tag icon ع ع ع

عنب بلدي – خلود حلمي

بعد أن اجتاحت موجة البرد «أليكسا» سوريا والدول المجاورة، ازدادت حياة النازحين واللاجئين بؤسًا فوق بؤس، فالأوضاع المعيشية قاسية جدًا وكذلك الظروف الاقتصادية. وكانت موجة البرد والثلج التي استمرت لمدة أربعة أيام كفيلة بقتل عشرات الأطفال وإذاقة مئات الآلاف ممن فقدوا بيوتهم واضطروا لترك مناطقهم واللجوء لمدن ودول الجوار.

وذكر مراسل عنب بلدي عبد الرحيم تخوبي أن أوضاع اللاجئين السوريين في مخيمات إقليم كردستان العراق ازدادت بسبب الظروف المناخية القاسية التي تمر بها المنطقة، حيث يمضي الآلاف من اللاجئين يومهم في المخيمات تحت الأمطار والثلوج. وقال بأن الأوضاع الإنسانية صعبة للغاية، حيث تفتقر المخيمات للخدمات الأساسية من الطعام والتدفئة والماء والأغطية ويضطر الكثيرون لحرق الأخشاب و»الكراتين» أو الإطارات وقد تصل لدرجة حرق الملابس القديمة مما قد يشكل خطرًا على الصحة الشخصية والعامة إلى جانب سوء الطرق داخل المخيمات الكبيرة مثل مخيم دوميز، فغالبية هذه الطرق غير معبدة، وبالتالي تحولت لبرك مليئة بالماء غير النظيف والذي يهدد حياة اللاجئين الذين قد يضطرون كثيرًا لاستخدامها. ويخشى من سقوط بعض الخيم على رؤوس ساكنيها مما يدفع بالكثير من اللاجئين غلى تنظيف سقوف الخيم من الثلج والمياه خشية سقوطها أو تسرّب المياه لداخل الخيمة وهذا الذي يعجز عنه الكثير منهم وخصوصًا النساء والشيوخ.

وأكدت شيرين أحمد، وهي لاجئة سورية بمخيم دوميز، بأن الوضع في مخيم (دوميز) للاجئين صعب جدًا وأن المخيم يمتلئ بالوحل والطين ولا يستطيعون الخروج من خيامهم في أيام المطر بسبب صعوبة التنقل بين الخيم، وذكرت بأن منظمة اللاجئين هناك تقوم بتقديم مدافئ كاز للقاطنين في المخيم وكذلك تتكفل بتقديم 200 لتر كاز لكل «فورمة» أي عائلة، ولكنهما أكدت أن هذه المدافئ لا تدفئهم كثيرًا في خيام تضربها الرياح.

وأكد نياز نوري، الإداري في مخيم دوميز، أنّه تم تزويد الخيم بقواعد حديدية وبأغطية من النايلون لدرء ترشح المياه لداخل الخيمة وأشار إلى أنّه تمّ توزيع بعض البطانيات والمدافئ على اللاجئين.

ويذكر أنّه يعيش ما يقارب 230 ألف نازح سوري في عشرة مخيمات موزعة في محافظات الإقليم، والذي دخل الكثير منهم للإقليم إثر الموجة الكبيرة للنزوح في 15-8-2013 بعد فتح معبر سيمالكا الذي يربط منطقة الجزيرة مع إقليم كردستان العراق وتقدّم لهم الأمم المتحدة قسائم غذائية بمبلغ 31 دولار لكل فرد شهريًا.

ويدفع الأطفال الثمن الأكبر من هذه المعاناة حيث البرد مع الجوع، ليتحول الثلج بلونه الأبيض إلى مأساة على المخيم، وقد يدفع طفل ما حياته ثمنا لها، كما حدث في مخيمات لبنان وحلب والرستن. وذكر سلام الحداد، المدير التنفيذي لمجموعة همّة التّطوعية العاملة في عدد من دول الجوار، أن مشكلة أسلاك الكهرباء في مخيم الزعتري أن الثلاثاء تعرض طفل في الثانية من عمره لصعقة كهربائية عندما غفلت عنه والدته قليلًا وخرج من الكرفان ووجده أحد الأشخاص «جامد بالأرض ولا يتحرك» فاقترب منه ليجد بجانبه سلك كهرباء وقد تحول لون الطفل إلى الأزرق. وأكد سلام أن أسلاك الكهرباء نوعها سيء جدًا ولا تقاوم الظروف الجوية.

وذكر سلام أن المناطق التي تضررت من الأمطار هي المناطق المنخفضة بسبب تجمع المياه فيها حيث يكون تجمع المياه أعلى من ارتفاع أرضية الخيمة وتتسرب المياه إلى الخيم وبعض الكرفانات تعاني من تسرب المياه من السقف لداخل الكرفان مع أنه تم توزيع شوادر لتغطية سقف الكرفان ولكن بعض الكرفانات سقفها أكبر من الشادر. بالنسبة للتدفئة فهي على غازات الطبخ مع عدم توفر غاز بشكل دائم وقامت بعض العائلات بثقب علب السمن الفراغة ويضعونها فوق الغاز كي يتوزع الدفء أكثر. ولم يتم تسليم مدافئ منذ شهر شباط الماضي وتم توزيع بعض حقائب الثياب وبطانيات خفيفة لا تقي برد والمساعدات لا تفي بحجم الحاجة لها.

وأكدت وكالة سمارت للأنباء أن نازحة مسنة قضت الأربعاء إثر انهيار ثلاث خيم في مخيم الجولان بريف إدلب، جراء العاصفة الثلجية التي ضربت المنطقة، ويفتقر المخيم الذي يضم نحو 300 خيمة لأدنى مقومات الحياة، في حين أكدت منظمات إنسانية إنها ستزود المخيم بمدافئ في الأيام القليلة القادمة.

ويعيش نازحو مخيم باب الهوى أوضاعًا متردية وأجبر النازحون على قطع الأشجار واستخدامها في التدفئة لعدم توفر المحروقات إضافة إلى وجود نقص كبير في المواد الغذائية الضرورية داخل المخيم الذي يعاني نقصًا في المواد الغذائية بسبب إغلاق معبر باب الهوى إثر الاشتباكات التي دارت بين كتائب الجيش الحر مؤخرًا.

هذا وقد نقلت منظمة «الهلال الأحمر»، العاملة في مدينة منبج بريف حلب، لاجئين من مخيم «حاج عابدين» إلى عدد من المدارس في المدينة، وذلك بسبب الظروف الجوية القاسية، في ظل غياب وسائل التدفئة في المخيم المذكور.

أما مخيم النصر القريب من مخيم أطمة فيعاني النازحون هناك من ظروف معيشية سيئة حيث قال مراسلنا هناك أن نوعية الخيام سيئة جدًا وأن المخيم أقيم على أرض شديدة الانحدار، إذ انفصل المخيم تمامًا عن العالم الخارجي بسبب صعوبة الخروج أو الدخول للمخيم ولم تزرهم أية منظمات طبية أو إغاثية منذ زمن بعيد. وتجاوز سعر أسطوانة الغاز، إن توفر، 3500 ليرة سورية، والمياه ملوثة بسبب وجود مصفاة نفط بدائية بالقرب من البئر الوحيد لمياه الشرب الذي يروي المخيم. كما انقطع الخبز طوال فترة العاصفة ومرض العديد من الأطفال بسبب سوء الخدمات الصحية والطبية وعدم وجود مواد للتدفئة سواء من مشتقات النفط أو الحطب وقام اللاجئون بقطع شجر الزيتون للتدفئة. وقال أن المساعدات تتم سرقتها وبيعها في الأسواق ويقوم أحد قادة الكتائب بالضغط على المخيم والتحكم بالمساعدات التي تدخل إليه. وذكر أن أصحاب الخيم يقومون بدفع أجرة خيامهم لصاحب الأرض التي أنشئ عليها المخيم.

وفي مخيم أكتشاكاله في تركيا، ذكر مراسل عنب بلدي هناك أن وضع المخيم طبيعي وأن الناس لم تعش المعاناة التي يعيشها اللاجئون داخل المخيمات في الدول المجاورة. وذكر أن الأطفال كانوا فرحين بهطول الثلج وأن سلطات المخيم قامت بتوزيع بطانيات سميكة وخفيفة على كل عائلة بسبب الظروف الاستثنائية لموجة البرد.

وفي مخيم عرسال، توفي طفلين على الأقل بسبب موجة البرد التي ضربت المنطقة وقالت مراسلة عنب بلدي هناك أن النساء تقوم بتنظيف الصحون خارج الخيام وتحت الثلوج والمياه تتسرب إلى داخل الخيام. وعند سؤالها لبعض النشوة هناك عما ينقصهم، تردد الكثيرون في الإجابة أو الحديث معها ولكن الجملة التي سمعتها: «نحن بحاجة دفء أولاً وأخيرًا في هذه الظروف».

من جهته وجّه الائتلاف نداءً للمجتمع الدولي لتحمل مسؤولياته تجاه اللاجئين السوريين في الدول المجاورة، وقال الناطق باسم الائتلاف بأنّ الإمكانيات الاقتصادية للائتلاف لا تكفي لحلّ كافة المشكلات التي يعاني السوريون منها، لذا لابدّ من موقف عربي وإقليمي جاد تجاه العاصفة الثلجية والبرد القارس الذي يهدد اللاجئين.

مقالات متعلقة