tag icon ع ع ع

دخلت مادة النابالم (الحارقة) في الحرب السورية رسميًا، عام 2012، ليتوسع استخدامها ويشمل عددًا من المدن والبلدات حتى يومنا هذا، فما هي قصة النابالم وكيف ورثها نظام الأسد؟

ومادة نابالم هي سائل هلامي يلتصق بالجلد وقابل للاشتعال، ويصنع من خلال إضافة قطع الصابون الزيتي إلى البنزين المسخن بطريقة غير مباشرة، ويسبب عند ملامسته الجلد حروقًا من الدرجة الرابعة والخامسة، بحسب تعريف موسوعة “ويكيبيديا”.

تاريخ أمريكا مع النابالم

girl-in-the-picture

القصف بالنابالم على فيتنام 1967

طورت الولايات المتحدة الأمريكية المادة خلال الحرب العالمية الثانية لتدخل في المجال العسكري مباشرة، واستخدمتها في قصف مدينة ديرسدن الألمانية 1945، الأمر الذي خلف بين 25 إلى 40 ألف قتيل من المدنيين آنذاك.

نجاح قنابل النابالم عسكريًا، دعا واشنطن إلى استخدامها ثانيًا في الحرب الكورية 1950 – 1953، وألقت أثناءها آلاف الأطنان من المواد المتفجرة على الانفصاليين (الشيوعيين).

الاستخدام الأوسع للنابالم كان خلال الحرب الفيتنامية 1961- 1970، وأحرقت فيها المقاتلات الأمريكية عشرات القرى الفيتنامية مسببة مجازر أزهقت أرواح آلاف المدنيين والمقاتلين، وحسب تصريحات وزارة الدفاع (البنتاغون) فإن الجيش الأمريكي ألقى 100 ألف طن من النابالم على فيتنام بين عامي 1963- 1967.

تقارير ألمانية أكدت استخدام الولايات المتحدة لهذه القنابل خلال الحرب على العراق عام 2003، مستندة إلى شهادة طفل عراقي أصيب بحروق كبيرة في جسده وفقد معظم أسرته نتيجة سلاح حارق ألقي على منزل عائلته، الأمر الذي قوبل بنفي قاطع من واشنطن آنذاك.

من هي الدول التي استخدمتها

لم ينحصر استخدام المادة على الولايات المتحدة، فقد وثق استهداف الاتحاد السوفيتي معاقل طالبان والمقاومة الأفغانية بها في ثمانينيات القرن الماضي، كذلك استخدمتها إسرائيل في حرب حزيران 1967 ضد القوات السورية والمصرية، إضافة إلى استخدامها ضد الجيش السوري في لبنان عام 1982، بحسب شكوى قدمتها سوريا للأمم المتحدة آنذاك.

البرازيل أيضًا لم تتوانى في استخدام النابالم في حربها ضد عصابات المافيا في تسعينيات القرن الماضي، إضافة إلى العديد من الدول في أفريقيا وأمريكا الجنوبية، خلال المعارك التي شهدها القرن العشرون.

النابالم استخدم في سوريا

وثق نشطاء الثورة السورية استخدام النابالم لأول مرة في أيلول 2012، وتحديدًا في استهداف مدن وبلدات في ريف حلب الخاضع آنذاك لسيطرة المعارضة المسلحة.

آثار الحروق في بلدة أورم الكبرى في محافظة حلب- آب 2013

آثار الحروق في بلدة أورم الكبرى في محافظة حلب- آب 2013

وأعد مركز توثيق الانتهاكات في سوريا، تقريرًا موسعًا أكد من خلاله استخدام النابالم من قبل قوات النظام لأول مرة في شهري آب وأيلول 2013.

الهجوم الأول وقع في بلدة أورم الكبرى في محافظة حلب، وأصيب خلاله 70 مواطنًا بحروق مختلفة، أسعفوا إلى المشافي والمراكز الطبية في المدن والبلدات القريبة، ووقع الهجوم الثاني في مدينة داعل في محافظة درعا، في أيلول من العام نفسه، مسببًا مقتل عدد من المدنيين من عائلة واحدة، نجت منها طفلة وحيدة.

الهجمات استمرت خلال العام الذي يليه، فاستهدفت عدة محافظات بالقنابل الحارقة ولاسيما في أرياف دمشق وحمص وحماة وإدلب، إلا أن مدينة داريا كانت شاهدة على استخدامه على نطاق واسع خلال الشهر الماضي، فاستهدفت المدينة بعدد من القنابل في الفترة الممتدة بين 14- 16 آب.

11219602_842171065882240_4661475963868267291_n

استهداف مدينة الزبداني بقنابل حارقة، 16 أيلول 2015

المجلس المحلي لداريا، إضافة إلى نشطاء المدينة والجيش الحر العامل فيها، وثقوا إلقاء النابالم على الأحياء السكنية من خلال صور وتسجيلات مصورة.

مؤخرًا، وتحديدًا الخميس 16 أيلول، بدأت قوات الأسد بإلقاء النابالم على مدينة الزبداني، مسببة حرائق كبيرة في المرافق العامة، بحسب شهادات المشفى الميداني فيها، إضافة إلى شبكة “أخبار الزبداني” عبر موقع الفيسبوك.

سوريا أيدت سابقًا حظر النابالم

أدلى مندوب سوريا لدى الأمم المتحدة، 13 تموز 1973، ببيان قال فيه: “إن حكومة الجمهورية العربية السورية، إذ درست التقرير المتعلق بالنابالم وغيره من الأسلحة المحرقة وجميع النواحي المتعلقة باحتمال استعمالها…، تؤيد كل الأحكام الواردة فيه وخاصة تلك المتعلقة بحظر جميع هذه الاسلحة”.

وكانت سوريا صوتت سابقًا على قرار الجمعية العامة للأمم المتحدة، رقم 2932 لعام 1972، الذي أقرت فيه 99 دولة بـ “الطابع العشوائي” للأسلحة الحارقة، وآثارها في التسبب في معاناة لا داعي لها، واستنكرت استخدامها في جميع النزاعات الدولية وغير الدولية.

وتندرج النابالم ضمن قائمة “الأسلحة المحرقة”، والتي أقر بحظرها وتقييد استخدامها في “بروتوكول جينيف“، بتاريخ 10 تشرين الأول 1980.

قالت الولايات المتحدة إنها أتلفت جميع مخزونها من النابالم مطلع عام 1970، بعد أن قتل بها آلاف المدنيين في ألمانيا وكوريا وفيتنام، لكن المادة لازالت تستخدم حتى يومنا هذا، والواقع السوري أكبر دليل على ذلك.

مقالات متعلقة