فاز الشاب السوري محمد إياد كوردي بجائزة “إيمي” الأمريكية، عن أفضل تغطية خبرية عاجلة، خلال تغطيته للعملية العسكرية التركية في شمالي سوريا “نبع السلام” عام 2019، في أثناء عمله مع قناة “CNN” الأمريكية.
وأعلن كوردي، في 29 من تشرين الأول الماضي، عبر حسابه في “فيس بوك” وباللغتين العربية والإنجليزية، حصوله على “أعلى جائزة صحفية خبرية متلفزة في العالم”، وأهداها للاجئين والمهجرين السوريين في الداخل والخارج.
منذ بداية الثورة
قال محمد إياد كوردي في لقاء مع عنب بلدي، إن نشاطه الإعلامي بدأ مع بداية الثورة السورية، حين كان من أوائل الناشطين الإعلاميين في شبكة “حلب نيوز” المحلية، في ذلك الوقت.
وتركز عمل كوردي، حينها، على تصوير وإعداد التقارير الإخبارية تحت اسم مستعار، لبعض القنوات الإخبارية العربية كـ”الجزيرة”، ووكالات دولية، وبعض الصحف الأوروبية.
وكوّن الشاب خلال عمله شبكة علاقات إعلامية جيدة مع صحفيين أجانب قدموا إلى سوريا لتغطية أخبار المعارك فيها، ساعده في ذلك إتقانه للإنجليزية، ورغبته في تطوير مهاراته الإعلامية.
وغادر كوردي إلى تركيا في 2013 ليلتقي فيها بصحفيين تبادل معهم العمل والتغطية على جبهات القتال في سوريا، ما ساعده على العمل مع قنوات أجنبية ووسائل إعلام عالمية، كصحيفة “لو موند” الفرنسية و”الجزيرة الإنجليزية” وشبكة “سي إن إن” الأمريكية التي عمل معها بشكل مستقل لمدة عام، قبل أن تتعاقد معه المحطة كصحفي ثابت فيها منذ ست سنوات حتى اليوم.
وأضاف الشاب أن عمله كصحفي سوري يغطي مأساة بلاده في مرحلة ما “لم يتطلب فصل ذاته عن مهنيته، كون الواجب يتطلب تقديم الحقيقة، والوقوف بجانب الحقيقة يعني الوقوف حتمًا مع قضية الإنسان السوري”.
ليست الجائزة الأولى
وحصل كوردي على جائزة “إيمي” عن أفضل تغطية خبرية عاجلة لقصة العملية العسكرية التركية في شمال شرقي سوريا المسماة عملية “نبع السلام”، وكان قد حصل عام 2015 على المركز الثاني في جائزة “الصحافة البريطانية”، بفيلم وثائقي أنتجته “الجزيرة الإنجليزية”، تناول كوردي خلاله موضوع “الجيش السوري الإلكتروني”.
درس محمد في قسم الكيمياء الحيوية بجامعة “حلب”، وعاش في حي بستان القصر شرقي المدينة، وتنقل بين أكثر من محافظة سورية لتغطية أخبار الجبهات والمعارك العسكرية.
وأكد كوردي أن الصحفي المعايش على أرض الواقع لما يجري في الميدان السوري من معارك وقتل، سيحتفظ بذاكرته بشيء من المشاهد والأصوات التي عايشها وكان ناقلًا لها، وسيترك الأمر بداخله تداعيات نفسية، سيتغلب عليها مع مرور الوقت، ولن تكون بخطورة تلك التي يعايشها أصحاب القصة الحقيقيون.
طريق النجاح محفوف بالمعارك
عمل محمد إلى جانب دراسته في قسم الكيميائ الحيوية بمهن مختلفة، منها في مقهى إنترنت، وفي متجر للألبسة لتغطية مصاريف دراسته، قبل أن ينتقل للإقامة في حي بستان القصر الحلبي.
وقال محمد لعنب بلدي، “قبل عشر سنوات لم أكن أتخيل نفسي صحفيًا، كنت أعتقد أني سأختص في علوم الأدوية، وأعمل في مخبر في أوروبا، لكن مجريات الأحداث غيرت المشهد كليًا”.
وساعدت العلاقات العملية التي كونها محمد في أثناء تغطيته الصحفية في تحقيق حلمه، إذ يستذكر المصور المكسيكسي الأمريكي خافيير مانزانو، الحاصل على جائزة “بولترز” لعام 2012 عن تصويره لقصة فوتوغرافية في حي كرم الجبل في حلب.
وقال محمد، “خافيير ساعدني لأطور مهاراتي في التصوير، بالإضافة لصحفيين آخرين منحوني التواصل مع صحفيين فاعلين في الساحة الإعلامية”.
وانتقد كوردي إعلام النظام الرسمي قائلًا، “حين كنت ناشطًا إعلاميًا خضت دورة تدريب قدمها صحفي درّب سابقًا صحفيين يعملون في مؤسسات إعلام النظام الرسمي، أكد هذا الصحفي أن تدريب أشخاص لا يملكون خلفيات إعلامية أفضل من تدريب العاملين في إعلام النظظام الرسمي”.
وأشار كوردي إلى أن هامش الحريات في العمل الصحفي تحت ظل النظام ضيق، ويسهم في تقييد حركة الصحفي حتى لو كان مبدعًا وذو مؤهلات جيدة، مستشهدًا بصحفيين سوريين يعملون في مؤسسات إعلامية عالمية ويشكلون إضافة لطيفة في المؤسسات التي يعملون معها.
ما هي جائزة “إيمي”
تشكل الجائزة بالنسبة لكوردي دفعًا معنويًا كبيرًا للاستمرار في العمل الصحفي، والقدرة على إيصال صوت السوريين، بحسب تعبيره.
وانطلقت جائزة “إيمي” عام 1946، بعد شهر واحد فقط من ظهور التلفزيون في أمريكا، وتختلف عن جائزة “أوسكار” التي تُمنح للعاملين في القطاع السينمائي، في حين تمنح “إيمي” للعاملين في القطاع التلفزيوني.
تنظم وتمنح الجائزة “الأكاديمية الدولية للفنون والعلوم التليفزيونية”، وهي منظمة تتألف من وسائل الإعلام وشخصيات رائدة تنتمي لأكثر من 50 بلدًا و500 شركة من جميع القطاعات التليفزيونية حول العالم.
–