ثورة السيدة عفراء أم ثورة الشعب السوري؟

no image
tag icon ع ع ع

عنب بلدي – العدد 140 – الأحد 26/10/2014 

إحسان الحسين

الدين نشرة عقدية ومنظومة تعبدية وقصة تفسر الوجود، هذا التوصيف يمثل الحد الأدنى والمشترك بين الأديان ومنها المسيحية، التي تشكل جزءًا مهمًا من التاريخ الأوروبي وحاضره.

لم تجد أوروبا مشكلة في الجمع بين الديانة المسيحية في التعبد والقانون الروماني في التشريع بسبب خلو المسيحية من التشريعات.

لكن هذا التعريف السابق ناقص إسلاميًا، لأن الإسلام يقدم نصًا تشريعيًا ناظمًا للحياة، بل يشترط على المؤمن به أن يأخذ هذه العناصر كلها رزمة واحدة، عقيدة وعبادة، وقصة تفسر الوجود، وشريعة.

بعض المثقفين المنطبعين بالليبرالية والذين يعز عليهم مغادرة مواقعهم الإسلامية، يتقمصون التجربة المسيحية، وحين يصدمهم النص الديني الصريح في الإسلام، يرفعون شعار التجديد وممارسة رفع الأنقاض عن هذا “الإسلام المظلوم”.

الدين ينص على الجمع بين النص والعقل مع أولوية النص عند التعارض، ولكن “كل نص أوهم باطلًا ولم يقبل تأويلًا فهو منقوص، أو مكذوب”؛ وأي مساحة خارج هذين الحدين هي خارج التدين، خصوصًا حين نقرر تجاوز نص صحيح الورود، واضح الدلالة، أُشبع تحليلًا وتركيبًا داخل مدارس الفقه، وعلى تراكم ومتابعة لطبقات من المحققين والمجتهدين، فإننا مما لاشك -كمتدينين- نحتاج إلى التجديد.

وأول حيثيات هذا المشروع عدم تجاوز الأصول والقواعد وثوابت التدين وإلا فقدنا صفة التدين، والعمل على المتغيرات التي تستند إلى العرف والمصالح المتغيرة.

كما أننا بأمس الحاجة إلى الفصل بين التاريخ والنص، واعتبار التاريخ الإسلامي تطبيقًا للنص يقترب ويبتعد بقدر اقترابه وابتعاده منه ومن ومراده، لكنه لا يمكن له أن يصل إلى قداسته.

ينظر البعض إلى تجربة السيدة عفراء في الخطابة يوم العيد، على أنها فتح تجديدي مبارك ومنجز من إنجازات الثورة السورية، بينما يعتبرها آخرون خرقًا لثوابت الدين.

وقبل الإجابة على هذا السؤال، لابد من تساؤل آخر، هل المرجع في المسألة هو العقل والليبرالية، أم منظومة التدين الأساسية؟

تجربة السيدة عفراء وأمثالها من التجارب، هي نتاج فهم خارج السياق الديني مع تجاوز متعمد وبدم بارد.

الإسلام وعلى مدى تاريخه تعرض لقراءات كثيرة وتطبيقات شاذه منها الباطنية ومنها مدعية العقلانية، وقراءات مختلفة ومتباينة أخرى في دائرته لكنها لم تخرج عن حدي النص والعقل فيه، ولكن ما ثبت واستمر واستقر وشكل مجرى المفاهيم هو تيار المدارس الفقهية الكبرى وأهل السنة والجماعة.

هذا لا يعني أن نحجر على العقل ولكن إما أن نعلن التدين ومنظومته مع التجديد، أو أن نعلن الليبرالية وسيادتها وننهي هذا الادعاء التديني المنافق.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة