«متل يسار عطيني.. وبالحقوق رميني»

إصلاحات كلية العمارة بدمشق، تغيير حقيقي أم شذوذ يؤكد القاعدة

tag icon ع ع ع

شام العلي – دمشق

سلسلة من الإصلاحات والخدمات حظيت بها كلية العمارة في جامعة دمشق في السنتين الأخيرتين تمثلت بخدماتٍ خارجيةٍ وأعمال صيانةٍ وإصلاحاتٍ داخلية، بالإضافة إلى توطيد العلاقة بين الطلاب والإداريين، والارتقاء بالكلية على المستويين العلمي والعملي، وفي كل ذلك يشار بالبنان إلى عميد الكلية الجديد، الدكتور يسار عابدين.

الدكتور يسار ذو السحنة الطيبة والهمة العالية والشخصية الودودة، الذي يراه كثير من الطلاب والمعيدون في كلية العمارة وفي كليات أخرى مثالًا للإنسان الفاعل المخلص، لأنه يحمل همّ الكلية دومًا ويبذل كل جهده لتحسينها ولاقترابه من الطلاب، حتى لكأنهم يشعرون أنه أبوهم أو أخوهم الأكبر.

يقول حسين، أحد طلاب العمارة، «الأستاذ يسار يحتفل معنا ويحمل همومنا ويحزن لحزننا ويساعدنا دومًا»، ويضيف زميله أحمد «العميد نموذج طيب وقدوة، يعلمك ماذا يمكن لرجل واحد أن يفعل».

لكنّ الدكتور يسار يؤكد دومًا وباستمرار أن ارتقاء كلية العمارة ليس من جهده الفردي وإنما هي ثمرة تعاون إداري وتكاتف من الجميع.

إصلاحات كثيرة شهدتها الكلية، تمثلت بإنشاء ملعب خاص في الكلية لكرة السلة، وكذلك إنشاء فرقة موسيقية وفرقة «بريك دانس»، وتركيب جهاز wireless في الكلية ليتمكن الطلاب من الدخول إلى شبكة الإنترنت، بالإضافة إلى إنشاء المستودع الرقمي، وتركيب مظلات لتحمي الطلاب من أشعة الشمس والمطر، وترميم الحمامات والحفاظ على نظافتها دائمًا، ومشروع بوفيه للطلبة، يضاف إلى ذلك دعم المبدعين من الطلبة، وإقامة معارض لأعمالهم، وتخصيص قاعات لهم لمدة قد تصل لأسبوع. مما جعل طلاب الكليات الأخرى يشعرون بالغيرة ويتمنون ما فضل الله به طلاب العمارة على غيرهم.

يقول نضال ساخرًا، وهو طالب حقوق، «متل يسار عطيني.. وبالحقوق رميني».

إصلاحات حقيقية أم «بروظة»؟

كثر الكلام والتساؤلات في الفترة الأخيرة عن الإصلاحات الكبيرة في الكلية، إلى حدود وصلت للخيال والمبالغة، كالكلام عن أن العميد يتجول في الكلية ويسأل الطلاب عن طلباتهم، وأنه يقف على الباب ليلقي عليهم التحية عند دخولهم، كما تم تصوير العميد كإنسان يفعل المعجزات، إذ انتشرت على مواقع التواصل دعابة تداولها الطلاب، «شباب قال العميد رح يأجل رمضان لبعد الامتحان» كنوع من السخرية من الحجم الكبير الذي أخذه الأمر. مما يطرح تساؤلًا جادًا حول حقيقية ومدى جدوى هذه الإصلاحات.

يرى بعض الطلاب، ومنهم سامية، أن الأهم من ملعب كرة السلة ومن براد المياه هو إيقاف المحسوبيات ومحاربة الفساد وتغيير المعيدين الذين يتحكمون بالطلاب ويعيقون مشاريعهم، وتضرب المثل بمعيد يخص بالعلامات العالية طالبًا أو اثنين في المرسم حسب هواه، وتقول «خدو براد المي وبدلولنا المعيد»، مضيفة أن المهم لدى رعاة الإصلاح في الكلية هو أن يصوروا إنجازاتهم ويضعونها على الفيس بوك مشان «البروظة».

كذلك تقول رانية، وهي طالبة عمارة، إن الإصلاحات التي حظيت بها الكلية هي في جملتها إصلاحات خارجية، أما الفساد الذي ينخر في عظم الكلية فلا العميد ولا غيره قادرون على فعل شيء حياله، فالواسطات والمحسوبيات مازالت سارية، كذلك الأمر بالنسبة للمعيدين، فلم يتم تغيير أي معيد رغم الشكاوى المتكررة ضدهم.

لكن أحمد يقول إن عميد الكلية لديه هامش محدد من التغييرات والإصلاحات المسموح بها، أما تعيين وتغيير المعيدين في الجامعات الحكومية السورية فهو منوط بالتعليمات الواردة في المراسيم والقرارت الصادرة عن رئاسة الجمهورية أو مجلس التعليم العالي، فلا يمكن إلقاء اللوم عليه بذلك.

إصلاح بعقلية النظام

وعلى ذلك يتساءل البعض إن كان التغيير جادًّا والإصلاح للارتقاء هدفًا، فلماذا منعت الإدارة عرض الفيلم الإيمائي القصير الناقد «تيه T» ؟ والذي كانت وعدت بعرضه حال جهوزيته في مدرج الكلية ثم منعت ذلك فيما بعد، كما يؤكد طلاب الكلية.

يقول رامي، وهو أحد طلاب الهيئة الطلابية، إن الفيلم القصير لا يصور الكلية ولا يلقي الضوء على المشكلات التي تعاني منها، بل هو بعيد عن الواقع ومنفصل عنه وهذا سبب منع عرضه، في حين ترى الطالبة سلام أن السلبيات موجودة حقًا، ولكن رفض النقد هو عقلية النظام ذاتها في الإصلاح، فهم يريدون أن يصفق لهم الجميع ويهللون ولا يستمعون للانتقادات.

«من برى رخام»!

الطالبة ريمة تقول إن الإصلاحات الخارجية وإن كانت مهمة إلا أنه لا ينبغي أن تكون على حساب المضمون «من برى رخام ومن جوى صخام»، لكن زميلها نزار يقول إن الخدمات مهمة رغم وجود الأهم منها، إلا أن العميد يتعامل مع واقع عصي على التغيير رافضٍ للإصلاح ويفعل «أقصى ما هو ممكن». أما حسين فيرى أن القضية ليست بملعب كرة السلة ولا براد المياه وإنما بما هو أهم منها، فالمشاريع التي كان يقدمها الطلاب ويكون مصيرها سلة المهملات أصبحت حقيقة اليوم بفضل الدعم الذي تناله، وأن أمورًا بسيطة كانت أشبه بحلم إلا أنها أصبحت متوفرة مثل المستودع الرقمي، وكذلك جو الحماس الذي حفز الطلاب للعمل الطوعي ولتقديم أفضل ما عندهم، كذلك الدورات المجانية في الاختصاصات كافة والتي أصبحت متوفرة دومًا في الكلية. وهذه ليست إصلاحات خارجية بل تمثل أهمية كبيرة للطلاب.

لماذا كلية العمارة؟

من باب الغيرة يتساءل الطلاب في الكليات الأخرى عن سبب تخصيص العمارة بهذه الخدمات المميزة والاهتمام، الذي لا تحظى به الجامعات الحكومية في دمشق، ففي كلية الشريعة المجاورة لكلية العمارة لم تشهد الكلية إصلاحات تذكر رغم أن عميدها قد تغير، بل على العكس فأحوال الكلية تزداد سوءًا، وكذلك الأمر بالنسبة لكل الكليات في دمشق، ولعل آخر ما أثار استياء الطلبة هو تخصيص مكان مظلل لسيارة العميد تعلوه لافتة مكتوب عليها بالخط العريض: «موقف خاص لعميد كلية الشريعة»، في حين يقف معظم الطلاب تحت الشمس بسبب عدم توفر مقاعد كافية لهم.

لماذا العمارة؟ سؤال يطرحه الطلبة اليوم، ولعل الأهم منه هو السؤال: هل تطال الإصلاحات جوهر المشكلات في كلية العمارة؟ وهل تكون العمارة نموذجًا للاحتذاء وقدوة للجامعات الأخرى أم تتوقف عندها فتبقى الإصلاحات هي الشذوذ الذي يؤكد القاعدة.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة