النظام يروج وهيئات الثورة تنفي وتحذّر

“أفعى المصالحات” تطلّ برأسها في درعا..

النظام أدخل مساعدات إلى مدينة نوى في ريف درعا مطلع آب الجاري (فيس بوك)

camera iconالنظام أدخل مساعدات إلى مدينة نوى في ريف درعا مطلع آب الجاري (فيس بوك)

tag icon ع ع ع

محمد قطيفان – درعا

عادت إشاعة المصالحات لتشغل رأي الشارع الدرعاوي، خلال الأسبوع الماضي، بعد غياب لأشهر قليلة، فبدأت القصة بدخول قافلة كبيرة من المساعدات قادمة من مناطق النظام السوري إلى مدينة نوى، أعقبها بيان من “دار العدل” يحذر الفصائل من السماح بمرور وفود المصالحة، ليختمها النظام بإعلانه عن اجتماع مصالحة في مدينة الصنمين شمل الآلاف، فما حقيقة هذه الإشاعة؟

قبل أشهر، وتحديدًا في بدايات شهر آذار الماضي، ظهر للإعلام نبأ “المصالحة” في بلدة ابطع والتي ترافق حينها مع زخم إعلامي بين مؤيدٍ لهذه المصالحة وواصفًا إياها بـ “الشكلية”، وبين رافضٍ لها واصفًا إياها بالخيانة، وبين هذا وذاك استطاع النظام أن يحيّد البلدة عن الأعمال العسكرية، ليربح هو جبهة هادئة ويربح أهلها أمانًا من “اجتياحٍ” كما حصل في جارتها الشيخ مسكين.

سيناريو مكرر

يبدو أن نجاح النظام في تطبيع “جزء مصالحة” في بلدة ابطع، جعله يطمح لتكرار ذات السيناريو في مدن وبلدات أخرى في محافظة درعا، فمع عدم القدرة على فرض “مصالحة كاملة”، كانت كل مساعي النظام تهدف إلى تحييد المناطق عن المعارك فقط، فتوجه ليس بعيدًا عن ابطع، إلى مدينة نوى، لتظهر للإعلام خلال الأسبوع الماضي الأنباء التي تتحدث عن مفاوضات “مصالحة” تجري بين النظام والمدينة، مع أنباء ذهبت أبعد من ذلك لتتحدث عن مزيد من المدن والبلدات.

تحييد “مؤقت” لا مصالحة

مع دخول قافلة كبيرة من المساعدات الغذائية والطبية قادمة من مناطق سيطرة النظام إلى مدينة نوى، ومع ظهور التنسيق العالي بين قوات النظام وفصائل المدينة في عملية إدخال هذه القافلة، بالإضافة لاكتفاء المجلس العسكري في مدينة نوى بنفي ارتباط هذه المساعدات بوجود مفاوضات مصالحة، غصت الأوساط الشعبية والإعلامية بعدد كبير من الأسئلة والإشاعات في ذات الوقت.

عنب بلدي تحدثت إلى مصدر عسكري في مدينة نوى (طلب عدم الكشف عن اسمه)، وأوضح أن الحديث عن “مصالحة” هو صحيح ولكن ليس كما تتخيله وتردده وسائل الإعلام، مضيفًا “لن نسلم النظام أي شبر محرر، بل سندافع عنه بأرواحنا”، وما تردده وسائل الإعلام عن تسليم النظام مواقع عسكرية هو حديث غير صحيح، مردفًا “لكن نحن نريد تجنيب المدينة الحرب والتدمير الذين يتقنهما النظام وأعوانه”.

خطر عسكري وإنساني

ذات المصدر أوضح أن الخشية من هجوم عسكري محتمل للنظام، يهدف للعودة من خلاله إلى تلال المدينة، كان السبب الرئيسي في إجراء هذه المفاوضات، مضيفًا “أي معركة سيشنها النظام على الطريق من الشيخ مسكين إلى نوى يعني أننا أمام معركة تدمير سيستهدف النظام فيها أهالي المدينة بشكل مباشر”. وهو ما قد يضع المدينة التي يقطنها أكثر من 50 ألف نسمة في وجه حملات القصف والتدمير والتهجير الممنهجة التي ينتهجها النظام في أي معركة.

وأوضح “هذا يعني أننا لن نكون أمام الضغط الإنساني للأهالي فقط، بل أمام ضغط عسكري صعب، فيجب أن لا ننسى أن فصائل نوى تقاتل المتطرفين على أطراف حوض اليرموك كذلك”، وهذا الضغط العسكري، بحسب المصدر، ربما يجعل الفصائل أمام خيار الاستغناء عن إحدى الجبهات والسماح إما بتقدم النظام أو بتقدم جيش “خالد بن الوليد”، المتهم ببيعة تنظيم “الدولة الإسلامية”، نحو المدينة وتلالها، “لذلك تبقى الأولوية حاليًا للحفاظ على الهدوء على جبهة النظام في حال كنا قادرين على ذلك حتى الإنتهاء من الجبهة الأخرى بشكل كامل”.

من إذن ذهب للمصالحة؟

فإن كان الحديث عن “المصالحة” في مدينة نوى هو مجرد تهدئة عسكرية، كما وصفها المصدر، يبقى السؤال المطروح، من هي الجهات التي التقت النظام في مدينة الصنمين وظهرت عبر وسائل إعلامه ؟ ومن هي الوفود التي حذرت دار العدل من السماح بمرورها عبر حواجز الجيش الحر؟

الناشط الإعلامي محمد العيسى اعتبر أن مشاهد “المصالحة” و”تسويه الوضع”، التي نشرها إعلام النظام، ليست أكثر من مسرحية اعتاد تكرارها بين الحين والآخر، وقال لعنب بلدي “معظم من ظهر على وسائل الإعلام هم من سكان المناطق الخاضعة لسيطرته أصلًا، وليس بينهم وبين النظام خلاف جذري ليتصالحوا عليه”.

ولم ينكر العيسى وجود بعض الأشخاص الذين توجهوا فعلًا لإجراء هذه المصالحة، موضحًا “هناك بعض ضعاف النفوس، يبحثون عن مصالحهم الشخصية، وبعضهم يرغب بالعودة للعمل في وظائف النظام، وهؤلاء ليسوا أكثر من حالات فردية لا يمكن تعميمها أبدًا”.

وحول الجهات التي حذرت “دار العدل” من السماح لها بالمرور، قال العيسى إن الدار كانت تخشى وجود وفود تدّعي تمثيل الأهالي والبلدات المحررة، مؤكدًا “كنا نخشى من وجود من يتاجر بدماء الشهداء ويدّعي تمثيل الأهالي، وكان من الضروري أخذ الإجراءات المناسبة لكشفهم ومحاسبتهم”.

ومع عودة “أفعى المصالحات” لتطل برأسها من جديد في درعا، يبدو أن النظام مازال أضعف من أن يفرض “مصالحة” بالشروط التي يمليها على الأرض، ليتجه نحو الإعلام للترويج لمثل هذه الأخبار والإشاعات، ليرسم من خلالها مشهدًا عمل منذ بداية الثورة عليه، يفيد بأنه الجهة الراعية للشعب الذي اكتشف خطأه وعاد ليطلب من نظامه السماح.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة