tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 84 – الأحد 29-9-2013
عمرو السراج
باحث في المركز السوري للدراسات
9
قبل شهر تقريبًا قدمت المعارضة السورية رؤية شاملة لمستقبل الدولة السورية، وهي خطة أعدها عدد من الباحثين السوريين وأشرف عليها بيت الخبرة السوري بمشاركة أكثر من 300 شخصية سورية بينها قيادات سياسية معارضة وعلى رأسها الائتلاف الوطني ومنشقون دبلوماسيون وعسكريون وقيادات في هيئة الأركان والجيش الحر، إلى جانب قضاة ومحامين وأكاديميين وأطباء وعلماء دين ورجال أعمال تواجدوا في ورشات عمل ومؤتمرات استمرت على مدار عام كامل لإنجاز ما سمي «خطة التحول الديمقراطي في سوريا»، والتي تتكون من 250 صفحة مقسمة إلى أحد عشر فصلًا وثلاثة ملاحق.
وقد قدمت الخطة رؤية شاملة لتسعة ملفات أساسية تشكل بنية الدولة السورية، معتبرة أن المرحلة الانتقالية تبدأ فور سقوط رأس النظام الحالي المتمثل برئيس الدولة. وقد دعت الخطة لبناء نظام سياسي جديد يقوده برلمان منتخب قوي يشكل الحكومة، كما دعت لأن يكون منصب الرئيس فخريًا. وفيما يتعلق بالمرحلة الانتقالية التي تلي مباشرة سقوط النظام فقد كانت الخطة مرنة لحد كبير بسبب ضبابية الصورة في المشهد السوري، إذ لا يمكن المراهنة على سيناريو محدد لشكل نهاية الصراع في سوريا، غير أنه أيًا يكن ذلك السيناريو فلا بد من أن يتم تشكيل حكومة وطنية انتقالية مؤقتة فور سقوط النظام؛ بحيث تكون مهمتها الأساسية إدارة الدولة لمرحلة انتقالية مؤقتة لحين انتخاب مجلس تأسيسي، والإشراف على تلك العملية الانتخابية.
كما رأت الخطة أنه لا بد من إنهاء العمل بدستور عام 2012، وبالتالي لا بد من وضع دستور حديث يعبر عن طموحات الشعب السوري في الديمقراطية والحرية والكرامة، وقد دعت الخطة الحكومة الانتقالية فور تشكيلها بأن تعلق العمل بدستور 2012 والعودة مؤقتًا لدستور عام 1950 المعروف بدستور الاستقلال والذي يعد الدستور السوري الوحيد الذي وضع من قبل لجنة منتخبة شعبياً، وهو دستور متقدم في مجال الحقوق والحريات العامة، كما دعت الخطة لأن يتم انتخاب مجلس تأسيسي يناط به وضع دستور جديد يطرح على الاستفتاء الشعبي.
وقد قدمت الخطة نظامًا انتخابيًا جديدًا لانتخاب مجلس يتكون من 290 عضوًا يقوم على النسبية في احتساب النتائج وتكون المنافسة فيه بين قوائم انتخابية مفتوحة تتشكل على أساس حزبي سياسي. وسيساعد النظام النسبي على تطوير الحياة السياسية في سوريا إلى جانب ضمان مشاركة أوسع طيف سياسي ممكن من الشعب السوري وإعطاء فرصة للمكونات والأحزاب الصغرى للمشاركة في صنع القرار وإدارة الدولة. كما يمنح النظام الانتخابي المقترح حصة على أساس الجنس تضمن مشاركة 85 ممثلاً أو ممثلة لكل جنس على الأقل في المجلس التأسيسي، إضافة إلى الدعوة لمنح ذوي الاحتياجات الخاصة نسبة محددة من المقاعد. وقد حددت الخطة برنامجًا متكاملًا لسير العملية الانتخابية. كما دعت لقانون أحزاب جديد وقدمت مقترحًا لشكل هذا القانون، بحيث يضمن نظامًا سياسيًا قائمًا على تعددية حزبية قوية، وأن يحرر العمل الحزبي من القيود الأمنية والقانونية.
ودعت الخطة لمنح استقلالية تامة للسلطة القضائية بحيث يكفلها الدستور ونص قانون السلطة القضائية. كما دعت للإصلاح القانوني السريع بإلغاء جملة من القوانين المخالفة للدستور من قبل الحكومة الانتقالية ومنها قوانين المحاكمات العسكرية وقانون أمن الدولة والقانون 49 وغيرها. كما أولت الخطة اهتمامًا كبيرً بملف العدالة الانتقالية، وقد قدمت الخطة مشروعًا مكونًا من خمس خطوات أساسية، هي معرفة الحقيقة والتعويضات والمحاسبة وإصلاح المؤسسات وإحياء الذكرى، وهو المشروع الذي تتبناه اللجنة التحضيرية للعدالة الانتقالية والتي شارك أعضاؤها في وضع خطة التحول الديمقراطي.
وفي ملف الإصلاح الأمني، دعت الخطة لإعادة هيكلة الأجهزة الأمنية وحصرها في جهازين، أحدهما جهاز الأمن الوطني والذي يتبع بشكل مباشر لرئيس الوزراء وهو جهاز مدني محترف. كما دعت لتشكيل مجلس الأمن الوطني الأعلى والذي يرأسه رئيس الوزراء ويتكون من وزيري الداخلية والدفاع وقائد الجيش ورئيس جهاز الأمن الوطني ومدير قوى الأمن الداخلي. كما دعت الخطة لتشكيل لجان تطهير وتدقيق مستقلة وطنية لتقييم الأجهزة الأمنية وكوادر القوات المسلحة، كما دعت لتشكيل جيش وطني محترف تكون عقيدته الأساسية هي حماية الوطن والمواطنين، وقدمت مفكرتين واحدة حول آليات نزع السلاح من المدنيين والثانية حول تفكيك المليشيات المسلحة وآليات دمجها في الجيش الوطني أو في قوى الأمن.
قدمت الخطة رؤية اقتصادية قائمة على الانفتاح على الأسواق العربية والأجنبية وتحرير السوق السوري من قيود الفساد الإداري والبيرقرطية المعقدة، كما وضعت رؤية شاملة لسوريا مزدهرة ومتقدمة بحلول العام 2040. يذكر أن خطة التحول الديمقراطي في سوريا هي عمل وطني تم بمبادرة من المركز السوري للدراسات السياسية والاستراتيجية.

مقالات متعلقة