هل تتجاوز الأردن الحدود السورية وتعلن عن “درع اليرموك”؟

مقاتل سوري من "جيش العشائر" يصافح جنديًا أردنيًا على الشريط الحدودي عند مخيم الركبان - 14 شباط 2017 (AP)

camera iconمقاتل سوري من "جيش العشائر" يصافح جنديًا أردنيًا على الشريط الحدودي عند مخيم الركبان - 14 شباط 2017 (AP)

tag icon ع ع ع

 عنب بلدي – درعا

“درع اليرموك” هو الاسم الذي توقّعه كثير من المحليين والناشطين لحملة عسكرية مفترضة، تدخل من خلالها القوات الأردنية العسكرية، إلى الداخل السوري، على غرار ما فعلته نظيرتها التركية، في الريف الشرقي الشمالي لمحافظة حلب، ضمن عملية “درع الفرات”، تحت أهداف معلنة وهي قتال تنظيم “الدولة الإسلامية”.

وبين سيل من التكهنات والتحليلات السياسية والعسكرية، ومع كل لقاء أو تصريح لمسؤول أردني، تزداد الإشاعات في الداخل السوري أكثر فأكثر، فالتدخل الأردني المفترض، يعني محافظة درعا بشكل مباشر، فهي صاحبة الحدود الاستراتيجية مع الأردن، وصاحبة المعبرين الحدوديين الوحيدين معها، وكذلك هي المعنية بوجود جيش “خالد بن الوليد”، المتهم بمبايعة تنظيم “الدولة الإسلامية”، في ريفها الغربي وبشكل متاخم للحدود الأردنية، فهل من الممكن أن تجد هذه الحملة (المفترضة) طريقها إلى أرض الواقع فعلًا؟ أم أنها مجرد تكهنات وتحليلات لا أكثر؟

البداية من تحالف جيش خالد

منذ عام تقريبًا، دخل الصراع في ريف درعا الغربي مرحلة مختلفة، بعد أن كانت المعارك، لأكثر من عام ونصف، مقتصرة على لواء “شهداء اليرموك” من طرف، وجبهة النصرة سابقًا وحركة أحرار الشام من طرف آخر، حتى شهد الصراع دخول “حركة المثنى الإسلامية” إلى جانب لواء “شهداء اليرموك”، ليشكل الفصيلان ما بات يعرف اليوم بجيش “خالد بن الوليد”، الذي اتخذ من حوض اليرموك معقلًا له.

ورغم حصار فصائل المعارضة لجيش خالد وشنها أكثر من معركة بهدف القضاء عليه، إلا أنها فشلت لأسباب مختلفة، بل انقلبت موازين القوة فجأة، بعدما شنّ مقاتلو جيش خالد هجومًا مفاجئًا في أواخر شباط من العام الجاري، بسط من خلاله سيطرته على مناطق جديدة، واغتنم كميات كبيرة من الأسلحة، كما تسبب بمقتل العشرات من مقاتلي فصائل المعارضة، لتكشف الوقائع عن تطور كبير في قدرات جيش خالد، على المستوى العسكري والتنظيمي والإعلامي، فأصبح يعتبر ذراعًا ضاربة لتنظيم “الدولة الإسلامية” في الجنوب السوري، وليس مجرد تجمع عسكري صغير ومحاصر.

شجّع هذا التطور الملحوظ، الكثير من المحللين والمراقبين، على ترجيح فرضية التدخل الأردني المباشر لمحاربة جيش خالد، الذي يكن العداء بشكل صريح للسلطات الأردنية، قبل أن تتنامى قدراته العسكرية أكثر فأكثر، في ظل فشل فصائل المعارضة في احتوائه وهزيمته.

قيادي في الحر“: فرضية إعلامية

عنب بلدي تحدثت إلى قيادي عسكري في إحدى فصائل الجبهة الجنوبية، المشاركة في قتال “جيش خالد”، حيث اعتبر أن الحديث عن تدخل أردني مباشر “فرضية إعلامية”، موضحًا “ليست الأردن بحاجة لقوات عسكرية برية للدخول لقتال جيش خالد. فصائل الجيش الحر قادرة لوحدها على خوض هذه المعركة”.

واعتبر القيادي أن السبب الحقيقي وراء فشل فصائل “الجيش الحر” في إنهاء جيش خالد طوال الفترة الماضية هو غياب هذه الإرادة لدى الفصائل نفسها، “الكثير من الفصائل متقاعسة عن المعركة لأسباب كثيرة، وعندما تتوحد هذه الفصائل جميعها، فهي تمتلك قوة كافية للقضاء على جيش خالد”.

لكن القيادي لم ينفِ احتمالية دخول الأردن إلى خط المواجهة بهدف إنهاء الحرب بشكل سريع، “ربما نشهد تقديم غطاء جوي أردني لمساعدة الفصائل، ولا نستبعد أن تقوم الأردن بإدخال عدد من مقاتلي الجيش الحر عن طريق الحدود الأردنية، بهدف فتح محاور هجوم إضافية على حوض اليرموك”، ولكن بحسب المصدر فهذه تبقى فرضيات، يتداولها الإعلام فقط.

جيش خالد“: القتال حتى الموت

على الجانب الآخر، يبدو أن صدى هذه الإشاعات لقي جوابًا لدى مقاتلي جيش خالد، فقد أعلن الفصيل بلدة القصير، الواقعة على الحدود الأردنية منطقة عسكرية وأخلاها من المدنيين، كما بات يعتمد أسلوب التمويه لتفادي الطيران، وذلك بحسب ما تحدث “أبو عمر”، مراسل وكالة يرموك الإخبارية العاملة في حوض اليرموك سابقًا، في حديثٍ إلى عنب بلدي.

واعتبر المراسل أن الحصار الذي يعاني منه “جيش خالد” قد يكون أحد أكبر مخاوف الأردن من التدخل العسكري المباشر، موضحًا “لا يوجد لمقاتلي جيش خالد أي طريق للانسحاب لمناطق سيطرة تنظيم “الدولة”، ولذلك هم يتجهزون للقتال حتى الموت، وهو ما يصعب مهمة أي قوات تريد الهجوم”، مستبعدًا فرضية دخول قوات برية أردنية، “علينا ألا ننسى أن المنطقة تشهد تداخل كبير جدًا للقوات، حيث تعمل فصائل الجيش الحر وهيئة تحرير الشام وجيش خالد وقوات النظام، وجميع هؤلاء ينشطون في مناطق متداخلة”، وهذا ما يعتبر أبرز اختلاف لحالة الجنوب السوري عن حالة “درع الفرات” عندما دخلت تركيا إلى منطقة واضحة المساحة وواضحة القوات.

بعد دخول الثورة السورية عامها السابع، وبعد ما شهدته هذه الأعوام من صراعات على الخريطة بين الألوان المختلفة، بات واضحًا أن المرحلة الحالية هي مرحلة تقاسم الكعكة، لتتسارع الدول المختلفة للزج بقواتها بريًا لتثبيت مكان لها في سوريا التي مازال مستقبلها مجهولًا، فأمريكا ثبتت مكانها إلى جانب الوحدات الكردية، وتركيا إلى جانب الجيش الحر شمالًا، وروسيا وإيران إلى جانب قوات الأسد، والفترة المقبلة ستوضح ما إذا كانت المنطقة الجنوبية ستبقى خارج دائرة الحصص والتقاسم أم لا.

 

معركة أمريكيةبريطانية تمتد من درعا إلى البوكمال

أفادت مصادر مطلعة أن معركة قد تشهدها سوريا في الأسابيع المقبلة، تستهدف طرد “جيش خالد بن الوليد” من درعا، وتنظيم “الدولة الإسلامية” من البادية السورية، وصولًا إلى البوكمال شرق دير الزور.

وذكر مصدر في “الجيش الحر” في درعا أن العملية ستكون بإشراف غرفة عمليات “العزم الصلب”، التي تديرها الولايات المتحدة وبريطانيا، إلى جانب دخول الأردن بشكل واضح في العمليات.

وأوضح المصدر لعنب بلدي أن الهجوم سيتركز من محورين، الأول في ريف درعا الغربي، ويهدف للقضاء كليًا على “جيش خالد” المتمركز في حوض اليرموك، والثاني انطلاقًا من مركز التنف الحدودي باتجاه البوكمال.

وأشار المصدر إلى أن قوات “العزم الصلب” ستكلف بتقديم غطاء جوي لقوات “الجيش الحر” في “الجبهة الجنوبية” في درعا، وهو ما سينطبق على فصائل أخرى في البادية السورية، أبرزها “جيش العشائر”، و”جيش أسود الشرقية”، و”جيش مغاوير الثورة”.

صحيفة “العربي الجديد” أشارت، الخميس 13 نيسان، إلى أن الأردن استدعت قادة من الفصائل المقاتلة في “الجبهة الجنوبية”، وعقدت اجتماعات معهم في غرفة عمليات “الموك”، لتقييم الوضع الميداني، والوقوف على حاجتهم من السلاح، تمهيدًا للعملية العسكرية.

شهود عيان في مخيم “الركبان” الواقع قرب “التنف”، أكدوا لعنب بلدي انتشار عربات عسكرية أمريكية وبريطانية في الآونة الأخيرة، ولا سيما عربات “الهمفي” والمدرعات، في قاعدة التنف.

وكالة “رويترز” كانت قد نقلت عن مصدر استخباراتي غربي، قوله إن “قوات خاصة أمريكية وبريطانية توسع قاعدة التنف، لاستخدامها كنقطة انطلاق رئيسية، لعمليات نوعية في الأشهر المقبلة لطرد المتشددين من البوكمال”.

الصفحة غير الرسمية لقاعدة “حميميم” الجوية، والتي يديرها متطوعون روس، عبر “فيس بوك”، حذرت أمس من تحركات عسكرية وصفتها بـ “المريبة” في الجنوب السوري انطلاقًا من الأردن، مؤكدة أنها مشتركة مع قوات غربية تسعى لتحقيق مكاسب في المنطقة.

وسيطر “الجيش الحر” بدعم من التحالف الدولي على معبر التنف الحدودي مع الأردن في آذار 2016، وحوى منذ ذلك الوقت قاعدة عسكرية، أصبحت منطلقًا للعمليات العسكرية ضد التنظيم في البادية السورية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة