عنب بلدي – إدلب
هدأ القصف في ريف إدلب الجنوبي بعد دخول الهدنة التي أعلنتها القوات المهاجمة، قوات النظام السوري وحليفه الروسي، حيز التنفيذ في 31 من آب، لكن ذلك الهدوء لم يجلب بعد الطمأنينة لمئات الآلاف الذين نزحوا منذ بدء الحملة العسكرية في شباط الماضي، والذين لا يزالون يعانون لإيجاد ملجأ آمن يستقبلهم ويؤمّن احتياجاتهم، في ظل أكبر موجة للنزوح عانتها المنطقة خلال سنوات الصراع الثماني الماضية.
عملت المنظمات الإغاثية على إقامة مشاريع ومبادرات هدفت لمساعدة النازحين، مع ما واجهوه من صعوبات وتحديات كان أبرزها ازدحام المخيمات ونقص المساعدات.
“خط ساخن” للنازحين
أطلقت منظمة “بنفسج” مبادرة لتوجيه النازحين إلى المناطق التي تضم بيوتًا ومراكز آمنة للسكن، فنشرت عبر معرفاتها الرسمية، في 24 من آب الماضي، أرقامًا لـ “خط ساخن” يتصل به النازحون لتوجههم بدورها بالأماكن الأنسب لهم.
وقال مدير غرفة الخط الساخن في منظمة “بنفسج”، معد الخلف، لعنب بلدي إن النازحين كانوا يعانون من جهلهم بالأماكن المناسبة لاستقبالهم، فكانوا يتوجهون إلى الأماكن المزدحمة وذات التكلفة المرتفعة للإيجارات، مثل حارم وسلقين والدانا، فيحملون أغراضهم ويبحثون عن الملجأ، غير المتوفر من شدة الازدحام، مضطرين لدفع تكاليف باهظة للنقل، “هم بأمس الحاجة لها”.
تواصل الخلف مع رؤساء المجالس المحلية في المناطق الآمنة، وحصل منهم على أعداد البيوت والأماكن المناسبة للسكن، وتعاون مع منسقين في تلك المناطق، التي شملت معرة الأرتيق وحيان وحريتان وكفر حمرا وعندان وخان العسل، ووجه العائلات إلى لقاء المنسقين الذين أوصلوهم مباشرة إلى مأواهم الجديد.
لم تطلب المنظمة من العائلات سوى معلومات بسيطة، لمتابعة أعدادهم ومناسبتها لأعداد البيوت المتوفرة، وشملت طلب الاسم الثلاثي وعدد أفراد الأسرة واسم المنطقة التي أتوا منها، وأضاف الخلف أن فريقه قد تمكن حتى الآن من إسكان 1100 عائلة في تلك المناطق.
وتتابع المنظمة يوميًا تواصلها مع المجالس المحلية والمنسقين لتحديث بياناتها عن أعداد الأسر والمساكن المتوفرة، وقال الخلف إن منطقة معرة أرتيق قد امتلأت بيوتها أمس، وإن المنظمة تسعى للبحث عن مناطق جديدة لتستمر بتقديم خدماتها للنازحين.
تأهيل للبنى التحتية في مخيمات حارم
بدأت منظمة “هيئة ساعد الخيرية” في مشروعها لتأهيل البنى التحتية في مخيمات منطقة حارم منذ تموز الماضي، ساعية للحؤول دون تكرار حوادث الغرق والوفيات التي حصلت بسبب الأمطار ونقص الخدمات في الأعوام الماضية، حسبما قال مدير المشروع، عبادة عرواني، لعنب بلدي.
وعمل المشروع على ثلاثة محاور رئيسية، هي “تبحيص” الطرقات المحيطة بالمخيمات وداخلها، وتصريف مياه الأمطار عبر قنوات للتصريف داخل المخيمات أو على حوافها، وإنشاء عبارات للتصريف مع رفع أرضيات الخيم وإنشاء كتل للحمامات، للاستجابة لحاجات النازحين الجدد.
وأضاف عرواني أن عامل الزمن هو أهم التحديات التي يواجهها المشروع، وكذلك الطبيعة المتغيرة دومًا للمخيمات وتوسعها الدائم مع استمرار تدفق النازحين وإقامة خيام جديدة، وقال إن المشروع من المخطط أن ينتهي مع نهاية شهر كانون الأول المقبل.
تركيز على الفئات الضعيفة
تعمل منظمة “أبرار” على إقامة مخيم خاص للأرامل وذوي الإعاقة في قرية طعوم، ناحية تفتناز بريف إدلب الشمالي الشرقي، للاستجابة الطارئة لحاجات النازحين الفارين من مناطق القصف في ريف إدلب الجنوبي، حسب ما قال عضو مجلس إدارة المنظمة، وائل الحلبي، لعنب بلدي.
يمتد المخيم على مساحة أربعة دونمات ويضم 200 خيمة حتى الآن، وهو قابل للتوسع، وتختار المنظمة قاطنيه وفق أولويات من الأسر التي تعيلها النساء والأسر التي يعيلها الأطفال، والتي تضم ذوي إعاقة بين أفرادها، إلى الأسر النازحة بشكل عام.
وقال الحلبي إن المنظمة ستقدم خدمات متنوعة لقاطني المخيم، حال إنهائه بعد أيام، وستشمل دورات لتمكين المرأة لمساعدة الأرامل على خلق فرص عمل مناسبة، مع تقديم دورات حماية لذوي الإعاقة وتأمين لوازمهم الطبية ومتابعة حالاتهم.
وتضم منطقة الشمال الغربي ما يزيد على 9900 مخيم، بينها 5900 مخيم عشوائي لا تديرها المنظمات الإنسانية، مع زيادة أعداد طالبي اللجوء خلال العام بنسبة 16% حسب تقديرات الأمم المتحدة.
وعملت 22 منظمة على الأرض في قطاع رعاية المخيمات وتنظيمها، وبالرغم من تلقيها الدعم من الأمم المتحدة، إلا أن نقص التمويل الذي تعانيه، مع حصولها حتى شهر آب على 28% فقط من تمويلها المطلوب لعام 2019، بالإضافة إلى نزوح نحو مليون شخص خلال الأشهر الستة الماضية، حسب إحصائيات فريق “منسقو الاستجابة”، زاد من صعوبة تلك المهمة ومن معاناة أهالي الشمال الغربي في سوريا.