tag icon ع ع ع

تعد الحكومة السورية المؤقتة، ممثلة بوزارة الطاقة، إحدى الواجهات السياسية التي من المفترض أن تدير هذا القطاع في سوريا خلال الفترة الحالية والمقبلة، لكن عدم قدرتها على السيطرة على الأرض نظرًا لغياب قوات تمثلها، جعلها مشلولة وبعيدة عن مناخات السيطرة والتحكم بقطاعي النفط والغاز، واكتفى دورها بالمراقبة عن بعد.

اليوم، لا يوجد حقول نفط وغاز وفوسفات بيد  فصائل الجيش الحر المتعاونة مع الحكومة، وهي تستورد النفط الخام وتكرره بأساليب بدائية في مناطق سيطرتها، كما تستجر المازوت والكاز والبنزين من مناطق سيطرة «الدولة الإسلامية”، وفق عقود واتفاقات متبادلة بين الطرفين، وكذلك من مناطق سيطرة النظام عبر تمرير الصهاريج على الجواجز للمناطق الخارجة عن سيطرته أو المحاصرة بعد دفع أموال للعناصر على الحواجز.

يقول أبو محمد، تاجر محروقات من بلدة الغارية في ريف درعا، لعنب بلدي، «يبلغ سعر ليتر البنزين في ريف درعا الخاضع لسيطرة المعارضة 375 ليرة، وسعر ليتر المازوت 400 ليرة، وهناك نوعان للمازوت: أخضر سعر الليتر 450 ليرة، وأحمر 400 ليرة».

وحول مصدر المحروقات التي تباع للمواطنين يؤكد أبو محمد أن «المحروقات تباع على البسطات وأصبحت مصدر رزق لكثير من العائلات، تأتي من المناطق الشرقية بدرعا، وبعضها من كازيات النظام وتصل إلينا بعد معاناة كبيرة بسبب المعارك وقيام النظام بإغلاق الطرقات بسبب الأعمال العسكرية».

بينما يرتفع سعر الليتر في المناطق المحاصرة كالغوطة الشرقية لدمشق، وداريا، إلى أكثر من 1000 ليرة، بسبب منع الحواجز المحيطة من دخول المواد إليها.

فارق الأسعار

وبالمقارنة مع أسعار المحروقات في مناطق النظام نلاحظ ارتفاع الأسعار بمقدار الضعف على الأقل، ما يفرض عبئًا اقتصاديًا كبيرًا على المواطنين في مناطق المعارضة، والذين يعانون أساسًا من البطالة وويلات القصف اليومي.

يشير أحد المواطنين داخل درعا المدينة، رفض كشف اسمه، إلى أن مناطق سيطرة النظام في درعا تشهد شحًا في المحروقات ويعاني المواطنون من احتكار التجار للمواد ما يؤدي إلى رفع أسعارها. ووفق قوله فإن «حاجة الناس لهذه المواد يدفعها للشراء بأسعار مرتفعة في ظل انعدام المراقبة والمحاسبة».

وفي نفس السياق تبدي خولة محمد، المقيمة في المدينة دون عمل، تخوفها من الشتاء المقبل ومن عدم القدرة على توفير المحروقات لزوم التدفئة، وهو ما سيضطرها للبحث عن بدائل ربما يكون من الصعب توفيرها حاليًا كالكهرباء والحطب

تجارب بدائية في المناطق المحررة

ويعمد أهالي المناطق المحررة إلى تكرير النفط من آباره بمعداتٍ بسيطةٍ وانقطاع إمدادات النظام، بينما يعمل بعض المدنيين في مدينة داريا على صناعته من مادة البلاستيك متبعين أساليب بدائيةٍ، إلا أن المواد الناتجة تسبب مشاكل صحية للعاملين على استخراجها.

وفي حديثه لعنب بلدي يوضح أبو النور، وهو أحد العاملين في هذا المجال، طريقة استخراج المازوت من البلاستيك، «بعد إذابة البلاستيك في البرميل فوق درجات حرارة مرتفعة، يمر بخاره عبر أنبوب مغمور بالمياه الباردة، ليتحول إثرها البخار إلى سائل»، وتسمى هذه الطريقة علميًا بـ «التقطير».

في الغوطة الشرقية، ينقل السيد أبو محمد، من المكتب الإغاثي الموحد، أن وحدة تنسيق الدعم (التابعة للمعارضة) مولت جزأين من مشروع الزراعة المتكامل صيف 2014، أحدهما مشروع إنتاج الوقود الحيوي (غاز الميتان) بحفر 100 حفرة فنية لتوليد الغاز واستبداله بالوقود لتشغيل مضخات الري، معتبرًا أن الإنتاج كان جيدًا قياسًا بالمتوقع.

إلا أن هذه الطرق، إلى جانب تكرير النفط الخام القادم من مناطق سيطرة «الدولة»، تسبب حالات احتراق والتهاب قصبات وضيق في التنفس، كما تنتشر إشاعات حول تشوهات في الأجنة المولودة حديثًا بسبب التلوث، لكنها لم تؤكد بعد.

وتعتبر جودة المادة الناتجة سيئة، وكثيرًا ما ينتج استخدامها أضرارًا في المحركات والمولدات، ولا يعوّل الخبراء على استدامة هذه الطرق على اعتبارها «حلولًا مؤقتة لا ترقى للمشاريع الوطنية».

خبير نفطي: شركات النفط العامة التابعة للنظام «ملاجئ توظيف»

مصدر مسؤول في وزارة الطاقة في الحكومة السورية المؤقتة، رأى أن الحكومة مستعدة للإشراف على قطاع النفط السوري فيما لو انتهت المعارك وعاد عامل الأمان إلى مناطق تواجد الحقول والمنشآت النفطية، مشيرًا إلى أن الكوادر البشرية الحالية مؤهلة لذلك، وعددها يغطي جميع الحقول والآبار، وتضم عمالًا وفنيين ومهندسين وغيرهم.

وقدّر المصدر خسائر قطاع النفط السوري بنحو 4 مليارات دولار، كما أن القصف الروسي زاد من الخسائر نظرًا لشدته.

الحكومة بالشكل الحالي غير قادرة على العمل، نظرًا للظروف والمتغيرات على الأرض بسبب المعارك، وفق الصالح، مشيرًا إلى حاجتها للمال من أجل تشغيل العمال بالحد الأدنى.

وحول رأيه بعمليات الإصلاح للمنشآت المتضررة، قال إنه «من الممكن البدء بإصلاح الحقول والمنشآت ومحطات الضخ وخطوط النقل فور استقرار الأوضاع، ويمكن تمويل ذلك من مبيعات النفط المستخرج”.

ومن الخطأ، بحسب المصدر، فيما لو استقرت الأوضاع، العودة إلى الآلية أو المنهجية التي كان يدير بها النظام السوري قطاع النفط، لجهة قانون الاستثمار وعقود الصيانة وغيرها، إذ كانت تسود المحسوبيات والفساد وهدر الملايين من الدولارات، مبينًا ضرورة استصدار قوانين وتشريعات واضحة تضمن حقوق كل الأطراف بشفافية عالية وعلى العلن.

واعتبر المصدر أن الشركات الحكومية السابقة كانت عبارة عن «ملاجئ توظيف»، نظرًا للكم الكبير من العمال الذين يعيّنون دون الحاجة إليهم، فالمنشأة التي تحتاج 3 آلاف عامل كان يفرز عليها 10 آلاف عامل.

وحول إمكانية عودة الشركات الأجنبية للاستثمار، قال المصدر «علقت الشركات الأجنبية العمل في سوريا ولم توقفه، وذلك بسبب العقوبات، ففي 13 تشرين الثاني 2011 قررت هذه الشركات التوقف عن العمل مع المؤسسة العامة للنفط وبالتالي توقف الدعم المالي والفني»، معتبرًا أن «الشركات هي من يطلب وينادي للاستثمار في سوريا، وبالتالي لا بد لهم من العودة إلى سوريا لاسترداد أموالهم واستثماراتهم».

اقرأ ايضا

النفط السوري تحت سطوة العسكر –  الجزء 1

قبل عام 2011 كانت سوريا على موعد مع تحقيق أكبر اكتشاف نفطي في تاريخها على سواحل البحر المتوسط وضمن المياه الإقليمية، وكانت تقديرات الشركات التي أجرت المسح المبدئي… المزيد

النظام السوري وآخر أوراقه النفطية –  الجزء 2

بعد خسارته الجزء الأكبر من الحقول والآبار يتجه النظام للحفاظ على ما تبقى له من الآبار في وسط سوريا بالقرب من تدمر، حيث حقل “جزل” النفطي الاستراتيجي الذي ينتج وسطيًا بين … المزيد

تنظيم «الدولة الإسلامية» الرابح الأكبر –  الجزء 4

يسيطر تنظيم «الدولة الإسلامية» على الحقول في مناطق الشدادي والجبسة والهول وبالقرب من مركدة وتشرين كبيبة في ريف الحسكة الجنوبي، وهي تشكل حوالي… المزيد

إدارة الأكراد الذاتية تبدأ التصدير – الجزء 5

يسيطر مقاتلو حزب الاتحاد الديمقراطي الكردي (PYD) على معظم مدينة الحسكة منذ صيف 2012 بعد انسحاب القوات النظامية من المنطقة، وتعد الحسكة وريفها إلى جانب دير الزور…المزيد

 

مقالات متعلقة