أربعة مرتكزات اقتصادية لمنطقة وادي بردى بريف دمشق

احد المنتزهات على أطرف نهر بردى (انترنت)

camera iconاحد المنتزهات على أطرف نهر بردى (انترنت)

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – مراد عبد الجليل

كانت منطقة وادي بردى في ريف دمشق الشمالي الغربي تشكل أهمية كبيرة للاصطياف والسياحة قبل الثورة السورية، نتيجة لطبيعتها وجبالها الخضراء ووقوعها على ضفاف نهر بردى.

ثلاث عشرة قرية تابعة للوادي في قطاع القلمون بالشمال الغربي من العاصمة السورية، تحولت من مقصد آلاف المواطنين الباحثين عن التنزه، إلى ساحة قتال بين فصائل المعارضة السورية وقوات النظام مدعومة بميليشيات حزب الله اللبناني.

واشتهرت هذه القرى خلال العقود الماضية بالسياحة والزراعة وكونها مصدرًا رئيسيًا للمياه، إضافة إلى قربها من الحدود اللبنانية ما جعلها ممرًا لأغلب المواد المهربة التي تدخل إلى دمشق كما يقول محمد إبراهيم، أحد القاطنين في الوادي، لعنب بلدي.

أولًا.. مياه عين الفيجة

تعتبر قرية عين الفيجة من أشهر القرى في الوادي كونها تحوي نبع المياه الرئيسي (نبع عين الفيجة) الذي يغذي أكثر من ستة ملايين مواطن في دمشق وريفها بمياه الشرب.

وتتفاوت غزارة النبع على مدار السنة، إذ يكون في بداية الربيع (آذار ونيسان وأيار) في أوج غزارته، بسبب ذوبان الثلوج على جبال القلمون، التي تعتبر المغذي الرئيسي له.

في آذار 2015 نقلت صحيفة “تشرين” الحكومية عن مصدر في المؤسسة العامة لمياه الشرب في دمشق، أن غزارة المياه في النبع وصلت إلى تسعة أمتار مكعبة في الثانية، وأحيانًا يصل إلى 13 و14 مترًا مكعبًا في نيسان.

وعملت حكومة النظام السوري على حماية مصدر المياه الرئيسي عبر إصدار قانون رقم 10 لعام 1989 من قبل الرئيس حافظ الأسد، تضمن حماية النبع من خلال منع حفر الآبار، ومنع إنشاء محطات وقود حول حرم النبع المباشر، إضافة إلى منع إقامة مكبات قمامة داخل الحرم.

حاجة دمشق للنبع

النبع خرج عن الخدمة خلال الأسابيع الماضية نتيجة المعارك الدائرة في المنطقة، وسط اتهامات متبادلة عن المسؤولية حول تضرر النبع وتفجيره.

وأدى توقف النبع إلى أزمة مياه نادرة في العاصمة، ومعاناة من قبل المواطنين، وخوف من غور مياه النبع التي كانت تغذي دمشق وريفها بـ 300 ألف متر مكعب يوميًا، بحسب مدير مؤسسة المياه والصرف الصحي التابع للنظام، محمد الشياح.

ورغم لجوء حكومة النظام إلى خطة طوارئ واعتمادها على الآبار الاحتياطية وصهاريج من محافظات أخرى لرفد العاصمة بالمياه، إضافة إلى تصريحات المسؤولين بأنه لا توجد أزمة مياه في العاصمة، إلا أنه يظهر من خلال معاناة المواطنين وأصواتهم بأن “دمشق عطشى”، حتى وصلت الحال إلى أن فنادق العاصمة تخيّر النزلاء إن كانوا يريدون حجز الغرفة مع أو بدون ماء.

ثانيًا.. الزراعة محدودة رغم المياه

ورغم غزارة المياه في قرى الوادي إلا أن المحاصيل الزراعية تعتبر قليلة بالمقارنة مع بقية مناطق جبال القلمون، وخاصةً القريبة منها مثل الزبداني وسرغايا المشهورتين بالتفاح.

ويعود ذلك إلى طبيعة المنطقة الجبلية، بحسب محمد إبراهيم، الذي أكد أن المواسم الزراعية بسيطة في المنطقة وخاصة في قرى بسيمة وعين الفيجة، اللتين تعتمدان على السياحة والمنتزهات بشكل رئيسي.

أما مناطق دير مقرن، ودير قانون، وكفير الزيت، وبرهليا، وهريرة، وأفرة، فالزراعة فيها أفضل نسبيًا، إذ تشتهر بزراعة التفاح والتفاح السكري والتين والجوز.

كما شهدت السنوات العشرون الأخيرة هجرة الكثير من شباب قرى الوادي إلى العاصمة دمشق، والتحاقهم بمؤسسات الدولة أو التعليم في الجامعات، ما أدى إلى تراجع اليد العاملة في المنطقة.

ثالثًا.. ازدهار السياحة

وأصبحت القرى خلال العقدين الماضيين مركزًا سياحيًا مهمًا، ومقصدًا للاصطياف لكثير من مواطني العاصمة أو زوارها من البلدان المجاورة وخاصة الخليجية، نتيجة اعتدال مناخها ووفرة مياهها، وجمال طبيعتها.

وانتشرت المنتزهات والشاليهات والمطاعم، خاصة في عين الفيجة وعين الخضرا وبسيمة، نتيجة امتداد هذه القرى على طول نهر بردى، الذي يخترقها قبل وصوله إلى وسط دمشق.

كما انتشرت “المصاطب” السياحية، وهي عبارة عن فسحات صغيرة تتسع لعائلة أو اثنتين بنيت على ضفاف نهر بردى، إضافة إلى الفنادق التي تحقق دخلًا جيدًا لفئة كبيرة من السكان.

لكن خلال سنوات الثورة ونتيجة دخول المنطقة في هدنة مع النظام السوري متزامنة مع حصاره لها، تحولت هذه الشاليهات والمطاعم إلى ملاجئ للعائلات النازحة من أهالي بلدات القلمون المجاورة وأهالي الغوطة الشرقية، كما يقول إبراهيم.

رابعًا.. انتشار التهريب

إلى جانب السياحة ونبع عين الفيجة، انتشرت في قرى الوادي عمليات تهريب واسعة في سنوات ما قبل الثورة، بسبب قربها من الحدود اللبنانية ما جعل منها مركزًا للتهريب من لبنان كتهريب الألبسة والأدوات الكهربائية.

ويعتبر الدخان أشهر أنواع المواد المهربة، بحسب فارس عبد الكريم، صاحب بقالية في دمشق كان يقصد الوادي لشراء الدخان، وأكد عبد الكريم أن 90% من الدخان الذي كان يصل إلى العاصمة قبل الثورة، مهرب من السوق الحرة في لبنان عبر قرى الوادي وخاصة كفير الزيت وبرهليا وهريرة.

وأضاف عبد الكريم أن هذه المناطق كانت الشريان الرئيسي لدمشق بالدخان، وملجأ لكثير من التجار نتيجة دخول المواد عبر الحدود اللبنانية.

وبسبب كميّات التهريب فإن الأسعار في المنطقة كانت منخفضةً عما هي عليه في دمشق، فسعر علبة الدخان الأجنبي أرخص بنحو 25 ليرة، في أغلب الحالات.

الأهمية الأولى لهذه المنطقة هي في مياه النبع الذي تعرض لتدمير مبناه الخارجي، ما يهدد بكارثة مائية قد تصيب ملايين الأشخاص، في ظل تعالي الأصوات في الفترة الماضية من قبل مؤيدي ومعارضي النظام بضرورة تحييد النبع عن العمليات العسكرية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة