التدوير، لإعادة إنتاج الحياة

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 82 – الأحد 15-9-2013
حنان النقري
7
تواجه المناطق المحررة تحديات كبيرة، ليس فقط على صعيد مواجهة قذائف النظام للحفاظ على الأرواح، وإنما للحفاظ على الحياة القائمة وتسييرها رغم ثقل الحصار المفروض عليها، تأمين الغذاء وموارد الطاقة يكلّف اليوم مبالغ باهظة وفروق الأسعار بين منطقة وأخرى تتجاوز كل تخيّل.. ففي حين يبتاع مواطن سوري ليتر المازوت ب 40 ليرة سورية في مكان ما، يبتاع مواطن آخر -سوريّ للمصادفة!- الليتر ذاته بما يزيد على 400 ليرة سورية، إن توفّر، للتدفئة حينًا ولتوليد الكهرباء المقطوعة من أشهر أحيانًا عديدة..
التعامل مع مشكلة الحصار بالويل والثبور والدعوات والتهديدات لم -ولن- يغيّر من الواقع شيئا، السبيل الوحيد لتحسين الواقع هو بفكّ الحصار، منطقيًا يتمّ هذا عبر طريقتين: إزالة كل الحواجز وهو حلّ يحتاج جهدًا ووقتًا لا يمكن تقديرهما من قبل أحد، الطريقة الثانية هي بفك الحصار داخليًّا، التعامل معه كتحدّ ممكن تجاوزه بأفكار بديلة «خارج الصندوق».
طرحنا في أعداد سابقة اقتراحات عديدة، مثل زراعة المدن والحدائق العامّة، مشروع الليرة لتوفير مخزون مالي بسيط يمكن الاعتماد عليه في تخديم المناطق المحررة وإقامة مشاريع تنموية صغيرة..
الفكرة التي طُرحت عليّ مؤخّرًا، والتي أراها جديرة بالاهتمام والدراسة، فكرة تتوجه إلى ثروة مهملة مهمّشة، لم يفقدنا إياها النظام، القمامة!
نعم، القمامة.
القمامة التي هي جزء من معاناة هذه المناطق المحاصرة، والتي يكلّف جمعها وحرقها مبالغ كبيرة في مناطق يموت أهلها جوعًا، لم لا زلنا نتعامل معها بنفس الطريقة منذ عقود؟
إعادة التدوير التي كانت يومًا ترفًا خاصًّا في الدول المتقدّمة، هي اليوم ضرورة في مناطق حاجتها أكبر بكثير من مواردها، وليس ثمّة طريقة إلا بإعادة تدوير -وتكرير- هذه الموارد، لتسدّ المزيد من الحاجات الآخذة في الاتساع..

لم لا نقوم بحملة توعوية في كافة المناطق حول عزل أنواع المهملات كل على حدة، الزجاج، المعدن، البلاستيك، المواد العضوية، الأوراق، لنستفيد منها كلّها بطرق أكثر جدوى، وتغدو قمامتنا موردًا جديدًا بدل أن تكون عبئًا آخر؟
المواد العضوية تغدو أعلافًا لحيواناتٍ تنفق من قلّة التغذية، الأوراق يمكن تحويلها لورق مقوّى، البلاستيك أيضًا من الممكن صناعة منتجات جديدة منه، المعادن والزجاج كذلك.. لم لا نفكر بهذا المنحى؟
الأمر يستحق الدراسة والبحث، أعداد كبيرة من الشباب من دون علم أو عمل وربّما اضطر أحدهم لحمل السلاح لا عن رغبة ولا عن قوة جسدية، ولكن لأنه لا يرى طريقة أخرى يبرز فيها ذاته ويساهم بها في مجتمعه.
مشاريع مثل هذه يمكن لها أن تشغّل كوادر كبيرة ما بين دراسة وبحث وتجريب وتجهيز وجمع وتصنيع، تحتاج لميزانية بالطبع، لكن الفائدة المرجوّة منها والمردود المادي، البيئي، الحضاري، سيكون أكبر بكثير.
فكرة أخرى يجدر العمل عليها، الاستفادة من الطاقة الشمسية..
تخيّلوا أننا حتى اليوم لا نستفيد من الشمس إلا بتجفيف الملابس والأغذية، رغم قدرتنا على توليد الكهرباء عن طريق أشعتها.. تلك التي لن يملك النظام حجبها عنّا.
بدل المزيد من الرشاوى المدفوعة يوميًّا لحواجز النظام ﻹدخال الوقود والسلع.. دعونا نفكّر بما لدينا.. بالكنوز التي تحت أقدامنا.. وفوق رؤوسنا
ستكون هناك أفكار كثيرة قادرة على مساعدتنا، ربما يصيح البعض متهكّما «هلّا وقتها؟؟»
برأيي أنّه ما من وقت أكثر ملائمة لتطبيقها والبحث حولها، لا خير في أفكار لم تأت لتلبية حاجات المجتمع.
أولم يقولوا، الحاجة أم الاختراع!




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة