صورة “المدنيين” في الحرب في سوريا

فادي القاضي: خبير حقوق الإنسان والإعلام والمجتمع المدني في الشرق الأوسط.

camera iconفادي القاضي: خبير حقوق الإنسان والإعلام والمجتمع المدني في الشرق الأوسط.

tag icon ع ع ع

فادي القاضي

خبير حقوق الإنسان والإعلام والمجتمع المدني في الشرق الأوسط.

على تويتر @fqadi

نشرت الشبكة السورية لحقوق الإنسان، يوم الخميس 19 تشرين الثاني 2015، تقريرًا جديدًا عن حصيلة الضحايا المدنيين في سوريا حتى نهاية الشهر الماضي، تشرين الأول، ومنذ آذار من العام 2011، وحددت فيه الجهات الرئيسية التي تقوم بقتل المدنيين من أطراف الحرب المتعددين.

ويتبوأ نظام بشار الأسد المرتبة الأولى في قتل المدنيين بحسب التقرير المذكور، وبنسبة وصلت لأكثر من 95% وبفارق عن جميع الفصائل المسلحة، المُعارضة له، وفي جميع أرجاء المناطق في البلاد.

ولا تُشكل هذه الأرقام مفاجأة من أي نوع. إلا أن من شأنها إعادة رسم الإطار الذي يتم فيه تناول استهداف المدنيين وقتلهم في إطار الحرب الدائرة. وفي الوقت الذي يشكل فيه استهداف المدنيين وقتلهم جرائم حرب، وجرائم ضد الإنسانية في سياق منتظم من تعمد القتل وعلى مستويات واسعة، فإن مُرتكبي هذه الجرائم هم قانونًا، والحديث هنا هو عن القانون الدولي الإنساني المختص بالنظر في النزاعات المسلحة؛ مجرمو حرب.

والقانون، كما يقول المثل، أعمى، وهو لا ينظر بعين التفضيل أو المفاضلة لهوية المجرم، وخلفيته، وعرقه، ودينه، وطائفته، ومبرراته، ومكانته الاجتماعية، أو كونه ممن يوصفون بـ “الأبطال” في مجتمعاتهم، أو وسط مؤيديهم، ولا يعير انتباهًا إلى شعبية هؤلاء في أوساط معينة أو على مستوى البلاد.

كما أن القانون لا يُدقق في هوية الضحية (القتيل أو القتيلة المدني والمدنية). ولا يُعير اهتمامًا لمكان سكناهم، أو اللغة التي يتحدثونها، أو اللهجة التي يتداولونها، أو الجهة التي يؤيدونها، أو الزعيم الذين يلهجون بحمده أو ذمه. القانون أعمى، ولا يعترف بجواز قتل بشر مدنيين، لا شأن لهم بأعمال القتال، لأنهم “شبيحة” محتملون، أو مؤيدون للنظام، أو من الذين يحتفلون بظلم وبطش ودموية النظام. القانون أعمى، لأنه يضع مسافة واحدة بين الفعل (الجريمة) والفاعل (المجرم) والمفعول به (الضحية)، في جميع الحالات.

المدنيون لهم صورةٌ واحدة في أي حرب، كما هي الحرب في سوريا، لا تتغير ولا تتبدل. ولا يجوز تصويرهم بأي صورة أخرى، أو سَوْق المبررات لعدم التعامل معهم بصورتهم هذه. والزملاء في الصحافة والإعلام السوري المستقل مدعوون بشكل حاسم وحازم للثبات على تصوير قتل المدنيين، في كل مكان، باعتباره جريمة حرب، وعدم التستر خلف مصطلحات مضللة ومبهمة مثل “سقوط قتلى” في حال كانوا مدنيين من أنصار النظام.

لا يجوز كسب ود شيطان جديد بعد رجم شيطانٍ آخر.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة