مواطنون: وجود الأمن في المدينة يسلب الأمان من أهلها

كيف يبسط النظام سيطرته على حماة؟

tag icon ع ع ع

عمر عبد الرحيم – حماة

يعد مطار حماة العسكري الخط الأول للدفاع عن المنطقة الوسطى، عدا عن كونه خزانًا عسكريًا ضخمًا تنطلق منه القوافل العسكرية باتجاه الشمال والشرق السوري، وتطلق منه الصواريخ بعيدة المدى، وتقلع منه الطائرات العسكرية بكافة أشكالها.

لهذه الأسباب وغيرها، حرص النظام باستمرار طيلة سنوات الثورة على تأمين مطار حماة والمدينة الملاصقة له بأي ثمن، ما كلّف المدينة آلاف المعتقلين والمهجّرين، ومئات المداهمات وعشرات المعارك داخلها وفي محيطها، لينتهي الأمر بخضوعها للنظام وخروج ثوارها منها في نيسان 2013.

يقول الناشط الإعلامي رحماني الشامي: «قبل خروج الثوار من حماة، وصل الحال بعناصر النظام أن يخافوا الخروج أبعد من السواتر الترابية بعشرة أمتار خشية اغتيالهم أو اختطافهم»، إلّا أنها وبعد السيطرة التامة عليها أصبحت مرتعًا لمن هبّ ودبّ من عناصر النظام، فكيف يحمي النظام نفسه اليوم في حماة المدينة؟

الأفرع الأمنية تتقاسم المدينة

معلومات حصلت عليها عنب بلدي تقول إنه إضافة لانتشار لجيش النظامي وتعدد مواقعه العسكرية، يقسم النظام المدينة إلى قطاعات عسكرية، ويكلف الأفرع الأمنية بحمايتها، وهي الأمن العسكري، الأمن الجوي، الأمن السياسي وأمن الدولة.

ويعتبر الأمن العسكري أهم تلك الأفرع وأقواها، حيث يستلم حواجز مركز المدينة في ساحة العاصي ومحيطها، ويأتي بعده فرع الأمن الجوي، سيء السمعة، وقطاعه في المنطقة المحيطة بمركز الفرع قرب المطار العسكري، ثم الأمن السياسي في منطقة الأربعين ومحيطها شمال حماة، فأمن الدولة والشرطة العسكرية في باقي المناطق، في حين تبقى الشرطة المدنية في مراكزها الأساسية قبل الثورة.

كما انتشرت في الأونة الأخيرة ما تسمى «الدوريات المشتركة»، التي يشرح رحماني عملها، «تضم هذه الدوريات عناصر من مختلف أفرع المخابرات، وتنتشر على شكل حواجز طيارة في أماكن معروفة في المدينة كقرب القلعة مثلًا، وتقوم بإيقاف السيارات والتدقيق على الشباب وابتزازهم أحيانًا بحجج تافهة».

4 مليشيات علنية

أما عن الميليشيات المسلحة، فتنتشر بمختلف التسميات التي نعلمها ولا نعلمها، بحسب رحماني، الذي يعددها وفق ما يتوفر لديه من معلومات كالتالي:

اللجان الشعبية «الدفاع الوطني»، وهي أكبر الميليشيات وأقواها، وإضافة لأصحاب السمعة السيئة، تضم أيضًا فقراء ومحتاجين والأطفال ممن تم استغلالهم وتطويعهم فيها، سواء من أهل المدينة أو النازحين إليها، حيث يقبل النظام معظم طلبات الانتساب بحثًا عن أكبر عدد من المسلحين. وللدفاع الوطني أفرع في مختلف المدن التابعة لحماة، كمحردة وسلمية وقمحانة والسقيلبية وغيرها، ويشاهد عناصر اللجان في شوارع المدينة بكثافة، إلّا أن عملهم الأساسي على جبهات ريف حماة وحواجزه، خاصة حول القرى الموالية .

«كتائب البعث»، وهي الذراع العسكري لحزب البعث الحاكم، وترتبط باتحاد طلبة سوريا بشكل وثيق، حيث أن نسبة كبيرة من المتطوعين فيها من طلاب الجامعات، ويحاول بعض عناصرها الظهور باللباس المدني ودون سلاح لعدم لفت الأنظار، وتشاهد هذه الميليشيات بشكل أساسي في حزب البعث وشعبه المختلفة وكليات جامعة حماة.

«حزب الله السوري»، مجموعة مسلحة طائفية كحزب الله اللبناني، معظم أعضائه سوريون، وقد كثر وجودهم في السنة الأخيرة في حماة.

«المقاومة الشعبية فرع حماة»، وهي الجبهة الشعبية لتحرير لواء اسكندرون، لكن أعدادهم في حماة قليلة ويقاتلون مع النظام على جبهات الريف الحموي.

أما عن الميليشيات الأجنبية، فحتى قبل أسابيع لم يكن هناك أي وجود أجنبي عسكري صريح في المدينة، إذ يتم التكتم على وجودهم ويوضعون في المراكز العسكرية وداخل الحواجز، بعيدًا عن المدنيين، كالمطار العسكري واللواء 47 جنوب حماة.

الروس وصلوا إلى حماة

«لا نستبعد أن نرى مستقبلًا عناصر روسية في المدينة، ما بقي حدا ما إجا لعنا»، هذا ما قاله أحد الناشطين الحمويين قبل أسابيع، وهو ما حصل فعلًا، فبعد افتتاح ما أطلق عليه النظام اسم «مركز إيواء الصداقة السورية الروسية» في نادي الفروسية بحماة، في السابع عشر 17 أيلول المنصرم، بدأ تتوارد إلى الأهالي تأكيدات عن دخول عناصر روسية للمدينة، ومركز الإيواء افتتحه محافظ حماة غسان خلف على أنه لإيواء النازحين، وأشار حينها إلى أن «الأصدقاء الروس وحرصًا منهم على المساهمة في تخفيف معاناة المهجرين والنازحين السوريين جراء اعتداءات المجموعات المسلحة قاموا بإنشاء مركز الصداقة السورية الروسية»، بحسب جريدة الفداء الرسمية، لكن قناة روسية نشرت يوم الأربعاء الماضي (7 تشرين الأول) صورة لمركز الإيواء داخل نادي الفروسية يبدو فيها النادي كثكنة عسكرية لا كمخيم نازحين.

محمد، وهو مواطن من المدينة، أكد مشاهدته لجنود روس باللباس العسكري الكامل مصحوبين بأجهزة محمولة على الكتف، قرب سوق برهان وقرب المجمع الطبي وفي تل الدباغة في المدينة، في حين قال الناشط الحقوفي جواد الحموي أنه حصل على معلومات مؤكدة بوجود العناصر الروسية في المدينة دون تأكيدات عن كونهم مسلحين أو خبراء فقط، وقد شوهدوا يسيرون بمرافقة عناصر النظام في المدينة، مضيفًا بلهجة ساخرة: «الشبيحة يلي معهم عم ينصبوا عليهم».

رغم انتشار الأفرع الأمنية والميليشيات التي يدّعي النظام أنها لـ «حفظ الأمن والأمان»، يؤكد رحماني أن وجود الأمن يسلب الأمان، وأن معظم المشاكل التي تواجه الناس اليوم سواء أمنية أو اجتماعية سببها الميليشيات، التي لم يعد لها رادع في المدينة، «سرقات وخطف وتهديد وسط المدينة بدون أي رقيب، عائلة مكونة من أب وأم وطفلة صغيرة تُدهس وسط شارع أبي الفداء في وضح النهار من قبل سيارة للأمن تسير بالاتجاه المخالف، وتتابع السيارة طريقها بشكل طبيعي، اشتباك مسلح بين عناصر الأمن العسكري والدفاع الوطني في حديقة أم الحسن وسط المدينة بين الناس بسبب خلاف بين العناصر، حوادث كثيرة تحصل بشكل يومي تعزز لدى المواطن قناعة الابتعاد قدر الإمكان عن الأمن للحصول على الأمان».




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة