جبهة النصرة” تخلط أوراق الاتفاق الأمريكي- الروسي

tag icon ع ع ع

عنب بلدي – وكالات

ينظر إلى قرار “جبهة النصرة”، بفك ارتباطها عن تنظيم قاعدة الجهاد، وتغيير تسميتها إلى “جبهة فتح الشام”، على أنه قرار متوقع وتكتيتك “استراتيجي” هدفه تفادي الضربات الأميركية- الروسية، بعدما اتفق الجانبان على تنسيق العمل العسكري ضد تنظيم “الدولة” والجبهة في سوريا.

يرى محلّلون أن هدف التنظيم هو التقرب من الفصائل العسكرية في عموم المناطق السورية المحررة، وربما خلق تحالفات جديدة تربك حسابات الروس والأمريكيين العازمين على إنهاء وجود الجبهة في مناطق المعارضة.

وتوقع أحد المعارضين السوريين في تصريح لصحيفة “الشرق الأوسط”، السبت 30 تموز، أن يبدأ التنسيق بين “جبهة فتح الشام” والمعارضة السورية في وقت قريب جدًا.

محرّر الشؤون الإسلامية في قناة الجزيرة الفضائية، تيسير علوني، أكد أن جناحًا في التنظيم دفع باتجاه فك الارتباط، حتى يمنع قصفه من الغرب بذريعة ارتباطه بالقاعدة.

ظهور علني يخلط الأوراق

 ماذا يعني المسمى الجديد؟

اعتمدت التسمية الجديدة على ثلاث كلمات، حافظ من خلالها الفصيل على كون الجماعة “جبهة”، وهي كلمة ذات دلالة عسكرية أو حزبية، تشدد في معناها اللغوي على أن التشكيل سيكون في مقدمة خطوط المواجهة ضد “الأعداء”.

أما الكلمة الثانية فهي “فتح”. وينظر من خلال ما قرأت عنب بلدي في مواقع التواصل الاجتماعي، إلى أن إدراجها في المسمى الجديد هو تأكيد على الاستمرار في القتال ضمن غرفة عمليات “جيش الفتح”، إلى جانب فصائل أخرى كحركة “أحرار الشام الإسلامية”.

الكلمة الأخيرة في المسمى الجديد هي “الشام”، وهنا ربما أرادت قيادة الفصيل ابتعاث رسائل مبطنة تبين موقف الجماعة من القتال في سوريا حصرًا، دون طموحٍ توسعي كما كان عليه تنظيم “القاعدة” حين شن هجمات في دول غربية وعربية.

اعتمدت “جبهة فتح الشام” راية بيضاء، كما أوضح التسجيل المصور، وهو ابتعاد عن الخط الجهادي الذي أسسته “القاعدة” في الاعتماد على رايات سوداء، وسارت عليه “النصرة” و”جند الأقصى” وتنظيم “الدولة الإسلامية”.

وشكّلت الرايات السوداء للفصائل الجهادية هاجسًا لدى الغرب، فارتبطت ثقافيًا بالإرهاب على مدى أعوام، وهنا يرجّح ناشطون أن تكون “الجبهة” باتت أكثر وعيًا في الانفتاح على الفصائل السورية المحلية، والالتفاف على التوافق الروسي- الأمريكي حول استهدافها.

دون تمهيد مسبق، عدا تسريبات نقلها محللون وخبراء في شؤون الجماعات الإسلامية، حول نية الجبهة فك ارتباطها بالتنظيم الجهادي العالمي، أطلّ زعيم الجبهة أبو محمد الجولاني لأول مرة عبر قناة الجزيرة الفضائية ليعلن فك الارتباط بتنظيم “القاعدة”، وتشكيل فصيل جديد يسمى “جبهة فتح الشام”. وهو ما وصفته أمريكا بأنه لن يغير من “قواعد اللعبة”، إذ تبقى “جبهة النصرة” جماعة “إرهابية” تهدد المصالح الأمريكية حول العالم، وما خرج به زعيمها ما هو إلا محاولة تغيير اسم بعيدًا عن الأيديولوجيا.

الجولاني أكد أن الفصيل الجديد “لن تكون له علاقة بأي جهة خارجية”، واعتبر أن الإعلان يأتي بهدف “تقريب المسافات بين فصائل المجاهدين في الشام، وحماية الثورة السورية وجهاد أهل الشام”، مضيفًا أنه “جاء تلبية لرغبة أهل الشام في دفع ذرائع المجتمع الدولي”.

وشكر الجولاني، الذي سميّ في التسجيل مسؤولًا عامًا للفصيل الجديد، “قادة تنظيم القاعدة على تفهمهم ضرورات فك الارتباط”.

وما إن أعلنت الجبهة عن فك ارتباطها بالقاعدة حتى توالت ردود الفعل الدولية التي نظرت إلى الأمر على أنه مجرد حملة “علاقات عامة” تستهدف تحسين صورة التنظيم في العالم، في وقت أعلن فيه محللون أن الهدف من ذلك هو الالتفاف على الاتفاق العسكري بين واشنطن وموسكو، وخلط الأوراق وبالتالي عرقلة العمل العسكري المشترك المزمع تنفيذه.

قائد القيادة الوسطى في الجيش الأمريكي، الجنرال لويد أوستن، قال معلقًا على فك الارتباط إن “جبهة النصرة” ستظل جزءًا من تنظيم “القاعدة” حتى لو غيرت اسمها، مؤكدًا أن بلاده لا زالت قلقة رغم التغيير الذي طرأ.

الخارجية الروسية، قالت في أول تعليق لها، إن “جبهة النصرة” ستبقى “إرهابية غير شرعية”، رغم تغيير اسمها. وأضافت الخارجية في بيان، الجمعة 29 تموز، أن الفصيل “لا يهدف إلا لإقامة ما يسمى بالخلافة الإسلامية من خلال وسائل قاسية وهمجية”.

من جهته، اعتبر نائب رئيس لجنة الدفاع في مجلس النواب الروسي “الدوما”، أندريه كراسوف، في حديث لوكالة “نوفوستي” الروسية، أن الخطوات الفعالة التي اتخذتها القوات الروسية على الأرض، دفعت “جبهة النصرة” نحو فك ارتباطها بتنظيم “القاعدة”.

وإلى جانب روسيا أعلنت إيران على لسان المتحدث باسم وزارة الخارجية، بهرام قاسمي، الخميس 28 تموز، أن تغيير اسم “جبهة النصرة” إلى “جبهة فتح الشام” ليس سوى لعب بالكلمات، وأضاف أن “الهدف من هذه اللعبة هو إخراج جماعة جبهة النصرة من لائحة الإرهاب”.

“فتح الشام” تحدد مبادئها

بعد إعلان فك الارتباط، سارع الفصيل إلى إصدار ميثاق شرف ضم عشر نقاط، وتم التأكيد على أن عقيدة الفصيل الجديد “تستمد من الكتاب والسنة بفهم السلف الصالح ومن سار على دربهم، ودفع العدو الصائل على الدين وحرمات المسلمين باعتباره أهم فروض الأعيان وأوجب صور إقامة الدين”.

وأكد البيان على بقاء عقيدة الفصيل بذات المنحى من خلال “تحكيم شريعة الرحمن وإقامة دين الله في الأرض ورفع الظلم عن المظلومين من أهل الإسلام والكفران”، مشيرًا “نتلطف مع الناس ونبلغهم رسالة ربهم باللين والرفق والكلمة الطيبة”.

ودعت “فتح الشام” إلى نبذ الفرقة والاختلاف وجمع الكلمة، مطالبةً بـ”راية واحدة على الحق ووفق أسس صحيحة شرعًا سليمة واقعًا”، بينما لم يحتوِ البيان على تغيير جذري في “العقيدة الجهادية” التي تقول إنها ملتزمة بها.

المعارضة السورية ترحب

خلال العام الماضي، دعا رئيس الائتلاف السوري المعارض، خالد خوجة، “جبهة النصرة” لأن تعلن فك ارتباطها بتنظيم القاعدة، لكن الدعوة استغرقت تسعة أشهر لتلبيتها، لتصبح “جبهة فتح الشام” فصيلًا مقاتلًا على الأرض السورية وغير مرتبط بالقاعدة.

وهو ما رحب به “الائتلاف الوطني لقوى الثورة والمعارضة”، الذي اعتبر أنها تحتاج إلى إتباعها بخطوات أخرى لتصحيح أخطاء الفترة الماضية وتحقيق الاندماج مع المشروع الوطني الحقيقي الذي يجمع كل السوريين تحت راية واحدة، تتنقل بالبلاد إلى مرحلة خالية من الظلم والاستبداد.

 




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة