“مدن الأمبيرات”.. شبكات الكهرباء تنهار أمام أعين السوريين

  • 2016/08/21
  • 12:03 ص

عمال صيانة شبكات كهرباء في دمشق (وزارة الكهرباء)

عنب بلدي – فريق التحقيقات

حين انعقد ملتقى رجال الأعمال والمستثمرين العرب الثالث عشر في دمشق العام 2010، في قصر المؤتمرات بدمشق، كانت سوريا على موعد بأن تتبوأ مكانًا عليًا في مجالات الاستثمارات العربية والدولية، وخاصة في مجال الطاقة، فقد عكس حجم المستثمرين و”المليونيريين” الراغبين بالاستثمار في الطاقة، وفي توليد الكهرباء بالتحديد، حجم المستقبل الواعد الذي ينتظر سوريا، سواء الاستثمار في توليد الكهرباء عبر الوقود الإحفوري أو بالطاقات البديلة.

تهافُت المستثمرين على الاستثمار في سوريا، وفي الكهرباء تحديدًا، مهّد لاستصدار قانون شامل وصفه بعض المراقبين بأنه “رحب”، إذ أتاح وللمرة الأولى مشاركة القطاع الخاص في إنتاج وتوليد وتوزيع الكهرباء، بعدما كانت حكرًا على القطاع العام ممثلًا بوزراة الكهرباء والمؤسسات التي تتبع لها.

بعد عام تقريبًا على انطلاق الملتقى الضخم، وبحضور ألف رجل أعمال، صدر القانون رقم 32 للعام 2010 المتعلق بسياسات الكهرباء في سوريا، الذي سمح للقطاعات، العام والمشترك والخاص، الوطنية والعربية والأجنبية، بالاستثمار في مجالي التوليد والتوزيع، وكذلك شجّع “استخدام الطاقات المتجددة في مختلف المجالات وتوطين صناعاتها”.

ونصّ القانون في إحدى مواده على أن “تتولى وزارة الكهرباء الإعلان عن طلبات عروض لدعوة المستثمرين لتنفيذ مشاريع لتوليد الكهرباء في مواقع محددة، كما يحق لها بناء على اقتراح مؤسسة التوليد الإعلان عن طلبات عروض لدعوة المستثمرين لتنفيذ مشاريع تأهيل وتطوير أي من محطات التوليد القائمة وإدارتها وتشغيلها، وتمنح الوزارة الترخيص اللازم للمشروع بعد إبرام الاتفاقيات الناجمة عن طلبات العروض بين مؤسسة التوليد أو مؤسسة النقل حسب الحال والمستثمرين المحال عليهم المشاريع والمصدق عليها وتلتزم مؤسسة النقل بشراء الكهرباء المنتجة”. وهو ما اعتبر “فاتحة خير” وبداية صحيحة لتطوير هذا القطاع، ما سيجعل من سوريا أهم بلدان الشرق الأوسط في مجالات توليد الطاقة، بعد أن حققت منذ العام 2002 اكتفاءً ذاتيًا بإنتاج الكهرباء بمقدار 21.6 مليار كليو واط ساعي.

 

العام 2011.. بداية خريف مشاريع الكهرباء في سوريا

مستثمرون يفرون بأموالهم.. وكفاءة قطاع الكهرباء تبدأ بالتراجع

مع انطلاق الربيع العربي، وانهيار أنظمة عربية عديدة، تراجعت شهية المستثمرين، في وقت بدأت فيه البلدان التي تشهد اضطرابات ونزوحًا كثيفًا للمستثمرين بسبب الخوف وعدم اليقين من المستقبل، ما يجعل نسبة المخاطرة عالية حيال أي مشروع قيد التأسيس أو مستقبلي، وبطبيعة الحال لم تكن سوريا استثناءً عن الدول العربية، التي لفحتها رياح الربيع، بل يمكن القول إن سوريا كانت من أشد الدول التي تضررت بعد اندلاع الثورة، لأنها أخذت منحىً عسكريًا لم يكن متوقعًا، فطحنت المعارك كل شيء، وتضررت المشاريع والبنى التحتية، ولاحقًا دمرت بالكامل، حتى وصلت خسائر الاقتصاد السوري، وفق آخر الإحصائيات، إلى نحو 300 مليار دولار.

وعلى اعتبار أن سوريا من أهم البلدان الحاضنة للبنية التحتية المتعلقة بمشاريع استثمارية في مجالات عديدة بالمنطقة، كالسياحة والنقل والطاقة، كان لهذه المشاريع النصيب الأكبر من الضرر، عندما بدأ أزيز الرصاص يملأ الأجواء، وعلى الفور عاجل المستثمرون بإيقاف مشاريعهم وجمدوها، في حين نزح آخرون من البلد وتركوا هذه المشاريع لمصيرها المحتوم.

قبل العام 2011 كان من النادر أن تجد مولدة كهربائية أمام أحد المحلات أو في أحد البيوت تستخدم على مدار اليوم، لسبب بسيط أنه “لا حاجة لها”، فمعدل التغذية الكهربائية للقطاعات المنزلية والتجارية والصناعية كان الأكفأ عربيًا، ووفق أفضل المعايير الدولية، لكن بعد ذلك تغير الواقع كثيرًا إلى أن أصبحت الكهرباء “حلمًا” للسوري الذي يعيش ويلات الحرب بيومياتها وتفاصيلها الدقيقة.

ولم يكن أحد يفكر بتوليد الكهرباء بطرق بديلة عن الكهرباء الحكومية، إذ لا حاجة لذلك، فالشبكة تصل إلى 99.7% من المشتركين في عموم سوريا، وفق أرقام وزارة الكهرباء، بل إن القانون رقم 32 الناظم للكهرباء في سوريا “يعاقب كل من يزاول أعمال توليد أو نقل توزيع الكهرباء أو تشغيل شبكة النقل دون الحصول على رخصة لتلك الغاية، وفقًا لأحكام القانون، بالحبس من سنة إلى ثلاث سنوات، أو بغرامة لا تقل عن مليون ليرة سورية، ولا تزيد على أربعة ملايين ليرة سورية أو بكلتا هاتين العقوبتين”.

لكن ومع بداية الثورة، وعندما بدأ النظام يقطع الكهرباء عن المدن المعارضة، كنوع من العقاب على خروجها في مظاهرات وأعمال يصفها بـ”العدائية” لمنهجه وسياسته، بدأ الواقع يتغير وبدأ السوريون يفكرون بالبدائل التي تجعلهم في الضوء بدل الظلام، وتكون بديلة عن الكهرباء التي تأتيهم من الشبكة الحكومية.

في هذه المرحلة بدأت المدن السورية تشهد تجارب مختلفة في توليد الكهرباء وطرق الحصول عليها، لكن، وعلى الضفة الأخرى من المشهد، وبعد تحوّل الثورة إلى العسكرة، كانت هناك معارك ضارية بين الأطراف المتحاربة من أجل السيطرة على محطات التوليد والتحويل، فهذه “غنائم” استراتيجية من يملكها، يعزز حاضنته الشعبية، ويطيل مدة سيطرته، ويفرض شروطه على الطرف الآخر.

وقد أدت المعارك إلى خروج أهم محطات التوليد في سوريا عن الخدمة، فضلًا عن خروج أهم آبار وحقول النفط والغاز عن سيطرة النظام السوري ووقوعها بيد تنظيم “الدولة”، ما حدّ من تدفق الفيول إلى محطات التوليد وأجبر السكان في مناطق سيطرة النظام على العيش على وقع “التقنين” الكهربائي، وهو الوافد الجديد إلى ثقافة السوريين، وأحد أهم مفرزات الحرب.

وبدأت تنقطع الكهرباء بمعدل 15 ساعة يوميًا كمعدل وسطي في المدن الرئيسية، واشتركت في المعاناة المدن الثائرة وتلك الموالية، إذ لا يوجد فيول، وأبرز محطات التوليد أصبحت خارج العمل.

وانخفضت واردات الفيول إلى محطات التوليد من 15 ألف طن في اليوم، إلى نحو 3000 طن يوميًا، علمًا أن حاجة سوريا 35 ألف طن يوميًا، ووصلت الكميات إلى أدنى مستوياتها وبلغت 1200 طن يوميًا، كما انخفضت واردات الغاز إلى محطات التوليد من 20 مليون متر مكعب إلى نحو ثمانية ملايين متر مكعب يوميًا، وهذا انعكس بشكل مباشر على كفاءة محطات الوليد.

أبرز محطات التوليد خارج الخدمة

كان إنتاج سوريا قبل الثورة بحدود تسعة آلاف ميغا واط، وكان يكفي للاستهلاك المحلي ويصدّر جزء منه إلى لبنان والأردن، وتوزع إنتاج الكهرباء بين الغاز والفيول والموارد المائية والتي شكلت حوالي 8% من إجمالي الطاقة المولدة في عموم سوريا.

ويوجد في سوريا 9707 محطة توليد منها 3475 محطة توليد بخارية، و926 غازية، و3812 مركّبة، و1494 مائية، وتعد بذلك من أهم بلدان الشرق الأوسط وأكثرها تقدمًا في مجال البنية التحتية الخاصة بقطاع الكهرباء بالتناسب مع مساحة البلد وعدد السكان.

وكان الإنتاج الأبرز يأتي من محطات حلب، حيث “المحطة الحرارية” الأضخم، ومحطة “زيزون” في إدلب، ومحطة “محردة” في حماة، و”بانياس” في طرطوس، والدير علي” و”تشرين” و”الناصرية” جنوب دمشق، و”الزارة” في حماة، و”جندر” في حمص، و”التيم” في دير الزور، و”السويدية” في الحسكة، إضافة إلى محطات توليد على سد الفرات وتشرين في الرقة وحلب.

وبعد اندلاع الحرب، تضررت المحطات بشكل كبير وخرج بعضها عن الخدمة، وما زاد الأمور تعقيدًا غياب الكوادر وصعوبة تأمين قطع الغيار بسبب العقوبات على النظام السوري، حتى بلغت قيمة الأضرار المباشرة وغير المباشرة خلال السنوات الخمس الماضية، ثمانية مليارات دولار، وخرجت أكثر من 60% من محطات التوليد عن الخدمة بشكل كامل، فانخفضت الكميات المنتجة من الكهرباء إلى 1800 ميغا واط في حين أنّ الطلب يبلغ ستة آلاف ميغا واط، وفق وزارة الكهرباء.

وبالتوازي مع ذلك، توقف استثمار الحكومة والقطاع الخاص بالكهرباء، بعدما حقق هذا القطاع تقدمًا كبيرًا وصلت معه قيمة المشروعات الاستثمارية إلى أكثر من ثلاثة مليارات دولار.

استمرار تصدير الكهرباء رغم الحرب

خلال العام 2015، ووفق تقرير صادر عن المؤسسة العامة لنقل الكهرباء، اطلعت عليه عنب بلدي، استمرت حكومة النظام بتصدير الكهرباء إلى دول الجوار رغم الحاجة الماسة لها في الداخل، حيث تم تصدير 272 ألف كيلو واط ساعي إلى دول لبنان والأدرن، فيما بلغت كمية الاستهلاك المحلي على الخطوط المختلفة في سوريا، 191 ألف كيلو واط على خطوط 230 KVA، و698 ألف كيلو واط على خطوط 66 KVA، فيما بلغ استهلاك مؤسسة توزيع الكهرباء وحدها 16093 كيلو واط ساعي سنويًا.

وأعلنت المؤسسة، عن استكمال التبادل الكهربائي مع دول الربط على التوتر 400 KVA، وقالت في التقرير السنوي للعام 2015، “يتم عمل المنظومات الكهربائية في سوريا والأردن ومصر وليبيا على التوازي كمنظومة واحدة من حيث إبرام عقود تبادل الطاقة مع هذه الدول”.

وكذلك نوهت إلى الربط المتزامن مع تركيا على خطوط التوتر 400 KVA، وأعلنت أنها جاهزة لكنها لم توضع بالخدمة لظروف متعلقة بالجانب التركي، كما تقول المؤسسة في التقرير.

ترميم وإصلاح القطاع المتضرر بدعم حلفاء النظام

سعت حكومة النظام إلى ترميم ما يمكن ترميمه من القطاع الذي يتهاوى على وقع المعارك في مختلف المناطق، فاتجهت إلى روسيا وإيران واستوردت المعدات وقطع التبديل عبر وسطاء وتجار، وكان لروسيا حصة في كعكة “الإصلاحات” أو إعادة إعمار المحطات التي يحكم النظام سيطرته عليها، فوقع الجانبان اتفاقيات بأكثر من 250 مليون يورو منذ اندلاع الثورة حتى الآن.

في المقابل، كان سوريون في الجانب الآخر يعيشون تحت سيطرة المعارضة يبحثون عن بدائل لإيجاد الكهرباء، بعد أن هجرتهم كوادر مؤسسات النظام الخدمية، وبعدما قطع عنهم التيار من مناطق سيطرة الحكومة، وأجهز القصف على المحطات التي بقيت في مناطقهم بعد خروج عناصر وقوات النظام منها، فخرجت هذه المناطق من دائرة الحسابات وبدأ السكان يسعون للحصول على موارد الطاقة لتسيير حياتهم وأعمالهم اليومية.

وكان بعض المواطنين أوفر حظًا، وخاصة أولئك الذين يسكنون في مناطق تتقاطع فيها مصالح النظام والمعارضة ويسعى الطرفان لكي لا تنقطع الكهرباء، فعاشوا في بحبوحة نغصتها في كثير من الأحيان شرارات المعارك وقصف الطائرات.

 

وزارة الطاقة المؤقتةتنوّرعلى السوريين في إدلب وحلب

عندما كانت وزارة الطاقة والثروة المعدنية في الحكومة السورية المؤقتة، في أوج عصرها، قدمت عددًا من المشاريع الخدمية في مجال استصلاح وتأهيل البنية التحتية لقطاع الكهرباء والطاقة في عموم المناطق الخارجة عن سيطرة النظام، وبالتحديد في العامين 2014 و2015، ومنها تركيب سبع محولات كهربائية في مناطق عديدة من الداخل السوري المحرر، منها اثنتان في محافظة الرقة، واحدة في قرية جعبر والأخرى في مدينة معدان، وخمس في قرى تابعة لمحافظة حماة هي، الحواش، تل هواش، الشويحة، الحويجة، عبلة.

وسعت الوزارة إلى حل مشكلات الطاقة الكهربائية في مناطق سيطرة المعارضة، ونفذت عبر مديرياتها في الشمال السوري ومختلف المناطق عددًا من المشاريع، وقدّمت الخدمات لآلاف المواطنين في دارة عزة، وبنش، ومعرة مصرين، وسرمدا، وحزانو، وكفر رومة، وفي أحد المشاريع تم تأمين محولة كهربائية 20/0.4 KVA باستطاعة 400 KVA في قرية شنان بريف إدلب لتقديم الكهرباء لنحو ستة آلاف شخص، لكن استمرار أعمال القصف والمعارك حرمت الحكومة من القيام بمشاريع ضخمة تعادل المشاريع التي تقوم بها حكومة النظام لسد حاجات ملايين السكان في مناطق المعارضة، وجعل خدمات الوزارة والورشات تتجه نحو الإصلاح والترميم للشبكات والمحطات الحالية.

دعم كهرباء دارة عزة وبنش

تدخلت وزارة الطاقة والثروة المعدنية في الحكومة السابقة على خط إصلاح وتحسين قطاع الكهرباء والطاقة في المناطق الخارجة عن سيطرة النظام السوري، وحازت مشاريعها في حلب وإدلب على النسبة الأكبر لكون مساحة التحرك أكبر، وهناك كثافة سكانية كبيرة بحاجة إلى خدمات.

وكان قطاع الكهرباء من أهم القطاعات التي عملت عليها وزارة الطاقة والثروة المعدنية، ووصلت مشاريعها إلى المنطقة الشرقية، قبل أن يسيطر تنظيم “الدولة” على دير الزور والرقة، ففي إدلب وحلب على سبيل المثال، وقّع صندوق ائتمان إعادة إعمار سوريا مع وحدتي الكهرباء في مدينتي دارة عزة وبنش، اتفاقيتين لتمويل مشروع لتأهيل وتوسيع الشبكة الكهربائية في المدينتين، ويهدف المشروع إلى تأمين الكهرباء في مدينة دارة عزة والقرى المحيطة بها، وللمرافق المهمة فيها (مضخات مياه الشرب – النقاط الطبية والمستشفيات – الأفران والمطاحن – مقاسم الهاتف)، ويبلغ عدد المستفيدين من هذا المشروع حوالي 50 ألف نسمة، وفق مدير قطاع الكهرباء في وزارة الطاقة، حكمت عيد.

وتزيد قيمة مشروع تأهيل كهرباء مدينة دارة عزة 1.6 مليون يورو.

وأوضح عيد في بيان نشرته الوزارة على موقعها الإلكتروني، أن الاتفاقية تنص على تنفيذ أعمال صيانة وإصلاح شبكتي التوتر المتوسط والمنخفض.

وتبلغ تكاليف تأهيل شبكة كهرباء مدينة بنش في إدلب أكثر من 1.5 مليون يورو، نتيجة حجم الدمار والضرر الكبيرين نتيجة أعمال القصف، ويستفيد من المشروع حوالي 114 ألف نسمة.

مجلس اعزاز المحلي: الكهرباء في كل بيت بمعدل عشر ساعات يوميًا

للحكومة السورية المؤقتة، ووزارة الطاقة والثروة المعدنية السابقة، عدة مشاريع في مدينة اعزاز، التي يقطنها نحو 200 ألف نسمة أكثر من نصفهم من الوافدين والنازحين من مختلف المناطق السورية، أغلب هذه المشاريع الخدمية في مجال الطاقة وتوليد الكهرباء، فالمدينة ماتزال إلى اليوم تعتمد بشكل أساسي على المولدات الخاصة التي يملكها القطاع الخاص ويوردها تجار إلى المدينة وسط حالات احتكار “وتحكم بالأسعار” وفق ما يقول رئيس المجلس المحلي في المدينة، تيسير الموسى لعنب بلدي.

هذا الواقع خلق أريحية لدى سكان المدينة بالحصول على الكهرباء، إذا لا يوجد بيت في المدينة دون تيار كهربائي بمعدل عشر ساعات يوميًا، ثلاث ساعات نهارًا وسبع ليلًا.

أما التكلفة المادية فهي ورغم ارتفاعها مقارنة بالمناطق السورية الأخرى، وتسعيرة الحكومة السورية للكيلو واط الساعي فإنها “مقبولة” وتلبي حاجات المواطنين، وتبلغ تكلفة ساعة الأمبير الواحدة نحو 100 ليرة، ومدة التغذية عشر ساعات بمعدل ألف ليرة يوميًا.

غياب المحروقات.. الهاجس الأكبر

مدير المجلس المحلي في اعزاز، تيسير الموسى، يعتقد أن الأمور الخدمية ذاهبة للأفضل، إذ إن الحكومة السورية المؤقتة على تواصل مباشر مع المجلس للاطلاع على حاجاته والخدمات التي يقدمونها، رغم أن بعض المشاريع التي كانت ستقوم بها الحكومة السابقة ماتزال على حالها دون أن تتحرك إلى الأمام.

ويبقى غياب المحروقات “الهاجس الأكبر” عن مناطق سيطرة المعارضة لكونها مناطق لا يوجد فيها أساسًا لا آبار نفط أو حقول غاز ولا حتى محطات توليد ضخمة، على غرار محطة جندر في حمص، والدير علي جنوب دمشق باتجاه مدينة الكسوة، ويبقى مؤرقًا للمجالس المحلية والخدمية في معظم مناطق سيطرة المعارضة.

وتأتي معظم إمدادت الوقود والديزل اللازمة لتوليد الكهرباء إلى المدينة وريفها من المنطقة الشرقية عبر صهاريج ضخمة، لكن الأمور لا تسير دائمًا كما هو مخطط لها، فأي تحرك عسكري أو سياسي بين أطراف الصراع ربما يهدد هذه الإمدادات ويجعلها بين فكي كماشة المشتبكين والمتقاتلين، إذ إن الطريق من المنطقة الشرقية مهدد دومًا بالإغلاق وهناك جهات تتحكم به لم يسمها رئيس المجلس.

يأس من الداعمين

ولتطوير الوقع الميداني لقطاع الكهرباء، يسعى المجلس المحلي للتواصل مع المنظمات، إذ قدم دراسات وخططًا من أجل الحصول على الدعم لتغذية المدينة بالكهرباء، لكن “لا نتائج ملموسة” على أرض الواقع. فالدعم القادم من المنظمات يقتصر في جزء كبير منه على المواد الإغاثية، إلى جانب دعم جهود استخراج المياه من الآبار عبر تأمين الوقود اللازم والكلف التشغيلية لذلك من قبل هذه المنظمات.

ويسعى المجلس حاليًا إلى تنفيذ مشروع إنارة شوارع مدينة اعزاز بالطاقة الشمسية بالكامل، لتسهيل عمل الشرطة الحرة، كما يقول رئيسه، بعد أن نجح في وقت سابق بالتعاون مع منظمة مدنية في إنارة إحدى مخيمات الإيواء، وهو ملعب كرة قدم سابقًا، بالمدينة بتركيب أعمدة إنارة خاصة.

وزارة الخدمات.. جديد الحكومة المؤقتة لتولي قطاع الكهرباء في مناطق المعارضة

خلال الفترة الماضية دخلت الحكومة المؤقتة في حالة “سبات” بسبب انقطاع الدعم، وأصبحت مشاريعها مهددة بالزوال، كما عانت على الفور من نزيف الخبرات والكفاءات التي هاجرت بسبب عدم صرف المستحقات والأجور.

ومع استلام الحكومة الجديدة زمام الأمور، برئاسة الدكتور جواد أبو حطب، يأمل العاملون في حقل الخدمات، ومنها الكهرباء والاتصالات والطرق العامة والمياه وغيرها، تقديم خدمات جديدة على “قدر الإمكانيات”، كما يقول وزير الخدمات، عبدالله رزوق في حديث مع عنب بلدي.

وتوجد لدى الحكومة الحالية خطط، وهي الآن “في طور الاستلام والتسليم لكافة الملفات مع الحكومة السابقة”، وهذه العملية قد تأخذ بعض الوقت. يقول الوزير”نحن في طور الانتقال لنكون أقرب إلى الناس في الداخل السوري بالتعاون مع المجالس المحلية ومجالس المحافظات، عبر تعزيز الثقة بين هذه الأطراف لتشكيل جسم حكومي متكامل وفعال، لتلبية احتياجات الناس بالتعاون مع الاختصاصيين”.

ويكشف الوزير رزوق عن خطة وزارة الخدمات في مختلف المجالات، وبالتحديد قطاع الكهرباء، وذلك خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، بحيث تكون هذه المرحلة “تجميع وترتيب الأوراق من أجل الانطلاق بصورة صحيحة، بعد أن لمست الحكومة إقبالًا ورضا من قبل المواطنين وهذا ما شجعها على الانطلاق”، مشيرًا إلى أن الوزارة “في طور إعداد نظام مالي، ونظام عمل داخلي، وسلم رواتب موحّد يخضع له جميع العاملين في الحكومة، لأننا نرى ضرورة التنظيم من أجل الوصول إلى شركائنا في المجالس المحلية ومجالس المحافظات، وسنعمل على ترتيب الأدوار لمعرفة أين تبدأ هذه العلاقات وأين تنتهي؟”.

خطط بديلة.. واستيراد الوقود من الخليج العربي

في موضوع الكهرباء، ولكونها من أهم الخدمات التي تقدمها الحكومة وتشرف عليها المجالس المحلية، فإن الوزارة “ستلجأ لإيجاد حلول تناسب الواقع”، وستسعى إلى تأهيل الكوادر وإلى تمديد وتجديد اتفاقيات إدخال الوقود عبر تركيا “ترانزيت” من دول الخليج العربي، بموجب مناقصات ستعلن عنها الوزارة، وسيكون دورها إشرافيًا، على أن تتولى مجالس المحافظات والمجالس المحلية توزيعها وتحديد الأسعار.

وكذلك أكد الوزير نية الوزارة العمل على استجرار الكهرباء والحصول على الطاقة من دول الجوار، إضافة لاستثمار محطات التوليد في مناطق سيطرة المعارضة، وتأمين البنية التحتية لها، من كابلات ومحولات وكوادر وغيرها، وإعادة تركيب ما أمكن إصلاحه ووضعه بالخدمة.

وفي نفس السياق يمكن اللجوء إلى أحد الحلول البديلة وهو “الطاقة الشمسية”، من أجل تأمين الكهرباء والاتفاق مع المجالس المحلية والأهالي على تحمل نفقات محددة من الكلف التشغيلة، كنصف التكلفة أو ثلثها، وذلك بهدف ضمان استمرارية الخدمة.

وحول نقص الكوادر والكفاءات الفنية، اعتبر الوزير أنها أحد أبرز المعوقات التي تبطئ عمل الوزارة، ومع ذلك ستحاول الآن “إعادة تجميع الكوادر بعد أن هجر الكثيرون سوريا بسبب الأوضاع الصعبة”، وقال إن ذلك “ليس أمرًا سهلًا”، ويحتاج إلى وقت، و”نسعى بالتعاون مع الجامعات والمعاهد إلى تأمين الخبرات المؤهلة من أجل السير بنفس السوية”.

الدفع مقابل ضمان استمرارية الخدمات الكهربائية

يبدو أن التحول من الخدمة المجانية إلى المدفوعة، وإقناع المواطنين بتحمل جزء من التكاليف التشغيلية لقاء الحصول على الكهرباء، من المهمات التي تسعى الحكومة ووزارة الخدمات بشكل خاص للعمل عليها من أجل تحقيقها، إذ “لا يمكن لأي اقتصاد بالعالم أن يقدم خدمات مجانية ويضمن استمراريتها”، كما يقول الوزير.

ويضيف “نسعى لتمويل المشاريع الخدمية لأن الاستمرار بخدمات مجانية أمر مستحيل، لذلك فإن الوزارة تسعى لتطوير نظام الجباية الذاتية بالتعاون مع المجالس المحلية، وجعل الناس يدفعون التكاليف التشغيلية وهم لديهم قابلية لذلك، وهذا استنتجناه من خلال لقاءاتنا بالمواطنين على الأرض مقابل تقديم الخدمات”.

وهدف الوزارة “تعويد المواطنين على أن الدفع مقابل الحصول على الخدمة، هو ضمان لاستمراريتها، لأن الخدمات المجانية لا تضمن استمراريتها بسبب الحاجة إلى عوائد مادية تسد الكلف التشغيلية”.

وحول الأسعار والكلف المادية للكهرباء وبقية الخدمات، أوضح الوزير أن أسعار الكهرباء موجودة، والخدمة مسعّرة من قبل المجالس المحلية، ودور الوزارة هو العمل بالتعاون مع مجالس المحافظات على توحيد السعر في عموم المحافظات، مشيرًا إلى أنه سيتم الأخذ بالحسبان خصوصية المناطق المحاصرة، لأن سعر الديزل (المازوت) هناك أعلى بالمقارنة مع بقية المناطق.

خط إنسانيفي حلب لتزويد مناطق المعارضة بالكهرباء

مليارا دولار خسائر القطاع في الشمال السوري

تعد شبكات الكهرباء في محافظة حلب بمدنها وقراها، وحلب المدينة، من أكثر الشبكات التي تضررت خلال الحرب الدائرة، فقد تراجعت التغذية الكهربائية إلى مستويات قياسية انعدم معها تزويد المحافظة بالكهرباء، وخاصة من محطات التوليد الواقعة ضمن حزام مناطق سيطرة المعارضة، كما قطع النظام شريان الإمداد من محطات واقعة تحت سيطرته، بعدما خرجت أحياء كثيرة عن سيطرته.

بعيدًا عن هذا الواقع، بقي هناك “خط إنساني” ضمِن استمرار الكهرباء إلى مناطق سيطرة المعارضة، عبر مبادرة تقدمت بها “جمعية أهالي حلب”، وتوسطت بين طرفي الصراع، المعارضة والنظام، للإبقاء على خط التوتر العالي “حماة – الضاحية 230 كيلو فولط” في الخدمة، يورّد الكهرباء إلى محطة تحويل الضاحية في حلب الواقعة تحت سيطرة المعارضة، من محطة محردة التي يسيطر عليها النظام، “وهو خط وحيد يتفرع عنه خطان، استطاعة الواحد 66 كيلو فولط، يغذي محطات يسيطر عليها النظام والمعارضة معًا في المدينة وريفها”.

وتستفيد المعارضة من هذا الخط عبر تحويل الطاقة الورادة من محطة محردة إلى محطات الصاخور، ومحطة حلب القديمة، وجسر الحج، وهي محطات تقع تحت سيطرتها بالكامل.

محطات حلب تحتاج إلى إعادة تأهيل

الحديث عن مصادر توليد الطاقة في حلب لا يمكن فصله عن وضع قطاع الطاقة في بقية مناطق الشمال السوري، لأن التغذية عبارة عن شبكات متكاملة حلقية متصلة ببعضها عبر خطوط توتر وكابلات تجتاز مناطق سيطرة القوات على الأرض.

من محطات التوليد إلى محطات التحويل، مسافات تصل إلى آلاف الكيلو مترات، بحاجة إلى حماية وصيانة دورية، وهذا لا يمكن القيام به خلال هذه الفترة بسبب المعارك العنيفة.

مع بداية عسكرة الثورة عانى الناس بسبب الانقطاع الطويل للكهرباء في عموم حلب، نتيجة سيطرة الجهات المتنوعة في الشمال السوري على محطات التوليد والتحويل والتحكم، بالإضافة إلى تعمّد النظام قصف البنيى التحتية.

وبحسب أحمد عزيزي، رئيس دائرة المحطات في الإدارة العامة للخدمات في حلب، كانت محطات التوليد في سد الفرات، وسد تشرين، والمحطة الحرارية في ريف حلب الشرقي، ومحطة زيزون ومحطة حماة- محردة، من أهم المحطات التي تزود حلب وريفها بالكهرباء، أما الآن فإن “أغلب مناطق الشمال السوري تغذيها محطة حماة- محردة”، في حين تسيطر الميليشيات الكردية على سد تشرين، ويسيطر تنظيم “الدولة” على سد الفرات، ويمتنعان عن تغذية المناطق المحررة.

أما ما تبقى من محطات في حلب (وهي محطة الأشرفية، والشيخ سعيد، والصاخور، وحلب القديمة، والمعهد، وباب النيرب)، فتحتاج إلى إعادة تأهيل بالكامل، وما قامت به الإدارة العامة للخدمات هو تأهيل هذه المحطات، “رغم الضرر الكبير” الذي لحق بها.

ووفق تقديرات الإدارة العامة، بلغت الخسائر الإجمالية التقديرية لقطاع الكهرباء في الشمال السوري، نحو ملياري دولار.

إدارة الخدمات تغطي حلب

تعد الإدارة العامة للخدمات من أهم المؤسسات التي تتبع للمعارضة السورية، وتخدّم أغلب مناطق الشمال السوري من كهرباء ومياه ونظافة واتصالات وغيرها، وتشرف على خطط التقنين والوصل، إلى جانب المجلس المحلي للمدينة، وقد وظفت الإدارة حوالي 400 عامل في 2013، لكن بسبب النزوح والقصف في حلب، تراجع عدد العمال إلى 175 عاملًا، ضمن ورشات التوتر العالي والمتوسط.

وتتبع للإدارة 13 ورشة توتر منخفض، تخدم نحو 70% من أحياء مدينة حلب، وتعمل الإدارة على تخديم المواطنين في مجال الكهرباء في المدينة والريف، عبر صيانة الشبكات وإصلاح الأعطال لضمان وصول الكهرباء بمعدل 10 – 12 ساعة يوميًا.

وتملك الإدارة، وكذلك المجلس المحلي، صفحات على مواقع التواصل الاجتماعي، وهي بمثابة منابر إعلامية، تنشر عبرها التطورات اليومية لقطاع الكهرباء والخدمات في المحافظات، وتطلع المواطنين والمشتركين على حال الكهرباء جراء العمليات العسكرية على الأرض.

المولدات لا تفي بالغرض

المهندس أنس الدبس، رئيس شعبة الكهرباء في المجلس المحلي في محافظة حلب، يصف الوضع الذي وصل إليه حال الشبكة بأنه “صعب جدًا” بسبب استمرار القصف والاقتتال في أماكن وجود المحطات والخطوط الرئيسية الواصلة إلى المدينة. يقول لعنب بلدي “بعد خمس سنوات من الحرب والثورة، عانت شبكات الكهرباء والبنية التحتية من القصف والدمار، وبالنسبة لحلب فكانت تتغذى من 36 خط توتر رئيسيًا، والآن تتغذي المدينة من خط واحد فقط، لأن الخطوط الباقية متضررة ومقطوعة بشكل كامل أو بسبب وجودها على الجبهات ومناطق التماس الرئيسية”.

عمل المجلس المحلي على عدة مشاريع لتأمين الكهرباء للأهالي، أبرزها تأمين المولدات الكهربائية، وذلك بالتعاون مع مجالس الأحياء، لكن هذا المشروع “لا يغطي حاجة الأحياء ولا يعطي ربع الحاجة اللازمة للمدينة وسكانها”.

ووفق الدبس، فإن المشروع المهم الذي عمل عليه المجلس المحلي في حلب خلال الفترة الأخيرة، هو تأمين 22 مولدة كهرباء للمناطق “الأشد احتياجًا”، والتي “لا يوجد فيها مولدات”، وذلك عبر عقد بين المستثمر ومجالس الأحياء، وكان دور المجلس إشرافيًا وفي مجال تحديد الأسعار.

الكهرباء في حمص ورقة ضغط النظام والمعارضة.. والمواطنونضحية

سكان الوعر والريف الشمالي بلا كهرباء والأمم المتحدة تنكث بوعودها

تتجلى في محافظة حمص، وفي مناطق سيطرة النظام والمعارضة أبرز صور التحدي بين الطرفين، من أجل الحصول على مصادر الطاقة الكهربائية، ويذهب الطرفان أبعد من ذلك باعتمادهما على البنية التحتية وعلى القطاع الكهربائي بشكل عام، كورقة ضغط لتحقيق أهداف تراها المعارضة “إنسانية”، ويراها النظام منفعة تجعله يعيش بأريحية في مناطق حاضنته الشعبية.

وقد جعل الموقع الجغرافي لحمص (وسط سوريا) المحافظة مكانًا استراتيجيًا، تمر عبره معظم الكابلات، وتتركز على أراضيها وفي نطاقها الإداري أهم محطات التوليد الغازية والبخارية، فضلًا عن أن حمص هي أهم منطقة في سوريا يمكن استخدام الطاقة البديلة فيها، وبالذات طاقة الرياح، وذلك لوجود “فتحة حمص” المقابلة لحدود لبنان مباشرة.

كل هذه العوامل جعلت الصراع بين الأطراف على أشده، وجعلت الطرفين بحاجة لبعضهما البعض من أجل الحصول على الموارد وخاصة الكهرباء.

ففي حي الوعر المحاصر، وهو آخر معاقل المعارضة في حمص المدينة، لجأ النظام إلى قطع الكهرباء عن الحي بهدف الضغط على المعارضة المسلحة لإجلائها عنه، كما حصل خلال فترة سابقة في منطقة حمص القديمة، وتحت أنظار الأمم المتحدة، وفق لما يقوله ناشطون.

خلال السنوات الخمس الماضية، شكلت الكهرباء ومصادر الطاقة التقليدية، إحدى وسائل الضغط “غير المتوقعة” من قبل النظام على أهالي الحي، كما يقولون لعنب بلدي، وبدأ باستخدام هذه السياسية منذ كانون الأول 2013، واستمرت سياسة قطع الكهرباء عن الحي عمدًا مدة تقارب الثلاثة أشهر، لأن هذه السياسة من وجهة نظر النظام “فعالة جدًا في زيادة المعاناة على سكان هذه المنطقة”، وفق محمد الحمصي، ناشط ميداني وأحد مواطني حي الوعر.

يقول لعنب بلدي “افتقد الحي بحصاره إلى الغذاء والدواء، فيما ساهم قطع الكهرباء بزيادة معاناة الأهالي الذين يحتاجون التيار لإنجاز أعمالهم اليومية خصوصًا بعد فقدانهم للمحروقات والغاز” .

وبسبب “شدة” الحصار زادت معاناة السكان مع نقص الكهرباء، ولم تستطع الأمم المتحدة، والتي رعت اتفاقًا بين المعارضة المسلحة والنظام السوري، من تخفيف معاناة الأهالي، وخاصة أنها وعدت الأهالي “لا انقطاع للخبز والكهرباء بعد اليوم”.

يقول سكان وناشطون من حي الوعر لعنب بلدي إنّ الكهرباء ورقة يستخدمها النظام للضغط على السكان والمعارضة معًا، وعندما دخل وفد الأمم المتحدة الى الحي في 24 نيسان الماضي، أخبرت رئيسة الوفد الأممي، خولة مطر، السكان أن الكهرباء لن تنقطع بعد ذلك، وهذا ما لم يتحقق حتى اليوم، إذ يستمر النظام بالمراوغة.

يضيف الحمصي، “الأمم المتحدة باتت عاجزة عن تحقيق الوعود التي تقطعها أمام المعارضة وسكان الحي، لأن النظام يضرب كل القرارات الدولية بعرض الحائط، فقد استطاع من قبل إسكات الأمم المتحدة بإعادة الكهرباء الى الحي مدة لا تتجاوز الساعة من أصل 24 ساعة، وخلال شهر رمضان الماضي أعاد التيار مدة ست ساعات يوميًا”.

في الثاني من آب الجاري، قطعت الكهرباء القادمة من مناطق سيطرة النظام عن حي الوعر بشكل كامل، ما تسبب بأزمة إنسانية كبيرة، أدت إلى تضرر المشافي الميدانية، ما دعا المكتب الطبي في الحي إصدار بيان بتاريخ 9 آب، طلب فيه من المؤسسات والمنظمات الدولية التدخل العاجل لتأمين ثمن الوقود اللازم لاستمرارعمل أجهزة المراكز الطبية والمشافي التي تعمل بمعظمها على مولدات، تحتاج إلى وقود الديزل. وبحسب مصادر في المشفى، فإنه يحتاج يوميًا إلى 150 ليتر مازوت لتشغيل أجهزة غسيل الكلى والحاضنات، ويزوره يوميًا 35 مريضًا.

المجلس المحلي: غير قادرين على احتواء أزمة الكهرباء

تعد المشافي الميدانية، ومبان حيوية وخدمية أخرى، الأكثر تضررًا من قطع الكهرباء عن حي الوعر، فالأطباء والعاملون في القطاع الصحي يؤكدون حاجتهم للتيار الكهربائي في عمل المشفى ضمن أقسام غسيل الكلى وحاضنات الأطفال وبرادات اللقاحات الدورية، كما يقول رئيس المكتب الخدمي التابع لمجلس محافظة حمص الحرة في الحي، عبد السلام سويد، ويضيف “إننا نحتاج الكهرباء لتشغيل مضخات الآبار والقاذورات في الملاجئ، فقد أدى غيابها لامتلاء بعض الملاجئ بالمياه، وأصبح المواطنون متضررين بشكل عام من هذا الواقع، على اعتبار أن الكهرباء القادمة من مناطق سيطرة النظام هي المصدر الوحيد للطاقة في الحي”.

يقف المجلس المحلي في حي الوعر مكبّل اليدين، لا حول ولا قوة لديه. هنا لا حدود مع دول الجوار يمكن اللجوء إليها لإدخال المولدات والمحروقات، ولا توجد محطات توليد أو تحويل ضخمة يمكن استصلاحها والاعتماد عليها لتأمين الكهرباء كبقية المناطق مثل الشمال السوري، وكل ما يمكن فعله هو الدعوة إلى فك الحصار والضغط على النظام لتمرير التيار إلى الحي المحاصر.

وفي بيان مستقل، أصدره مجلس المحافظة، طالب فيه المنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتها إزاء عشرات الآلاف من المدنيين، وهنا يقول سويد “بعد أن قدمنا بعض المولدات والمحروقات والبطاريات وأدوات الصيانة إلى المشافي الميدانية، بتنا الآن غير قادرين على احتواء الأزمة بالكامل، وهذا ما دفعنا إلى إصدار بيان طالبنا من خلاله المنظمات الدولية بتحمل مسؤولياتهم أمام أهالي حي الوعر المحاصرين”.

وفي جولة لعنب بلدي على محلات بيع المولدات والأجهزة الكهربائية المتبقية في الحي، يتضح الارتفاع الكبير في الأسعار، والذي يحرم السكان من اقتناء الأدوات الكهربائية، وعلى رأسها المولدات وأجهزة الشحن، إضافة إلى ذلك بقيت معاناة الأهالي الأساسية، والمتمثلة بتوفير المحروقات اللازمة لتشغيل المولدات مستمرة، وبحسب الباعة يبلغ سعر ليتر المازوت 4500 ليرة، والبنزين خمسة آلاف ليرة.

ويبلغ وسطي سعر المولدة الكهربائية العاملة على البنزين أو المازوت، باستطاعة 5000 شمعة نحو ألف دولار، فيما يتراوح سعر البطاريات اللازمة للشحن بين الـ 200 والـ 600 دولار بحسب استطاعتها.

عامل في الإدارة العامة للخدمات في حلب يصلح عطل كهربائي (عنب بلدي)

حياة سيدة محاصرة بلا كهرباء

انقطاع الكهرباء وندرة الوقود، جعل المدنيين يلجؤون إلى حلول بديلة تجعل حياتهم مستمرة وسط ظروف صعبة، فالحياة بالنسبة للسيدة عائشة عبد الحليم، إحدى ساكني الحي، ازدادت صعوباتها بعد فقدان التيار الكهربائي. وفي حديث مع عنب بلدي تصف السيدة معاناتها كربة منزل، وكيف تطهو الطعام لعائلتها بدون كهرباء أو غاز، تقول “لجأنا إلى طهو الطعام باستخدام الموقدة وهي عبارة عن علبة معدنية كبيرة، نقوم بوضع بعض الأوراق والأخشاب فيها، ثم نشعلها، كما نقوم بغسل الملابس يدويًا، بسبب غياب الكهرباء وعدم القدرة على استخدام الغسالات الآلية، بينما لجأنا للبطاريات عند شحنها كبديل للطاقة الكهربائية، ونستخدمها في شحن الهواتف وأجهزة الإنارة”.

وخلال إحدى حملات الإغاثة التي أدخلتها الأمم المتحدة إلى حي الوعر، أدخلت عدة أدوات كهربائية تستخدم في إضاءة المنازل، وأجهزة أخرى (شواحن) تعمل بالطاقة الشمسية، على أمل أن تخفف من معاناة المواطنين، لكنها بقيت غير كافية.

محطةالزارةالحرارية .. ورقة ضغط المعارضة على النظام

لا تمتلك قوات النظام أوراقًا للضغط على المعارضة المسلحة أكثر من قطع الكهرباء عن مناطق سيطرتها، كما في حي الوعر والريف الشمالي، كما لم تعد موازين القوى مستقرة في صالحها بسبب انتصارات المعارضة وتقدمها ونجاحها في صد هجمات قوات النظام وخاصة في ريف حمص الشمالي.

وتعتبر محطة الزارة الحرارية، الواقعة تحت سيطرة النظام، أحد أهم أهداف المعارضة، إذ تم استهدافها مرتين بالقذائف الثقيلة، ما أدى إلى خروجها عن الخدمة لعدة أيام، وبالتالي أجبر النظام على إبرام الهدن المؤقتة، وأوقف إطلاق النار.

وتعتبر قوات المعارضة محطة الزارة في ريف حماة الجنوبي، أحد أهم المواقع الاستراتيجية لقوات النظام، الذي يخشى من تقدم المعارضة والسيطرة عليها.

يقول عامر الناصر، إعلامي في ريف حمص الشمالي، لعنب بلدي، “تمتاز محطة الزارة بأهمية كبيرة لدى قوات النظام، فهي الشريان المغذي لأقسام من الساحل السوري، وبعض مناطق النظام، كما تمتاز بأهمية كبيرة لدى الثوار بسبب وقوعها على طريق الحولة المحاصرة، وكونها بوابة باتجاه ريف حماه الجنوبي، إضافة إلى قربها من كتيبة الهندسة ومن عدة قرى موالية للنظام”.

لكن كل هذا لم يمنع قوات المعارضة من التخطيط واعتماد عنصر “المفاجأة” من أجل التقدم “ببطء” للاستحواذ على المحطة الحرارية، التي تعد من أهم محطات توليد الكهرباء في سوريا، كما يقول الناصر، إذ تحاول الكتائب تحرير الحواجز المحيطة بالمحطة من خلال عمليات مباغتة ومدروسة، تعتمد على عنصري المفاجأة والانغماس بين صفوف النظام، ولا تعتمد على المواجهات المباشرة، بسبب تحصين المحطة القوي، فيما تستهدف المعارضة المحطة في محاولة منها للرد على انتهاكات النظام.

 مفاوضات وسط أجواء متوترة

في الثاني من آب الجاري، أصدرت الفصائل العسكرية والثورية في الرستن بيانًا كشفت فيه عن مفاوضات تجري مع النظام السوري، بخصوص إعادة إصلاح خط الكهرباء ذي التوتر العالي 400 KVA الذي يمر من مدينة الرستن، وأبدت الفصائل موافقتها على ذلك بشرط إبداء حسن نية من الطرف المقابل (النظام)، وقيامه بتنفيذ المتطلبات التي كان أهمها الإفراج عن المعتقلين والمعتقلات، وبيان وضع المفقودين وتحييد المناطق السكنية عن الأعمال العسكرية من كلا الطرفين، إضافة إلى إدخال مستحقات الأفران، كالطحين والمحروقات، وتسهيل دخول المساعدات الإنسانية وفتح معبر إلى حي الوعر.

ومقابل ذلك تعهدت المعارضة بحماية وتأمين ورش العمل الخاصة بتجهيز الخط مع طواقمها وآلياتها طوال فترة التجهيز، وحماية الخط الذي يغذي مناطق في دمشق والجنوب من أي عملية اعتداء، طالما لم يحدث أي خلل في الشروط المتفق عليها بين الجانبين، ومازالت المفاوضات جارية حتى الآن.

محطة الزارة

محطة توليد كهربائية في محافظة حماة، قرب بلدة الزارة، يبلغ عدد العاملين فيها 590 عاملًا، دخلت بالخدمة عام 2000، وتتألف من ثلاث مجموعات توليد بخارية، استطاعة كل مجموعة 220 ميغا واط، تستعمل الغاز كوقود أساسي في التوليد كما يمكن أن تستخدم الفيول، والمزيج الغازي مع الفيول، وتعتبر من أحدث محطات التوليد البخارية، وتستخدم أحدث التكنولوجيا والتقنيات في التحكم والتشغيل بالإضافة إلى وجود نظامي إدارة الصيانة MMS ونظام إدارة الطاقة EMS.

إدلب.. مولدات ضخمة تسد حاجة السكان من الكهرباء

تختلف المصادر التي يعتمد عليها المواطنون للحصول على الكهرباء في محافظة إدلب، بداية من الكهرباء، التي تأتي من مصادر يسيطر عليها النظام إلى المولدات الكهربائية، والطاقة البديلة.

سكان مدينة أريحا وريف إدلب عمومًا يعتمدون على المولدات الكبيرة (المركزية) للتزود بالكهرباء، وذلك من خلال وضع مولدة باستطاعة كبيرة جدًا في كل حي تقريبًا يديرها مستثمر، ويقوم بتوزيع الكهرباء على من يرغب بالحصول على الطاقة مقابل مبلغ مالي، يكون على شكل “رسم اشتراك”، يحدد حسب سعر ليتر المازوت بالسوق، بالإضافة لتكاليف الصيانة وأرباح مقابل تشغيل هذه الخدمة.

عدنان المكي، أحد سكان بلدة أريحا بريف إدلب الجنوبي، أوضح أنّ سعر الأمبير الواحد لمدة ست ساعات يوميًا يتراوح من 2000 إلى 2500 ليرة حسب سعر المازوت، ويحصل المشترك على حاجته من الأمبيرات، “فمثلًا لتشغيل البراد مع إضاءة المنزل تحتاج إلى أمبيرين كحد أدنى يوميًا، ولتشغيل البراد مع شاحن البطارية تحتاج إلى ثلاثة أمبيرات، وفي الغالب يشترك الأهالي بشراء ثلاثة أمبيرات يوميًا”.

باسل الحاج، يملك محلًا لتصليح سكك الجرافات الزرعية في ريف إدلب الغربي، يحصل على الكهرباء عن طريق مولدة “بيتر” التي تعمل على المازوت، وهي تؤمّن الكهرباء اللازمة لتشغيل الأدوات الصناعية التي في منزله والتي تحتاج إلى كهرباء بقوة 5 أمبير.

ونظرًا لارتفاع تكاليف الاعتماد على مثل هذه المولدات، بسبب ارتفاع أسعار المحروقات وعدم توفرها في بعض الأحيان، اضطر الشاب للاعتماد على “لوح طاقة شمسية” لتأمين الإنارة والكهرباء اللازمة لشحن الهاتف النقال، وإشعال التلفاز، وبلغ سعر لوح الطاقة 100 واط 40 ألف ليرة، يستخدم في شحن بطارية سيارة قياس 105 أمبير، وتكفي لتشغيل الإنارة والأدوات البسيطة التي لا تحتاج إلى استطاعات كبيرة.

المعارك تُخرج أكبر محطة توليد كهرباء عن الخدمة في ريف حماة

محطة زيزون تتحول إلى ركام بعد أن دمرها قصف الطيران

تقع محطة زيزون الحرارية لتوليد الطاقة الكهربائية في منطقة الغاب التابعة لمحافظة حماة، في ريفها الغربي، وبعد سيطرة المعارضة على مدينة إدلب منذ قرابة العامين شهدت منطقة الغاب معارك عنيفة بغية إخراج قوات النظام منها من قبل فصائل “جيش الفتح”. وكانت غرف عمليات الفتح، وغرف عمليات النظام، تتحاشيان دائمًا إدخال المحطة في المعركة وتحاولان دائمًا المحافظة عليها في طور العمل، وفق ما يقول قائد عسكري لعنب بلدي.

أمجد الحموي، مقاتل في صفوف حركة أحرار الشام الإسلامية، كان مسؤولًا عن مجموعة اقتحام في عملية السيطرة على المحطة الحرارية بمنطقة الغاب، أكد أن أوامر صارمة جاءت من غرفة العمليات بعدم إطلاق النار أو القذائف الصاروخية على المحطة وتوابعها أثناء عملية الهجوم عليها، وذلك لأهميتها الكبيرة في تأمين الكهرباء للأهالي، والشمال السوري عمومًا، “وبالفعل تم هذا الأمر ولم تتعرض المحطة لأي عملية تدمير وكانت الأضرار قليلة جدًا أثناء عملية السيطرة على المحطة”.

تعرضت منطقة الغاب، حيث تقع محطة زيزون الحرارية، لمعارك كر وفر كثيرة انتهت بسيطرة قوات المعارضة على مناطق ومنشآت في سهل الغاب العام 2015، ومنها محطة زيزون الحرارية، وعند تيقن قوات النظام بعدم قدرتها على استعادة السيطرة على المحطة استهدفتها الطائرات الحربية بشكل مكثف، الأمر الذي أدى إلى تدمير معظم ما فيها من مولدات ومحولات ولوحات مركزية وكابلات وخزانات وقود، وكانت لحظة خروجها عن العمل بشكل كامل.

وبالنسبة للوضع الحالي للمحطة، فهي خارج الخدمة، ولا يعلم المقاتل أمجد الحموي، شيئًا عن مصير محتوياتها، لكنه أكد أن مصادر أخبرته بأن “جيش الفتح اتفق على إخراج المعدات والأدوات التي ماتزال صالحة للعمل إلى منطقة آمنة خارج المحطة، للحفاظ عليها، لأن القصف لم يتوقف عن المحطة إلى الآن”.

مصادر خاصة أكدت لعنب بلدي، أن المحطة، ومنذ سيطرة “جيش الفتح” عليها، خضعت لسيطرة “الحزب الإسلامي التركستاني”، العامل بشكل كبير في سهل الغاب وريف إدلب الغربي، وأن قيادة الفصيل بدأت نهاية العام الماضي بتفكيك آلات المحطة وأبراجها المعدنية، لتباع في أسواق الشمال السوري، ولا سيما بلدة سرمدا الحدودية مع تركيا.

تعد محطة زيزون من أهم محطات توليد الطاقة الكهربائية في سوريا، استطاعتها 384 ميغا واط، وتتألف من ثلاث مجموعات توليد غازية مع كامل ملحقاتها، استطاعة كل مجموعة 128 ميغا واط، وتعمل هذه العنفات على الوقود السائل (الفيول، المازوت) إضافة إلى الغاز. وعند استلام المؤسسة العامة لتوليد الطاقة الكهربائية المحطة العام 1998 أمنت فرص عمل لنحو 252 عاملًا، وتغذي أجزاء واسعة من محافظات حماة وإدلب واللاذقية وطرطوس، لكن ظروف الحرب في سوريا أخرجت المحطة والعمال عن الخدمة وحولتها إلى ركام.

 

مصدران أساسيان للحصول على المحروقات لتوليد الكهرباء في إدلب

تقطاع مصالح بين تنظيمالدولةوالنظام والمعارضة

تعتمد معظم سكان محافظة إدلب على مادة الديزل (المازوت) في توليد الكهرباء اللازمة للمولدات ولتشغيل المحطات الحرارية والمحولات متوسطة الحجم والاستطاعة، ووفق أسيد عاشور، قائد عسكري في منطقة دارة عزة بريف حلب الغربي، يتم الحصول على المحروقات من مصدرين أساسيين.

المصدر الأول والمعتمد بشكل أساسي، هو آبار النفط في المنطقة الشرقية الخاضعة لسيطرة تنظيم “الدولة”، والذي يغذي كافة المناطق السورية تقريبًا، الخاضعة لسيطرة النظام أو المعارضة، إذ يذهب مالكو الصهاريج الكبيرة من مناطق المعارضة مرورًا بمدينة عفرين الخاضعة لسيطرة الميليشيات الكردية إلى الريف الشمالي لحلب المحرر عبر مدينة اعزاز، ومنها إلى مناطق سيطرة التنظيم، ليتم ملء هذه الصهاريج بالوقود بأنواعه مثل: الفيول، المازوت، البنزين وغيرها من مشتقات النفط، لتبدأ رحلة العودة إلى الشمال السوري عبر الطريق ذاته، حيث يتم دفع تكاليف إضافية على سعر المحروقات عند المرور في مناطق السيطرة لكل جهة، وغالبًا ما تختلف الرسوم على البرميل الواحد، وتتراوح عادة من 1500 ليرة إلى 50 ألف ليرة، وهي عبارة عن رسوم مرور أو ما يعرف بـ”الجمرك التجاري”.
المحروقات مقابل المواد الغذائية

وفق القائد العسكري عاشور، يتعرض الطريق غالبًا مشكلات كثيرة، وغالبًا ما تكون المعارك وراء انقطاعه لفترات. لكن لا يمكن لأي جهة أن تقطع الطريق بشكل كامل، فهناك مصالح متبادلة ومتقاطعة بين القوات المتصارعة على الأرض، ألا وهي أن مناطق سيطرة “الدولة” تحتاج إلى المواد الغذائية والتموينية، والتي يحصلون عليها من مناطق إدلب وحلب، مرورًا بنفس الطريق المذكور، وبحال توقف توريد المعارضة بالمحروقات من قبل التنظيم ستتوقف الإمدادات التموينية وبالعكس.

هنالك مصدر آخر يؤمّن من خلاله سكان إدلب وحلب المحروقات، وهو مصدر “ثانوي”، يتمثل باستجرار المحروقات من مناطق سيطرة قوات النظام في ريف حماة الشمالي، حيث يتم إدخال المحروقات إلى الشمال، لكن بنسب “ضئيلة”، وذلك عبر السيارات التي تقطع حدود التماس بين مناطق سيطرة المعارضة والنظام ومع الركاب المسافرين، لكن هذه الكميات “لا تكفي لسد الحاجة في حال انقطاع طريق الشمال مع مناطق سيطرة التنظيم”، لكن نوعيتها أفضل بكثير كونها تمت تصفيتها، وخرجت من مصافي بانياس وحمص، التي يسيطر عليها النظام السوري حتى الآن.

اتفاق النظام مع المعارضة في إدلب لتغذية حلب

يصل التيار الكهربائي إلى الشمال السوري قادمًا من مناطق سيطرة النظام، ليغذي بعض المناطق المحررة من خلال اتفاقية متبادلة، وهي أن الخط الرئيسي لمدينة حلب يمرّ من مناطق تخضع لسيطرة المعارضة وهو نفس “الخط الإنساني” الذي يغذي أحياء حلب، ولا يمكن للنظام تغذية المناطق التي يسيطر عليها في مدينة حلب إلا بعد ضمان عدم تعرض الخط للانقطاع، ولا يمكنه فعل ذلك إلا بالاتفاق مع فصائل المعارضة، وبأن يكون لها نصيب من الكهرباء المارة على هذا الخط.

وعليه، يحصل سكان بعض مناطق حلب وإدلب على الكهرباء بشكل مجاني، لكن هذه الكهرباء غالبًا ما تنقطع بسبب أعمال القصف، التي تؤدي لانقطاع الكابلات والخطوط الأساسية، ما يجعل الحاجة إلى إصلاحها ضرورة يومية.

عنفات غازيةكهلةلتوليد الكهرباء في الحسكة

تعتبر عنفات التوليد التي تعمل على الغاز في مديرية النفط بالرميلان أقصى شمال شرقي سوريا، المولّد الرئيسي لكهرباء محافظة الحسكة، في مدينة المالكية، ومعظم مناطق الحسكة التي تعتبر عاصمة إقليم الجزيرة.

جهاد حسن، موظف في مديرية عنفات تل عدس، أوضح لعنب بلدي أنّ عدد العنفات التي تعمل على الغاز المتدفق من حقل السويدية، خمس عنفات، وتحتاج عملية توريد الكهرباء إلى منطقة محددة إلى عنفتين، لكن الأعطال المتكررة التي تتعرض لها هذه المولدات البخارية، كونها قديمة ومضى على تشغيلها سنوات ولا يوجد لها قطع تبديل، يجعل من الصعوبة ضمان استمرارية التيار الكهربائي.

ويشير إلى أن هنالك مناطق من المحافظة لا تصل اليها الكهرباء إلا لساعات قليلة يوميًا، وهم على هذه الحال منذ خمس سنوات.

شبكة كهرباء في محافظة الحسكة (عنب بلدي)

مولدات وأمبيرات بدل العنفات

مع انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة عن المدن الكبرى، مثل القامشلي والمالكية والحسكة والقحطانية، ظهرت مولدات لتزويد المنازل بالأمبيرات الكهربائية، بحيث يشتري كل منزل العدد الذي يناسبه، “ففي المدن الكبرى في منطقة الحسكة لا صوت يعلو فوق صوت المولدات” يقول حسن.

جعفر شيخي، وهو مالك مولدة كهربائية، يوضح لعنب بلدي أنه في بداية عام 2013 اشترى ست مولدات كهربائية تعمل على الديزل، ووزع الأمبيرات على المنازل من الساعة 12 ظهرًا إلى 12 ليلًا يوميًا، بسعر 4000 ليرة سوري للأمبير في اليوم الواحد.

أما عدنان تاج، مواطن من القامشلي، يقول إنه يشتري بمبلغ 12 ألف ليرة أمبيرات شهريًا خلال فصل الصيف، ويعتبر الرقم كبير جدًا في وقت لا يملك الناس شراء ثمن ربطة الخبز.

وجود شكلي لمؤسسات الكهرباء في الحسكة بإشراف الإدارة الذاتية

يجمع عدد من المواطنين في محافظة الحسكة على أن دور مؤسسات الكهرباء التابعة لحكومة النظام في القامشلي وريفها بات معدومًا، ويقتصر على دوام الموظفين بشكل شكلي، دون تقديم أي خدمة للمواطنين، لكن رياض محمد، وهو موظف في مديرية كهرباء النظام في القامشلي، يؤكد أن “النظام السوري قام مؤخرًا بقطع رواتب العاملين لمدة شهرين، لأن فواتير الكهرباء لم تعد تدفع من قبل المواطنين، ومن المعروف أن المؤسسة تصرف الرواتب من ريع الفواتير المقبوضة”.

وأشار محمد إلى أن “الإدارة الذاتية التي تتقاسم مع النظام السيطرة على المنطقة، تشرف على المؤسسات التابعة لوزارة الكهرباء في المالكية والرميلان وغيرها من المناطق”.

وعليه شكلت الإدارة الذاتية هيئةً للكهرباء للوقوف على سير الأعمال في المناطق الخاضعة لنفوذها، تقوم بإصلاح الأعطال الناجمة عن ماس كهربائي أو حريق أو ما شابه، مقابل رسوم قدرها 500 ليرة سورية شهريًا.

عبد اللطيف قاسم، مواطن من الحسكة، يؤكد أن الإدارة الذاتية تفرض رسوم الكهرباء على المواطنين القاطنين في مناطقها، وفي نفس الوقت يطالب النظام السوري المواطنين عبر مؤسساته بدفع فواتير الكهرباء أثناء التقديم للحصول على وثيقة رسمية مثل: شهادات السوق أو السجل العقاري أو جوازات السفر.

نقل معدات توليد الكهرباء بإشراف وحدات حماية الشعب

لا يبدو أن هناك خططًا واضحة لتطوير قطاع الكهرباء خلال هذه الفترة في الحسكة، فالعلاقة المتبادلة والقوية بين النظام والإدارة الذاتية في مختلف الأصعدة ربما لا تنعكس على قطاع الكهرباء، وسط أنباء نقلتها وسائل إعلام كردية عن قيام النظام بنقل المعدات الثقيلة الخاصة بحفر وإنتاج النفط إلى حقول النفط في المنطقة الوسطى والساحل السوري، بواسطة طائرات الشحن “يوشن” عبر مطار القامشلي، ما يعزز توجهه لتدعيم البنية التحتية في المناطق التي يسيطر عليها بالكامل، نظرًا لغلاء هذه المعدات واستحالة الحصول عليها حاليًا بسبب العقوبات على سوريا.

ويؤكد مصدر خاص لموقع “يكيتي” أن النظام يواصل نقل معدات الحفر والإنتاج من مديرية حقول الحسكة “الرميلان”، إضافة لمعدات منشأة السويدية لتوليد الطاقة الكهربائية، إلى حقول النفط في المنطقة.

وبحسب المصدر فإن المعدات تشمل الكابلات الكهربائية، المولدات، الصفائح الحديدية، أنابيب نقل النفط، رؤوس الحفارات، ويشرف على ذلك عدد من العاملين المفروزين من مديرية الحقول للمطار وبالتنسيق بين ممثلية وحدات حماية الشعب التابعة لحزب الاتحاد الديمقراطي وأجهزة النظام في الحسكة.

وكان النظام السوري سلّم الملف الأمني في مديرية حقول الحسكة “الرميلان” ومعمل توليد الكهرباء في السويدية ومعمل إنتاج الغاز في تل عدس ومحطة تل عدس لنقل النفط إلى حزب الاتحاد الديمقراطي في ربيع العام 2013.

درعا.. النظام يتحكم بشريان الكهرباء ومهربون يوردونالديزلعبر الصحراء

يغيب التيار الكهربائي ومعظم مصادر الطاقة عن محافظة درعا ومدنها الخاضعة لسيطرة المعارضة، لكن هناك موادر تأتي من مصادر عديدة، أبرزها مناطق سيطرة النظام في المحافظة، ومناطق سيطرة تنظيم “الدولة”، إذ تعتمد نسبة كبيرة من السكان على ما يعرف بـ”المازوت الأنباري”، نسبة إلى محافظة الأنبار العراقية، وهو متوسط الجودة ويفي بالغرض لتوليد الطاقة الكهربائية عبر المولدات ويصل إلى المنطقة عبر المهربين الذين يجتازون الصحراء من الشرق إلى الغرب وصولًا إلى درعا وريفها.

وبدأت معاناة المواطنين مع شهور الثورة الأولى عندما بدأ النظام بتخفيض ساعات الكهرباء القادمة إلى المدن الخارجة عن سيطرته، وبعد فترة لم تعد الكهرباء القادمة من مناطق النظام تكفي، وهنا بدأت رحلة البحث عن بدائل.

يقول المهندس محمد كراد، رئيس المكتب الخدمي في المجلس المحلي لدرعا، “لا توجد محطات توليد في المناطق المحررة، وتأتي الكهرباء حصرًا من مناطق النظام”، مشيرًا إلى أن مدينة درعا تضم مراكز تحويل صغيرة مثبته على الأبراج أو على الأرض ضمن المباني، ومرتبطة بشكل مباشر بمراكز توليد الطاقة التي يسيطر عليها النظام، مشيرًا إلى أن وضع مراكز التحويل “سيئ جدًا” بعد خروج عدد كبير منها عن العمل، كما أن الشبكة العامة على وشك أن تخرج عن الخدمة بسبب دمار الأعمدة والأبراج.

مجلس محلي بلا ميزانية للكهرباء

ما يزيد الأوضاع صعوبة على المجلس المحلي في مدينة درعا، عدم توفر المعدات والآلات التي تحتاجها ورشات الصيانة لإصلاح الأعطال أو العمل على مشاريع جديدة، فالمدينة التي يعيش فيها 300 ألف مواطن، تخدمها ورشة إصلاح واحدة تتألف من سبعة عمال ومشرف، ولا تملك سوى سيارة رافعة.

يقول المهندس كراد “لا توجد لدينا قطع تبديل للكهرباء، مثل الكابلات والقواطع والمنصهرات وهذه التفاصيل الفنية، بل نستخدم عُددًا يدوية بإمكانيات بسيطة، وغالبًا لا تتوافر الكلف المادية لصيانة الأعطال لأن كهرباء درعا بلا ميزانية أساسًا”.

الفوضى تدفع اللصوص لسرقة أبراج درعا بعد تفخيخها

يعتمد السكان إلى جانب المولدات الكهربائية مشاريع للطاقة الشمسية، بالإضافة إلى مشاريع محدودة في مجال توليد الكهرباء من الرياح وغيرها، لكنها محدودة النطاق وبجهود القطاع الخاص والأهالي بالكامل.

وقد ساهمت حالة الفوضى التي تعيشها سوريا بشكل عام في انتشار اللصوص، الذين باتوا يسرقون ما تبقى في محطات التحويل والتوليد من أدوات ومعدات وكابلات وغيرها، ليشكل هؤلاء عبئًا إضافيًا على المجلس المحلي في درعا وعلى الورشات والعاملين في هذا المجال. إذ يقوم هؤلاء بتفخيخ أبراج الكهرباء وتفجيرها وإنزالها أرضًا، ثم سرقتها وبيعها “خردةً”، بالإضافة لسرقة الكابلات الممتدة عليها.

أقدمت مؤخرًا مجموعة من اللصوص المسلحين على تفجير برجي كهرباء، يتبعان لخط الكهرباء 230 KVA الممتد بين بلدتي الكرك الشرقي والمسيفرة في ريف درعا الشرقي، والذي يسهم في تغذية عدد من قرى ريف درعا الشرقي بالكهرباء، ما تسبب بانقطاع التيار بالكامل. كما أقدمت مجموعة أخرى، على تفجير أربعة أبراج بالقرب من بلدة طفس في ريف درعا الغربي، ما أدى إلى انقطاع الكهرباء عن عدد من قرى ريف درعا الغربي، بالإضافة لانقطاعها عن محطات ضخ المياه في منطقتي الأشعري والمزيريب، وأسفر ذلك عن انقطاع المياه عن أحياء مدينة درعا بالكامل، في وقت اشترطت فيه مديرية الكهرباء، التابعة للنظام السوري في مدينة درعا، الحصول على ضمانات قبل البدء بأعمال إصلاح الأبراج المتضررة، بحسب ما علمت عنب بلدي من مصادر خاصة.

البطاريات والطاقة الشمسية أبرز البدائل عن كهرباء النظام

وبالنسبة للكهرباء التي تأتي من مناطق سيطرة النظام، فتراجعت كفاءتها بشكل كبير، فهي تأتي من ساعتين إلى أربع ساعات يوميًا، وهي “لا تكفي ولا تسد احتياجات الناس”، وفق ما يقول أحد المواطنين لعنب بلدي.

يقول مواطن آخر “نستخدم وسائل بديلة تسد احتياجات عملنا، وهي كافية حاليًا بنسبة 75%، منها البطاريات التي تشحن، سواء من الطاقة الشمسية أو المولدات”.

مواطن من درعا البلد، يجد أنه من الصعوبة المقارنة بين وضع الكهرباء الآن وقبل الثورة، يضيف “الآن لا يوجد كهرباء بتاتًا، تأتي من النظام ضعيفة جدًا، ولا تصلح لتشغيل تلفاز”، مشيرًا إلى أن البدائل متنوعة بحسب قدرة الأشخاص المالية، والمتوفر حاليًا هو الطاقة الشمسية والمولدات والبطاريات الصغيرة القابلة للشحن.

كيف يحصل سكان الجنوب السوري على الطاقة الشمسية؟

تعد ألواح الطاقة الشمسية من أكثر البدائل المتوفرة حاليًا جنوب سوريا، لدورها الأساسي في تأمين الكهرباء، رغم تكلفتها المرتفعة. مصدر خاص لعنب بلدي أوضح كيف يحصل المواطنون على هذه الألواح والمعدات في ظل إغلاق الطرقات واشتعال المعارك، يقول “إن ألواح الطاقة تدخل إلى المنطقة عبر الطرق الحربية وطرق التهريب، وتباع بالدولار أو الدينار الأردني، ويبلغ سعر لوح الطاقة استطاعة 100 واط بين 70-80 دولارًا، وسعر اللوح استطاعة 150 واط، بين 130- 140 دولارًا”.

ويتراوح سعر البطارية اللازمة للشحن، استطاعة 100 أمبير، بين 70-80 دولارًا، والاستطاعة 150 أمبير نحو 130-140 دولارًا.

وتحتاج ألواح الطاقة الشمسية إلى منظمات جهد تتباين أسعارها حسب الاستطاعة، ويبلغ سعر المنظم استطاعة 20 أمبير، حوالي 30 دولارًا، والـ40 أمبير 45 دولارًا، ورافعات الجهد (أنفيرتر) استطاعة ألف واط بسعر 30 دولارًا، والـ 1500 واط 50 دولارًا.

وبالمجمل وبتكلفة وسطية وتقريبية، تبلغ تكلفة تركيب دارة طاقة شمسية نحو 200 دولار لأغراض الاستخدام الخفيف، التي لا تتطلب استطاعات وجهدًا عاليًا، في حين تصل تكلفة تركيب دراة طاقة شمسية تولد الكهرباء بشكل طبيعي كأنها كهرباء نظامية نحو ألف دولار.

جهاز توليد طاقة شمسية في درعا (عنب بلدي)

الغوطة الشرقية: المجلس المحلي يتكفل بالكهرباء ويضبط أسعار الأمبيرات

لا يختلف حال السكان في مدن وبلدات الغوطة الشرقية عن بقية المناطق السورية، التي تعاني بسبب شح الكهرباء وانقطاع مصادر الطاقة الأساسية، ما جعل حياة المواطنين “أصعب” في ظل استمرار الحرب، خاصة أن المولدات الكهربائية التي يستخدمها معظم السكان في المنطقة بحاجة إلى مازوت وبنزين، ولا يمكن في حالة الحصار المفروضة الحصول عليهما بسهولة، وإن تم تأمين المحروقات تكون أسعارها “كاوية” ولا يمكن لأي مواطن شراؤها.

وشكّل صرف الأموال على المحروقات عبئًا كبيرًا على الطبيب محمد الحكيم، المتخصص في الجراحة العامة، والذي يؤكد أن عدم جدوى استخدام المولدات وعدم قدرتها على تأمين الاحتياجات المنزلية جعل الأهالي يدفعون الأموال للمستثمرين الذي يملكون مولدات ضخمة من أجل الحصول على الكهرباء.

ويوضح الطبيب “لا يمكن القول إن هناك مصدرًا واحدًا للكهرباء لدى الأهالي في الغوطة الشرقية، بل تتنوع هذه المصادر حسب الحاجات وحسب القدرة على الدفع”، فهناك البطاريات الصغيرة التي تستخدم للإضاءة، وهناك البطاريات المتوسطة 12 فولط القابلة للشحن، لكن حاجة الأهالي للطاقة جعلتهم يبتكرون طرقًا بديلة، أبرزها طاقة الرياح باستخدام عجلات الدراجات الهوائية، لكنها “غير مجدية”.

ونتيجة لذلك، بادر الأهالي للاشتراك بمولدات ضخمة، بعد أن أصبح هناك مولدة مركزية لكل حارة، يشتركون فيها مدة ساعتين إلى ثلاث ساعات يوميًا، وهذا كان “أنسب خيار” على حد قوله.

غلاء الطاقة الشمسية يحرم الأهالي منها

منذ أن قطع النظام الكهرباء عن مناطق الغوطة الشرقية بعد سيطرة قوات المعارضة عليها، درج الأهالي على ابتكار الطرق البديلة لتوليد الكهرباء بالتعاون مع المجلس المحلي في كل مدينة، وكانت المولدات الضخمة هي المسيطرة على الساحة، فازداد عدد المستثمرين الراغبين بالاستثمار في هذا المجال بعد أن وجدوا دعمًا من المجالس المحلية، لكن اشتداد الحصار وعدم القدرة على توفير المحروقات قفز بسعر الأمبير من 60 ليرة العام 2013 إلى أكثر من 1500 ليرة في نفس العام، إلى أن ساهم وجود الأنفاق بعد ذلك بتوفير المحروقات، وفق ما يقول مواطنون وتجار في الغوطة الشرقية لعنب بلدي.

إضافة إلى المولدات المركزية، دأب الأهالي على استخدام منتجات جديدة، هي “ألواح الطاقة الشمسية”، لكن سعرها “المرتفع جدًا” والذي يقدر بنحو 400 دولار لكل لوح مع لوازمه، جعل استخدامها محصورًا بميسوري الحال.

وبنتيجة ذلك، انقسم السكان في الغوطة الشرقية من حيث الاعتماد على البدائل لتوليد الطاقة الكهربائية إلى ثلاثة أقسام، قسم يحصل على الكهرباء من الطاقة الشمسية، وقسم آخر يشترك بمولدة ضخمة مدة ساعتين إلى ثلاث يوميًا، وقسم يعيش بالظلام.


طريقة اشتراك المواطنين بالمولدات المركزية في الغوطة الشرقية:

الطريقة الأولى: الاشتراك عبر شراء الأمبير، استهلاك يومي لمدة ثلاث ساعات بـ 1100 ليرة سورية أسبوعيًا.

الطريقة الثانية: الاشتراك عبر تركيب ساعة عداد، ويكون الاستهلاك بالكيلو واط ساعي، بسعر 250 – 300 ليرة للكيلو واط الواحد.

22 مستثمرًا يمدون الغوطة الشرقية بالكهرباء

ساهم تحرك المجلس المحلي من أجل تأهيل وإصلاح قطاع البنية التحتية في الغوطة الشرقية بجلب مزيد من المستثمرين وأصحاب الأموال لشراء مولدات كبيرة ووضعها في الخدمة، لقاء حصولهم على مبالغ مالية من الأهالي، يحددها المجلس المحلي.

وتعد هذه المرحلة متطورة عن المراحل التي مر بها السكان من أجل تأمين الطاقة ومواردها، فكانت وماتزال الخدمات المقدّمة من المجلس المحلي محدودة وحسب الإمكانيات، إلى أن عمل المجلس على تقسيم الأحياء إلى حارات وسعى لعقد تفاهمات بين المستثمرين والأهالي للحصول على الكهرباء مقابل اشتراكات شهرية وأسبوعية.

وحول ذلك يقول موفق حجازي، مسؤول في المجلس المحلي، قسم الكهرباء والطاقة البديلة في مدينة دوما، “منذ ثلاث سنوات تغيّر الوضع في الغوطة، لدينا في مدينة دوما 22 مستثمرًا، لديهم مولدات ضخمة، بقياسات وأحجام متباينة، وقد توافق أصحاب المولدات والسكان على كمية التيار إلى منازلهم، واتفقوا على استجرار يومي ثابت، ومع الوقت استقر استجرار الكهرباء، وبدأ التعامل بالكيلو واط ساعي، وبدؤوا بتركيب عدادات تقيس حجم الاستهلاك بالأمبيرات”.

خدمات المجلس مقابل رسوم

للمجلس المحلي الحالي دور في مساعدة الطرفين على استقرار التيار في المنطقة، عبر إصلاح الشبكات وتأهيلها وتسليمها للمستثمرين، إذ توجد في الغوطة شبكات توتر منخفض فوق الأرض وتحت الأرض، وهناك (شبكة هوائية، وشبكة أرضية)، وأحيانًا عند تعطل هذه الشبكات يتم اللجوء إلى استخدام شبكة الإنارة الرديفة للشبكتين السابقتين، ويتم استثمارها في تخديم الأحياء، التي لا توجد فيها شبكات أرضية أو هوائية، وذلك لضمان استمرار وصول خدمة الكهرباء إلى المشتركين.

ويوضح مسؤول المجلس المحلي أن المجلس، وعبر إبرام عقود مع المستثمرين، يحدد أسعار الكيلو واط الساعي، وينظم العمل قدر المستطاع، ويهيئ الشبكة، ويصلحها، مقابل حصوله على رسم بمقدار خمس ليرات، تؤخذ عن كل ساعتي تشغيل.

الكهرباء تؤمّن فرص عمل جيدة

يضيّق نقص الفيول والمازوت في الغوطة الشرقية في كثير من الأحيان على الأهالي استخدام الطاقة الكهربائية ويحرمهم منها، لذلك يكون “الاستهلاك على الشعرة”، كما يقول مسؤول المجلس المحلي، فاستهلاك مدينة دوما بالكامل يبلغ حوالي 5 ميغا واط ساعي يوميًا، في حين أن الحاجة الفعلية هي أكثر من 23 ميغا واط، وهذه الأرقام تزيد يوميًا بسبب زيادة الاعتماد على الكهرباء في مختلف مجالات الحياة، مقابل نقص المازوت والمحروقات عمومًا.

ويعتبر المسؤول حجازي أن توزيع الكهرباء والعمل في هذا القطاع يشغّل نحو 700 عامل، عدا عن الوظائف الإدارية في المجلس، مشيرًا إلى أن قطاع الكهرباء أمّن فرص عمل جيدة جدًا.

الطاقة الشمسية لاستخراج المياه الجوفية

وبالنسبة لمصادر الطاقة البديلة فإن أكثر مصدر مجدٍ، إلى جانب المولدات المركزية، هو ألواح الطاقة الشمسية، لأن طبيعة المنطقة المنبسطة والمحاطة بالجبال يمنعان استخدام طاقة الرياح على عكس بقية المناطق السورية مثل “فتحة حمص المعروفة”. وهذا جعل استخدام الطاقة الشمسية أساسيًا، كما يقول حجازي، في مجالات مثل “الغاطسات الشمسية”، التي تستخدم بشكل واسع لاستخراج المياه الجوفية، وتعمل على الطاقة الشمسية، وتقدر استطاعتها 24 فولط. وهناك مشروع حالي لتوفير مياه الشرب في البلدات بالاعتماد على غاطسات تعمل بالطاقة الشمسية طاقتها واحد حصان، 220 فولط، مع محول وألواح وبطاريات.

مساع لخفض سعر الكهرباء

وفي دراسة حديثة أصدرها المجلس المحلي واطلعت عليها عنب بلدي، قدر احتياجات مدينة دوما من الكهرباء بحوالي 23 ميغا واط ساعي يوميًا لتأمن الكهرباء، عبر مجموعة مولدات 1000 KVA و800 KVA، حيث تمت تجزئة المدينة إلى 13 قطاعًا، كل قطاع يحتوي ثلاث مولدات، ويسعى المجلس لتأمين المازوت للمولدات وتخفيض سعره كونه يشكل الجزء الأكبر من تسعيرة الكهرباء، وفي حال تم توفير المازوت سينخفض سعر الكيلو واط ساعي.

قصة مستثمر استخدمزيت القليوالسمنةفي توليد الكهرباء بالغوطة الشرقية

في لقاء مع أحد المستثمرين في مجال الطاقة الكهربائية في الغوطة الشرقية ومدينة دوما، كشف راتب الصوفي، وهو مؤسس وصاحب مشروع “مولدات الصوفي”، عن أساليب بدائية وطرق لا يمكن أن تخطر على بال، عندما سعى إلى توليد الكهرباء بعد أن فقد الديزل من الغوطة الشرقية، فكان “زيت القلي” و”السمنة” بمثابة وقود، لجأ إليهما لتوليد الكهرباء، لكن انتشار المهربين ووجود الأنفاق كسر إلى حد ما الحصار المفروض على الغوطة، ووفر المحروقات ولو بأسعار مرتفعة قليلًا.

يقول الصوفي، الذي التقيناه في مقر شركته الرئيسي بمدينة دوما، “أخدّم 500 مواطن في عدة أحياء بمدينة دوما، هي الحميرة، السنديانة، العبّ، جامع عبيد، ولكل حي مكتب خاص مسؤول عنه وعن تخديمه، بحيث يرتاح المشترك بالتعامل مع المكتب الفرعي”، مشيرًا إلى أنه أطلق مشروعه في 11 أذار 2013، باستخدام مولدات استطاعتها 600 شمعة، أي حوالي 100 أمبير، وبدأ يقدم الكهرباء للأهالي، وكان سعر ليتر المازوت وقتها نحو 110 ليرت، فيما كان سعر الدولار نحو 125 ليرة، وخلال تلك الفترة، تباينت حاجات الناس وكان عدد المشتركين قليلًا، وتراوحت معدلات الاستهلاك بين 5 أمبير إلى 10 أمبير يوميًا.

ومع ارتفاع عدد السكان ولجوء نازحين ومهجرين من مناطق أخرى إلى الغوطة الشرقية، تطورت حاجيات السكان، وبات استحضار مولدات باستطاعة 100 ألف أمبير، أمرًا ضروريًا.

وبلغ وقتها سعر الأمبير 300 ليرة، بمعدل تغذية ثلاث ساعات، وتوازى ذلك مع ارتفاع سعر المازوت ووصل سعر الليتر إلى 2400 ليرة، فارتفع الأمبير أضعافًا، وصار يسعّر بناء على سعر المازوت.

بدائل لا تخطر على بال

يوضّح الصوفي، “كنا نحصل على المازوت من بسطات محلية وبأسعار متفاوتة، اخترعنا من ذاتنا أدوات جديدة بديلة عن الوقود منها زيت القلي، ولم أصدق أن المولدة ستعمل، بمجرد إضافة زيت القلي إليها، بسبب الدخان الذي صدر عنها.. ارتعبت حينها، لكنني نجحت في توليد الكهرباء”.

كان “زيت القلي” بديلًا مؤقتًا عن المازوت، “لكن حاجة الناس أكبر”، يقول الصوفي مضيفًا “في وقت لاحق استخدمت مادة الفيول في توليد الكهرباء بعد تعريضه للحرارة بنحو 90 درجة لتمييعه وجعله سائلًا وقد نجحت، لكن المولدة تعطلت”.

وفي بداية 2014، بدأ الصوفي استخدام مادة تسمى “مازوت أسود”، ناتج عن إعادة تكرير الفيول، وقد استخدمت هذه المادة في تشغيل المولدات اللازمة لتوليد الكهرباء، “ونجحت” على ما يقوله الصوفي، لكن بعد نفاد الفيول، أصبح الوضع صعب جدًا، وهنا وصل سعر ليتر المازوت إلى أكثر من 2400 ليرة نتيجة فقدان المادة تمامًا بسبب الحصار.

لم يكتف الصوفي عند هذا الحد بتجريب “زيت القلي” و”الفيول” وغيره، من أجل تشغيل المولدات بل لجأ أخيرًا إلى استخدام مادة “السمنة” لتشغيل المولدات أيضًا، فأجرى تجربة على إحدى المولدات ونجحت، وذلك بعد تعريض “السمنة” لدرجة غليان، “وكان هناك مشكلة أن السمنة بحاجة إلى تسخين دائم لأنها سريعة الجمود”.

توفر المازوت لم يحل المشكلة

أخيرًا، بدأ المازوت يتوفر في الغوطة بأسعار أقل من السابق، وبحوالي 1700 ليرة و1800 ليرة لليتر الواحد تقريبًا، بعد انتعاش عمليات التهريب، لكن استمرار تذبذب أسعار المازوت يجعل على المستثمر من الصعوبة بمكان ضبط الأسعار بشكل نهائي.

يقول الصوفي “لدي استهلاك أسبوعي لنحو أربعة آلاف لتر مازوت، بسعر 1.6 مليون ليرة، لا أستطيع تأمينهم إلا عبر أقساط مع تجار المحروقات، ويبلغ سعر الكيلو واط 225 ليرة”.

وحول توزع العمالة في شركته، ومدى قدرتها على تلبية طلبات المواطنين يوضح الصوفي أنّ توليد 50 أمبير كهرباء بحاجة إلى ثلاثة عمال، وكل حي يشرف على تخديمه مكتب فرعي، وليس هذا فحسب بل يعمل الصوفي على تطوير خدمات مؤسسته، ويقول “نعمل على إصدار دفاتر فواتير تضمن حقوق الطرفين، وكذلك نستعد لإطلاق خدمة للاستفسار عن فاتورة الكهرباء عبر إرسال رسالة واتساب”. مشيرًا إلى دور المجلس المحلي بمساعدته وزملائه من المستثمرين عبر إصلاح الشبكات بعد القصف، وتجليس أعمدة الإنارة، بالرافعات لديه، وشد الكابلات، مقابل أجور متفق عليها بين الطرفين.

الكهرباء السورية الحكومية في النزع الأخير

إن تجاوزت سوريا الأزمة الاقتصادية التي نتجت بعد اندلاع الثورة، لن تتجاوز أزمة الكهرباء بسبب الخسائر الضخمة التي تكبدتها قطاعات التوليد والتحويل والإنتاج بشكل عام، ومن المعروف أن البنية التحتية للكهرباء ومعدات إنتاج الطاقة باهظة الثمن، ولا يمكن تأمينها إلا عبر شركات وشراكات عالمية بميزانيات ضخمة لن تكون سوريا، الخارجة من حرب، قادرة على القيام بذلك بمفردها، وستحتاج إلى قروض ضخمة عبر شركات قابضة، يشترك فيها القطاع العام والخاص المسؤولية عن البنية التحتية، أو يمكن إشراك شركات آسيوية وأمريكية، تستلم التركيب والإصلاح، وفق ما يؤكده الصحفي والمحلل الاقتصادي السوري، سمير الطويل لعنب بلدي.

واعتبر الطويل أن سوريا حاليًا دخلت بوضع يشبه، إلى حد كبير، لبنان، حيث أنهت الحرب الأهلية هناك قطاع الكهرباء وبات اللبنانيون يعتمدون على المولدات حتى يومنا هذا.

ويقترح ضرورة “تخديم كل المناطق السورية خلال فترة إعادة الإعمار بالغاز الطبيعي عوضًا عن الكهرباء لتخفيف الضغط على الشبكات، بالتوازي مع توجه الناس لاستخدام الطاقة الشمسية الضرورية لتوليد الكهرباء وتوظيفها بالاستخدامات اليومية”.

ويرى أن هناك ضرورة ملحة لتخفيض الهدر الكهربائي، والمقدر بحوالي 25% من الإنتاج الكهربائي، وهو فاقد تخسره مؤسسة توزيع الكهرباء عند نقل الطاقة عبر الكابلات من مراكز التوليد إلى محطات التحويل بسبب بعد المسافات. مشيرًا إلى أنه من غير المعقول أن تخدّم محطة توليد “الزارة” في حماة محافظة اللاذقية وحلب، التي تبعد عنها مئات الكيلومترات، ونفس الشيء بالنسبة لمحطة الدير علي، جنوب دمشق، حيث تخدم المنطقة الجنوبية ودرعا.

تراجع إنتاج سوريا من الكهرباء بنسبة 56% عما كان عليه قبل الثورة، وبلغت الطاقة الكهربائية المنتجة في عام 2011 نحو خمسين مليار كيلوواط ساعي، في حين انخفض حجم الإنتاج في عام 2014 إلى 22 مليار كيلوواط”، وهي آخر إحصائية متوفرة حول واقع قطاع الكهرباء وكميات الإنتاج حتى اليوم.

صور بالأقمار الصناعية تظهر حالة الكهرباء في سوريا بين عامي 2012 و2014 (نيويورك تايمز)

حكومة النظام ترفع أسعار الكهرباء لتغطية العجز

لسنوات خلت، شكلت الكهرباء إحدى أهم الركائز التي تعتمد عليها الحكومة السورية في الدعم الحكومي للمواطنين، وكان سعر كيلو الكهرباء يباع بأقل من التكلفة، ولا يتجاوز قروشًا، لأغراض الاستهلاك المنزلي، ويبلغ عدد المشتركين في الكهرباء في سوريا نحو خمسة ملايين مواطن يحصلون على الكهرباء الحكومية، (2.5 مليون منزل) لجأ منهم 26% (650 ألف منزل) إلى استخدام الكهرباء بشكل أساسي في أعمالهم، وفي الطهي بالتحديد، عندما فُقد الغاز والمازوت من سوريا خلال السنوات الماضية، وفق دراسة أعدها المركز الوطني لبحوث الطاقة، وراجعتها عنب بلدي.

وقدرت الدراسة حاجة المنزل الواحد للطاقة الكهربائية في الطهي خلال الثورة بـ 4 كيلو واط ساعي، وكمية الطاقة الكهربائية المصروفة يوميًا في سوريا لأغراض الطهي نحو 2600 ألف كيلو واط ساعي.

وعلى ضوء هذه الأرقام، وارتفاع الطلب على الطاقة الكهربائية، وما أثبتته الدراسة، أن تكلفة استخدام الكهرباء ضعف تكلفة استخدام الغاز، وجدت الحكومة، أن من المجدي التحرك باتجاه رفع أسعار الطاقة لتخفيض الاستهلاك وجني المزيد من الدخل، ناسفة شعارات وأيام الدعم التي كانت يومًا ما الكهرباء فيها “خطًا أحمر” إلى جانب الخبز والمحروقات.

وبتاريخ 18 كانون الثاني الماضي، أقر مجلس الوزراء رفع أسعار تعرفة مبيع الكيلو واط الساعي لاستجرار الطاقة الكهربائية لمختلف فئات الاستهلاك، وذلك وفق القرار 349 الصادر بتاريخ 6 كانون الثاني 2016.

المؤسسة العامة لنقل الكهرباء قالت إن وزارة الكهرباء، وعند تقديمها دراسة رفع الأسعار بناء على طلب لجنة رسم السياسات، “راعت زيادة التعرفة للاستهلاك المنزلي وخاصة الشرائح الدنيا منها متضمنة تعديلًا هيكليًا، وزيادة بنسبة لا تتجاوز 150 ليرة سورية بالدورة الواحدة على الشرائح الدنيا، كما أبقت على تعرفة مبيع الكهرباء بالنسبة للمنشآت الزراعية الكبيرة، كما هي دون زيادة، حتى لا ينعكس ذلك على قيمة المزروعات وقوت المواطن”.

وبررت المؤسسة قرار رفع الأسعار في بيان على موقعها الإلكتروني، بأنه “جاء ضمن سياسة الحكومة القائمة على عقلنة الدّعم وإيصاله إلى مستحقيه، علمًا أنه وفق التعرفة الجديدة تبقى تسعيرة مبيع الكهرباء للقطاع المنزلي مدعومة بما يزيد عن 200 مليار ليرة سورية”.

لكن محللين اقتصاديين، قالوا لعنب بلدي، إن شح الواردات، وارتفاع فاتورة استيراد المحروقات وعدم كفاية الخط الائتماني الإيراني، أجبر حكومة النظام على رفع الأسعار لتخفيف فاتورة المحروقات، وأن الدعم للمنتجات الأساسية أصبح من الماضي.

وتدعم الحكومة السورية الكهرباء بنحو 418 مليار ليرة سورية، ما يعادل نحو ملياري دولار، بحسب مداخلة لرئيس الوزراء وائل الحلقي أمام مجلس الشعب في شباط 2015، وأشار الحلقي إلى أن المواطن يدفع 1.32 ليرة ثمن الكيلو واط الذي يكلف الحكومة 30.5 ليرة سورية.

تتألف شبكات نقل الكهرباء في سوريا من عدة أجزاء، هي:

محطات تحويل (400-230-66) KVA.

خطوط نقل الكهرباء (400-230-66) KVA.

تعتبر محطات تحويل الطاقة الكهربائية حلقة الوصل الحيوية للنظام الكهربائي لشبكة النقل، حيث تقوم هذه المحطات باستقبال الطاقة المولدة في محطات توليد الكهرباء ونقلها عبر خطوط التوتر العالي إلى محطات تحويل أخرى، ليتم تغذية مراكز الأحمال بعد تحويلها إلى مستويات أخرى (توتر متوسط وتوتر منخفض).

ويتم إنشاء محطات التحويل (400-230) ك.ف بالقرب من محطات التوليد حيث يتم نقل الطاقة المولدة عن طريق خطوط نقل التوتر العالي بتوتر (400 أو 230) KVA أما محطات (66/20) KVA فيتم تغذيتها بخطوط نقل تعمل على توتر 66 KVA وهذه المحطات تكون قريبة من مراكز الأحمال.

المدة الزمنية لإنشاء محطة تحويل كهربائية (400/200 KVA)

 

تتراوح ما بين 8 – 20 شهرًا، وبكلفة تقديرية تتراوح بين 10 – 15 مليون يورو، حسب التجهيزات المستخدمة.

والمدة الزمنية لتأسيس محطة تحويل كهربائية (230/66KVA) بين 8 – 20 شهرًا بكلفة 150 – 300 مليون ليرة.

والمدة الزمنية لتأسيس محطة تحويل كهربائية (400/230KVA) بين 8 – 20 شهرًا بتكلفة 30 مليون ليرة.

 

المدة الزمنية لإنشاء محطة تحويل كهربائية (66/20 KVA):

تتراوح ما بين (12-15) شهرًا، وبكلفة تقديرية تتراوح ما بين (1.5- 2) مليون يورو + (80- 100) مليون ليرة.

 

كلفة إنشاء 1 كم من خطوط التوتر العالي:

خطوط 400 KVA تكلف 100 ألف يورو.

خطوط 230 KVA تكلف 60  ألف يورو.

أثر انهيار برج نقل كهرباء على الشبكة:

يؤدي انهيار برج إلى خروج الخط عن الخدمة، وبالتالي سيتم نقل الاستطاعة الكهربائية المحمولة عبر هذا الخط إلى خط أو خطوط أخرى، يفترض أن تكون بالخدمة وتسمح فنيًا بنقل الاستطاعة الإضافية عبرها، باعتبار أن الشبكة مربوطة مع بعضها البعض بشكل حلقي.
وبالتالي ستؤدي إلى زيادة حمولة الخط الآخر، لذا يتم اتخاذ الإجراءات الفورية لإعادة تركيب برج بديل عن البرج المنهار، وإلا ستنخفض الاستطاعة المنقولة، وبالتالي انخفاض كميات الطاقة الكهربائية المطلوب تأمينها لمراكز الأحمال.

 تم إنشاء المحطات التالية في مناطق سيطرة النظام العام 2015:

محطة تحويل دير علي

محطة تحويل العنازة

محطة تحويل قرقفتي

محطة تحويل ابن النفيس النقالة

محطة تحويل أشرفية صحنايا النقالة

محطة تحويل مركز الشركة في طرطوس

(المصدر: المؤسسة العامة لنقل وتوزيع الكهرباء في سوريا)

 

موالون ومعارضون تجمعهم كراهيةالتقنين الكهربائيوشتم المتسبب

مع تراجع كفاءة منظومة الكهرباء وتراجع الإنتاج إلى النصف تقريبًا، لجأت وزارة الكهرباء إلى برامج التقنين في مناطق سيطرتها، وعمدت إلى منع وصول التيار لمناطق المعارضة إلا في حدود دنيا.

لكن ساعات التقنين التي “لا تنتهي”، وما يشوب جداول التقنين من عشوائية، جعلت المواطنين في مناطق سيطرة النظام يضيقون ذرعًا من وزارة الكهرباء ووزيرها السابق عماد خميس، الذي أصبح “سيرة على كل لسان”.

وفي رصد لما كتبه بعض السوريين على وسائل التواصل الاجتماعي من مختلف المحافظات السورية يتضح حجم الألم الذي يكابدونه جراء تقنين الكهرباء، إذ تعطلت أعمالهم وأشغالهم اليومية، وراح قسم آخر منهم يتحدثون عن الرشوة والمحسوبية لعمال الكهرباء المسؤولين عن التقنين في مراكز التحويل والفصل الكهربائي في المدن والأرياف.

كتب مواطن على صفحة وزارة الكهرباء التابعة للنظام “يعطيكم العافية نحن سكان حي ركن الدين الشيخ خالد، لا يوجد عدالة في التقنين في منطقتنا، إحدى الحارات تأخد نصيبنا من ساعات التغذية، والسبب أن الموظف المسؤول عن قطع الكهرباء هو أحد سكان تلك الحارة (حارة الحواشنة) يعني مو معقول يقطعولنا الكهرباء منشان يجيبوها لهديك الحارة، الرجاء النظر في شكوانا وشكرا لجهودكم”.

ووجد مواطن آخر أن من المفيد تسمية وزارة الكهرباء بـ”وزارة التقنين”، وقال على صفحته “تعالوا شوفوا عدالة التقنين باللاذقية، شارع الجمهورية دائما مظلوم، ليش؟ للعلم في مناطق التغذية فيها 18 ساعة باليوم”.

وقال مواطن من ريف دمشق “الكهرباء في ريف دمشق من سيئ إلى أسوأ، برنامج التقنين لا يعرف أوله من آخره، تأتي الكهرباء ساعة واحدة كل 6 ساعات، لا توضيح من وزارة الكهرباء ولا من شركة كهرباء ريف دمشق حول هذه الانقطاعات الطويلة للكهرباء”.

قاطع كهربائي مثبت على جدار محولة في إدلب (عنب بلدي)

وبضحكة ساخرة وتهكمية قال مواطن من حلب “هههههه الناس عم تحكي وتعترض عالتقنين بالمحافظات التانية، وشعب حلب يا حسرة ما عم يشوف شي اسمه كهرباء ومي، والأمبيرات هلكونا وخنقونا وياريت عم نستفيد بشي غير اضاءة حسبي الله ونعم الوكيل”.

ووجه أحدهم رسالة إلى وزير الكهرباء قائلًا : ”سيادة الوزير مانا عم تجـي الـكهـرباء بـديـر الصليب في ريف حماة الغربي منـطـقــة مـصـياف، إلا ساعتين بالنهار”.

من درعا كتب أحد المواطنين طلبًا إلى وزارة الكهرباء قال فيها “في مجال ترجعولنا الكهرباء متل ماكانت 3 ساعات بـ 3 ساعات؟ بعدين بدنا حل لقطع الكهرباء خارج أوقات التقنين.. وين الوعود بتخفيض ساعات التقنين؟”.

وزارة الكهرباء لم ترد على تعليقات المواطنين، ولا على طلباتهم، بطبيعة الحال.

 

مقالات متعلقة

  1. "مدن الأمبيرات".. شبكات الكهرباء تنهار أمام أعين السوريين
  2. العام 2011.. بداية خريف مشاريع الكهرباء في سوريا
  3. الغوطة الشرقية: المجلس المحلي يتكفل بالكهرباء ويضبط أسعار "الأمبيرات"
  4. الأسد يصدر قانونًا يتيح الاستثمار بمشاريع الكهرباء وبيعها

تحقيقات

المزيد من تحقيقات