التعدد وزواج الأرامل وكفالة الأيتام .. كسر للعادات والتقاليد بهدف التكافل الاجتماعي

tag icon ع ع ع

عنب بلدي ــ العدد 120 ـ الأحد 8/6/2014

أبو البراء وأولاده (3)أحمد هدلة  – عنب بلدي

في ظل الواقع الأليم الذي تعيشه الثورة السورية وسقوط ما يزيد عن 150 ألف شهيد معظمهم من الشباب، يواجه الشعب السوري معاناة جديدة تمثلت بترمل نساء الشهداء وتيتم أطفالهم، ما دفع البعض لكسر بعض العادات الاجتماعية وتغييرها لمواجهة هذه الأزمة؛ عنب بلدي تستعرض في هذا التقرير عددًا من الحالات الاجتماعية التي كانت غريبة في السابق وفق تقاليد المجتمع الداراني، لكنها أضحت ضرورة اليوم بحسب أصحابها.

  • زوج الشهيدة وزوجة الشهيد

شهدت مدينة داريا المحاصرة الشهر الماضي زفاف «أبو البراء» الذي فقد زوجته برصاص قناص الأسد أثناء محاولة دخولها المدينة مع أطفالها عبر أوتوستراد الأربعين، بابنة «الحاج أبو محمد» التي فقدت زوجها بعد 5 أشهر من زواجهما، على إحدى جبهات المدينة، وكانت حاملًا بطفلها الأول، وقد أبدى المدعوون إلى الزفاف فرحة مضاعفة «لأن أطفال العروسين أصبح لديهم أسرة ترعاهم».

يقول أبو البراء «لم أكن أفكر في الزواج بسبب ظروف المعركة، لكن عندما رأيت أطفالي بعد عامٍ كاملٍ من استشهاد أمهم، قررت الزواج حتى يشعر أطفالي بالاستقرار»، مضيفًا أنه حاول أن يقوم بذلك بأسرع وقت ممكن «حتى يتأقلم الأطفال مع زوجتي الجديدة قبل أن يكبروا».

ولدى سؤالنا عن سبب ارتباطه بزوجة شهيد، دون أن يختار امرأة عزباء، قال أبو البراء «لأن جراحنا واحدة، فكلانا عانى من فقد شريكه في الحياة الزوجية، وكلانا لديه أطفال يريد لهم العيش في أسرة مستقرة».

  • زوجةٌ ثانية

أبو العز رجلٌ في الخامسة والأربعين من عمره، تزوج زوجة ثانية دون أن يطلق الأولى، وقد تعرض لبعض الانتقادات، خاصة أن عمر زوجته 22 عامًا فقط، لكن الانتقادات تزول بنظر البعض بعد أن يشرح أبو العز السبب.

يقول أبو العز «زوجتي الثانية أرملة وكانت زوجة لشهيد، وقد سكنت -بعد استشهاد زوجها- في بيت أهلها، حتى استشهد والداها في مجزرة الكيماوي في المعضمية العام الماضي، فأصبحت وحيدة مع طفليها اليتيمين»، مضيفًا أنه قرر أن يتزوجها ويرعى أطفالها، وقد وافقت على ذلك.

وحول موقف زوجته الأولى أفاد أبو العز أنها «عارضت في البداية، خاصةً أنها خارج المدينة ولا تستطيع الدخول بسبب الحصار من قبل قوات الأسد، لكنها رضيت بالأمر الواقع»، وأشار أبو العز «أنا متأكد أن هناك من سينتقد ويقول تزوج إرضاءً لشهواته، لكنني مقتنع بما قمت به والله شرع لنا ذلك»، مضيفًا «يجب على القادرين، الزواج مرة ثانية لرعاية أطفال الشهداء، والقضاء على العنوسة في مجتمعنا التي زادت بسبب كثرة الشهداء».

  • كفالة اليتيم

ماهر طفل في التاسعة من عمره، استشهدت أمه وجدته وأخوه الوحيد بصاروخ في مجزرة داريا الكبرى في آب 2012، وبسبب مرض والده العضال انتقل إلى بيت خاله أبي محمد ليكمل حياته هناك. يقول أبو محمد خال الطفل ماهر «وجدت صعوبة في البداية بتأمين انسجام ماهر في جو أسرتنا الجديد، لكن ماهر تأقلم بسرعة بسبب صغر سنه»، وأضاف «تحدث بعض المشاكل أحيانًا بين ماهر وأولادي لكن سرعان ما تحل»، مشيرًا إلى تخوفه في المستقبل لدى وصول ابن اخته لسن المراهقة «هل سيبقى متقبلًا لنصائحنا أم لا، وكيف سيعيش مع بناتي في بيت واحد»، لكنه أردف «عندما تخطر ببالي هذه المخاوف، أتذكر أجر كافل اليتيم، لتذهب من خاطري هذه التخوفات».

لا شك أن المرحلة القادمة ستشهد تغيرات كثيرة في تقاليد المجتمع السوري، للتغلب على الأزمات الاجتماعية، التي نشأت بعد الثورة مثل باقي المجتمعات التي خرجت من حروب استنزاف، وخاصة الحروب الأهلية في المنطقة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة