في سوق الخليج.. طرفان خاسران

tag icon ع ع ع

سعد معاذ

لم يكن حلم المواطن السوري العمل في دول الخليج بل هو جزء من مستقبل بعض المهن التي وجدت في هذه الدول وخاصة المملكة العربية السعودية، حيث يتوافر الدخل الجيد ومدخرات تعود به إلى الوطن عزيزًا مقتدرًا.

المهن الأكثر رغبة في المملكة كانت الهندسات والطب بفروعه والتعليم بالإضافة إلى مهن أخرى لا تتطلب شهادات عالية مثل المبيعات والسياحة والمطاعم، لما يتمتع به السوري من مهارة وجديّة في عمله ورغبته في تطوير نفسه ومركزه، ولم يكن يترك وراءه إلا سمعة عطرة وأثرًا جيدًا، وفق ما يتداول في المملكة.

الملاحظ قبيل 2011 أن أغلب الشباب السوريين باتوا يفضلون البقاء في الوطن، ومكافحة سبل العيش عسى أن يؤسسوا شيئًا في بلدهم بعيدًا عن ضريبة الغربة، وكانت مكاتب التوظيف تحاول مرارًا ترغيبهم بالمال والميزات حتى بدأت الثوره في سوريا؛ عندها تراجعت الرغبة في توظيف السوريين باضطراد كبير، لتصل إلى منع العقود والإقامات ثم منع الفيز العائلية (فيز الزيارة)، اللهم إلا لكبار السن من آباء وأمهات المقيمين.

لم يكن هناك تفسير رسمي من الحكومة السعودية، بينما تداول المقيمون خوف الدولة من دخول “الشبيحة” وأن يؤدي وجودهم بكثرة إلى الإخلال بأمن المملكة. لا يمكن لوم السعودية على المخاوف الأمنية إن وجدت، لكن نقصًا كبيرًا في العمالة والحرفيين كانت فرصةً للتكامل بين رجال الأعمال والشباب أصحاب الخبرات الذين يواجهون ظروفًا معيشية متردية بسبب الحرب.

يمر الشعب السوري بأزمة إنسانية هي الأكبر في الزمن الحديث، من حيث العدد الهائل من البشر اللاجئين والنازحين ويقدر بأكثر من 10 ملايين، وأصبح السوري محرمًا على أغلب بلدان العالم باستثناء لبنان الصغير بمساحته وفرص عمله، ومصر والأردن الغارقتين بمشاكلهما الاقتصادية العميقة ومستويات بطالتهما المرتفع، ولم يبق إلا تركيا التي فتحت أبوابها لجميع السوريين على اعتبارهم ضيوفًا ليجد كثيرون منهم العمل في الحرف والسياحة والعمالة وغيرها، لكنها لم تسمح أيضًا لأصحاب الشهادات العلمية بالعمل لحد الآن.

مع هذا لم نر في تركيا اضطرابات من وجود هذا العدد من السوريين (قرابة مليونين وفق الأمم المتحدة) على اختلاف انتمائهم وولائهم السياسي، إلا حوادث متفرقة ناتجة عن عمليات الاندماج الطبيعية في مجتمع أجنبي، ولم تتحقق مخاوف السعوديين في تركيا بل زاد تدفقهم وسط فوارق باللغة واستمرار المخاوف من الترحيل في أي وقت يتغير فيه المزاج السياسي المضطرب مؤخرًا وغير المستقر بالنسبة للسوريين، إذ تطالب أطياف من المعارضة بإعادتهم إلى بلادهم وعدم تحميل البلاد ما لا طاقة لها به.

لا نعلم إلى متى يستمر الوضع القاتم والغائم في سوريا، ولهذا يأمل الشباب العامل من دول الخليج فتح باب التعاقدات المباشرة والفيز، علّها تخفف عن إخوتهم في الدين والعروبة بعض ما هم فيه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة