تسوية درعا “تهتز” بتفجيرات تطال الأسد والروس

  • 2019/07/21
  • 11:48 ص

حافلة عسكرية تابعة لقوات الأسد تعرضت لتفجير بعبوة ناسفة في حي الضاحية بين المفطرة وبلدة اليادودة بمحافظة درعا 17 تموز 2019 (شبكة أخبار درعا تلغرام)

عنب بلدي – أحمد جمال

عادت محافظة درعا إلى مربعها الأول بعد التطورات الأمنية الأخيرة التي سجلتها بأكبر تفجيرات طالت قوات الأسد والدوريات الروسية، في مؤشر على فشل التسوية في المنطقة، على خلاف المناطق الأخرى التي شهدت تسويات بين النظام السوري والمعارضة.

أسبوع حافل بالتفجيرات التي تنذر بارتفاع التصعيد في المحافظة، تحت سقف “التسويات” التي عنونت اتفاق المحافظة قبل عام بتنفيذ ورقابة روسية.

وخسرت قوات الأسد خمسة من ضباطها ونحو 16 آخرين في تفجيرين متتاليين، وسبقتهما محاولة استهداف دورية روسية تجول في المنطقة بصفة “مراقب”، لتسجل تلك الحوادث كما سابقاتها ضد “مجهولين”.

القوات الروسية في مرمى الهجمات

لأول مرة منذ سيطرتها على المحافظة ووجودها بدور المراقب، تعرضت القوات الروسية لمحاولة تفجير بعبوة ناسفة من قبل مجهولين في الريف الشرقي لدرعا وذلك باعتراف روسي.

وقال رئيس مركز المصالحة الروسي في سوريا، اللواء أليكسي باكين، في 13 من تموز الحالي، إن “المسلحين في محافظة درعا السورية، فجروا قنبلة في طريق دورية للشرطة العسكرية الروسية”.

وأضاف باكين، بحسب ما نقلت عنه وكالة “سبوتنيك” الروسية، “تم تفجير عبوة ناسفة بدائية الصنع في طريق دورية للشرطة العسكرية الروسية في محافظة درعا، على الطريق الواصل بين بصرى الشام وبلدة السهوة”.

لكن الدورية الروسية “المصفحة”، لم تصب في التفجير الذي وقع عقب مرورها على الطريق الرئيسي في بلدة السهوة بريف درعا الشرقي، وهذا ما أكده المتحدث الروسي بقوله إن المعدات والآليات الروسية لم “تصب بأي أعطال”، معتبرًا أن “مسلحين من جماعات إرهابية نفذوا الهجوم على الدورية العسكرية، من أجل زيادة حدة الوضع في المنطقة”، بحسب تعبيره.

وتسيّر روسيا دوريات عسكرية في معظم مناطق المحافظة منذ سيطرتها عليها، وخروج المعارضة إلى الشمال، في تموز 2018، وتحاول ضبط الواقع الأمني في ظل غليان شعبي ضد ممارسات قوات الأسد واستمرار الاعتقالات وتردي الأوضاع المعيشية والأمنية.

وسبق أن نظم الروس عدة اجتماعات مع الأهالي في مدن تابعة للمحافظة كانت تحت سيطرة المعارضة قبل التسوية، وتركزت مطالب الأهالي على وقف الاعتقالات ووقف سحب الشباب إلى خدمة العلم، ورغم الوعود الروسية لم يحصل تطبيق فعلي على الأرض، سوى الإفراج عن مجموعة من المعتقلين بلغ عددهم 66 معتقلًا حتى منتصف حزيران الماضي.

التصعيد الأعنف

بعد يومين من محاولة استهداف الروس، سجلت درعا الهجوم الأعنف ضد قوات الأسد خلال عام من “التسوية”، ليخسر النظام عددًا من ضباطه وعناصره بساعات عبر هجومين متتالين، استهدف الأول حافلة مبيت تابعة لـ “الفرقة الرابعة”، على طريق درعا الغربي في 17 من تموز الحالي، بتفجير عبوة ناسفة في الحافلة من قبل مجهولين، ما أسفر عن مقتل خمسة ضباط برتبة ملازم أول وإصابة 16 عنصرًا آخرين وفق إذاعة “شام إف إم”.

واتهمت وكالة الأنباء الرسمية (سانا)، من وصفتهم بـ”الإرهابيين” بتنفيذ الهجوم باستهداف سيارة عسكرية في حي الضاحية بمدينة درعا بين المفطرة وبلدة اليادودة، وقال مراسل عنب بلدي في درعا، حينها، إن المعلومات تشير إلى أن المبيت يضم ضباطًا وعناصر تسوية من ريف دمشق.

عقب ذلك نعت مصادر موالية للنظام الضابط العقيد نضال سليمان النبواني، وزوجته وابنه، جراء هجوم آخر من قبل مجهولين على سيارته بمنطقة الشيخ سعد غربي درعا، لتكون الحادثة الثانية التي تسجل “ضد مجهول” خلال ساعات.

وقال مراسل قناة “سما“، فراس الأحمد، عبر “فيس بوك”، حينها، إن أحد ضباط الجيش السوري قتل وزوجته وابنه، “باعتداء مسلحين عليهم قرب قرية الشيخ سعد بريف درعا الغربي”، بحسب وصفه.

وعلى خلفية التفجيرات المتزايدة في المحافظة، أغلقت قوات الأسد الطريق المؤدي إلى المنطقة الغربية في درعا، والمتمثل بطريق اليادودة الذي يربط المدينة بالمنطقة الغربية كاملة مثل قرى المزيريب وتل شهاب وزيزون وحوض اليرموك ونوى.

ويزداد التوتر في المحافظة مع تزايد العمليات التي تطال قوات الأسد بعمليات خاطفة لمجهولين، رفضًا للقبضة الأمنية والاعتقالات المتزايدة منذ العام الماضي، ولعدم تنفيذ الاتفاق الموقع بين المعارضة وروسيا حول المنطقة.

من يقف وراء الهجمات؟

خسائر قوات الأسد خلال الأسبوع الأخير في درعا تعد الأكبر حجمًا وتأثيرًا من خلال عدد الضباط والعناصر الذين خسرتهم في الهجومين، إلى جانب الوحدات والرتب العسكرية التي طالتها القوة المهاجمة، خاصة أن التفجير طال “الفرقة الرابعة” التي يرأسها شقيق رئيس النظام السوري، اللواء ماهر الأسد.

ورغم عدم تبني أي جهة مسؤوليتها عن العمليات، أثارت غضبًا في صفوف الموالين للنظام السوري وأقارب القتلى العسكريين، بحسب ما رصدت عنب بلدي في مواقع التواصل، وسط طعن باتفاق درعا وتخوين الأطراف المسؤولة عنه، وذلك لاستمرار الحركات المناهضة لقوات الأسد في المنطقة.

أمين سر مجلس الشعب السوري، خالد العبود، قال لقناة “الميادين”، إن “المجموعات المسلحة التي اعتدت على الجيش السوري في درعا هي عبارة عن خلايا ما زالت مرتبطة بغرفة الموك (غرفة لتنسيق الدعم الدولي كانت تمد فصائل المعارضة بالسلاح والمال) وتأتمر من الأردن والاستخبارات الإسرائيلية”، وأضاف أن “اعتداءات هذه المجموعات لم تقتصر على الجنود السوريين بل طالت أيضًا الروس والمدنيين كما عمدت إلى إحراق آلاف الهكتارات من القمح”.

واعتبر العبود أن المجموعات التي تنفذ الهجوم، “تحافظ على هيكليتها المسلحة وتعتبر أنها قامت بتسوية لحظية مع الدولة لا مصالحة وتنظر إلى الموضوع على أنه هدنة”، ووصف الأمر بأنه محاولة خارجية من غرفة “الموك” لنشر الفوضى وعدم الاستقرار في درعا، بحسب وصفه.

بدوره قال محافظ درعا، محمد خالد الهنوس، لصحيفة “الوطن” المحلية، في 18 من تموز، إن التفجيرات التي تطال القوات العسكرية في درعا، هي “محاولة الإرهابيين إعادة الزمن إلى الوراء في درعا”، معتبرًا أن ذلك “لن يحصل على الإطلاق”.

لكن مستشار هيئة المصالحة الوطنية في درعا، أحمد منير محمد، قال لـ “الوطن”، إن “مصالحة درعا لا يمكن أن تصبح بخطر”، مردفًا “لا بد من وجود خلايا إرهابية، وإلى الآن هناك أشخاص مرتبطون بالخارج ويتحركون عند الطلب”.

ونقلت الصحيفة عن النائب عن محافظة درعا في مجلس الشعب، جمال الزعبي، قوله إن “الخروقات من جانب الإرهابيين لم تتوقف، وهؤلاء كانوا ناكرين لجميل القيادة السورية، التي ذهبت باتجاه المصالحات”، وتابع بقوله، “بعض المتورطين هم ممن كانوا في بداية الحرب أطفالًا صغارًا، وتربوا وترعرعوا في بيئة الإرهاب ومن الصعب عليهم الآن أن يعودوا أشخاصًا أسوياء”،
وجدد الزعبي التنبيه إلى “وجود ذيول للإرهاب في محافظة درعا، تعمل بأجندة إسرائيلية”، بحسب تعبيره.

وتتعدد الأسباب التي تقف وراء الغضب الشعبي في المنطقة، كان أبرزها القبضة الأمنية المتزايدة وحملات الاعتقال المستمرة، إلى جانب الزج بأبناء المحافظة في معارك قوات الأسد، وعدم تنفيذ المطالب التي تضمنها اتفاق المنطقة الموقع بين روسيا والمعارضة العام الماضي.

وخلال الأشهر الماضية، تعرضت مواقع ومقرات وشخصيات تابعة للنظام السوري لهجمات طالت عناصر وبعض الحواجز، إلى جانب رفض شعبي لمشاركة أبناء المحافظة بمعارك قوات الأسد في الشمال السوري.

مقالات متعلقة

  1. تنافس بين "الفيلق الخامس" و"الفرقة الرابعة" لكسب مقاتلي درعا
  2. "تسويات" جديدة في درعا.. "الفيلق الخامس" أكبر المنتفعين
  3. مظاهرات درعا.. سباق مع بنود التسوية
  4. "التايمز": لهذا ينضم مقاتلو المعارضة إلى قوات الأسد

سوريا

المزيد من سوريا