنها بالطبع العمل في خدمة الجمهور وعدم الارتهان لاعتبار آخر، والقدرة على التمويل الذاتي وحس المنافسة واعتبارات السوق”.

ويضيف “تمثل مأسسة الصناعة وتوجهها إلى الجمهور واعتمادها عليه في التمويل أفضل ضمانة للبقاء والازدهار، وأفضل طريقة لخدمة المواطن ومناصرة قضيته”. ويعتقد عبد العزيز أن الأوضاع المحيطة بالصناعة الإعلامية لن تبقى على ما هي عليه الآن، وفي المقابل فإن ثمة مخاطرة في تطوير آليات الاعتماد على السوق، ولا يمكن ضمان استمرار التمويل الآتي من المنظمات الداعمة، لكنها مخاطر “مقبولة”، والأهم أنها في الاتجاه الصحيح.

‭”‬الإلكترونية‭” ‬تتفوق‭ ‬على‭ “‬الورقية‭”‬

حضور‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬تراجع‭ ‬في‭ ‬الآونة‭ ‬الأخيرة‭ ‬لصالح‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬لوجود‭ ‬فروق‭ ‬عديدة‭ ‬بينهما‭ ‬لصالح‭ ‬الأخيرة،‭ ‬أبرزها‭ ‬التكلفة‭ ‬المادية‭. ‬فإصدار‭ ‬الصحف‭ ‬يحتاج‭ ‬لمبالغ‭ ‬كبيرة،‭ ‬كتكاليف‭ ‬التحضير‭ ‬والطباعة‭ ‬والتوزيع‭ ‬وما‭ ‬يلزم‭ ‬ذلك‭ ‬من‭ ‬خدمات‭ ‬لوجستية‭ ‬وقانونية‭ ‬وكوادر‭ ‬بشرية،‭ ‬بينما‭ ‬لا‭ ‬تكلف‭ ‬المنصة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬سوى‭ ‬اشتراكًا‭ ‬ببعض‭ ‬الخدمات‭ ‬الشبكية،‭ ‬وعددًا‭ ‬من‭ ‬أجهزة‭ ‬الكمبيوتر‭ ‬والبرامج،‭ ‬وبعض‭ ‬العاملين‭ ‬لا‭ ‬يشترط‭ ‬وجودهم‭ ‬في‭ ‬مكان‭ ‬واحد‭.‬

وبينما‭ ‬تقف‭ ‬قدرة‭ ‬الصحيفة‭ ‬المطبوعة‭ ‬عند‭ ‬تقديم‭ ‬النصوص‭ ‬والصور‭ ‬على‭ ‬مساحة‭ ‬ورقية‭ ‬محدودة،‭ ‬يتفوق‭ ‬الإعلام‭ ‬الإلكتروني‭ ‬في‭ ‬التأثير‭ ‬البصري‭ ‬والسمعي‭ ‬على‭ ‬القارئ،‭ ‬مستخدمًا‭ ‬قدرته‭ ‬على‭ ‬توظيف‭ ‬الوسائط‭ ‬المتعددة،‭ ‬كالفيديو‭ ‬والصوت‭ ‬والصور‭ ‬المتحركة،‭ ‬والتقنيات‭ ‬المتجددة،‭ ‬التي‭ ‬تتيح‭ ‬مساحة‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬التفاعل‭ ‬والمشاركة‭ ‬وإبداء‭ ‬الرأي‭.‬

ولا‭ ‬تستطيع‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬تقديم‭ ‬الأخبار‭ ‬والمعلومات‭ ‬للقارئ‭ ‬بشكل‭ ‬كامل،‭ ‬وأحيانًا‭ ‬تعمل‭ ‬على‭ ‬طمس‭ ‬بعضها‭ ‬أو‭ ‬تسلط‭ ‬الضوء‭ ‬على‭ ‬جوانب‭ ‬محددة‭ ‬منها‭ ‬بما‭ ‬يخدم‭ ‬توجهات‭ ‬مالكي‭ ‬الصحيفة،‭ ‬أما‭ ‬في‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية‭ ‬فيمكن‭ ‬الحصول‭ ‬على‭ ‬الأخبار‭ ‬من‭ ‬مصادر‭ ‬عديدة‭ ‬مختلفة‭ ‬الاتجاهات،‭ ‬والتحقق‭ ‬من‭ ‬المعلومات‭ ‬من‭ ‬خلال‭ ‬عمليات‭ ‬البحث‭ ‬في‭ ‬المحتوى‭ ‬“الهائل”‭ ‬الذي‭ ‬تضخه‭ ‬وسائل‭ ‬الإعلام‭ ‬بشكل‭ ‬لحظي‭.‬

وتعد‭ ‬سرعة‭ ‬التدفق‭ ‬والانتشار‭ ‬واتساع‭ ‬دائرة‭ ‬الوصول‭ ‬من‭ ‬أهم‭ ‬الفروقات‭ ‬التي‭ ‬تتميز‭ ‬بها‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬فلا‭ ‬تقف‭ ‬حدود‭ ‬الأخبار‭ ‬عند‭ ‬كمية‭ ‬النسخ‭ ‬المطبوعة‭ ‬وعدد‭ ‬الأكشاك‭ ‬التي‭ ‬توزع‭ ‬بها،‭ ‬ولا‭ ‬يتعين‭ ‬على‭ ‬المواد‭ ‬الصحفية‭ ‬العبور‭ ‬عبر‭ ‬سلسلة‭ ‬من‭ ‬الفنيين‭ ‬والتقنيين‭ ‬والموزعين‭ ‬قبل‭ ‬أن‭ ‬تصل‭ ‬جمهور‭ ‬قرائها‭. ‬

‭ ‬ومن‭ ‬الفروق‭ ‬المهمة‭ ‬بين‭ ‬الصحافتين‭ (‬الورقية‭ ‬والإلكترونية‭)‬،‭ ‬ميزات‭ ‬التفاعل،‭ ‬إذ‭ ‬يستطيع‭ ‬القارئ‭ ‬التحاور‭ ‬مباشرة‭ ‬مع‭ ‬الصحفيين‭ ‬عبر‭ ‬المواقع‭ ‬الإلكترونية،‭ ‬وإبداء‭ ‬رأيه‭ ‬تجاه‭ ‬المواد‭ ‬المنشورة،‭ ‬كما‭ ‬تتيح‭ ‬ميزات‭ ‬المشاركة‭ ‬إعادة‭ ‬تدوير‭ ‬الأخبار‭ ‬ونقلها‭ ‬إلى‭ ‬أوساط‭ ‬ودوائر‭ ‬متجددة‭ ‬باستمرار‭.‬

وتواجه‭ ‬الصحف‭ ‬الورقية‭ ‬صعوبة‭ ‬التخزين‭ ‬والأرشفة‭ ‬والنقل،‭ ‬فبالإضافة‭ ‬لكونها‭ ‬تحتاج‭ ‬لمساحات‭ ‬فيزيائية‭ ‬لحفظها،‭ ‬يفقد‭ ‬الورق‭ ‬بعض‭ ‬خواصه‭ ‬بمرور‭ ‬الزمن‭ ‬متأثرًا‭ ‬بالعوامل‭ ‬الجوية،‭ ‬وتتعرض‭ ‬الصحف‭ ‬للتلف‭ ‬والرطوبة‭ ‬والاهتراء‭ ‬والتمزيق،‭ ‬بينما‭ ‬يخزن‭ ‬المحتوى‭ ‬الإلكتروني‭ ‬بصيغة‭ ‬رقمية‭ ‬ويبقى‭ ‬متوفرًا‭ ‬في‭ ‬كل‭ ‬وقت،‭ ‬متماشيًا‭ ‬مع‭ ‬جميع‭ ‬وسائل‭ ‬العرض‭ ‬الحديثة،‭ ‬ويمكن‭ ‬حفظه‭ ‬على‭ ‬وسائط‭ ‬صغيرة‭ ‬الحجم‭ ‬وقليلة‭ ‬السعر‭. ‬

أما‭ ‬حرية‭ ‬التعبير‭ ‬في‭ ‬العالم‭ ‬الرقمي‭ ‬فحدودها‭ ‬أكبر‭ ‬من‭ ‬نظيرتها‭ ‬الورقية،‭ ‬ومفهومها‭ ‬مختلف،‭ ‬فمعظم‭ ‬الصحف‭ ‬الإلكترونية‭ ‬تعطي‭ ‬هامشًا‭ ‬من‭ ‬الحرية‭ ‬لقرائها‭ ‬في‭ ‬التعليق‭ ‬على‭ ‬الأخبار‭ ‬والقصص،‭ ‬وتتفاعل‭ ‬بشكل‭ ‬مباشر‭ ‬معهم،‭ ‬وقد‭ ‬يأخذ‭ ‬التفاعل‭ ‬شكلًا‭ ‬غير‭ ‬مهني‭ ‬أحيانًا،‭ ‬يصل‭ ‬حد‭ ‬التصادم‭ ‬والسباب‭ ‬والتشهير،‭ ‬ما‭ ‬تعتبره‭ ‬بعض‭ ‬المواقع‭ ‬“إثارة”‭ ‬تدر‭ ‬عليها‭ ‬المزيد‭ ‬من‭ ‬الزائرين‭ ‬والكثير‭ ‬من‭ ‬الشهرة‭.‬

عيوب‭ ‬الصحافة‭ ‬الإلكترونية

بالرغم من المؤشرات الإيجابية الكثيرة التي تصب في صالح الصحافة الإلكترونية، إلا أن الكثير من التحديات والسلبيات مازالت تعترضها، وتشكل حجر عَثرة في طريق تفوُّقها وهي:

التمويل: تعاني معظم الصحف الإلكترونية من صعوبات مالية، فلا يوجد عائد مادي يحقق الوفرة، والمعلنون مايزالون يشعرون بعدم الثقة في الإعلانات الإلكترونية، ويعتبرون الورقية أكثر جدية.

الرقابة الذاتية: غياب التنظيم والرقابة في الصحافة يعد واحدًا من التحديات المهنية لوسائل الإعلام عمومًا، لكنه في الوسائل الإلكترونية يتطلب قدرًا أكبر من الانضباط والرقابة المهنية والأخلاقية بشكل ذاتي، إذ إن ميل الصحافة الإلكترونية إلى تحقيق السبق والإثارة، قد ينجم عنه الضعف في الدقة والكثير من الأخطاء، وأحيانًا الإساءة. وقد باتت الكثير من المواقع مصدرًا للشائعات والأخبار الكاذبة.

سهولة الحذف والتعديل: مرونة التحكم بالمحتوى هي واحدة من أهم ميزات الصحافة الإلكترونية، لكنها من جهة أخرى مصدر للريبة وضعف الثقة، فالعودة إلى تقارير ومقالات سابقة وتعديلها أو تحويرها أو الحذف منها والإضافة عليها، إمكانية متاحة لصناع المحتوى في أي وقت، وهو ما يجعل بعض الناشرين متساهلين في معايير الدقة والصحة من جهة، وما يجعل القارئ غير واثق من ثبات المعلومات ونهائيتها من جهة أخرى.

تشابه المحتوى: الكثير من المواقع تعتمد في أخبارها على عملية النسخ واللصق من الصحف المحلية والعالمية ووكالات الأنباء، وأحيانًا من بعضها البعض، وهذا يرجع إلى ضعف الخبرة، وقلة عدد الكوادر، والسعي لزيادة عدد الزوار بأي محتوى، بغية جني الإيرادات، مع غياب التشريعات الخاصة بالصحافة الإلكترونية.

تطبع معظم الصحف السورية المعارضة للنظام في مدن تركية وتنقل برا إلى داخل سوريا

الصحافة‭ ‬الورقية‭ ‬في‭ ‬سوريا‭ ‬لن‭ ‬تختفي‭ ‬

ترى الدكتورة مجدي أن الصحف المطبوعة بشكل عام، ومن ضمنها السورية، لابد أن تغير من وظيفتها في الوقت الراهن، إذ لم تعد هي الأولى في نقل الخبر، بل تسبقها الفضائيات والإنترنت، ولن يقبل قارئ دفع مقابل مادي ثمن نسخة ورقية تلقي نفس الوجبة التي تقدمها الصحافة الإلكترونية مجانًا.

ومن الممكن أن تغير الصحف دورها في أن تميل إلى تقديم البعد التحليلي والخلفية المعلوماتية للحدث، وتنفرد بصنع ملفات خاصة معمقة، وتفرد مساحة كافية للصحافة الاستقصائية، إضافة لتوظيف الأدوات الحديثة في عرض البيانات كالرسوم والأشكال، وتوفر مساحة لتبادل الرأي، وتضم كتابات لصحفيين ذوي شهرة واسم في عالم الصحافة.

وتعتبر مجدي أن الصحافة المطبوعة لن تختفي، فالمستقلة منها والإعلام البديل (المطبوع) هو الحل، لأنه يتمتع بمرونة كافية تسمح له بالتطور، ويقوم على عاتق صحفيين شبان يتمتعون بالجرأة، ولن يستطيع إعلام “الأونلاين” سحب البساط من المطبوع، خاصة لدى القارئ العربي المرتبط وجدانيًا بالورق، بشرط التجديد وتغيير الوظيفة.

للصحفي السوري علي سفر رأي مختلف، فما يحدث في العالم من تقليص لمساحة الصحافة الورقية قد لا يحصل بالضرورة في المنطقة العربية، ويعتقد أنه “مازال أمام الصحافة الورقية جولات عديدة في منطقتنا قبل أن تصل إلى نفس النتيجة”، لا سيما إن تم تناولها من زاوية المصداقية، “فالمواد الصحفية تصدر بأسماء واضحة وحقيقية بينما تجتاح الإعلام الإلكتروني مواقع وصفحات غير معروفة الملّاك والتوجهات.. ولهذا فإن التدقيق في مصداقية الصحافة الورقية يصبح أكبر”.

ويرى سفر، أن الإعلام السوري الجديد وما أنجزه حاليًا هو شيء جيد قياسًا بالظروف التي يعيشها هذا الإعلام من ناحية عدم الاستقرار وعدم وجود التمويل المستدام، “أعتقد أن الكوادر التي يتم تدريبها حاليًا سيكون لها دور كبير في المرحلة المقبلة”.

مقالات متعلقة

  1. "وول ستريت جورنال" توقف نسختها الورقية في آسيا وأوروبا
  2. "الحياة" تغلق مكتبها الرئيسي في لندن
  3. وفيات سوريا.. تجاهلتهم الصحف الورقية فأصبحوا "أونلاين"
  4. نسبة طباعة الكتب في جامعة دمشق 0%

في العمق

المزيد من في العمق