إغاظة الكبار للصغار  تسلية لا معنى لها

tag icon ع ع ع

أسماء رشدي

تبلغ هدى من العمر خمس سنوات، تقول والدتها إن لديها مشكلة مع بعض أفراد وأصدقاء العائلة عندما يتفاعلون معها. ومن الأمثلة عمها، الذي يقول لها باستمرار «بدي آخد أخوكي الصغير إلنا»، لتبدأ هدى بالصراخ والبكاء احتجاجًا على ذلك، بينما يبدأ الأشخاص الآخرون بالضحك.

في حالات أخرى قال لها بعض أقاربها الكبار «بدي آخد شعراتك الحلوين واتركك بلا شعر». للوهلة الأولى شعرت هدى بالارتباك، ثم بدأت بالبكاء عندما بدأ الكبار بالضحك عليها. حتى إن ابن عمها الصغير يقول لها في كل مرة يراها أنه سوف يأخذ ألعابها إلى بيته، فقط لإغاظتها ومضايقتها.

تقول أم هدى إنها لا ترى أي معنى لمثل هذه التصرفات من قبل الكبار، وعادةً ما تقوم بتغيير الحديث معهم، إلا أنها تشعر بالضيق من طريقة تعاملهم مع ابنتها، وخاصة أن هدى تعبر عن شعورها بكره تلك التصرفات، وعندما تخبر الأم ابنتها أن تطلب منهم بأن يكفوا عن مضايقتها، تعبر هدى عن عجزها، وتقول إنها لا تستطيع.

أم أحمد تتضايق من زوجها الذي يتسلى بابنه لمجرد الضحك، «طلاع من البيت هاد بيتنا مو بيتك، عيش بالشارع أو المخيم»، أو»أنت مو ابننا، لقيناك بالمخيم وكان لونك أسود ودهناك وحممناك صرت أبيض، وإذا عذبت منرجعك».

بعض الراشدين يستطيعون التواصل مع الأطفال بشكل جيد باستخدام المزاح. عادة ما يكون الأطفال في عمر خمس سنوات قادرين على فهم الفكرة عندما يقول لهم الراشد على سبيل المزاح «بدي آخد أخوكي الصغير إلنا»، خاصة عندما يتبع الراشد ذلك بابتسامة وإيحاءات جسدية، توحي للطفل بما يقصده الكبير من هذه المزحة.

ولكن الإغاظة، وبشكل خاص الممارسة من قبل الوالدين، تترك تأثيرًا قويًا على نفسية الطفل، وعلى الآباء مراقبة طريقتهم في المداعبة بشكل جيد، ولا بد من إدراك الخطوط التي تميز الملاعبة والمزاح، وتقرب الطفل من أبويه، عن الإغاظة، التي قد تفرق بينهم.

أما في حال كانت المضايقات من خارج نطاق الأسرة، فيستطيع الأهل مساعدة طفلهم من خلال نقل الرسالة له: «يمكنك التغلب على ذلك»، وتشجيعه على التسامح وتقدير الاختلافات. كما يكون من المهم في نفس الوقت مراجعة سلوك الآباء أنفسهم، وما إذا كانوا يلعبون دور الضحية بشكل دائم في حياتهم، وفيما إذا كان هذا النموذج هو الذي يصل لأبنائهم.

كما لابد من العمل على إيصال فكرة أن الإغاظة لا يمكن منعها، ولا أحد يستطيع السيطرة على ما يقوله أو يفعله الآخرون، ويمكن للطفل أن يتعلم كيفية التحكم بردود أفعاله الخاصة به، التي سوف تخفف من هذه المشكلة من خلال الاستماع الفعّال من قبل المسؤول عن الطفل ومساعدته على تسمية مشاعره. صحيح أن تجاهل بعض المضايقات قد يكون صعبًا، إلا أن تقنية التجاهل قد تكون فعالة مع بعض المضايقين.

كلما كان الطفل يثق بنفسه ويحترم ذاته، كلما كان تأثير الإغاظة والمزاح القاسي أقل تأثيرًا عليه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة