tag icon ع ع ع

في ظل الانتقادات التي يوجهها طيف واسع من السوريين للائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة، ومع اقتراب نهاية دورته الانتخابية، التقت عنب بلدي رئيس الائتلاف، الدكتور خالد خوجة، في مكتبه بمدينة اسطنبول التركية، يوم الجمعة 24 تموز، وحاورته حول عددٍ من القضايا العسكرية والسياسية العالقة وظروف اللاجئين السوريين ومسألة استصدار أوراقهم الثبوتية.

حاوره: حسن مطلق

بدايةً، رحّب خوجة بترتيب اللقاء مع عنب بلدي على اعتبارها تنتمي لـ “إعلام الثورة”، مشيرًا إلى أنه الاجتماع الأول مع الإعلام الثوري داخل مركز الائتلاف.
وكان رئيس الائتلاف نظّم في وقت سابق اجتماعين مع وسائل إعلامية ثورية، مؤكدًا أنه سعى في فترة الأشهر الست السابقة نحو تعزيز علاقة الائتلاف بالداخل، وتوطيد علاقاته مع الجهات والدول الداعمة للثورة السورية.

مشاورات وحوارات تُوّجت بحل دون الأسد

اجتماعات عديدة مع المعارضة السياسية خارج إطار الائتلاف ومع أكثر الفصائل العسكرية فعالية وتأثيرًا ضمن الأراضي السورية أجراها خوجة، مؤكدًا أن الفترة السابقة “لم تكن كافية للوصول إلى الهدف النهائي مع الفصائل العسكرية، ويتمثل بجعلها جزءًا من آليات اتخاذ القرار داخل الائتلاف، وأعتقد أن الأشهر الستة المقبلة ستشهد اندماجًا كاملًا مع الفصائل العاملة على الأرض من خلال تشكيل قيادة عسكرية عليا لها مجالها في اتخاذ القرار”.

واجتمع ممثلون عن الائتلاف بجميع أطياف معارضة الداخل في حوار سوري-سوري على مدار أشهر، وتوجت نتائج هذه الاجتماعات مؤخرًا، بحسب خوجة، في المؤتمر الصحفي مع هيئة التنسيق في بروكسل (الجمعة 24 تموز)، إذ قبلت الهيئة بمبادئ التسوية السياسية، والتي تنص على ضرورة الحل السياسي وفق شروط مؤتمر جنيف على ألا يكون لرأس النظام دور ضمن المرحلة الانتقالية في سوريا.

“للأسف الشديد لم نستطع جلب الدعم الكافي من مجموعة أصدقاء الشعب السوري ليكون بمستوى المعاناة الإنسانية التي نعيشها في سوريا منذ أربع سنوات على كافة الأصعدة، بما فيها العسكري، لذلك أعتقد كما يعتقد أغلب أطياف الشعب السوري وقوى الثورة أن السبيل الوحيد لحقن الدماء ووقف حمام الدم على الأراضي السورية هو اتحاد القوى الثورية، سواء السياسية أو العسكرية أو منظمات المجتمع المدني، ضمن أرضية مشتركة لتشكيل البوصلة التي تقود الشعب السوري”.

رفضنا مع الفصائل مخرجات المجلس العسكري الجديد

عقدت ثلاث لقاءات تشاورية مع الفصائل العسكرية منذ بداية استلام خوجه لرئاسة الائتلاف، اثنان بمشاركة واسعة من أعضاء الائتلاف والفصائل العسكرية، وآخر بين الفصائل والرئيس، الذي عقب “شكلنا لجنة من أعضاء الائتلاف بعد تجميد المجلس العسكري لتمثيل جميع مكوناته، وكلّفت السيد العميد أحمد بري، لإجراء مشاورات مع الفصائل بهدف تشكيل القيادة العسكرية العليا”.

وفي ظل استمرار جهود اللجنة المشكلة مع الفصائل ومشاورات العميد أحمد بري أعلن المجلس المنحل تشكيل مجلسٍ عسكريٍ جديد في الريحانية (19 تموز)، وفق خوجة، ولم يكن أحد من الفصائل على اطلاع حول تفاصيل الاجتماع الذي عُقد لتشكيله، لذلك رفضت الفصائل والائتلاف مخرجاته.

ندعم توجه أحرار الشام، وزهران علوش “منفتح”

لطالما كانت حركة أحرار الشام موجودة ضمن اللقاءات التشاورية للائتلاف، وسعت الجهود إلى أن تكون جزءًا من القرار السياسي للمعارضة السورية وجزءًا من “جيش الوطن” الذي يُزمَع تشكيله من فصائل المعارضة، قال خوجة.

خطاب الدكتور لبيب النحاس لم يأت بشكل مفاجئ، ولكنه بدأ مع استلام القيادة الجديدة للحركة واختلاف منحاها بانحياز طيف واسع منها إلى التيار السوري العريض (الوطني)، بحسب خوجة، الذي أكد على دعم الائتلاف لـ “توجه الحركة الجديد من خلال لقاءات تشاورية شارك فيها الأخ لبيب، وندعو باقي الفصائل لتنحو منحى الحركة، لأننا بدون تيار وطني وأرضية مشتركة بعيدة عن الأدلجة وعن المناطقية لا يمكن أن نُسرّع في حقن الدماء”.

منتصف نيسان الماضي خرج زهران علوش، قائد جيش الإسلام، إلى تركيا، وقال خوجة إنه ناقش العديد من القضايا معه حتى قبل خروجه من الغوطة، “كانت اللقاءات مثمرة وكان منفتحًا تمامًا سواء حول طرح الائتلاف الوطني الجامع لكافة أطياف الشعب السوري أو قبول تداول السلطة أو من ناحية توحيد الجهود العسكرية تحت مظلة مشتركة”.

بشكل رسمي.. الائتلاف لا يصدر جوازات سفر

وتعقيبًا على إصدار الائتلاف للجوازات لم ير خوجة حلًا لجوازات سفر السوريين ولا الوثائق الثبوتية الأخرى في الفترة القريبة أو حتى المتوسطة، “لا يصدر الائتلاف جوازات سفر بشكل رسمي، وإنما تعمل أكثر من جهة بشكل فردي”.

وأوضح خوجة “نحن لا نتبنى إصدارها في ظل استمرار المسار القانوني سواء مع الأمم المتحدة أو بعض الدول الصديقة في الاتحاد الأوروبي، والتي تدعم وجود وثائق سفر سليمة للسوريين عبر الإئتلاف، ولكن هذا المسار شائك في ظل استمرار الاعتراف القانوني من قبل الأمم المتحدة بنظام الأسد”.

نُرحب بالعمليات التركية على الحدود

واعتبر خوجة تشكيل القيادة العسكرية أمرًا سوريًا بحتًا ولا يوجد لأي دولة “صديقة” مشاركة في هذا الإطار، مؤكدًا أن حرب تركيا ضد الإرهاب على الحدود السورية التركية ومواجهتها داعش أو المجموعات الإرهابية الأخرى سيكون له تأثير إيجابي.

“نرحب ببداية العمليات التركية، والتي يبدو أنها ستستمر لفترة طويلة ولن تنتهي بين يوم وليلة باعتبار تهديد داعش موجود، ونرى في حربنا على الإرهاب أن العملية ستنعكس إيجابًا على فصائل الجيش السوري الحر الذين يحاربون الإرهاب، أو من ناحية توحيد الجهود لتشكيل القيادة العسكرية العليا”.

وعن تجاهل الائتلاف قضية مقتل السوريين على الحدود التركية، قال خوجة “لا نعلم عدد الوقائع التي شهدت إطلاق نار، ولكن بعد انتقال تهديد المجموعات الإرهابية وخاصة داعش إلى الأراضي التركية كان هناك توجيهات صارمة من الجيش التركي ليكون الدخول عبر البوابات الحدودية، كما نشهد نفس الوقائع على حدود الدول المجاورة الأخرى.. إنها إحدى المآسي التي يواجهها الشعب السوري”.

وردًا على أصوات تركية معارضة تنادي بترحيل السوريين، أشار خوجة إلى أن قرار استضافة السوريين ودعم الشعب السوري “هو قرار دولة وليس قرار حزب”، مؤكدًا أن “الخارطة السياسية أصبحت واضحة وفي ظل المعطيات الحالية… سيكون هناك حكومة ائتلافية بقيادة حزب العدالة والتنمية”.

المفاوضات النووية ارتبطت بثورة سوريا

في هذا الشأن يقول خوجة إن المشكلة لم تكن في إيران نفسها، لأنها أعلنت بشكل واضح منذ البداية وقوفها إلى جانب الأسد، ومارست ذلك فعليًا بإدخال الحرس الثوري الإيراني أو المجموعات المرتبطة فيها، كحزب الله والميليشيات الشيعية الأخرى القادمة من العراق ومن جميع أنحاء العالم.

“المشكلة تكمن في شعورنا كقوى ثورية أن عملية المفاوضات النووية ارتبطت بحزمة من القضايا منها ثورة سوريا، وأوقفت كافة أشكال الدعم التي كانت مطلوبة للشعب السوري منذ مجزرة الكيماوي في الغوطة بالإضافة إلى العقوبات التي يجب أن تفرض على النظام، لذلك وجهنا رسالة لمجلس الأمن والدول الشقيقة بألا تُستخدم الأموال التي ستحرر لصالح إيران في قمع الشعب السوري وأن تكون هناك آليات رقابة على كيفية صرف هذه الأموال”.

ماذا حقق خوجة خلال دورته؟

“نجحت جزئيًا بحكم الفترة الزمنية القصيرة، وأعتقد أن النجاح تجلى في الإصرار على ثوابت الثورة السورية وفتح باب الحوار مع باقي أطياف المعارضة الأخرى السياسية والعسكرية، والانفتاح نحو الداخل واللقاءات التشاورية مع العسكر والتي لم تتوج بعد”.

وأقر خوجة بفشله في تحقيق آلية التوافق داخل الائتلاف، مؤكدًا صعوبة الأمر لأن لكلّ مكون اتجاهًا سياسيًا أو إيديولوجيًا أو ربما مناطقيًا مختلفًا عن الآخر، “للأسف حالة الائتلاف وقبله المجلس الوطني تناسب الديمقراطيات المستقرة ولا تناسب الحالة الثورية، فالائتلاف عبارة عن برلمان ولا يمكن أن نطلب من أحزاب أو مكونات داخله أن تتوافق على جميع القضايا، وهناك خطأ بنيوي في جمع كافة القوى الثورية تحت مظلة الائتلاف ولكن هذا الواقع الذي نعايشه وسنستمر ضمن هذه المعطيات”.

لا يزال رئيس الائتلاف يسعى نحو إصلاحات تتعلق بالنظام الداخلي وتتغير بموجبها آليات القرار، في ظل حالة تصادم الصلاحيات بين الهيئة العامة والسياسية والرئيس والأمانة العامة، بحسب قوله، “للأسف تحتاج إلى ثلثي الأعضاء لتغييرها، ولكن هذا تحدّ يجب الخوض به وربما نستطيع تحقيقه في الفترة المقبلة بغض النظر عمّن ستؤول إليه رئاسة الائتلاف”.

أكد خوجة في ختام حديثه إيمانه بحتمية انتصار الثورة السورية، “أعرف أن هناك حالات إحباط لكثير من أطياف الشعب السوري بسبب طول المدة الزمنية التي استهلكت الكثير من الأنفس والموارد، ولكن الثورة السورية يجب أن تقرأ ضمن الثورات الكبرى التي غيرت مجرى التاريخ، باعتبارها ثورة مفصلية في منطقة الشرق الأوسط، تمامًا كالثورات التي بدأت خلال القرن الثامن عشر في أوروبا”.

 

لمتابعة اللقاء كاملًا:

مقالات متعلقة