سوق الطيور في معرة مصرين قِبلة التجّار و”الحميماتية”

سوق الطيورفي معرة مصرين بإدلب - 27 كانون الثاني 2017 (عنب بلدي)

camera iconسوق الطيورفي معرة مصرين بإدلب - 27 كانون الثاني 2017 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

إدلب – طارق أبو زياد

يشهد يوم الجمعة من كل أسبوع حدثًا استثنائيًا، بالقرب من مدينة معرة مصرين شمال إدلب، حيث يتجمع بائعو الطيور وملحقاتها، مشكلين سوقًا لبيع وشراء الطيور، مستهدفين هواتها بالدرجة الأولى.

ينقسم سوق معرة مصرين إلى قسمين منفصلين بشكل عشوائي، يضم الأول بائعي الدجاج والبط والأرانب، وهو القسم الأصغر في السوق، الذي يعتبر ملحقًا للسوق الرئيسي، والقسم الأكبر هو “سوق الحمام”.

 كش الحمام: هي عملية الإشراف على تحليق الحمام بسرب واحد وفق اتجاهات وطرق يحددها الكشاش“.

ويضم السوق عددًا من السيارات التي تختص ببيع مستلزمات الطيور، كالأقفاص ولواحقها وقطع الزينة، التي يتم إلباسها للطير في قدمه، وغيرها من الإكسسوارات، كما يضم بسطات لبيع الذرة وطعام الطيور، ومكانًا لبيع الأدوية الخاصة ومحفّزات التكاثر وغيرها.

بحلته الشعبية، وازدحام الناس فيه، تجد في السوق أجواءً خاصة تجمع بين الباعة والزبائن، فترى شخصًا يضع تحت إبطه طيرًا من الحمام، وذاك يحمل ديكًا روميًا، وآخر يرمي قليلًا من الذرة الصفراء ليطعم طيوره، وفي الزاوية المقابلة رجل خمسيني يفحص طيرًا قبل شرائه.

استوقفنا العم أبو حيدر، بعد انتهائه من فحص الطير ورميه في القفص بطريقة توضح عدم رغبته بشرائه، وتحدث لعنب بلدي بابتسامة فيها شيء من السعادة لوجوده في السوق، “آتي إلى هنا صباح كل جمعة، وأضع في الطرطيرة (وسيلة نقل صغيرة ذات ثلاث عجلات) قفص حمام لأبيعهم وأستعرضهم أمام أصدقائي”.

وأوضح أبو  حيدر “يضم السوق أنواعًا كثيرة من الحمام ومن الزوار أيضًا، فهناك أناسٌ أتوا من ريف حلب، وغيرهم من ريف حماة، وبالتأكيد سيجدون ضالتهم في حال بحثهم عن طير معين”.

أنواع الحمام والتعامل معها

“بائعو الحمام نوعان، وكل منهم يختص في نوع دون سواه، فهناك حمام مخصص للتربية والتكاثر، وهو من الأنواع المعروفة والمؤصلة بنوعها، ولها أسعارها الخاصة والمرتفعة. وحمام آخر، لا يعرف نوعه كونه من أب وأم مختلفين، أو من الحمام الشارد الذي يوجد في كل مكان، وهو نوع مخصص للكش والذبح، وأسعاره تترواح بين 500 إلى 2000 ليرة سورية”، يوضح أبو حيدر لعنب بلدي.

كما ينقسم السوق إلى نوعين، ورواده إلى قسمين أيضًا، فلكل هوايته ومزاجه الخاص.
خالد الحموي، مربي حمام من النوع المؤصل، يملك في منزله بإدلب مكانًا مخصصًا لتربية الحمام وتكاثرها. يقول لعنب بلدي “أملك قرابة 30 جوزًا من الحمام (ذكر وأنثى من نفس النوع)، وأضع كل جوز منهم في قفص منفصل ليقوما بعملية التكاثر”.

تقتصر هواية خالد على تربية الأنواع المعروفة، التي تملك اسمًا وشكلًا معينًا، لأن سعرها يختلف جذريًا عن “العساكر” (حمام الكش)، مشددًا أنه لا يمارس هواية “الكش”، وهي عملية الإشراف على تحليق الحمام بسرب واحد وفق اتجاهات وطرق يحددها “الكشاش”.

وعن أسباب تعلقه بهذه الهواية، أوضح خالد “الحمام له طابع خاص، وجمال من نوع مختلف، أربي الحمام كوني أحبه وأستمتع بمشاهدته وهو يأكل…  ومن ناحية أخرى هو باب لكسب المال من خلال التجارة به”.

النوع الثاني من مربي الحمام يختلف جذريًا، يقول الحموي، فـ “كشاشو الحمام” يمتلكون أعدادًا كبيرة من الطيور، ويقومون بتطييرها فوق المناطق التي يسكنونها، بطرق وقواعد متعارف عليها، بهدف المباريات والتحدي بين بعضهم البعض.

يعرف الشخص الذي يربي الحمام على أسطحة المنازل بـ “الحميماتي”، وهو “سيئ الصيت” في المجتمع السوري، لأسباب أبرزها وجوده على سطح المنزل لفترات طويلة، والأصوات المزعجة التي تصدر عنه، بالإضافة إلى المشاكل التي تحدث بشكل مستمر بين “زملاء” مهنته بسبب الطيور، والتي تصل إلى المشاجرات.

ولكن مربي الحمام يعتبرون هذا الصيت مجحفًا بحقهم، واعتبر براء حسنين، هو مربّ و”كشاش”، أن “ليس كل مربي الحمام أخلاقهم سيئة وأفعالهم بشعة، وأن قواعد التربية لو تم احترامها لا تؤدي لأي مشكلة، لكن هناك بعض الحميماتية لهم تصرفات تمثل أشخاصهم، ولا تمثل مربي الحمام بشكل عام”.
يقول حسنين لعنب بلدي إن الأجواء الحماسية بين زملائه لها طابع خاص وقواعد صارمة، فمثلًا استدراج أحد “الكشاشين” طائرًا لكشاش آخر نحو سطح بيته، ووضعه بين طيوره، أمر “ليس بسيطًا”، وعندها يحتاج إلى “فكاكه”، و”الفكاك” هو مقابل مادي لقاء استرداد الطائر.

أسعار بعض أنواع الحمام بـ الجوز

سواعي- مجاري

1000- 1500 دولار أمريكي

مسيويد

500- 1900 دولار أمريكي

بالونيات

50- 200 دولار أمريكي

شخاشرة

20- 150 دولارًا أمريكيًا

عباسيات

30- 180 دولارًا أمريكيًا

تجارة داخلية.. استيراد وتصدير

وعن الجانب التجاري في مهنة تربية الحمام، أوضح  محمد أبو العيون، تاجر الطيور في معرة مصرين، أن تربية الحمام بالنسبة له مهنة لا هواية، وأضاف “تجارة الحمام رابحة، لكنها تحتاج لكثير من العناية والمعرفة بالأنواع والأمراض، والاطلاع التام على الأسعار ومتابعتها”.

وأشار أبو العيون إلى أن تجارة الحمام لا تقتصر على المناطق الداخلية في سوريا، بل تمتد على “المستوى الدولي”، حسب قوله، إذ إن هناك بعض الأنواع الموجودة في سوريا يقل وجودها في تركيا، ما يجعل سعرها مرتفعًا بشكل أكبر، وهنا تتم عملية تهريب هذه الأنواع عبر الحدود التركية، مضيفًا “قبيل الثورة، كنت أذهب إلى لبنان بشكل دوري، لشراء الطيور الرخيصة هناك، والتي يرتفع ثمنها في سوريا”.

تربية الحمام بأشكالها، هي أكثر الأنواع الرائجة لاقتناء الحيوانات والطيور في سوريا، وفقًا لمن تحدثت معهم عنب بلدي، وتنتشر في معظم المحافظات السورية منذ قرون طويلة، تعود إلى العصر المملوكي بحسب باحثين، ورغم أن الحرب حدّت من انتشارها، إلا أنها لم تقضِ عليها، كحال بعض المهن والهوايات التي اندثرت في المدن المنكوبة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة