التبول اللاإرادي عند الأطفال.. ودور الأهل في حل المشكلة

tag icon ع ع ع

أسماء رشدي

تختلف قدرة الأطفال وأساليبهم للتعبير عن أحاسيسهم عن تلك عند الأكبر سنًا، فقد يظهرون أنهم غير سعداء، أو أنهم بحاجة للمساعدة بخصوص مسألة معينة من خلال أعراض تجذب انتباه الأهل واهتمامهم. وواحد من أكثر الاضطرابات شيوعًا هو التبول اللاإرادي الذي قد يصيب الأطفال الذين تعرضوا لضغوط نفسية خلال الحرب والنزاعات؛ معايشة القصف المستمر، واقتحام المنازل أو مشاهدة حالات الاعتقال، خصوصًا أحد أفراد العائلة، ومشاهدة عمليات القتل أو الجثث…

كلها عوامل تدفع الطفل إلى التبول اللاإرادي، وإن كان قد اعتاد التحكم بعملية التبول، ولم يعاني من هذه المشكلة لفترة تزيد عن أشهر.

تنعكس آثار هذه المشكلة على نفسية الطفل الذي يصاب بالخجل أمام الآخرين، ويتملكه شعور بالنقص، ورغبة بالانطواء، كما يميل للعناد والتخريب وسرعة الغضب؛ وتتعدى انعكاسات هذه المشكلة الطفل، فهي تمتد إلى أفراد الأسرة، إذ تصيب الوالدين بشعور من الاحباط.

أما الخطأ الأكبر الذي قد يرتكبه الأهل هو عدم الاكتراث لهذه المشكلة لاعتقادهم أنها ظاهرة عارضة ستزول مع تقدم الطفل بالعمر، أو مع انتهاء الظروف التي سببتها، كالإفراج عن والده المعتقل مثلًا.

مساعدة الطفل لتخطي هذه الحالة تقع على عاتق الأهل بشكل أساسي؛ إذ يتوجب عليهم التأكد من سلامة الطفل عضويًا من خلال عرضه على أخصائي، إضافة إلى عدد من الممارسات تتمثل في:

• توفير جو أسري هادئ، وحل مشكلاتهم العالقة وإنهاء المشاحنات والمشاجرات بعيدًا عن الطفل.

• تجنيب الطفل الصدمات النفسية والأخبار المزعجة بإبقائه بعيدًا عن أجواء النزاع قدر المستطاع، وصرف انتباهه عنها ونقل تركيزه إلى الأشياء المحببة خصوصًا قبل النوم من خلال قراءة القصص مثلُا.

• امتناع الأهل عن معاقبة الطفل أو توبيخه أمام الآخرين، والاستعاضة عن التوبيخ بشرح طبيعة المشكلة للطفل بأنها قد تصيب الأطفال أحيانًا ويمكن التغلب عليها.

• إيقاظ الطفل عدة مرات ليلاً خلال نومه للتبول في أوقات ثابتة كنوع من تدريب الطفل على حبس البول وتنظيم عمل المثانة.

• تشجيع الطفل على تغيير ملابسه وفراشه المبلل بنفسه حتى يشعر بالمسؤولية تجاه ما يحدث.

• عدم السماح لإخوته بالسخرية منه وعدم مقارنته بهم لأن ذلك قد يؤذيه ويجعل وضعه أسوأ.

كما يمكن أن يلجأ الأهل لتشجيع الطفل على تجاوز مشكلة التبول اللاإرادي من خلال جدول شهري، توضع عليه نجوم بلون الطفل المفضل على الأيام التي استطاع التحكم فيها بتبوله، يمكن للطفل أن يملأه بنفسه أو المساعدة بذلك، ويمكن إضافة ملاحظات عن الأيام التي بلل نفسه بها مثل «قام بترتيب أغطية السرير»، أو «غسل ثيابه بنفسه». إضافة إلى ذلك على الأهل تقديم مكافآت مادية فورية ويومية خلال الأسبوع الأول، وبالتناوب خلال الأسبوع الثاني، ويتم تخفيفها تدريجيًا حتى يتوقف الدعم المادي، مع ضرورة الاستمرار بالتشجيع المتواصل والدعم النفسي، كالخروج في نزهة مثلًا. وعلى الأهل ادراك أن الطفل قد ينجح في بعض الليالي وقد يفشل في أخرى، المهم هو عدم اليأس والمثابرة في تشجيعه.

وأخيرًا، يبقى من المهم التأكد من سلامة الطفل عضويًا ومن متابعة العلاج الدوائي في حال دعت الحاجة؛ وتبقى مساعدة الطفل لتخطي هذه الحالة أمرًا مهمًا لإبعاد الضغوط النفسية عن الطفل والمهددة بفقدانه الثقة بنفسه، وحتى يتمكن الطفل من التخلص من القلق والشعور بالنقص والذنب، وليتمكن من تغيير مفهومه عن نفسه، وهي أمر يقع على عاتق الأهل بالدرجة الأولى.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة