معركة الدساتير الكردية في سوريا

tag icon ع ع ع

عمران منصور

أفرزت الثورة السورية في المنطقة الكردية سلطة أمر واقع كردية (منطقة نفوذ عسكرية إلى جانب بقاء سلطة الأسد) وصراعات كردية سياسية، فتحول الصراع الحزبي إلى صراع قانوني وشرعنة لتمثيل الشعب الكردي في سوريا.

بعد ست سنوات، سوريا هي بلد المليشيات والحرب الضروس على المدنيين، حيث دساتير كردية مصاغة بقوالب جاهزة وقواعد قانونية منسوخة دون مرجعية قانونية احترافية ومهنية كاملة، أفرز عنها طرح دساتير ومشاريع فدرالية لا تحمل سوى عناوين إعلامية عريضة وبراقة، تصاحب اسم حزب أو هيئة من طرحها، مفتقرة إلى أدنى قواعد العمل القانوني المهني.

إن إصدار الدساتير دون الالتزام باللوائح التنظيمية الشكلية، كجمعية تأسيسية تمثل الشعب ومنتخبة بطرق ديمقراطية برقابة قضائية، في ظل حريات مصانة ولجان فرعية وشخصيات تملك خبرات متنوعة، واجتماعات علنية بعد إصدارها وثيقة تضم أسس ومبادئ واضحة، يمكن لأفراد المجتمع الاطلاع عليها، كي تمارس مهمة صياغة الدستور، تحقيقًا لفكرة العقد الاجتماعي مؤسسة لسلطة عامة، هذه الشكلية غير متوفرة في ظل الحرب في سوريا، ما يجعل من هذه المشاريع باطلة غير ذات نفع على الصعيد الكردي أو السوري بشكل عام.

وفي حالتنا هذه تخطت الدساتير الكردية الشروط الشكلية، ما جعلها من حيث المبدأ القانوني باطلة.

بدأت في نهاية عام 2013 مع قيام مركز “ياسا” للدراسات والاستشارات القانونية، الكردي في ألمانيا، بإصدار “مشروع دستور إقليم كردستان روجآفا”، من خلال لجنة قانونية مؤلفة من ثمانية شخصيات.

تخطى المشروع أبسط الشروط الواجبة للتطبيق، ضاربًا عرض الحائط أبسط القواعد القانونية، فمارست الشخصيات المعلنة له المراهقة القانونية بمؤتمر صحفي في “هولير”، عندها برز الاستعصاء في العلاقات الكردية وللتراكض والتسابق في تبني الشعب الكردي في سوريا، حيث سارعت سلطة “PYD” إلى الاجتماع في عامودا في هيئتها التشريعية التي أنجبت الطفل المعاق (العقد الاجتماعي).

وتفاقمت الأزمة السياسية عند زرع ثمرة “الأمة الديمقراطية” الدخيلة في إيديولوجيا الكرد النضالية، وكونها سلطة أمر واقع حاولت تكريس طاقاتها لشرعنة وجودها بعد السقطات السياسية المتتالية، فتدخلت القيادة الكردية في كردستان العراق من أجل إحياء اتفاقات (هولير1 و2، ودهوك)، وإيقاف الجدل للمساعدة في استقرار المنطقة، إذ تترافق تلك الأحداث مع الحرب ضد الإرهاب، ولكن لم تلتزم سلطة “PYD” بالتزاماتها ولم تف بما وعدت به.

بعد إقصاء “PYD” من محادثات جنيف، أعلن مشروعه (فدرالية روجآفا- شمال سوريا)، فاشتدّ الصراع السياسي ووصل إلى ذروته، حين أصدر المجلس الوطني الكردي مسودة دستور في 29 كانون الأول 2016، لإدارة مناطق عسكرية لـ “PYD” والنظام، وافتخر الأعضاء بكتاب الدستور بجنسياتهم الغربية وخبراتهم، وبرزت مواده البعيدة عن روح وخصوصية المجتمع الكردي في القواعد القانونية، واخترقت شروط كتابة دستور صدر على عجل.

الشعب الكردي في سوريا ضحية أنظمة دكتاتورية ومعارك الأوقات الضائعة، الكل يسعى لتسجيل نقاط تجعله أقرب إلى الشرعية الدولية في تمثيل الكرد في سوريا، متجاهلين الشعب مانح الشرعية دون وضع أسس قانوينة لتلك الحقيقة التاريخية المسجلة.

كلنا يعلم أنه يلوح شرق جديد بحدود جديدة، وصراعات طويلة بأنظمة وأشكال حكم جديدة، فهل ينعكف الكرد في سوريا إلى وحدة الصف في تمثيل الكرد، بهدف تحقيق وزن للكرد في الأيام القادمة، وهل ستكون هناك أسس قانونية في المستقبل القريب، توثق وتدافع عن تلك الحالة؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة