قطبا العالم يحشدان في سوريا.. والمسار السياسي ينازع

الرئيس الأمريكي باراك باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين (AFP)

camera iconالرئيس الأمريكي باراك باراك أوباما ونظيره الروسي فلاديمير بوتين (AFP)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – وكالات

لم يمض أسبوع على إعلان وزارة الخارجية الأمريكية، الاثنين 3 تشرين الأول، تعليق مشاركتها بالمحادثات الثنائية مع روسيا حول الملف السوري، حتى بدأت حدة التصريحات بالتصاعد بين البلدين لتصل إلى ذروتها خلال اليومين الماضيين.

حشود وخطط عسكرية وتحذيرات وتهديدات متبادلة من قبل “قطبي العالم” ربما تنبئ باقتراب المواجهة بينهما، خاصة بعد وصول مسار الحل السياسي في سوريا إلى طريق مسدود وتصعيد روسيا قصفها للمناطق المعارضة، لا سيما في حلب.

روسيا تحشد قواتها في سوريا

بعد إعلان واشنطن تعليق المحادثات السياسية، بدأت روسيا بحشد قواتها البحرية في سوريا، حسبما كشف ممثل أسطول البحر الأسود الروسي، نيكولاي فوسكريسينسكي، الأربعاء 5 تشرين الأول، عن توجه سفينتي “سيربوخوف” و”زيليوني دول” الحربيتين الصاروخيتين المجهزتين بصواريخ “كاليبر” إلى البحر الأبيض المتوسط، على أن تكونا جزءًا من مجموعة العمل الدائمة في البحر المتوسط، وفقًا للتناوب المخطط لهما.

وتزامن إرسال السفينتين مع تسليم روسيا النظام السوري بطاريات منظومة الدفاع الجوي “S-300″، بحسب ما أعلنته وزارة الدفاع الروسية، التي أكدت أن منظومة صواريخ وصلت إلى سوريا لحماية القاعدة العسكرية الروسية البحرية في طرطوس، ولحماية القوارب العسكرية الروسية الموجودة عند السواحل السورية.

ونقلت قناة “فوكس نيوز” الأمريكية عن مصدر رسمي أمريكي، قوله إن “هذه المنظومة سلمت للنظام السوري لمواجهة أي هجوم أمريكي بصواريخ كروز على قواعد لقوات الأسد في سوريا”.

لكن الرد غير المباشر من قبل روسيا كان عن طريق مصادقة مجلس النواب الروسي (الدوما)، الجمعة 7 تشرين الأول، على اتفاقية روسية- سورية، تسمح بنشر القوة الجوية الروسية في سوريا لأجل غير مسمى، في إشارة إلى الولايات المتحدة الأمريكية بأن موسكو لن تتخلى عن سوريا، التي تعتبر بوابة الشرق الأوسط حتى لو اضطر بها الأمر لخوض حرب مدمرة معها.

وقال نيقولاي بانكوف، نائب وزير الدفاع الروسي، إن الاتفاقية تمنح العسكريين الروس في قاعدة حميميم الجوية بريف اللاذقية وأفراد عائلاتهم الحصانة الدبلوماسية، على غرار الحصانة الممنوحة لأعضاء السلك الدبلوماسي وأفراد عائلاتهم.

أمريكا تجهز لضربة جوية للنظام السوري

الحشد العسكري الروسي جاء بعد تقارير إعلامية كثيرة وتصريحات تحدثت الأسبوع الماضي عن دراسة واشنطن اقتراحات جديدة بشأن سوريا منها الخيار العسكري عقب انهيار المحادثات السورية.

وأعلن المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية، مارك تونر، عن دراسة خيارات جديدة حول الوضع في سوريا من ضمنها الدبلوماسية والعسكرية والاستخباراتية والاقتصادية تجاه روسيا والنظام السوري.

وذكرت صحيفة “واشنطن بوست”، الأمريكية، الثلاثاء 4 تشرين الأول، أن إدارة الرئيس الأمريكي، باراك أوباما، تدرس خيار توجيه ضربات جوية ضد نظام بشار الأسد في سوريا، ردًا على انتهاكه وقف إطلاق النار في حلب.

صحيفة “الشرق الأوسط” ذكرت في تقرير لها، السبت 8 تشرين الأول، أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) تدرس خيارات توجيه ضربات عسكرية تجاه النظام السوري لا تحرج الرئيس الأمريكي، باراك أوباما.

ونقلت الصحيفة عن مسؤولين في الوزارة والبيت الأبيض أن “الخيارات العسكرية المطروحة تشمل قصف مدارج للقوات الجوية للنظام السوري باستخدام صواريخ كروز، وصواريخ سيتم إطلاقها من طائرات التحالف والسفن الأمريكية في البحر المتوسط سرًا ودون اعتراف أميركي علني بها.

وردًا على هذه التقارير حذرت موسكو واشنطن من مغبة قصف قوات الأسد في سوريا، متوعدة بإشعال المنطقة بأكملها في حال سقوط صاروخ واحد على سوريا.

التحذيرات جاءت على لسان الناطقة باسم وزارة الخارجية الروسية، ماريا زاخاروفا، الأسبوع الماضي، بأن أي عدوان على سوريا سيؤدي إلى تحولات مزلزلة في الشرق الأوسط.

وقالت زاخاروفا إنه “في حال بدء أي عدوان أمريكي مباشر على دمشق والجيش السوري، فإن هذا سيؤدي إلى تحولات خطيرة ليس على الأراضي السورية فحسب بل على المنطقة ككل”.

المسار السياسي ينازع في سوريا.. وفيتو روسي جديد

الحديث عن المسار السياسي والاتفاق على تهدئة وقف إطلاق النار في سوريا والعودة إلى طاولة المفاوضات، غاب عن ألسنة المسؤولين الأمريكيين والروس خلال الأسبوع الماضي، بعد أن كان الشهر الماضي أقرب من أي وقت مضى عقب اتفاق وزيري الخارجية الروسي والأمريكي.

دول كثيرة حاولت تهدئة الأوضاع بين البلدين والعودة إلى طاولة الحوار السياسي وتجنيب الأمور تعقيدات أكثر، كفرنسا التي تقدمت بمشروع قرار بشأن خطة لإرساء هدنة في مدينة حلب السورية المحاصرة إلى مجلس الأمن، وإمكانية العودة إلى طاولة الحوار.

ويدعو المشروع إلى “وقف فوري لإطلاق النار في حلب، وكذلك إلى إنهاء الطلعات الجوية التي تقوم بها طائرات عسكرية سورية وروسية في المدينة”.

لكن روسيا رفضت تمرير القرار عبر المجلس واستخدمت حق النقض “الفيتو”، الأمر الذي لاقى ردود فعل غاضبة من قبل مندوبي الدول دائمة العضوية في المجلس وفي مقدمتهم المندوب الفرنسي، جان جاك أيرلوت، الذي أعلن انسحابه من المجلس، كما وصف المندوب البريطاني، ماثيو رايكروفت، رفض القرار بالعار.

وجاء ذلك مع دعوة المبعوث الأممي الخاص إلى سوريا، ستيفان دي ميستورا، لمقاتلي جبهة “فتح الشام” بالانسحاب من داخل الأحياء الشرقية، الأمر الذي رحبت به روسيا.

وأثار طلب المبعوث الأممي ردود فعل غاضبة من جهات وفصائل في المعارضة السورية، وفي مقدمتهم جبهة “فتح الشام” التي اعتبرت على لسان الناطق الرسمي باسمها، حسام الشافعي، بأن دي ميستورا يساعد نظام الأسد في تفريغ المناطق السنية ويلعب دورًابارزًا في التغيير الديموغرافي.

كما طالبت الحكومة السورية المؤقتة بإقالة المبعوث الأممي “لوقوعه في خطيئة مهنية كبيرة”، معلنةً إيقاف جميع أشكال التواصل والتعاون معه ومع فريقه على الفور.

محللون يستبعدون ضربة أمريكية

وبالرغم من تكهن عشرات التحليلات من قبل محللين عسكرين وسياسيين بقرب مواجهة عسكرية بين روسيا وأمريكا في سوريا، لأن بوتين يريد إعادة الأمجاد إلى روسيا كقوة عظمى، في حين يريد أوباما إعادة الهيبة للبيت الأبيض قبل مغادرته الرئاسة.

إلا أن محللين آخرين استبعدوا المواجهة العسكرية المباشرة بين أمريكا وروسيا، لأن ذلك يعني نشوب حرب إقليمية ثالثة، خاصة وأن الرئيس الأمريكي لن يكون في ضوء اتخاذ أي قرار تتحمل أعباءه القيادة المقبلة، إن كان دونالد ترامب أو هيلاري كلينتون، فأيامه باتت معدودة في البيت الأبيض، معتبرين هذه التصريحات للاستهلاك الإعلامي فحسب.

استبعاد نشوب حرب بين أمريكا وروسيا كانت على لسان زاخاروفا، التي قالت في رد لها على سؤال بشأن احتمالات وقوع مواجهة عسكرية “يمكن أن تكون إجابتنا المباشرة أننا وقعنا اتفاقية لتجنب النزاعات مع الأمريكيين”، في إشارة منها إلى أن روسيا لن تكون المبادرة في إشعال فتيل الحرب لوجود اتفاقية لكن إذا فرضت عليها فقد استعدت.

بالمقابل استبعد السفير الأمريكي السابق في سوريا، روبرت فورد، تدخلًا عسكريًا أمريكيًا في سوريا وتنفيذ ضربات جوية ضد أهداف تابعة للنظام السوري، قائلًا في مقابلة مع قناة “فرانس 24”، الأربعاء 5 تشرين الأول، إن “ما يتردد في الصحافة الأمريكية حول ضربة عسكرية أمريكية لسوريا سمعناه منذ أربع سنوات، فالإدارة الأمريكية خائفة ومترددة في التدخل في سوريا”.

وأشار فورد إلى أن وزارة الدفاع الأمريكية (البنتاغون) والمخابرات والخارجية، متفقون تمامًا على استخدام ضربات جوية محدودة في سوريا، إلا أن البيت الأبيض متردد بسبب عدم وجود تأكيدات بأن الضربة ستنهي الحرب، فالرئيس الأمريكي، باراك أوباما، “لا يريد إعادة تجربة العراق”.

وبعيدًا عن تدخلٍ أمريكي مباشر، تشتعل المواجهة العسكرية بين البلدين عبر حلفائهما في سوريا، فالنظام السوري تحت حماية ومساعدة جوية روسية يحاول بسط سيطرته على المناطق الخاضعة للمعارضة وخاصة في حلب، في حين تسعى الدول الداعمة لقوات المعارضة “المعتدلة” لدعمها وتزويدها بأسلحة نوعية، كمضادات الطيران، لصد هجمات النظام وروسيا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة