رياض درار لعنب بلدي: بإمكاننا تشكيل جيش وطني

حراكٌ سياسيٌ وإداريٌ يسبق معركة دير الزور

طفل مع مقاتل حي الشيخ ياسين في دير الزور - 2013 (عنب بلدي)

camera iconطفل مع مقاتل حي الشيخ ياسين في دير الزور - 2013 (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

أورفة ـ برهان عثمان

تستحوذ التحركات العسكرية والزحف إلى دير الزور على الأخبار في وسائل الإعلام، في وقت تزداد فيه التحركات السياسية والإدارية خارج حدود المحافظة، من عدة أطراف تتصارع ليكون لها حصةٌ في إدارة المحافظة وإمساك زمامها بعد السيطرة عليها.

عنب بلدي تحدثت إلى رياض درار، ابن مدينة دير الزور ورئيس “مجلس سوريا الديمقراطية”، ورأى أن جميع القوى تضع المحافظة نصب أعينها، فهي خزان نفط وغاز ومركز إنتاج زراعي وحيواني كبير، إضافة إلى كونها عقدة مواصلات مهمة بين محافظات سوريا.

“ستكون المحافظة الميدان الأخير للمواجهة مع تنظيم الدولة”، وفق درار، الذي أوضح أن “محاولات قوات الأسد التي تسعى إلى التقدم من البادية، يقابلها تنافس بين الأمريكيين والروس، وربما يدفع ذلك إلى اتفاق كما حصل في الجنوب، فالهدف الأمريكي يكمن في منع التمدد الإيراني في المنطقة، وللروس مصلحة في ذلك”.

وتشهد المحافظة سباقًا محمومًا من قوىً مختلفة للسيطرة عليها، فإلى جانب تحرك قوات الأسد والميليشيات المساندة لها من ثلاثة محاور بغطاء جوي روسي، تتجهز فصائل “الجيش الحر” في الحسكة (الشدادي) والبادية، إلى جانب مئات المقاتلين المحليين للتقدم نحو الميادين، كما تضع “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المحافظة نصب أعينها.

إمكانية لتشكيل “جيش وطني”

لم يُشكّل أبناء دير الزور قوة عسكرية مؤهلة وقادرة على إخضاع المحافظة لسيطرتها، وبحسب رئيس المجلس، فإن ذلك يترافق مع “غياب المجلس المدني القادر على استيعاب التطورات، فمازالت العقلية نمطية ومتأثرة بشعارات تجاوزتها التطورات السياسية، والعسكرية، كما أن الداعمين يتاجرون بدم أبناء المدينة”.

رياض درار رئيس ”مجلس سوريا الديمقراطية“

رياض درار رئيس ”مجلس سوريا الديمقراطية“

ولا يرغب “مجلس سوريا الديمقراطية” بعودة دير الزور إلى “حضن النظام”، كما يقول درار، مشيرًا إلى إمكانية “دعم أي قوة من أبناء المدينة لاستعادتها وإدارتها ذاتيًا، كجزء من نظام الدولة الفيدرالي الذي يؤسس لحكم لامركزي في البلاد”.

سيطرة النظام على دير الزور “تعني فشل الثورة”، وفق تعبير درار، الذي أكد أن التفاهم مع “جيش مغاوير الثورة”، الذي يتفاوض مع “التحالف الدولي” للانتقال إلى الشدادي، “لم يصل إلى نتيجة، لأنهم يريدون معركة التحرير بمفردهم مع توجيه تهم غير مبررة لـ (قوات سوريا الديمقراطية)، التي حررت الشدادي من داعش”.

وفي حديثٍ سابق لقائد “مغاوير الثورة”، مهند الطلاع، إلى عنب بلدي، أكّد التفاوض مع التحالف للانتقال إلى الشدادي والمشاركة في معركة دير الزور، لكن دون الانضواء تحت مظلة “قسد” أو العمل بالتنسيق معها.

ويرى رئيس “مجلس سوريا الديمقراطية”، إمكانية لتشكيل “جيش وطني مشترك” من أبناء دير الزور يستطيع الوصول إلى تفاهمات، إلا أن ما يعيق تأسيسه “العقلية النمطية التي لم تحسن إدارة الصراع منذ البداية، ومازالت تتحكم لإدخال مشروع التحرير في نفق المصالح، ما يجعل النظام يتقدم على حساب التأجيل”.

ماذا تريد أمريكا؟

تسعى أمريكا إلى السيطرة على شرق الفرات، وأعلمت روسيا بذلك من خلال حلفائها العرب والكرد، إلا أن عيونها على البادية تبقى محكومة بإمكانيات أبناء الدير وقدرتهم على تجميع أنفسهم لتحقيق تقدم بدعم أمريكي، وفق درار، الذي نفى أي حديث عن تقدم “قسد” نحو المحافظة، دون مشاركة أبنائها.

وتدعم واشنطن “قوات سوريا الديمقراطية” في معاركها لوجستيًا وعسكريًا وبالتغطية الجوية، كما تمدّ “مغاوير الثورة” التابع للـ “الجيش الحر” بالسلاح.

وتحدث رئيس المجلس عن تعاون مع “مجلس الرقة المدني”، متوقعًا أن يتوج بعمل مشترك “في حينه”، ويتمخض عن تأهيل كوادر قادرة ومدربة مدنيًا وعسكريًا، “ننتظر الفرصة للإعلان عنه”، وختم حديثه مؤكدًا أن “المعركة ضد الإرهاب من حق كل السوريين عربًا وكردًا لأنها واجب وطني”.

يُحاول بعض وجهاء العشائر المحسوبين على النظام في المنطقة، استقطاب حاضنة عشائرية عبر مصالحات تُعقد تباعًا في المنطقة، كما يُجري النظام اتصالات مع بعض القوى العسكرية، التي لا تتبع لتنظيم “الدولة”، في محاولةٍ لإشراكهم في إدارة المحافظة تحت إمرته، وفق مصادر عسكرية.

الحكومة المؤقتة تنتخب مجلسًا بتمثيل نسائي

بالتوازي مع تحركات “مجلس سوريا الديمقراطية”، انتخبت وزارة الإدارة المحلية في الحكومة السورية المؤقتة، بحضور مسؤولي المجالس المحلية فيها، مجلسًا لمحافظة دير الزور بتمثيلٍ نسائي.

وجرت العملية الانتخابية بإشراف وزير الإدارة، محمد سرور المذيب، ولجنة أشرفت عليها، الخميس 10 آب الجاري، داخل مقر الحكومة في مدينة غازي عنتاب التركية.

الانتخابات لاقت استهجانًا من قبل بعض ناشطي دير الزور، مؤكدين أنها “لا تمثلهم لأنها لم تشمل مثقفين وسياسيين بارزين من أبناء المحافظة”.

عنب بلدي تحدثت إلى المهندس محمد مظهر شربجي، مستشار وزير الإدارة المحلية في الحكومة، وعضو لجنة الإشراف على الانتخابات، وقال إن 28 عضوًا من المجالس المحلية، حضروا من أصل 41 شخصًا.

وكانت الوزارة أعلنت عن سعيها لتشكيل المجلس، بدءًا من منتصف آذار الماضي، واستغرق العمل عليه خمسة أشهر.

وأوضح شربجي أنه “تم التواصل خلال الأشهر الماضية، مع جميع الفعاليات والشخصيات الثورية في المحافظة، وأسفرت عن فوز الطبيب أنس فتيح برئاسة المجلس بالتزكية، بعد انسحاب المرشح الثاني العميد عبد الباسط عبد اللطيف”.

وجرت انتخابات المكتب التنفيذي للمجلس، ونتج عنها فوز 12 عضوًا من ضمنهم رئيس المجلس ونائبه.

“مجالس الرقة ودير الزور والسويداء، ضمن وزارة الإدارة المحلية من المقرر أن يكون دورها سياسيًا وإغاثيًا وإنسانيًا، لكن دون دور خدمي لأننا لا نملك الأرض”، وفق شربجي.

وأكد أنه “في حال تحرير المحافظة يبقى المجلس الحالي فترة شهر مؤقتًا، ريثما يتشكل مجلس على الأرض مختلف بشكل كامل”.

يخدم المجلس حاليًا أبناء المحافظة داخل وخارج سوريا، بالتنسيق مع المكاتب الطبية والإغاثية، وقال عضو لجنة الانتخابات إنه يتم العمل حاليًا على جمع قاعدة بيانات لأبناء المحافظة في تركيا، وإجراء دراسات عن التعليم ومشاريع أخرى داخل سوريا.

 صنّف “البنك الدولي” دير الزور كأول المدن السورية تضررًا، من حيث نسبة الدمار، ووفق تقرير نشره في شباط الماضي قدّر نسبة الدمار في المحافظة بحوالي 41.2%.

الملفت في المجلس، وفق شربجي، ضمه لأصوات نسائية بعضوين، ولفت إلى أنه “سيصدر قرار تعيين الفائزتين ضمن المكتب التنفيذي، ريثما يتم التأكد من الشهادات الجامعية”.

ويجب أن يكون عمر العضو أكثر من 30 عامًا ويحمل شهادة جامعية.

وحصلت مدينة دير الزور على نسبة تمثيل بستة مقاعد، وتوزعت المقاعد الستة الباقية على الميادين والبوكمال، بحسب عدد السكان.

أين الأهالي من هذه التحركات؟

وسط هذه التحركات “يفتك الجوع بالأهالي، والمعاناة تبقى بعيدة عن أي تحرك”، وفق ما يقول “أبو محمد” (64 عامًا)، الذي مازال يعيش داخل الأحياء المحاصرة في المدينة.

لا شيء جديد على معاناة الأهالي في دير الزور، دون كهرباء ووسط شحٍ شديد في مياه الشرب، ويقول من استطلعت عنب بلدي آراءهم، إن الوضع الصحي يتردّى تدريجيًا، مع انتشار الأمراض الوبائية، كاللاشمانيا.

وترى كفى العمر (46 عامًا) التي تقطن في مناطق سيطرة النظام، أن الاستمرار في الحياة هو ما يشغل الناس في دير الزور، معتبرة أن “معظم الأهالي بعيدون عن الحراك السياسي والإداري وينتظرون مصيرهم الذي يُصاغ في الغرف المغلقة دون استشارتهم”.





×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة