«طريق العبور» لتحرير جسر الشغور تقتل عشرات المدنيين من أبنائها

tag icon ع ع ع

سامي الحموي – عنب بلدي

انتشرت في الأشهر القليلة الماضية، ظاهرة استهداف المدنيين القاطنين في المدن والبلدات الخاضعة لقوات الأسد «بقذائف عشوائية»، حيث شهد شهر حزيران الجاري مقتل عشرات المدنيين في عدد من المدن السورية وأبرزها مدينة جسر الشغور في ريف إدلب التي تقع تحت سيطرة قوات الأسد وتحاول كتائب المعارضة استعادتها ضمن معركة «طريق العبور»، وبينما يتبادل طرفا النزاع الاتهامات، تستمر القذائف العشوائية بحصد مزيد من الأرواح في المدن التي تعتبر «آمنة نسبيًا»، في تصعيد اعتبره ناشطون انتهاكًا خطيرًا وجب محاسبة مرتكبيه بغض النظر عن انتماءاتهم.

  • لمحة عن جسر الشغور

وتعتبر مدينة «جسر الشغور» الواقعة غرب مدينة إدلب على نهر العاصي، من أوائل المدن التي خرجت في الثورة ضد النظام السوري، وشهدت انشقاقات من قبل أبنائها الذين كانوا متطوعين في الجيش السوري آنذاك، وعمليات عسكرية ضد القوات الحكومية، الأمر الذي دفع النظام إلى إحكام قبضته الأمنية فيها ونشر الحواجز في محيطها، وهي المدينة الثالثة إلى جانب مدينتي «أريحا وإدلب» التي ما زالت تسيطر عليها قوات الأسد، في الوقت الذي تسيطر فيه فصائل المعارضة على باقي ريف إدلب.

أحد ناشطي مدينة جسر الشغور وعضو في تنسيقيتها (رفض الكشف عن اسمه لدواعٍ أمنية) تحدث لعنب بلدي عن المدينة «لطالما كانت جسر الشغور من أبرز المدن المعارضة لنظام بشار الأسد، بل كان أهلها أول من انتفض في وجهه، وهذا ليس جديدًا على أهلها، فمنذ ثمانينيات القرن الماضي وجسر الشغور تعارض حكم البعث، وقد نفذ فيها النظام آنذاك مجازر كبيرة».

  • قذائف الموت

منذ أكثر من عامين وجسر الشغور تقبع تحت سيطرة قوات الأسد، وشهدت المنطقة عدة محاولات من فصائل المعارضة لاستعادة السيطرة عليها، لكنها لم تستطع، وانعكست هذه المحاولات لدى قوات الأسد ضد أهل المدينة أنفسهم، فشهدت حملات اعتقالات يومية وتضييقًا أمنيًا على المواطنين بداخلها.

وأضاف عضو التنسيقية «شهدت المدينة منذ آذار الماضي سقوط قذائف عشوائية على أحياء المدينة، أودت بحياة عشرات الأبرياء من أهلها إضافة لإصابات كثيرة، وتبين لنا آنذاك أن فصائل المعارضة حاولت قصف المراكز الأمنية في المدينة، لكن القذائف غالبًا تسقط على منازل الأهالي».

في الخامس عشر من حزيران الجاري، وقعت مجزرة في مدينة «جسر الشغور» راح ضحيتها 13 قتيلًا بينهم 7 أطفال، جراء سقوط قذائف «مدفع جهنم» على أحد المنازل، مما أدى إلى مقتل عائلة كاملة على الفور، تبعها خلال الأيام القليلة الماضية سقوط قذائف أخرى مؤدية إلى إصابات طفيفة و «كلهم من بين الأهالي».

ويتابع عضو التنسيقية في حديثه لـعنب بلدي «لا أحد يملك قذائف جهنم سوى فصائل المعارضة، وتبين لنا بالأدلة وقوف فصائل من الجيش الحر وراء مثل هذه الأعمال، ووجهنا نداءات استغاثة واستنكار لمثل هذه الأعمال، دون أن نحصل على رد أو تطمينات بعدم تكرارها، والتي نعتبرها جرائم لا تقل عن إجرام النظام بحق أهلنا في سوريا».

  • الحاضنة الشعبية تتراجع

لطالما كانت الحاضنة الشعبية للثورة السورية هي أهم أركانها، والاعتماد الأكبر من قبل الفصائل العسكرية المعارضة يكون عليها، من حيث تقديم المساعدات والمعلومات والأرضية لأي عمل عسكري ضد قوات الأسد.

«أبو حسين» أحد أهالي مدينة جسر الشغور، يصف الواقع الحالي ضمن المدينة لعنب بلدي «بدل أن يقتلنا نظام الأسد المجرم، يقتلنا إخواننا من الثوار»، متسائلًا «هل يريدون منا أن نقف مع الأسد، هل يريدون أن تموت الحاضنة الشعبية للثورة في المدينة، ما ذنب أطفالنا الذين قتلوا… نحن لن نسامح من هدر دماءنا، فكل من يستهدفنا هو مجرم وأسأل الله أن تكون بميزان أعمالهم».

  • بيانات وإحصاءات

من جهتها طالبت تنسيقية «جسر الشغور» كافة فصائل المدينة بإيقاف معركة «طريق العبور» التي أطلقتها قوات المعارضة بهدف السيطرة على المدينة، بعد أن «أودت بحياة عشرات المدنيين والأطفال الأبرياء، نتيجة القصف العشوائي المتكرر وغير الدقيق منذ آذار الماضي، والذي لا يوصل إلى هدف تحرير مدينة جسر الشغور المحتلة عام 2011».

وأضافت في بيانها الذي أصدرته اليوم الاثنين 16 حزيران بـ «إقامة محاكم شرعية تحاسب كل من يستخف بحياة الناس والأطفال الأبرياء داخل المدينة»، مؤكدة بأن «الحاجة للمحاسبة أصبحت ضرورة ستقف في وجه كل إنسان سيحاول أن ينتقم من أهلنا في جسر الشغور، الذين لا يملكون لا حولًا ولا قوة داخل المدينة».

بدوره أصدر المرصد السوري لحقوق الأنسان منذ أيام بيانًا أحصى فيه مقتل 32 مدنيًا، بينهم ثمانية أطفال وخمس نساء، منذ الثاني من شهر نيسان الماضي وحتى 15 حزيران الجاري، جراء «سقوط قذائف على مناطق في مدينة جسر الشغور الخاضعة لسيطرة قوات الأسد من قبل فصائل معارضة».

لا تتوقف هذه الحادثة على مدينة جسر الشغور وحدها، فقد انتشرت القذائف العشوائية لتغطي أحياء حلب ودمشق الخاضعتين لقوات الأسد، مسفرة عن سقوط عشرات المدنيين، وبينما تنفي وتستنكر فصائل المعارضة قيامها بمثل هذه الأعمال، لا يستبعد الناشطون وقوف قوات الأسد وراء هذه الانتهاكات أيضًا، متهمةً بذلك المعارضة المسلحة لتشويه صورتها وضرب الحاضنة الشعبية للثورة السورية، على حد وصفهم.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة