نحو مواجهة طائفية

no image
tag icon ع ع ع

5محمد رشدي شربجي

بالرغم من تطوره، ما زال العلم عاجزًا حتى الآن عن السيطرة على الكوارث الطبيعية، لم يستطع أحد -حتى الآن- منع زلزال من الحدوث، أو بركان من الفوران، أو إعصار من التدمير. كل ما استطاع الإنسان (المتطور) فعله إلى الآن هو التنبؤ بوقوع الكارثة وليس منعها، وهو ما جعل كلفة زلزال اليابان مثلًا عشرة آلاف قتيل في حين سبب زلزال مماثل ربع مليون قتيل في باكستان.

يبدو أن الكوارث الاجتماعية بمرحلة معينة تشبه الكوارث الطبيعية، تستطيع التنبؤ بها والتحذير منها ولكن لا يمكنك منعها إذا توافرت ظروفها.
جهود صادقة وجبارة بذلتها الثورة لتمنع نفسها من الانجرار نحو المكان الذي لم يرده الثوار من البداية، صبر وتصبير كبير مارسته الثورة، كميات كبيرة من الملح وضعت على جراح الثوار، يصرخون لوحدهم ويتشردون لوحدهم ويموتون لوحدهم بسواطير من كانوا يصرخون لأجلهم!
لا يبدو أن هناك أحد قادر على منع الثورة من الذهاب نحو مواجهة طائفية لا نعلم آخرها، سوريا باتت كقطار بلا سائق منطلق على سكة إلى مكان مجهول، وركابه متحاربون، سيكون جهدًا ضائعًا لأحد الركاب إن حاول تهدئة الركاب ما دام القطار بلا سائق!! البعض فضّل وفي اللحظة الحرجة أن يقفز خارج القطار ويترك القطار ليذهب لمصيره المحتوم!!

كما هي طبقات الأرض الداخلية حين تصطدم فتحدث زلزالًا مدمرًا على سطح أرض وادعة قبل الزلزال بلحظات كذلك هو المجتمع السوري اليوم تصادمت فيه المركبات الطائفية والعرقية والطبقية لتحدث زلزالًا لا يعترف بسايكس بيكو والحدود المصطنعة كما هي الكوارث الطبيعة كذلك.
ماذا يمكن للثوار فعله في حال كهذه، ماذا يمكنهم فعله حين يرون حسن نصر الله بعمامته السوداء متوعدًا السوريين بالقتل والذبح، ما الذي يمكن شرحه حين تحدث في التاريخ فجوة ليخرج منها بعض المخبولين من العراق في لطمية ترى خصم المهدي المنتظر في سوريا، من يمكنه إيقاف القطار وهو يرى السكاكين تنحر أهل البيضا في بانياس وجديدة الفضل في ريف دمشق. ألم تكن رصاصة في الرأس أكثر عملاتية؟ لماذا السواطير يا همج!!
الصراع الذي يخاض الآن على أرض سوريا صراع قديم مضت به جولات كثيرة ولا يبدو أن سوريا ستكون جولته الأخيرة، هو صراع أريد له ألا ينتهي، صراع أشبه ما يكون بتدمير (موسمي) لبلادنا لصالح قوى ودول لا يهمها إلا إذكاء هذا الصراع كل حين.

المجتمعات كما الأفراد تكبر وتشيخ وتمرض ولكنها لا تموت، ابن خلدون تنبأ بسقوط دولة المسلمين قبل ثلاثمئة سنة من سقوطها، لم يكن في الأمر إلا أنه اكتشف على أي سكة يمشي مجتمعه وبأي آلية يعمل.
كما الزلزال تمامًا، لا يملك المرء حياله إلا تحذير الناس ومن ثم الهرب في اللحظة الحرجة إلى مكان أكثر أمنًا والانتظار حتى يقضي الله أمرًا كان مفعولًا ويعود بعدها حتى ينقذ ما أبقاه الزلزال، ولكن هل باستطاعة أحد فعل ذلك؟ هل باستطاعة أحد أن يرى السكين تحز عنق أهله وألا يدعو لسكين يحز بها عنق قاتلهم وأهله؟




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة