كل حروب ترامب في أيار
لم تبق أزمة أو استحقاق خطير الا وحشره الرئيس الأميركي رونالد ترامب في شهر أيار. في هذا الشهر وتحديداً في يوم 12 منه، يتخذ الرئيس الأميركي قراراً حيال انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي الإيراني. في الوقت ذاته، الأزمة النووية الكورية الشمالية تصاعدت وسيتبلور الموقف منها في قمة مرتقبة في شهر أيار أيضاً بين ترامب والزعيم الكوري الشمالي كيم يونغ أون. ولهذه الأزمة النووية أيضاً ارتباط وثيق بحرب تجارية تلوح بالافق بين واشنطن والصين، وستتخذ الأولى قرارات مصيرية حيالها في أيار أيضاً. واليوم كذلك، أضاف الرئيس الأميركي عملية عسكرية في سوريا رداً على هجمات كيماوية في الغوطة الشرقية. “هرقل” الأميركي أعلن الحرب على العالم، وليس لديه وقت لمواجهة ادعاءات ممثلة أفلام بورنو (اباحية)، او تحقيقات “مؤامراتية” في دور روسي بانتخابه رئيساً عام2016.
وهذا بالفعل كمٌ هائل من التحديات والاستحقاقات المحشورة في شهر واحد. وبحسب مسؤولين سابقين وحتى محللين اميركيين على وسائل الاعلام، هذه الاستحقاقات قياسية وتشمل أزمتين نوويتين، ولا تبدو معقولة، سيما لو أخذنا في الاعتبار أننا أمام إدارة لم تملأ مناصب رئيسية في ماكينتها الدبلوماسية الضخمة. وأثر هذا الفراغ مضاعف وجيلي نظراً لاستقالات في الخارجية الأميركية احتجاجاً على الحركات البهلوانية للرئيس على موقع تويتر وفي تصريحاته وسياساته الخارجية والداخلية. وجميعها مبنية على أحادية غير معهودة في صنع السياسات. والإخفاقات تلوح في الأفق، اذ تظهر الصين حالياً وكأنها تنتصر للتجارة الحرة في العالم، فيما تُهدد ايران بانقسام بين أوروبا والولايات المتحدة حيال هذه القضية. وفي سوريا، لم تعد الضربة ذات أهمية نظراً للتراجع في حدة لهجة ترامب في القضية وفتح خط تواصل مع روسيا للتنسيق معها.
واللافت أيضاً أن هذا التأزيم على صعيد العالم، يترافق مع تصاعد المأزق الداخلي للرئيس الأميركي. مكتب التحقيقات الفيدرالي فتش مكتب محامي ترامب على وقع فضائح متتالية بينها ادعاءات ممثلة أفلام اباحية اسمها الحركي “ستورمي دالنيالز” بأنها مارست الجنس مع الرئيس الأميركي مقابل المال اثناء زواجه، ثم حصلت على مبلغ في تسوية مالية لتصمت، ومن بعدها تعرضت للتهديد.
والتحقيق في الدور الروسي بالتأثير في الانتخابات الرئاسية الأميركية متواصل، وقد يفتح أبواباً لإجراءات ضد الرئيس وأزمات جديدة. وفي دليل آخر على عمق الأزمة الداخلية، نشرت صحيفة “واشنطن بوست” تقريراً عن خطة مقترحة لأحد المستشارين السابقين لترامب من أجل الإطاحة برئيس مكتب التحقيقات الفيديرالي روبرت مولر.
من المفيد هنا ايضاً الإشارة إلى انتخابات الكونغرس في تشرين الثاني (نوفمبر) المقبل، اذ أنها قد تطيح بغالبية جمهورية مثّلت طوقاً لحماية الرئيس وتعزيز أجندته. قد يُفسّر الداخل هذا الكمّ من الأزمات الخارجية واستحقاقاتها في أسابيع قليلة.
لكن رغم العلاقة المفترضة بين استحقاقات أيار والتحديات الداخلية لترامب، الأزمات الخارجية حقيقية، لا بل مصيرية لواشنطن. وبالتالي فإن فتح الباب أمام إخفاقات نتيجة حشرها سوية ومحاولة معالجتها عبر ما بات يُعرف بدبلوماسية تويتر، سيترك ندوباً دائمة ليس في هذه الملفات فحسب بل ايضاً في القدرة الأميركية على التصدي لأي تحديات مستقبلية.
اذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال يحوي معلومات خاطئة أو لديك تفاصيل إضافية أرسل/أرسلي تصحيحًا
إذا كنت تعتقد/تعتقدين أن المقال ينتهك أيًا من المبادئ الأخلاقية أو المعايير المهنية قدم/قدمي شكوى
-
تابعنا على :