لوحدها، بانياس تصارع مشـروع التغيير الديموغرافي

  • 2014/08/10
  • 2:26 ص

حسام الجبلاوي – ريف اللاذقية

تتغير، يومًا بعد يوم، طبيعة مدينة بانياس الديمغرافية والمعيشية، حيث يتبع نظام الأسد وموالوه سياسة التهجير والتضييق على المدنيين في الأحياء التي تعرضت لمجازر قبل أكثر من عام، لتغدو معزولة عن جاراتها يحكمها الخوف والترقب.

عنب بلدي استطلعت آراء عددٍ من أهالي المدينة لتحديد المتغيرات التي طرأت على واقعها، بعد أن «استمر النظام بسياسة التهجير الممنهجة، عبر الاعتقالات والتدقيق الأمني الكبير على الحواجز العسكرية» رغم أن المدينة تخلو من أي نشاط مسلح، بحسب الشيخ أنس عيروط، أحد وجهاء بانياس وعضو الهيئة السياسية للائتلاف.

يقول عيروط أن قوات الأسد تخلق كل فترة ذرائع لمهاجمة بعض القرى القريبة من بانياس كالبيضا والمرقب، بهدف «إفراغها»، وأن عددًا من أهالي المناطق «المنكوبة» غادروا طرطوس دون العودة مجددًا، «وهو ما سعى إليه النظام منذ البداية». كما إن «عناصر الأمن والشبيحة» يعتمدون «سياسة الانتقام داخل المعتقلات، لخلق حالة من الخوف والترهيب في نفوس الأهالي»، الأمر الذي تؤكده الأعداد الكبيرة لشهداء التعذيب، وآخرهم «حكم بياسي» و «سامر جلول» الذين قضيا قبل أيام.

وألقت المجزرة الكبرى في المدينة، التي راح ضحيتها 495  شخصًا بينهم 92 طفلًا و71 امرأة ذبحًا وحرقًا في أيار من العام الماضي، ظلالها على الحالة المعيشية للسكان، ما أسفر عن تغير صورة بانياس المنفتحة اقتصاديًا وتجاريًا مع بلدات الساحل، إذ ينقل التاجر محمد (اسم مستعار لدواعٍ أمنية) حالة المدينة حيث «انكفأ أهلها في مناطقهم، وقلّ التعامل مع الأحياء المجاورة (الموالية للأسد)».

ولا تزال صور الدمار وفقد الأقارب شاهدة على حجم ممارسات الأسد خلال المجزرة، فـ «هناك عوائل وأحياء أبيدت بكاملها»، بحسب محمد. ويضيف «لا وجود للأمان في المدينة فحالات الخطف المتكررة والاعتقالات العشوائية تجعل من المعيشة أمرًا شاقًا… في الحقيقة يكفي أن تكون بانياسيًا لتعتقل».

كما أثرت أحداث المجزرة وما نتج عنها في نفوس المهاجرين قسرًا، كحنان التي فقدت عائلتها  خلال الأعمال العسكرية في أيار 2013 واعتقل أخوها لتسافر بعدها إلى تركيا، ويبدو أن «الحظ العاثر» جعلها تكمل حياتها وحيدة كحال مدينتها.

وتعتبر بانياس أكبر مناطق محافظة طرطوس، إذ تبلغ مساحتها 720 كيلومترًا ويزيد عدد سكانها عن 170 ألفًا، ويقدر عدد سكانها من الطائفة بقرابة 105 آلاف بينما يصل عدد السنة فيها إلى 45 ألف إضافة إلى 20 ألفًا من المسيحيين، بحسب الشبكة السورية لحقوق الإنسان، لكن المضايقات الأمنية تكون غالبًا في مناطق السنة، كما الحال في المجازر التي استهدفت حي رأس النبع وقرية البيضا.

ويعاني أهالي المناطق التي انتفضت في وجه الأسد منذ آذار 2013 من كابوس تكرار المجزرة، فشهدت حركة نزوح كبيرة إلى مناطق أخرى في اللاذقية وريفها أو إلى الأراضي التركية، لاسيما أن القرى والبلدات القريبة من بانياس أغلبها موالية للأسد. في الوقت الذي يتمتع مؤيدو الأسد بحرية كاملة ودعمٍ من اللجان الشعبية وقوات الدفاع الوطني.

لكن بعض ناشطي المدينة، لا يزالون ينتظرون «انتصار الثورة» قبل تفريغ المدينة من أحد مكوناتها الديمغرافية والتاريخية، وإيصال قضاياهم إلى العدالة والإفراج عن معتقلي بانياس على غرار الطالب الجامعي أنس الشغري المعتقل منذ 3 أعوام.

مقالات متعلقة

سوريا

المزيد من سوريا