سراقب.. حيطان الثورة الملونة

  • 2020/02/01
  • 4:53 م
مدينة سراقب من سقف أحد مباني المنطقة 31 من كانون الثاني 2015 - (صفحة عدسة شاب سراقبي - فيس بوك)

مدينة سراقب من سقف أحد مباني المنطقة 31 من كانون الثاني 2015 - (صفحة عدسة شاب سراقبي - فيس بوك)

لم تكن مدينة سراقب مجتمعًا سكنيًا منذ آلاف السنين فحسب، بل كانت المنطقة تتمتع بسهل خصيب استراتيجي يقع في منطقة بالغة الأهمية، على الطريق الواصل بين حلب وبلاد الشام.

في التاريخ الحديث، تحولت سراقب إلى إحدى مراكز شمالي سوريا، واتخذت موقعها الإداري في الدولة السورية ضمن ريف إدلب، واكتسبت أهمية مضاعفة لوجودها على الطريق الدولي “M5″، وقرب الطريق “M4”.

على مستوى الثورة السورية، بدت أكثر من مدينة ريفية شارك أبناؤها في الاحتجاجات ضد النظام، بل احتضنت مظاهرات كبرى، وكان لها دور محوري في الحراك السلمي ثم المسلح، فيما تتوعدها اليوم آلة النظام العسكرية، دافعة سكانها في قوافل إلى مواطن النزوح الجديدة.

سراقب..خان الشيخ منصور

لا توجد إجابة واضحة على مصدر اسم سراقب أو معناه، لكن من أقدم ذكرٍ معروفٍ لها جاء في صفحات “حكاية بني هلال الشعبية” ذائعة الصيت، إذ جرت معارك بين الهلاليين والسلطان المملوكي برسباي، في سهل سراقب الزراعي، وانتهت بعقد اتفاق بعبور “بني هلال” نحو الجنوب بسلام.

تشير المرويات التاريخية، من أبرزها حكاية “بني هلال”، إلى وجود خان في تل الشيخ منصور بمنطقة سراقب، مُنشأ منذ العهد المملوكي، وكانت في محيط هذا الخان سهول زراعية.

وكان هذا الخان مجهزًا لاستقبال المسافرين والتجار، وتأمين احتياجاتهم من مأكل ومشرب، وحين تزايدت أعداد المسافرين والقوافل التجارية والمواكب الرسمية الأميرية على الطريق الواصل بين حلب وشمال حماة ودمشق مرورًا بمعرة النعمان، بدأت تتحول منطقة سراقب إلى مجمع سكاني، ليبدأ أهلها زراعة سهولهم.

ثورة سلمية في سراقب

بعد صلاة الجمعة في 25 من آذار لعام 2011، رفعت في مظاهرة سراقب الأولى، في “جمعة العزة”، الشعارات التي عمت البلاد حينها، التي كانت تحتوي بوضوح خطابًا معارضًا للنظام السوري.

في ذلك اليوم صدحت في سماء مدينة سراقب، الهتاف للحرية والهتاف إيذانًا بنهاية عهد الخوف، والهتاف نصرةً لمظاهرات درعا.

توالت أيام الجمعة في الثورة السورية، وتكررت المظاهرات بالمدينة، لتتصاعد تدريجيًا على إيقاع اتساع مساحة الثورة وتزايد أعداد ضحاياها في وسط البلاد وجنوبها، وكان غسّان العبدو أول الضحايا من أبناء سراقب، حين قتل بإطلاق ناري في 25 من نيسان لعام 2011.

وكان القائم على تنفيذ خطط النظام السوري الأمنية لاحتواء المظاهرات في سراقب، هو العميد نوفل الحسين، رئيس فرع الأمن العسكري بمحافظة إدلب.

وكان الهدف من الخطط الأمنية إرهاب السكان، وإطلاق هدف النظام الذي مفاده أن عهد العنف الدموي قد بدأ، وأن أي مقاومة أو احتجاج بعد الآن سيُرد عليه بسلاح قواته.

الثورة المسلحة

تزامن تطور الأحداث في سوريا على نحو حسم احتمالية تكوين فصائل مسلحة معارضة للنظام، ومنذ ذلك الوقت بدأت مجموعات صغيرة تتسلح في مدينة سراقب، للتصدي لدوريات الأمن والجيش السوري، ومن بينها كتيبة معاوية في شباط لعام 2012.

دفعت المدينة ثمن مشاركتها السلمية والمسلحة في الثورة السوري، آلاف الضحايا والمعتقلين في سجون النظام السوري، ومئات المباني المدمرة.

حيطان سراقب الملونة

عرفت مدينة سراقب بجمالية شعاراتها ولوحاتها الجدارية التي ركزت على الانتماء الوطني الجامع، ونبذ الطائفية والمطالبة بدولة مدنية ديمقراطية.

عكست تلك الحيطان كثيرًا من رسائل السوريين وصراعاتهم السياسية، فالتعبير على الحيطان في المدينة عن أمل السوريين وترقبهم وخوفهم، كان من أبرز الأعمال المدنية في الثورة السورية.

جدارية تعبيرية من مدينة سراقب في 2020 – (صفحة حيطان سراقب – فيس بوك)

جدارية تعبيرية من مدينة سراقب في 8 من حزيران لعام 2019

أما اليوم، تشهد مدينة سراقب وباقي بلدات ريف إدلب، نزوح الأهالي باتجاه المناطق القريبة من الحدود التركية، بعد تقدم قوات النظام وسيطرتها على بلدات على الأوتوستراد الدولي “M5”.

مقالات متعلقة

  1. صورة قاسم سليماني في احتفال بـ"يوم القدس" في سراقب
  2. إحياء روح العمل التطوعي في سراقب
  3. أسقف منازلهم تتداعى أمام أعينهم.. أهالي سراقب يشهدون نهب ممتلكاتهم
  4. حكومة النظام تعلن فتح معبر "سراقب" أمام الطلاب

سوريا

المزيد من سوريا