سماسرة وكسب غير مشروع على أعتاب قنصلية النظام في اسطنبول

tag icon ع ع ع

فراس عقاد – اسطنبول

احتار محمد أي طريق سيسلكه في محاولاته المتكررة للحصول على جوازات سفر له ولوالده وشقيقه، عبر القنصلية السورية في اسطنبول، بعد أن حصل على موعد مسبق قبل شهرين ثم تأجيله، فقرر أخيرًا المحاولة عبر سماسرة الوثائق الذين طلبوا منه 700 دولار لقاء جواز “نظامي”، لكنه لا يتيح له الدخول إلى سوريا.

انتشار حالات التزوير واستعمال الوثائق غير الرسمية في أوساط السوريين في تركيا ليس بظاهرة جديدة، وقد بدأت الحالات مع تزايد أعداد النازحين الداخلين إلى البلد الجار هربًا من الحرب، دون وثائق أو أوراق ثبوتية، وذلك بالتزامن مع إغلاق العديد من دول العالم السفارات السورية وقنصلياتها، ما فتح الباب أمام معقبي المعاملات ومكاتب السمسرة.

محمد هو نموذج يمثل الكثير من السوريين، ممن يحاولون تسيير أمورهم القانونية واستصدار جواز سفر في تركيا، فلا القنصلية تعطيهم دورًا، ولا السماسرة يستطيعون تأمين جوازات موثوقة.

وتواصلت عنب بلدي مع أحد مكاتب المعاملات ومروجي الخدمات القانونية في وسائل التواصل الاجتماعي، بصفة زبون، وذلك لمعرفة آليات عملهم ومصادر الوثائق التي يستخرجونها، وجاءت الأسعار كالتالي:

جواز سفر جديد عن طريق القنصلية السورية في اسطنبول مقابل 1350 دولار أمريكي، منهم 400 دولار تدفع داخل السفارة، أما الطريقة الأخرى فجواز سفر من داخل دمشق مقابل 600 دولار، لكنه غير مقيد في سجلات دائرة الهجرة والجوازات في العاصمة، حسبما قال.

يدّعي المكتب الذي يكرر نشر دعايات تسويقية عبر مجموعات تخص اللاجئين في تركيا، أنه يستطيع تقديم حلول لجميع السوريين فيما يخص الأوراق الثبوتية “يمكنك تمديد الجواز عن طريق لصاقة تحصل عليها من القنصلية السورية في اسطنبول مقابل 700 دولار، والخيار الآخر هو لصاقة نظامية تصدر عن الهجرة والجوازات في سوريا مقابل 250 دولار”. هناك أسعار مناسبة لذوي الدخل المحدود أيضًا “لصاقة شبيهة بالنظامية ولكنها ليست مضمونة ويمكنك خلالها اجتياز البوابات الحدودية مقابل 100 دولار”.

وتجولت عنب بلدي في شوارع منطقة الفاتح وسط مدينة اسطنبول التركية، واستطلعت آراء بعض المواطنين التي بدت مختلفة حول الدور الذي تلعبه هذه الوثائق، فالبعض اعتبرها السبيل الوحيد لإجتياز الحدود هربًا، والبعض الأخر اعتبرها عملية احتيال ولا يجب تداولها بالأصل.

خالد، وهو شاب سوري في الثلاثينيات من عمره، رفض بشكل قطعي الحصول على جواز سفر غير قانوني، رغم حاجته الملحة له، إذ ينوي مغادرة اسطنبول إلى لبنان حيث تقيم عائلته “جوازي منتهي من الشهر السادس، حاولت تجديده عبر القنصلية مقابل مبلغ 400 دولار دون جدوى، بينما طلب مكتب معاملات 700 دولار مقابل ذلك، لكني أفضل الحصول على جواز جديد من القنصلية السورية، حيث لا أثق بالمكاتب هنا”.

العم محمد إبراهيم، وهو لاجئ سوري في الستين من عمره، وجّه اتهامات مباشرة للقنصلية السورية في اسطنبول بالفساد المالي، مؤكدًا أنها تقف خلف التجاوزات وانتشار الوثائق المزورة “لو لم يكن خلف هؤلاء السماسرة أناس من داخل السفارة لما نجحوا في استخراج الجوازات”، لكنه أشار في الوقت ذاته إلى أن “مثل هذه الوثائق هي طوق النجاة “، مضيفًا “ماذا سيفعل من هم محرومون من الحصول على الوثائق؟ كل الأبواب مغلقة في وجوههم.. وطوق النجاة الوحيد هو هذه الوثيقة التي سيسافر بها”.

تشكّل الوثائق الثبتوية للسوريين في تركيا حاجة أساسية ملحة، في ظل سعيهم للحصول على إقامة قانونية أو التقدم للجامعات أو السفر إلى بلدان أخرى إن صح لهم ذلك، ما جعل طيفًا واسعًا منهم فريسة استغلال سماسرة ومكاتب وهمية، وجدت من الـ “فيس بوك” أرضية خصبة للنشاط والترويج والربح غير المشروع.

 من أين بدأت القضية

صدر المرسوم التشريعي رقم 17 في نيسان 2015، ويقضي بتسهيل منح جوازات السفر للسوريين في الخارج، مع إلغاء شرط الحصول على الموافقة الأمنية، مقابل 400 دولار أمريكي للجواز الجديد، و200 دولار للتمديد.  كما حاولت القنصلية السورية في تركيا في الشهر نفسه تنظيم عملية الدور عبر الحجز الهاتفي، لكنها طوّرت أسلوب الحجز فيما بعد من خلال نظام إلكتروني أعلنت عنه.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة