أموال الثورة… إنها أمانة في أعناقكم

tag icon ع ع ع

جريدة عنب بلدي – العدد 35 – الأحد – 21-10-2012

حدثني أحد من يجمع التبرعات للثورة السورية أن أحد المواطنين البسطاء يأتي إليه في أول كل شهر ويعطيه ثلاثة آلاف ليرة سورية ويقول له: أوصل هذا المبلغ للجيش الحر، فأنا دخلي الشهري ستة آلاف ليرة سورية ويكفيني منها أنا وأسرتي مبلغ ثلاثة آلاف، أما الجيش الحر فهو أكثر حاجة مني لهذا المبلغ… عسى الله أن ينصرنا وإياهم .

فكرت في هذا المبلغ البسيط الذي يساوي الكثير بالنسبة للرجل الذي دفعه، كيف سيصرفه الثوار؟ وعلى ماذا؟ فهذا المبلغ «البسيط» قد لايعادل ثمن مخزن رصاص يطلقه أحيانًا عنصر من عناصر الجيش الحر دون ضرورة، دون أن يفكّر في أن كل رصاصة بين يديه ما هي إلا أمانة في عنقه وأعناق رفاقه.

فكرت في مظاهر الإسراف في أعمال الثوار دون الالتفات لأهمية التوفير في أموال التبرعات!! فالبعض يذهب بباقة ورد سعرها بضع مئات وربما بضعة آلاف من الليرات السورية لأهل شهيد، في حين أن وردة واحدة تكفي لإيصال الرسالة ذاتها في حين يمكن تحويل تتمة المبلغ لمواد غذائية تعين هذه العائلة المكلومة.

البنزين الذي يستهلكه عناصر الجيش الحر في جولاتهم في المدينة دونما حاجة لذلك، ويتناسون أنهم يدفعون ثمن هذا البنزين من الأموال التي يقطعها رب الأسرة عن أفواه أبنائه ليدعم الجيش الحر. والأمثلة على ذلك كثيرة ومتعددة….

إن صرف الأموال بغير ضوابط يؤدي الى أمرين خطيرين :

الأمر الأول: أن هذه التصرفات هي «خيانة» للأمانة، فهذه الأموال دفعها أصحابها لإطعام جائع أو لمساعدة محتاج، أو لتكون ثمن رصاصة تقتل المعتدين، وبالتالي لا يجوز أن تُدفع لأي مشروع آخر مالم يُستأذَن أصحابُها حتى لا تُنزَع البركة من هذه الأموال، وكي لا يرتكب الثوار والجيش الحر خطيئة يحاسبون عليها يوم القيامة.

الأمر الثاني: أن الناس ستمتنع تدريجيًا عن التبرع للثورة اذا ما رأوا سوء إدارة لهذه الأموال، وأذكر هنا حادثة أن شخصًا فقيرًا كان يتبرع بمبلغ بسيط لإحدى المدارس وكان يقول «المبلغ بسيط… ولكنه يكفي لشراء علبة طباشير لهم» و بعدها علِم أن هذه المدرسة قد اشترت مصعدًا بمليون ليرة -رغم عدم الحاجة إليه- فقرر التوقف عن التبرع وصار يقول للناس «نحن نتعب في هذه الأموال و هم يبذرونها…. أعطها لفقير يشتري بها ربطة خبز أفضل بألف مرة».

وهنا يمكن تقديم بعض النصائح والملاحظات للأخوة القائمين على الأمور المالية علهم يستفيدو منها:

الملاحظة الأولى: ضرورة الفصل بين الميزانية الخاصة والميزانية العامة، أي تخصيص راتب شهري للمتفرغ من الناشطين يصرفه كما يشاء على نفسه ومتطلباته، فلا يستخدم أيًا من أموال الثورة لتغطية مصاريفه الخاصة ولو كانت «سندويشة».

الملاحظة الثانية: ضرورة وضع خطة معينة لإنفاق الأموال المخصصة للثورة في مجالاتها المختلفة (الإغاثية، الطبية، المظاهرات والحراك السلمي…) وبخاصة العسكرية.

الملاحظة الثالثة: أهمية وجود هيئة موحدة (مكتب مالي – لجنة مالية) تمر جميع الإيرادات والتفقات عبر قنواتها بحيث تكون مطلعة على جميع المصاريف، وبحيث تقدر أولويات صرف الأموال، بحيث تكون هذه الهيئة قادرة على منع أي هدر للأموال وتكون في الوقت نفسه قادرة على الرد على الإشاعات المغرضة حول التبذير الذي قد يحصل.

الملاحظة الرابعة: ضرورة عدم ترك قرار الإنفاق بيد شخص واحد لوحده أيًا كان هذا الشخص. إذ أنه – وبحسن نية أو عن غير قصد- قد يسيء استخدام الأموال وينفقها في غير مكانها المناسب، أما في حال وجود أكثر من شخص فإن كل نفقة سيتم النقاش حولها لتحديد أولويتها.

وأخيرًا يمكننا القول: إذا كنت مؤتمنًا فكن «بخيلًا»، ولتكن أولوياتك كأولويات الفقراء وتجنب أن تتصرف بأموال الثورة تصرف الأغنياء.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة