tag icon ع ع ع

سمير عطا الله – الشرق الأوسط

عندما انتقلنا إلى القرن الحادي والعشرين قبل 16 عامًا، لم يحتفل العالم بنهاية قرن فحسب، بل بانتهاء ألفيّة كاملة، ربما كان القرن الماضي أسوأ شرورها. حربان عالميتان، وقنبلة ذريّة، وغياب فلسطين، وحروب إقليمية بلا نهاية، وظهور ديكتاتوريات تعامل البشر كالبعوض، وتفجّر موجات بشرية تمجد السطو والإبادة، وآيديولوجيات تدعو إلى تطهير البلدان والأعراق وإلى آخره.

إذن، فلنحتفل لأن الآتي لا يمكن أن يكون أسوأ مما مضى. لقد تطهر البشر من شرورهم، وتعلموا من حروبهم الكونية، وها هم أخيرًا يقبلون على قرن إنساني لا يمكن أن يظهر فيه هتلر، وستالين، وموسوليني، ودوفالييه الهايتي، وسيسي سيسكو، وبينوشيه، ووحوش أميركا اللاتينية. التفاؤل أبله أحيانًا. أو هو في أفضل الحالات مرض السذج.

خلال أقل من عقدين تهدم العراق، وسوريا رماد، والقرن يبدأ العام الأول في نيويورك بأكثر الأعمال الإرهابية شرًا: استخدام المدنيين سلاحًا لقتل الآلاف من المدنيين. ويظهر «داعش» بفظاعات لا مثيل لها من قبل، وينتقل العالم من «تسحيق الشر» إلى الاحتفاء به، ويتجه كما في طابور منظم إلى الوراء، وتنتقل الأمم المتحدة من الشلل إلى الموت، وتعطى نوبل السلام إلى باراك أوباما كسلفة تسدد على ولايتين، فيسدد منها طوابع البريد ويهرب بالباقي.

توقفت تجارة العبيد وحلت محلها تجارة اللاجئين. القرن الماضي تفرج العالم على تشرد الملايين من فلسطين وأوروبا والبلقان، والآن نرى قوافل مشابهة في البحار والبراري من أفريقيا وسوريا، وموجات هاربة من كوريا الشمالية إلى الصين بحثًا عن لحظة كرامة غير مسحوقة تحت جزمة الفتى المبجل.

حتى في ظل الوحشية الصربية، كان اللاجئون من فئة واحدة. الآن هم خليط ألوان وأسباب وانهيارات أخلاقية، وتحول مجلس الأمن من مؤسسة حلول للقضايا الطارئة إلى حلبة عجزة ومفترسين. لا ندري كيف ستكون بقية هذا القرن على أولادنا وأحفادنا. لكن الشر فيه أكثر صفاقة ولا مبالاة وازدراء لكل قيم الأرض. وإذ تهدد روسيا الولايات المتحدة بـ«زلزلة المنطقة» أتمنى لو أطرح على بوتين في مؤتمر صحافي سؤالاً حول أي منطقة وأي زلزال. رجاء أن تكون أكثر دقة. على علمنا، المنطقة.. سلامتك، والزلزال.. شكرًا لك باسم عموم العرب.




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة