فقدان الحليب يهدد شريحة كبيرة من أطفال المناطق المحررة

tag icon ع ع ع

محمد صافي – حماه

حيث لم يتبقَ من الطفولة سوى اسمها، تبرز مشكلة حليب الأطفال لتزيد فصلاً آخر إلى حكاية المعاناة التي يعيشها أهالي الريف الحموي.

حليب الأطفال من أكثر المواد التي تأثرت بظروف الثورة السورية، رغم أهميتها عند كل أسرة، ومع ازدياد عمر الثورة أصبح خطر فقدان الحليب يهدد شريحة لا بأس بها من الأطفال في المناطق المحررة .

منذ سنتين حين بدأ الثوار تحرير ريف حماة انقطع حليب الأطفال عن بلدات وقرى الريف، وأصبح اعتماد الأهالي في تأمينه على الجمعيات الإغاثية أو الخيرية، أو شراء الحليب المهرب من داخل المناطق التي يسيطر عليها النظام بأسعار مضاعفة عن سعره الحقيقي، إذ تباع العلبة في المناطق المسيطر عليها من قبل الأسد بـ 700 إلى 900 ليرة، بينما يصل سعرها في المناطق التي يسيطر عليها الجيش الحر ما بين 1100 إلى 1600.

أمير الحموي من تنسيقية مدينة كفرزيتا يتحدث لعنب بلدي: «حليب الأطفال منقطع عن مدينة كفرزيتا منذ تحرير المدينة، وتقوم الجمعيات بتوزيع علبة كل أسبوع لكل طفل ولكن بشكل غير مستمر»، مشيرًا إلى  أن عدد أطفال البلدة المحتاجين لحليب الأطفال حوالي 1300 طفل.

ويضيف أمير بأن حال كفرزيتا كحال اللطامنة وحلفايا وطيبة الأمام وجميع بلدات الريف الحموي، إلا أن لبلدة كرناز الواقعة بالريف الشمالي لحماة النصيب الأكبر لأن الحصار المطبق عليها من حواجز الأسد تمنع الجمعيات الإغاثية من الوصول إليها، وهو ما جعل الحليب فيها في «حالة انعدام شبه تام».

بدوره يتحدث الدكتور أبو نواف مدير «مكتب الطفل السوري» لعنب بلدي عن الدراسة التي أجراها المكتب حول نتائج نقص الحليب الذي يعدّ الغذاء الأساسي للطفل من عمر يوم حتى سنتين وكانت النتائج، ظهور حالات نقص الوزن وتأخر النمو بالإضافة إلى انتشار مرض الكساح بشكل خطير؛ وتعتبر هذه العلامات من أعراض مرض سوء التغذية بدرجاته المختلفة.

ويردف الدكتور بأن تغذية الطفل عملية حساسة جدًا، كما أن تبديل نوع الغذاء لأكثر من مرة خلال فترة قصيرة له آثار سلبية، فاضطرار الأهل إلى تبديل نوع الحليب أو حتى الشركة المصنعة بشكل مستمر، يؤدي دومًا إلى أمراض معوية في الجهاز الهضمي الحساس جداً لدى الطفل، ومن شأن ذلك التأثير على الطبقة المخاطية والمصلية في أمعاء الطفل أن يترك آثارًا خطيرة تتمثل بانخفاض معدل امتصاص الغذاء والاستفادة منه إلى نسبة تصل حتى 35 % من النسبة الطبيعية.

وفي الدراسة التي أجراها المكتب لاحظ الفريق انتشار أنواع عديدة من منتج حليب الأطفال بعضها منتهي الصلاحية وبعضها  غير مناسب من الناحية الغذائية خصوصًا في المخيمات الخارجية، كما انتشرت ظاهرة المصدر المجهول إذ أن قسمًا كبيرًا من هذه المنتجات تملك آثارًا سليبة ذات مدى تراكمي تظهر آثارها خلال مرحلة البلوغ.

حيث يعد عدم توازن الخلطة وافتقارها للإضافات الأساسية من فيتامينات وأحماض أمينية وعناصر معدنية هو الميزة الأساسية لهذه المنتجات التي تعطى لأطفالنا بلا حسيب ولا رقيب وبدون ضوابط جودة أو معايير صحية .

وكحل للمشكلة المتفاقمة قام «مكتب الطفل السوري» بإنشاء معمل لحليب الأطفال والذي يعتبر من أضخم المشاريع الإغاثية على مستوى سوريا، وقد باشرت الفرق المتخصصة في المكتب في وضع اللمسات الأخيرة على المشروع والذي سينطلق قريبًا وفقًا للدكتور أبو نواف، الذي أكدّ أن المعمل قام بإنتاج كميات قليلة من الحليب وتم اختبارها على عينة تقدر بـ 100 طفل وكانت النتائج «ممتازة ومبشرة» .

يختتم د. أبو نواف حديثه: «نأمل بأن يستطيع المعمل تغطية كامل الأراضي المحررة، آملين برسم البسمة والفرحة على وجه أطفال سوريا جميعًا».




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة