tag icon ع ع ع

بعد خسارته الجزء الأكبر من الحقول والآبار يتجه النظام للحفاظ على ما تبقى له من الآبار في وسط سوريا بالقرب من تدمر، حيث حقل “جزل” النفطي الاستراتيجي الذي ينتج وسطيًا بين 2500 و3000 برميل يوميًا، وبعض الحقول شرقي حمص وإنتاجها بحدود 10 آلاف برميل يوميًا.

ويتميز حقل جزل بغناه بنفط خام سهل التكرير، وذلك للإبقاء على شريان توليد الطاقة الكهربائية مستمرًا في المناطق التي لا تزال تحت سيطرته، إذ يعتبر النظام جزل خطًا أحمر، باعتباره من أكبر الحقول النفطية في سوريا، والذي يساهم بشكل كبير جدًا في تأمين الغاز والكهرباء للمنطقة الوسطى بشكل مباشر، ما يعني فقدانه كارثة خدماتية على السكان.

شرقي حمص تتوضع مناجم فوسفات “خنيفيس” الغنية، وبسيطرة التنظيم عليها في أيار من العام الحالي يكون النظام قد خسر آخر مصادر دخله وآخر صادراته من الثروات الباطنية خلال الثورة.

ويعد الفوسفات مصدر دخل مهم للنظام، ففي الربع الأول من هذا العام تم تصدير 345 ألف طن منه بقيمة 35.3 مليون دولار أمريكي، أي بزيادة نسبية تزيد عن 18.2 مليون دولار في الفترة ذاتها من العام الماضي، وفق تقارير غربية، (فاينانشال تايمز).

هذه الخسائر المتتالية للنظام، والتي كان سببها المعارك التي يخوضها في أكثر من جبهة على امتداد المدن والمحافظات السورية، أوجدت معها معاناة للمواطنين الذين يعيشون في ظل سيطرته بسبب فقدان المحروقات بعد رفعه أسعارها بحجة رفع الدعم، ولتأمين نفقات حملته العسكرية على الأرض.

وهو ما اضطر النظام لإبرام صفقات مع حليفة التقليدي إيران، فتح من خلالها خطوطًا ائتمانية لمده بالمشتقات النفطية والسلع قيمتها 3.5 مليارات دولار، وقد أبرمت بين بنك صادرات الإيراني والتجاري السوري عام 2013.

أمام هذا لم يجد المواطنون بدًا من البحث عن بدائل في ظل استشراء الفساد في معظم المؤسسات والهياكل الإدارية المكلفة بإدارة أزمة النفط ومشتقاته والغاز، وكذلك غياب أي رؤية مستقبلية قد تحسن من الواقع الحالي.

تقول أم خالد، موظفة في القطاع الخاص تعيش في ريف دمشق، لعنب بلدي، إنها لا تعتمد كثيرًا على المحروقات في الاستخدام اليومي، بل تركز على الكهرباء لأن الحصول على البنزين أو المازوت أمرٌ صعبٌ بسبب ندرته أحيانًا وارتفاع أسعاره، ويقتصر استخدامها وعائلتها على كميات مازوت كانت مخزنة قبل الثورة وتستخدم الآن للضرورة القصوى، وتوضح «بات الحصول على البنزين والمازوت من بعض كازيات النظام في قلب دمشق وحلب يحتاج لواسطة»، وهذا عبء إضافي جديد.

تبدي أم خالد نظرة أقل تفاؤلًا حيال مستقبل النفط والغاز في سوريا فيما لو انتهى الصراع، وتقول «حتى لو انتهت الأزمة لن تكون السيطرة على الحقول كما كانت عليه من قبل سيكون هناك تقاسمات ومحاصصات من جديد، وستبقى الحقول أهدافًا للسيطرة».

وحول تعاطي حكومة النظام مع ملف المحروقات وعمله على توفيرها بسعر مناسب للمواطنين رغم رفعه الأسعار بشكل متتال، تضيف «الحكومة لم تنجح في إدارة هذا الملف، رفعت الأسعار دون أدنى تفكير بالدخل اليومي والشهري للمواطنين… هناك تهريب للمواد، والدعم يذهب لغير مستحقيه، فضلًا عن التلاعب اليومي بالأسعار والغش والاحتكار».

أحمد ح، طالب جامعة في حمص، يبدي قلقًا على مستقبل النفط في سوريا، ويعتقد أنه يجب توزيع عائدات التصدير والبيع على كل السوريين وتوظيفها في التنمية، اقتداءً بتجارب دول مرت بما مر به الشعب السوري.

مصفاة بانياس على البحر المتوسط

وفي حزيران الماضي، رفعت حكومة النظام سعر البنزين بمقدار 10 ليرات لليتر، ليصبح 150 ليرة بدل 140، وسعر زيت الكاز ارتفع من 130 إلى 140 ليرة، وسعر الفيول من 105 آلاف ليرة للطن إلى 112 ألف ليرة. (الدولار يقابل 340 ليرة وفق تسعيرة السوق السوداء).

معاناة العسكريين والمدنيين واحدة

يشارك العسكريون المواطنين معاناتهم في تأمين المحروقات والحصول عليها، يضاف إلى ذلك أعباء تأمين القوافل من المصدر حتى المستودعات وأماكن التفريغ في المناطق التي تسيطر عليها المعارضة.

النقيب علي أبو أحمد، القائد الميداني في ألوية سيف الشام (قطاع جنوب درعا)، يقول إن تأمين المحروقات بأنواعها يتم من خلال تجار الوقود الذين يقومون بتأمينه من مناطق سيطرة النظام أو من الشمال السوري عبر مناطق سيطرة تنظيم الدولة، ويدخلونه إلى المناطق المحررة بطرق خاصة، وبحسب أبو أحمد تشهد عمليات إدخال المحروقات لمناطق المعارضة صعوبات كبيرة، بسبب انقطاع الطرقات أو احتكار البعض للوقود، لكنه يستدرك «سرعان ما نجد حلولًا لتلك الصعوبات».

وعن دور الجبهة الجنوبية في حماية القوافل أو المنشآت العامة والخاصة التي تهتم بتوفير المحروقات والنفط لمنطقة درعا وريفها، يقول النقيب «إننا نحمي قوافل الوقود عند دخولها إلى مناطق سيطرتنا مباشرةً، كما نقوم بتأمين القوافل خلال سيرها حتى وصولها إلى مناطق التفريغ والمستودعات، ونؤمن الطرق العامة والفرعية ضد تسلل أي جهة يمكن لها زرع الألغام على تلك الطرقات.

يشير أبو أحمد إلى أنّ «الجبهة الجنوبية لديها مجموعة خاصة مهمتها حماية وتأمين مستودعات الوقود والتي تكون محصنة ضد قذائف النظام والبراميل المتفجرة، كما جهزت مستودعات سرّية مؤمنة يتم من خلالها تزويد القوات وباقي فصائل الجبهة الجنوبية حسب حاجة الأعمال العسكرية الثورية واستطاعة تلك المستودعات»، وفق قوله.

اقرأ ايضا

النفط السوري تحت سطوة العسكر –  الجزء 1

قبل عام 2011 كانت سوريا على موعد مع تحقيق أكبر اكتشاف نفطي في تاريخها على سواحل البحر المتوسط وضمن المياه الإقليمية، وكانت تقديرات الشركات التي أجرت المسح المبدئي… المزيد

المحروقات … واقع عقيم في مناطق المعارضة –  الجزء 3

تعد الحكومة السورية المؤقتة، ممثلة بوزارة الطاقة، إحدى الواجهات السياسية التي من المفترض أن تدير هذا القطاع في سوريا خلال الفترة الحالية والمقبلة، لكن عدم قدرتها على… المزيد

تنظيم «الدولة الإسلامية» الرابح الأكبر –  الجزء 4

يسيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على الحقول في مناطق الشدادي والجبسة والهول وبالقرب من مركدة وتشرين كبيبة في ريف الحسكة الجنوبي، وهي تشكل حوالي… المزيد

إدارة الأكراد الذاتية تبدأ التصدير – الجزء 5

يسيطر مقاتلو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) على معظم مدينة الحسكة منذ صيف 2012 بعد انسحاب القوات النظامية من المنطقة، وتعد الحسكة وريفها إلى جانب دير الزور…المزيد

 

مقالات متعلقة