يتيم يحمل اسم “شهيدين” في إدلب

camera iconالطفل "صالح" مع والده أحمد عبدان في إدلب (عنب بلدي)

tag icon ع ع ع

يعاود أحمد السؤال لمن حوله، حين يرى من يلاعب ابنه: “هل تستطيع أن تتولى رعايته إن مت؟”. قتل أحمد ولم يزل الجواب حائرًا.

أحمد عبدان مقاتل في صفوف حركة “أحرار الشام” من مدينة إدلب، قتل بعد سقوط صاروخ على إحدى مقراتها، مطلع آب الجاري.

ورغم أنه أصيب إصابة قاتلة قبل مقتله بسنة كاملة، منعته من حضور الكثير من المعارك، لكنه استمر بالعمل العسكري غير الهجومي، ما جعل الخطر محدقًا به حتى بعد نجاته.

أحمد عبدان، مقاتل في حركة "أحرار الشام الإسلامية"، قتل مطلع آب 2016 (عنب بلدي)

أحمد عبدان، مقاتل في حركة “أحرار الشام الإسلامية”، قتل مطلع آب 2016 (عنب بلدي)

يبلغ عدد المقاتلين في إدلب وريفها نحو 10 آلاف مقاتل، يعيش معظمهم حياة غير مستقرة، إذ تتخللها نوبات كل يومين أو ثلاثة في الأسبوع، لما يعرف هنا بـ “الرباط” على الجبهات المحاذية لمناطق النظام السوري (ريف حماه وريف اللاذقية وحلب)، أو ربما على أطراف البلدتين المحاصرتين (الفوعة وكفريا). تلك الساعات لا تخلو من إمكانية هجوم واحتمالية رده في أكثر النقاط خطورة وأقربها لمعاقل النظام.

أصيب أحمد في هجومٍ لمقاتلي الفوعة على إحدى نقاط “الرباط”، كانت الإصابة في رأسه قاتلة، لكن استقرار الشظايا الثلاث في دماغه وتليّفها داخل الجمجمة قلصت من احتمال موته، ليبقى الأمر محدودًا بمشكلة صحيّة دائمة تمنعه من التوازن وهو واقفٌ بعض الأحيان أو التركيز لفترات طويلة، ما منعه من المشاركة في معظم المعارك بعدها.

لا يشكل القتال عائقًا دون استمرار الحياة لدى المقاتلين، فالزواج والإنجاب مراحل يعيشونها وإن قطعتها الالتحاق بمعركة أو مؤازرة، وكثيرًا ما رزق أحدهم مولودًا وهو يقاتل على جبهته.

صالح عبدان عمّ الطفل (عنب بلدي)

صالح عبدان عمّ الطفل (عنب بلدي)

حين رزق أحمد بمولده الجديد لم يبذل جهدًا في تسميته، فهو “صالح” يحمل اسم شقيق أحمد، الذي قتل جراء صاروخ استهدف مجموعته في إحدى المعارك، وذلك بعد زواجه بمدة قصيرة.

الكثير من مقاتلي الفصائل في إدلب تزوجوا في سن مبكرة ولديهم أطفال، شكلوا فرحًا ومتنفسًا لهم، لكنهم في الوقت نفسه ربما شكلّوا عبئًا يضاف إلى أعبائهم مما يتوجب تجاههم كرعايتهم وتوفير أمنهم وسلامتهم، إذ يعتقد غالب الأهالي أن عائلة المقاتل تتحمل مؤونة قتاله معه، ولها نصيب من البذل والأسى أيضًا.

في الخامس من شباط 2015، ولد صالح عبدان الطفل، في ذات اليوم الذي استشهد فيه عمه منذ سنتين ليعوّض للعائلة الفراغ الذي تركه. وفي العاشر من آب الجاري قتل أحمد والد الطفل، إثر غارة جوية استهدفت مكان عمله في إحدى المقرات تاركًا وراءه فراغًا ومحملًا ابنه اسمين ثقيلين.

تنتظر العائلة اليوم “أحمدًا” آخر يسد فراغها الجديد.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة