السرقة عند الأطفال.. تحليل المشكلة ودور الأهل في علاجها

tag icon ع ع ع

أسماء رشدي

السرقة هي إحدى مشكلات الطفولة التي يجب التعامل معها بحذر. لا كما يفعل بعض الناس عندما يسرق طفلهم فيقومون بمعاقبته وتهديده، والتشهير به بين إخوته وأصدقائه، والتحقيق معه والضغط عليه للاعتراف بذنبه، ونعته بألفاظ سيئة قد تهدد صحته النفسية طوال حياته مثل: يا حرامي، يا سرّاق، الله بدو يحطك بنار جهنم… دون معرفة السبب الذي دفعه إلى القيام بهكذا سلوك. إذ يختلف علاج مشكلة السرقة عند الأطفال باختلاف أسبابها، وأيضًا باختلاف عمر الطفل، وفيما إذا كانت المرة الأولى التي يسرق بها أو أنه قد قام بهذا السلوك في مرات سابقة.

بالنسبة للطفل في أعمار صغيرة (3-4 سنوات)، يقوم في بعض الأحيان بأخذ الأشياء التي يريدها علانية دون فهم أن هذه الأشياء لها قيمة مالية وأنه من الخطأ أخذها بدون دفع ثمنها، وحتى عند قيام الوالدين بعقابه بذلك السن على أنه سلوك خطأ، نراه يعاود القيام به، لأنه يعتبر أن ما يقوم به شيء طبيعي.

أما الأطفال في سن المدرسة فإنهم عادةً يعرفون أنه ليس من المفترض أن يأخذوا أشياء دون دفع ثمنها، ولكنهم يقومون بأخذها بسبب قلة القدرة على ضبط أنفسهم. والمراهقون أيضًا يعرفون ذلك، ولكنهم يقومون بذلك لأنهم يشعرون بالإثارة عند قيامهم بهذا السلوك، أو ربما تقليدًا لأصدقائهم لكي يكونوا أكثر قبولًا لديهم، خاصة أصدقاء السوء. بعض المراهقين يعتقدون أن بإمكانهم الفرار بفعلتهم، كما يعطيهم سلوك السرقة الشعور بأنهم قادرين على ضبط حياتهم بطريقتهم بسبب الاستقلالية التي قد يشعرون بها، فهم لا يريدون الاعتماد على أي شخص. أيضًا هناك مراهقون يقومون بهذا السلوك كوسيلة للتمرد على كل شيء، وللفت الانتباه وإثبات الذات.

هناك أسباب أخرى معقدة لهذه الظاهرة، فقد يكون دافع السرقة التنفيس عن الغضب الذي يستولي على الطفل نتيجة انصراف والديه عنه للفت انتباههما له، وقد يسرق طفل من آخر يغار منه، والغيرة من مولود جديد قد تؤدي إلى السرقة أيضًا. وقد يكون هذا التصرف نتيجة البيئة التي يعيش بها الطفل، فيتعلم من أبيه الذي يسرق أو أمه التي تشجعه على السرقة ولا ترى في ذلك شيئًا سيئًا، بل تشعر بالسعادة لقيامه بذلك، أو بسبب الحرمان وعدم إشباع الحاجات الأساسية لدى الطفل.

وأحيانًا قد يلجأ الطفل إلى مثل هذا التصرف تجنبًا للعقاب الذي قد يتلقاه من والده، مثل الطفل الذي يفقد علبة ألوانه فيقوم والداه بتهديده بالعقاب إذا لم يحضرها، فيضطر إلى سرقة علبة ألوان زميله، وبذلك يكون الوالد قد دفع طفله إلى ارتكاب سلوك مشين آخر وهو الكذب. كما أن الطفل الذي اعتاد الحصول على كل شيء يريده، فإنه يأخذ كل ما تقع عليه عينيه لاعتقاده أن كل شيء مسموح به بسبب الدلال الزائد.

  • عند البدء بعلاج المشكلة

يجب فهم السبب الكامن وراء هذا التصرف قبل معاقبة الطفل، لأن الفهم الصحيح للسبب سوف يترتب عليه العثور على الحل المناسب، والعمل على إزالة هذه الأسباب ما أمكن، والتركيز على الصفات المغايرة للسرقة وتدعيمها حتى يختفي السلوك غير المرغوب فيه.

الابتعاد عن التصرف بعصبية، والتفكير بهدوء بكيفية تخليص الطفل من هذا السلوك.

الابتعاد عن تهديد الطفل وتخويفه عند ضياع حاجياته، وعدم إلزامه بإحضارها.

تشجيع الطفل بتقديم الهدايا له، كي ندفعه للتحلي بالأمانة، وقص الحكايات التي تهدف إلى غرس الصفات الفاضلة في ذهنه.

العمل على إشباع الحاجات النفسية للطفل بنفس قدر أهمية الحاجات المادية، لأن الحاجة للحب والحنان والاهتمام مثل الحاجة إلى الأكل والشرب، فعدم إشباع هذه الحاجات كفيل بخلق طفل غير سوي ومليء بعقد النقص والمشاكل السلوكية.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة