أطفال حمص يعملون لتعويض غياب الشباب

  • 2019/07/21
  • 12:25 م

وسيلة نقل عامة تقل الركاب في الحولة بريف حمص – 25 تموز 2017 (عنب بلدي)

حمص – عروة المنذر

طفل لم يتجاوز الخامسة عشرة من عمره مستلقٍ بجانب سيارة وثيابه مشبعة بالزيت المحروق والشحم في ورشة لإصلاح السيارات، وطفل آخر يستلم منك السيارة أو الدراجة النارية لتبديل الزيت وغسلها في المغسل، وآخر يمسك بمفتاح “الجنط” يعمل لدى “كومجي”، ومجموعة أطفال يدخنون على أحد أرصفة سوق الهال، مشهد بات مألوفًا للعين في محافظة حمص وخاصة في ريفها.

عام وبضعة أشهر مضت على اتفاق ريف حمص الشمالي، والجديد هي الباصات التي تنقل الأطفال فيه منذ الصباح الباكر إلى معامل المدينة الصناعية في حسياء بدلًا من الذهاب إلى المدارس والجامعات.

الفقر أساس المشكلة

سياسة الحصار التي اتبعها النظام السوري على مدى خمسة أعوام كانت كفيلة بتدهور الوضع الاقتصادي لعموم سكان ريف حمص، ما أجبر جميع أفراد العائلة على العمل لتأمين قوت يومهم.

“أبو جابر” من سكان سهل الحولة، قال لعنب بلدي، “قبل الثورة لم يدخل سوق العمل أي فرد من أفراد أسرتي، وظيفتي والمزرعة التي أملكها كانا يقدمان لي دخلًا ممتازًا، أما الآن فقد فقدت وظيفتي بقرار من رئاسة مجلس الوزراء ومزرعتي يهددها التصحر، ما جعلنا تحت خط الفقر”.

ويضيف أبو جابر، “ليست مبررات للسماح لأولادي بترك المدرسة ودخولهم سوق العمل، لكن الفقر أساس كل مشكلة، فدخولهم سوق العمل أفضل من التسول”.

وتقدر الأمم المتحدة في تقييم احتياجات سوريا لعام 2019 أن عدد السوريين الواقعين تحت خط الفقر هو 83%، وأن 2.1 مليون طفل لا يزالون خارج المدرسة.

أطفال ذوو إعاقة ومعتقلون وأيتام

خلّفت الحرب أعدادًا كبيرة من الضحايا والإصابات التي سببت إعاقات دائمة لعدد كبير من سكان ريف حمص، وامتلأت المعتقلات بشباب المنطقة ورجالها، وفي ظل غياب أرقام رسمية يقدر ناشطون في المنطقة أن 25% من الأسر ليس لديها معيل.

“أم أحمد”، سيدة من مدينة تلبيسة وزوجة لمعتقل في معتقلات النظام، تقول لعنب بلدي، “زوجي معتقل منذ عام 2013 ولا أحد يعلم عنه شيئًا، وحال أهله المادي ضعيف، وبعدما أُغلقت المنظمات الإنسانية بسبب المصالحة ما بقي لنا من يمد يده ويساعدنا”.

تعمل “أم أحمد” في تنظيف البيوت والمزارع، وأولادها يعملون في أعمال متفرقة علهم يتعلمون “مصلحة” يستطيعون من خلالها تأمين مصروف المنزل.

التهجير والتجنيد سببان آخران

بتوقيع اتفاق التسوية بين فصائل المنطقة والنظام السوري برعاية روسية، في أيار 2018، تحدد مصير الشباب في المنطقة بين التهجير إلى الشمال السوري الخاضع لسيطرة المعارضة، وبين التجنيد ضمن صفوف الجيش، ما ترك فجوة كبيرة في تركيبة المجتمع في ريف حمص الشمالي.

“أبو خالد”، من سكان مدينة الرستن، قال لعنب بلدي، “بعد اتفاق المصالحة رفضنا التهجير الى الشمال السوري فكان التجنيد خيارًا حتميًا لثلاثة من أولادي الخمسة”.

وأضاف، “الفقر وثقافة العمل التي انتشرت بين الأطفال جعلتني أفقد السيطرة على أحد أولادي الذي أصر على الذهاب مع رفاقه للعمل في أحد المعامل في حماة، فهذه صارت ثقافة بين الأطفال في سن المراهقة”، بحسب تعبيره.

وتمنع القوانين في سوريا عمالة الأطفال وتفرض إجراءات صارمة على أرباب العمل في تشغيل الأحداث، لكن هذه القوانين غير مطبقة أبدًا خاصة في المناطق التي انتقلت سيطرتها خلال السنوات الأخيرة من المعارضة السورية إلى النظام.

مقالات متعلقة

  1. النظام لا يستجيب لإزالة الألغام ومخلّفات الحرب بحمص
  2. حمص.. عصابات تمتهن سرقة الدراجات النارية وتبيعها في محافظات أخرى
  3. آثار ريف حمص إلى الواجهة بعد اعتقال منهل الصلوح
  4. الأرباح لا تغطي أجور الصيانة.. سائقو "السرافيس" بحمص يشتكون "GPS"

مجتمع

المزيد من مجتمع