استراتيجية جديدة لتفريغ درعا من مقاتلين معارضين

  • 2020/03/15
  • 12:00 ص

عناصر من قوات النظام في مدينة درعا - 2015 (سانا)

عنب بلدي – درعا

يعمل النظام السوري على فرض واقع جديد بمحافظة درعا، يتمثل في التحكم بزمام المناطق التي تمثل حاضنة لعناصر الفصائل الذين رفضوا الخروج من درعا، وسحب سلاحهم عن طريق مفاوضات وهدن، وترحيل الرافضين له إلى الشمال السوري.

مؤخرًا طبّق النظام هذه الاستراتيجية في عدة مناطق من درعا، وأفضت إلى دخوله مناطق كانت خارجة عن سيطرته وإعادة انتشاره فيها، إضافة إلى ترحيل عدد من الرافضين لسيطرته.

الهجوم الأول بعد “التسوية”

هاجمت قوات النظام مدعومة بالمدفعية والدبابات، في 1 من آذار الحالي، مدينة الصنمين بريف درعا الشمالي، وفرضت عليها حصارًا بعد أن قطعت طرق ومداخل المدينة.

وجاءت الحملة العسكرية على المدينة بشكل مفاجئ دون إنذار لسكانها بضرورة الإخلاء.

ويعتبر هذا الإجراء العسكري الأول من نوعه، إذ استخدمت فيه قوات النظام المدفعية في درعا للمرة الأولى منذ عقد اتفاق “التسوية” الذي جرى في تموز 2018.

وانتهت الحملة العسكرية على الصنمين بفرض السيطرة على الأحياء الخارجة عن سيطرة النظام، وتدخل “الفيلق الخامس” المدعوم من روسيا بوساطة انتهت بترحيل 21 مقاتلًا من عناصر المعارضة المسلحة إلى الشمال السوري، وإجراء “تسوية” ثانية للراغبين بالبقاء بعد تسليم سلاحهم.

المحامي علي الصلخدي، الذي شغل منصب محافظ “درعا الحرة” سابقًا، قال في حديث لعنب بلدي، إن النظام استطاع تجنيد وشراء من وصفهم بـ”ضِعاف النفوس” في مدينة الصنمين ضد العناصر الرافضين لوجود النظام في المدينة.

وأوضح أن النظام شكّل خلايا نائمة مهمتها الضغط على الأهالي، وطالبت بخروج عناصر المعارضة، وحثت النظام على القيام بحملة عسكرية، انتهت بفرض السيطرة على المدينة “وإخراج الثوار مرفوعي الرأس”، وفق وصفه.

وأضاف أن النظام الآن سيبدأ بإرسال أبناء الصنمين للقتال في صفوف قواته بالشمال السوري، مشيرًا إلى أنهم سيعودون بالتوابيت، بحسب تعبير الصلخدي.

رد فعل غاضب

أثار الهجوم على مدينة الصنمين غضب الرافضين للنظام في أغلب مناطق درعا، حيث حاصروا حواجز وثكنات للنظام، وهاجموا بعض الحواجز.

وفي الوقت الذي كان النظام يهاجم فيه الصنمين، فرض عناصر المعارضة حصارًا على ناحية المزيريب وثكنة طفس العسكرية ومعسكر الطلائع ومعسكر الشبيبة، وهاجموا حاجزًا لقوات النظام في مدينة جاسم، قتل فيه عنصران وجرح عدد آخر، وأيضًا حاجز مساكن جلين بريف درعا الغربي، واعتقلوا 50 عنصرًا مع سلاحهم.

في موازاة ذلك، خرج العشرات في درعا البلد بمظاهرة نددت باقتحام مدينة الصنمين، وطالبت النظام بالانسحاب الفوري من المدينة، وكذلك خرجت مظاهرة غاضبة في بلدة الجيزة بريف درعا الشرقي ومظاهرة في مدينة بصرى، نصرة لأهالي الصنمين.

“تسويات” جديدة وسحب للسلاح

قبل اقتحام الصنمين، عمل النظام، ممثلًا برئيس اللجنة الأمنية، اللواء حسام لوقا، ورئيس فرع الأمن العسكري، لؤي العلي، بالتعاون مع وجهاء من بلدة ناحتة، على فرض هدنة مقابل تسليم 20 قطعة سلاح وذخائر متنوعة وإجراء “تسويات” للمرة الثانية في البلدة، وإطلاق سراح بعض المعتقلين.

واستفاد إعلام النظام من هذه الهدنة، وروّج حينها أن الأهالي يطالبون “الجيش” بسحب السلاح وفرض الأمان في المنطقة الجنوبية.

عضو في اللجنة المركزية التي شُكلت بعد دخول النظام إلى المنطقة الجنوبية من شخصيات مدنية وقادة في “الجيش الحر”، ومهمتها تمثيل الأهالي والحوار مع النظام والروس ونقل المطالب، قال لعنب بلدي مفضلًا عدم ذكر اسمه، إن النظام يسعى جاهدًا لتحقيق “نصر زائف” بعد خسارته في الشمال السوري.

وأضاف عضو اللجنة أن النظام يحاول فرض واقع جديد في الجنوب السوري، عبر ترحيل المقاتلين وسحب السلاح الذي يعتبر ضمانة قوية بيد معارضيه، وفق تعبيره.

وأوضح أن النظام يحاول إظهار نفسه على أنه هو من يدير الجنوب وبكفاءة، لذا أراد أن يظهر أنه المبادر وصاحب القوة خوفًا من مبادرة أهل الجنوب ضده، ولينتزع المبادرة من عناصر المعارضة الذين لو قاموا بالمبادرة ومباغتته لكشفوا زيفه وزيف ما يروّج له من سيطرة على مدن درعا، مشيرًا إلى أن سيطرته وهمية ولا يملك أسباب القوة.

وأردف، “بالأمس قضم الصنمين بآلته العسكرية، وقبلها روّج لهدنة وتسليم سلاح في بلدة ناحتة، وهو حاليًا يروج لهدنة في مدينة جاسم”.

وأشار إلى أن الأمر يتطلب من اللجنة المركزية والنخب الثورية التكاتف والتنسيق المتكامل، لقطع الطريق أمام النظام في سعيه لتقطيع أوصال المناطق، والقضم المتتابع للمناطق التي تشهد تحركات عسكرية ضد مواقعه حيث تخرج منها مظاهرات.

ولفت إلى أن النظام إذا نجح بفرض هدنة في جاسم فستكون الخطوة المستقبلية طفس أو درعا البلد.

واعتبر عضو اللجنة المركزية أن ترحيل عناصر المعارضة وسحب السلاح مطلب إيراني من أجل السيطرة على المنطقة الجنوبية و”تشييع” الأهالي كما فعل في دير الزور، وفق قوله.

تهديدات لمدينة جاسم

في أثناء السيطرة على مدينة الصنمين، هاجم عدد من عناصر المعارضة في مدينة جاسم حاجزًا للنظام في مدينة الصنمين، ما أدى إلى قتل عنصرين وجرح آخرين فيه.

وبعد السيطرة على الصنمين، طالب رئيس اللجنة الأمنية في درعا، اللواء حسام لوقا، وجهاء جاسم بتحديد أسماء مهاجمي الحاجز، وتسليم سلاحهم، وإجراء “تسوية” لهم دون التطرق لموضوع ترحليهم للشمال السوري، وأعطى مهلة عشرة أيام للوجهاء لتنفيذ ذلك.

ويرى الناشط الإعلامي أحمد العمار، في حديث إلى عنب بلدي، أن هذا الإجراء “خطير” لأن هدفه تفريغ المدينة من ثوارها، وفق تعبيره، وقال إن هذه الاستراتيجية تمثل امتدادًا لمخطط “خبيث” للنظام يستطيع من خلاله الاستيلاء على السلاح.

وأضاف العمار أن النظام دفع أهالي القتلى من عناصره لرفع دعاوى قضائية ضد عناصر المعارضة، وقدر عدد المطلوبين له بشأن مهاجمة الحاجز بين 30 و40 عنصرًا.

وتوقع حصول سيناريو مشابه للصنمين يبدأ بمحاصرة المدينة وقصفها، ثم يتدخل الوجهاء ويرحل من يريد للشمال السوري.

وفيما يخص المفاوضات بمدينة جاسم قال محافظ “درعا الحرة” السابق، علي الصلخدي، إن النظام، ومن خلفه روسيا، يسعى للسيطرة على الجنوب خاصة وعلى كل سوريا بشكل عام، وهو يتبع سياسة بريطانية قديمة (فرّق تسد)، فهو يعمل على قضم المناطق الثائرة كناحتة والصنمين، واليوم يحاول مفاوضة مدينة جاسم، لافتًا إلى أنه إذا تمكن من فرض شروطه على مدينة جاسم سينتقل بعدها لبقية المناطق.

وختم بالقول، “سياسة القضم والسيطرة تحتاج من الأحرار توحيد الصفوف وتنسيق العمل واتخاذ الخطوات المناسبة للوقوف بوجه مخططات النظام”.

وكانت محافظة درعا شهدت اتفاق “تسوية” في تموز 2018، برعاية روسية، أحكم بموجبه النظام السيطرة العسكرية على المحافظة، لكن قبضته كانت هشة مع وجود خلايا مسلحة ومناطق ترفض وجوده.

مقالات متعلقة

  1. القنيطرة ودرعا.. جيوب يغلقها النظام رغم "التسوية"
  2. بدء خروج الدفعة الأولى من درعا إلى الشمال السوري
  3. دراجة نارية مفخخة تستهدف مقرًا لـ"الفرقة الرابعة" في ريف درعا الغربي
  4. "تسوية" جديدة في درعا.. ما بنودها هذه المرة؟

سوريا

المزيد من سوريا