«اقتصاد تحت الحصار» .. دوما نموذجًا

tag icon ع ع ع

عنب بلدي ــ العدد 125 ـ الأحد 13/7/2014

اقتصادمحمد حسام حلمي

تعيش عدد من المدن السورية، وبشكل خاص مناطق ريف دمشق في الغوطتين الشرقية والغربية، تحت الحصار الخانق لأكثر من سنة ونصف، وتعاني من نقص حاد في مقومات الحياة الأساسية من غذاء وحليب أطفال ودواء وانقطاع طويل للتيار الكهربائي.

ومع طول الحصار ونقص المواد وغلاء الأسعار بدأ عدد من الناشطين داخل مدينة دوما بمحاولة إيجاد بدائل والقيام بمشاريع تنموية صغيرة للتأقلم مع الحصار ومشاكله. ومن أهم هذه المشاكل هي انقطاع التيار الكهربائي الذي غاب بشكل كامل عن مدينة دوما وباقي مناطق الغوطة الشرقية في نهاية العام 2012 أثناء معارك التحرير، ليعود لشهرين فقط وبمعدل 4 ساعات في اليوم، ثم لم تعد دوما ترى الكهرباء أبدًا. وكان اعتماد الأهالي والناشطين في توليد الطاقة الكهربائية على المولدات، ولكن تكاليف تشغيلها المرتفعة، والمرتبطة بتوفر مادة البنزين والمازوت، جعل الاعتماد على المولدات غير ممكن. حيث وصل سعر ليتر البنزين في مدينة دوما المحاصرة إلى 3200 ليرة وسعر ليتر المازوت إلى 1900 ليرة بعد أن كان البنزين بـ 75 ليرة مع بداية الحصار نهاية 2012. وبحسب الناشط أسامة نصار فإن ذلك تسبب بإغلاق بعض المكاتب الإعلامية والخدمية، واضطر آخرون للعمل تعمل تحت عباءة جهة ما، غالبًا ما تكون عسكرية، للحصول على الكهرباء.

ومن التجارب الناجحة لحل مشكلة انقطاع الكهرباء، كانت تجربة مكتب الحراك السلمي السوري في دوما، حيث اعتمد المكتب على استخدام الطاقة البديلة من خلال استخدام الألواح الشمسية لتوفير الطاقة الكهربائية والاستغناء عن المولدة. ويقول الناشط أسامة، القائم على الفكرة، أنها «ناجحة وفعالة، رغم تراجع الأداء بسبب قصر النهار وخاصة في الأيام الغائمة أو الممطرة في أوقات الشتاء»، وأضاف أسامة أن المشروع يهدف إلى «خلق قصة ناجحة لتكون مثالًا نموذجيًا يمكن اعتماده لتشجيع الناس على تكراره».

ففي أواخر العام 2013 تأسس «مكتب دعم التنمية والمشروعات الصغيرة» بمدينة دوما على يد الناشطة رزان زيتونة وزملائها المختطفين، ويهدف المكتب إلى مساعدة المجتمع السوري على إعادة بناء نفسه من خلال القيام بالمشاريع التنموية التي توفر الخدمات الأساسية للناس وتشجيعهم على التعاطي الإيجابي مع مشكلة الحصار. ويشرف المكتب على عدد من المشاريع الصغيرة والتنموية في المدنية، ويعمل على التعاون مع عدد من المؤسسات المدنية على استجلاب مشروعات تنموية.

ويعبر هذا النموذج عن مقدرة الناس وإبداعهم في محاولة التغلب على مشكلة الحصار، وإيجاد الوسائل والطرق التي تضمن توفير بعض الحاجات الأساسية لسكان المناطق والمدن المحاصرة، ويمثل نموذجًا من التعاطي الإيجابي مع مشكلة الحصار.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة