من الحب والحنان إلى اليتم والأحزان.. غدير ونور الدين كناكرية

tag icon ع ع ع

في بيت متواضع وصغير يعيش «غدير» و«نور الدين» كناكرية؛ طفلان بريئان عانيا آلامًا كثيرة، وما زالا!

«غدير» طفلة في الثانية عشرة من عمرها، صبورة ودائمة الابتسام رغم ما عانته.

«نور الدين» طفل في الثامنة من عمره، يفتقد كثيرًا لأمه وأبيه اللذين استشهدا أمامه، حيث كان «نور» الطفل الصغير المدلل لدى أمه.

سألْنا الطفلين عما حصل معهم، وتقول غدير: كنا يوم الجمعة (24 آب) ببيت عمنا لما إجانا خبر لمرت أخي أنو أخوها استشهد. فقرر بابا إنو نطلع بالسيارة لنوصلها لبيت أهلها ونروح نحنا عبيتنا.. بعد ما ركبنا بالسيارة نادالنا واحد من قرايبينا ونصحنا إنو ما نروح، لأنو القناصات والدبابات معبية المكان، بس بابا مارد عليه وقلو: ما بصير غير يلي الله كاتبو.

وطلع بابا بالسيارة وصوت القصف كل مالو عم يعلى، وقبل ما نوصل على بيتنا بكم متر قصفتنا الدبابة بقذيفة، طيرتنا أنا وأخي لفوق ولحشتنا عالأرض.. انكسرت إيد أخي وحسيت عيني انتفخت، وقتها ما عدت شفت ماما ولا بابا، حسيت إنهن ماتوا… بس شفت مرت أخي وهي عم تحترق بالنار … تعذبتْ كتير حتى ماتت.

بهالوقت كنت بين صحيانة وبين فاقدة للوعي، وسمعت كلمات «لمو المصاري.. لموهن.. لموهن» وعرفت بعدين إنو في شباب لمو المصاري يلي طارت من السيارة وجابولنا ياهن.

حملونا عالمشفى الميداني، وكان أخي عم يصرخ ويتوجع من الحروق برقبتو وجسمو وكمان من إيدو المكسورة، وصرت إقرأ قرآن منشان الله يخفف علينا الوجع.

تاني يوم نقلونا على بيت تاني بعد ما قالولهن إنو بدن يداهموا المشفى الميداني. وضلينا بهداك البيت للمسا وبعدين غفلنا أنا وأخي وتفاجأنا بس فقنا إنو ما في حدا غيرنا بالبيت، بعدين قالولي إنو صاحب البيت هرب هو وعيلتو بس سمع إنو في مداهمات، وتركنا لوحدنا!

أخي صار يبكي وصار بدو يشرب بس أنا ماكنت قادرة اتحرك، وصرت نادي بركي حدا بيرد علينا، بس ما حدا رد.. بقينا لوحدنا بالبيت من دون مي ولا كهربا… ليلة مارح انساها بحياتي.

تاني يوم إجو قرايبينا لياخدونا ونقلونا على مشفى خارج داريا، ولما كنا طالعين وقفونا الأمن وسألونا لوين رايحين؟؟ وقالولنا «مو إنتو بدكن حرية؟ هي الحرية يلي بدكن ياها».

سألنا الطفلين عن شعورهما بعد أن فقدا والديهما في لحظة واحدة فأجابا بأنهما حزينان جدًا، ولكنهما مطمئنان بأن والديهما في الجنة، ثم بدأت «غدير» بالبكاء وقالت بأنها باتت تكره منزلها ولا ترغب بالذهاب إليه لأن أمها ليست موجودة فيه.

«غدير» فقدت عينها ولكن لم يخبرها أحد بهذا، فهي تعيش على أمل بأنها ستشفى بعد شهر أو شهرين، وقد عانت من بعض الحروق والتشوهات في جسمها، و «نور الدين» يعاني من حروق وتشوهات في وجهه ورقبته.

تحدثنا الى أقربائهم وسألناهم عن نفسية الطفلين بعد هذه الحادثة فأخبرتنا إحدى قريباتهم بأنهم على عكس ما كانوا عليه؛ فلقد كانا في قمة الحيوية والنشاط، وكانا يحبان اللعب كثيرًا، ولكن بعد هذه الحادثة تحولا إلى طفلين كئيبين منعزلين ومنطويين على نفسيهما.

مقالات ذات صلة:




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة