إيران رفضت تزويد النظام بـ 100 ألف مقاتل

ضعف قوات الأسد يتفاقم بتزايد المتملّصين من الخدمة

camera iconجندي سوري يقف بالقرب من خوذة للجيش مزينة بالعلم السوري في حي جب الجندلي وسط مدينة حمص 7 أيار 2014.

tag icon ع ع ع

بينما تستمر الحرب في سوريا يسعى الشباب إلى الفرار خارج بلادهم أو إيجاد وسائل أخرى للتهرب من الخدمة العسكرية.

رجاء عبد الرحيم – وول ستريت جورنال
 نُشر في 5 حزيران 2015

منذ فترة داهمت الشرطة العسكرية أحد المنازل باحثةً عن مهندس كمبيوتر يبلغ من العمر 25 سنة، هرب مؤخرًا من سوريا بعد رشوة أحد الضباط وإزالة اسمه لفترة وجيزة من قائمة المطلوبين للخدمة العسكرية الإلزامية، ودفعه مبلغ ألف دولار أمريكي لسائق سيارة أجرة كي يقلّه إلى لبنان.

هناك العديد من الشباب أمثال ذلك المهندس يعيشون داخل المناطق التي تسيطر عليها الحكومة السورية، سبق وأجلوا التحاقهم بالخدمة بدفع مبلغ ألفي دولار أمريكي في السنة، على أمل تجنب أن يصبحوا وقودًا للجيش الذي يستنزف آلاف الجنود سواء بموتهم أو انشقاقهم بعد أكثر من أربع سنوات على الحرب في البلاد.

الأسد يبدو ضعيفًا ويتراجع إلى الداخل

ويقول دبلوماسي في الشرق الأوسط ومسؤول في الحكومة السورية إنه ومع إحجام الشباب عن الانضمام للجيش السوري تراه يبدو أضعف خلال حربه على العديد من الجبهات في سوريا، ويتراجع إلى الداخل السوري مركزًا على حماية الأجزاء التي لا يمكن الاستغناء عنها للإبقاء على كرسي سلطة الرئيس بشار الأسد.

وكان هذا الضعف أكثر وضوحًا جراء الهزائم الأخيرة في محافظة إدلب شمال غرب البلاد، بالإضافة إلى خسارة الأسد لمدينة تدمر، والتي تقول المعارضة أنه انسحب منها بسرعة كي لا يخوض معركة طويلة الأمد.

ويقول دبلوماسيون ومراقبون للوضع السوري إن نظام الأسد يسيطر على نحو ربع البلاد، بينما يبسط كل من “تنظيم الدولة الإسلامية المتطرف” والمعارضة والجماعات الكردية على البقية.

“كل واحد في سوريا يحاول قصارى جهده الهروب من خدمة الجيش” يقول المهندس الشاب، مضيفًا “لايمكن أن تتخيل نفسك جزءًا مما يحدث، أو أن تكون جزءًا من الحرب الطويلة التي لا يبدو أن لها نهاية”.

وُجد أن الكثير من الرجال لا يستجيبون لإبلاغات شعبة التجنيد، بينما يستمر النظام منذ عدة أشهر بمداهمة الأحياء والتدقيق على نقاط التفتيش، والطرق والمعابر على الحدود لاعتقالهم وإراسلهم إلى الخطوط الأمامية، وفقًا للأهالي وللمعارضة التي ألقت القبض على الكثير من هؤلاء الجنود خلال معاركها.

“لا أريد أن أكون جزءًا من الصراع من أجل مصلحة رجل واحد” يقول شاب يبلغ 29 عامًا وأحد الموظفين الجدد في مدينة دمشق والذي وضع خططه للفرار خارج البلاد، مردفًا “هذا هو الصراع الذي لا يجب علينا نحن الناس العاديين أن نفعل شيئًا حياله”.

منذ بدء الانتفاضة المناهضة للحكومة السورية عام 2011، لم يسمح الجيش لأي من الجنود بالإفلات من الخدمة، وفقًا لعميد في محافظة حمص.

وفي الآونة الأخيرة جرت حملة على المتخلفين عن الخدمة العسكرية، بحسب العميد الذي أشار إلى إعدام أحد الضباط نظرًا لتأجيله عددًا كبيرًا من الشباب مقابل تقاضيه الرشوة.

ويقدر المرصد السوري لحقوق الإنسان أن عدد عناصر الجيش السوري انخفض إلى 200 ألف جندي وضابط، أي نصف الحجم الذي كان عليه قبل الانتفاضة، كما أشار تقييم لمركز الدراسات الاستراتيجية والدولية صدر العام الماضي إلى انخفاض عدد القوات المسلحة السورية من 325 ألفًا إلى 178 ألفًا.

 80 ألف من مقاتلي الميليشيات

ويقول دبلوماسي مقيم في سوريا “بالطبع ضعف لأن هذا يتجاوز طاقته، وأنا أعتقد أنهم بصدد إعادة تقييم لاستراتيجيتهم الخاصة”، مضيفًا “إنها مسأله بقاء، أنا لا أعتقد أن النظام السوري لديه قدرة التفكير على المدى الطويل”.

ويشير إلى أن القوات داخل سوريا تركز فقط على حماية المناطق الرئيسية مثل دمشق وحمص والمحافظات الساحلية التي تتعبر معقل العلويين، “وهم أقلية من المذهب الشيعي الذي ينتمي إليه الرئيس الأسد”.

“لا يبدو النظام السوري متفائلًا جدًا في الانتصار على المعارضة”، يقول دبلوماسي آخر زار سوريا الشهر الماضي، مردفًا “فقدان تدمر غيّر كثيرًا من صورته بين المؤيدين”.

جندي من الجيش السوري يطلق قذائف مدفعية باتجاه "جهاديي الدولة الإسلامية" شمال شرق تدمر  17 آذار 2015.

جندي من الجيش السوري يطلق قذائف مدفعية باتجاه “جهاديي الدولة الإسلامية” شمال شرق تدمر 17 أيار 2015.

 

واعترف علي حيدر، وزير المصالحة السورية، بأن الجيش لم يكن قادرًا على الدفاع عن جميع أجزاء البلاد، كمدينة تدمر النائية، مشيرًا إلى أن “الدفاع عن الصحراء تتطلب عددًا كبيرًا من القوات السورية”، في الوقت الذي واجه النظام انتقادات حادة عقب الاستيلاء السريع لمسلحي “الدولة الإسلامية” الشهر الماضي على المدينة.

“تجري حاليًا دراسة إعادة انتشار واسعة للجيش السوري من جديد”، يضيف حيدر عازيًا الهدف من ذلك “لرسم خطوط الدفاع الأولية وتحقيق الانتصارات التي تعتبر أكثر استراتيجية من حماية المناطق النائية والخالية من السكان والحياة الاقتصادية”.

زعزعة الصف تبدو واضحة حتى في العاصمة، حيث ترى نقاط التفتيش الأمنية الهامة للحكومة التي كان يحرسها مسبقًا جنود شباب، مُدارةً من موظفين رجال في منتصف العمر وأحيانًا من النساء مع الحاجة للشباب الأصغر سنًا في الخطوط الأمامية على جبهات القتال.

تحوّلت قوات الدفاع الوطني وميليشيات اللجان الشعبية إلى فروع أمن رسمية تُجند الشباب براتب 100 دولار أمريكي شهريًا وتزودهم بخدمات خاصة في الشركات والمخابز حيث يصطف الناس لساعات لشراء الخبز.

ولكن بمقارنة ذلك مع الهزائم العديدة التي عانت منها قوات الأسد والتسجيلات المصورة التي تظهر الجنود مقتولين على أيدي المعارضة أو تنظيم “الدولة”، ثَبُت أن النظام لم يعد قادرًا على إقناع الكثيرين بانتصاراته.

إيران رفضت تزويد النظام بـ 100 ألف مقاتل

ونتيجة لذلك يبدو الاعتماد المتزايد على المقاتلين الأجانب الذين لعبوا دورًا هامًا، منذ أن ساعد حزب الله “الجماعة الشيعية المتشدة” في استعادة بلدة القصير الاستراتيجية على الحدود اللبنانية عام 2013.

ومنذ ذلك الحين شملت القوة الخارجية الداعمة للحكومة السورية المستشارين الروس والحرس الثوري الإيراني والمقاتلين الشيعة العراقيين والأفغان، بالإضافة إلى المقاتلين القوميين العرب من مصر وتونس ولبنان مؤخرًا.

في الآونة الأخيرة طلب وزير الخارجية السوري من إيران، إرسال 100 ألف مقاتل، وفقًا لدبلوماسي يزور سوريا بشكل دوري، قال إن إيران رفضت الطلب لأنها تخشى تحول اصراع إلى حرب طائفية مفتوحة.

وهناك اختبار كبير للنظام السوري يتمثل بالمعركة المستمرة في القلمون، وهي منطقة جبلية على الحدود مع لبنان وعلى مقربة من العاصمة دمشق.

اتخذ حزب الله اللبناني في الأسابيع الأخيرة وسيلة عرض جولات على وسائل الإعلام يبين فيها المناطق التي سيطر عليها حديثًا في منطقة القلمون حرصًا منه على تعزيز وإبراز نجاحاته على خلفية الهزائم الكبيرة في أماكن أخرى من البلاد على الرغم من سيطرة المعارضة على جزء صغير من القلمون.

وكان حسن نصر الله زعيم الحزب قال في كلمة ألقاها الشهر الماضي “إن وجودنا في كل مكان يتطلب منا توسيع مسؤوليتنا”، مشيرًا إلى أن “الوضع في دمشق تجاوز حماية الأضرحة منذ عامين فعليًا”، ومضيفًا “نحن قادرون على مساعدة الجيش والشعب والمقاومة في سوريا لتحقيق النصرًا وصد أي هجوم”.

على الرغم من أن حزب الله تحدث ذات مرة عن وجوده المحدود في سوريا على طول الحدود مع لبنان وحول دمشق، إلا أن دوره توسّع مؤخرًا في البلاد.

ترجمة عنب بلدي ولقراءة المقال باللغة الانكليزية من المصدر، اضغط هنا.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة