حوامل في إدلب بمواجهة الإجهاض

  • 2022/10/02
  • 12:22 م

سيدة حامل في مستشفى "سامز" للتوليد في إدلب في أيلول 2022 (عنب بلدي/ هدى الكليب)

إدلب – هدى الكليب

تخشى رهف الريا (27 عامًا)، وهي نازحة من قرية بابيلا بريف إدلب الجنوبي، وتقيم في مخيمات “سرمدا”، وحامل في شهرها الخامس، أن تفقد جنينها في نهاية المطاف، بعد اكتشاف إصابتها بجرثومة الحمل (التوكسوبلازما) في وقت متأخر من الحمل.

اكتشفت رهف الإصابة بعد ملاحظتها ضعفًا بحركة الجنين التي كادت تكون معدومة، ولدى إجراء التحاليل الطبية، تبيّنت إصابتها بالمرض الذي أوجبت الطبيبة علاجه عبر الأدوية حتى ما قبل الولادة بأسابيع قليلة.

رهف قالت لعنب بلدي، إنها لم تزر طبيبة نسائية منذ بداية حملها، وهو ما أخّر اكتشاف إصابتها بجرثومة الحمل، أو ما يُعرف بـ”التوكسوبلازما”.

ورغم بدء علاجها للتو، فإنها تشعر بالخوف من عدم جدوى ذلك، إذ كان يجب عليها البدء بالعلاج مع بداية الحمل، كون الجرثومة خطيرة وتتسبب بإجهاض وتشوهات، وفق ما أكدته طبيبتها.

ضاعف من معاناة رهف وخوفها، أن الأدوية الخاصة بالمرض مرتفعة الثمن وغير متوفرة في جميع الصيدليات، في الوقت الذي تشكو فيه ضعف الحالة المادية وبُعد مخيمها عن المراكز العلاجية، غير أنها مضطرة لمتابعة العلاج بأي حال، فهي تأمل ولادة جنينها بصحة وسلام رغم كل التحديات.

تهاجم الأمراض النساء الحوامل بمناطق إدلب وشمال غربي سوريا، وسط الرعاية الصحية المتردية، جرّاء النقص في الكوادر المتخصصة والأدوية والمكمّلات الغذائية، إلى جانب الازدحام الشديد في المراكز المختصة، وصعوبة الوصول إليها لعدم توفر وسائل نقل، كل ذلك بالتزامن مع تراجع الدعم من قبل المنظمات الإنسانية والطبية المختلفة.

تكلفة الحمل “مرتفعة”

لم يكتمل حمل فدوى الحسون (31 عامًا)، إذ خسرته في شهرها السادس جراء ارتفاع معدل السكر الحملي لديها، دون أن تعلم بإصابتها بمرض السكر الحملي الذي ظهر فجأة، وفق ما قالته لعنب بلدي.

وأشارت فدوى إلى أنها لم تكن تشكو من أي أمراض قبيل فترة الحمل، غير أنها أصيبت بمرض السكر الحملي دون أن يتسنى لها معرفة الأمر قبل أن تجهض جنينها لهذا السبب.

قالت فدوى، إن “مراجعة المركز الصحي أمر مجهد جدًا، ويجب عليّ اجتياز مسافة طويلة لأصل إليه، ووسائل النقل هنا غير متوفرة وتكلفتها مرتفعة”.

وتابعت فدوى أن “همّ الطريق يبقى أخف من همّ الانتظار في المركز الذي يستغرق غالبًا ساعات، يضاف إلى همّ تأمين الأدوية والمقوّيات”.

وتابعت، “في السابق كان التفكير بكيفية الاستعداد لاستقبال المولود بأجمل الطقوس والتحضيرات أقصى ما يشغل بال الحامل وأسرتها، أما اليوم فإن ولادة مولود سليم وسط الفقر والنزوح أكثر ما يهمّ النساء الحوامل”، وفق تعبيرها.

“ولد برئتين غير مكتملتين رغم اكتمال مدة الحمل”، هذا كان السبب وراء وفاة مولود جمانة البيور (32 عامًا)، التي عانت ظروف حمل غاية في الصعوبة بمخيمات “دير حسان”، حيث نقص الخدمات الطبية للحوامل.

أصيبت جمانة في أثناء حملها بمضاعفات عدة بعد إصابتها بفيروس “كورونا” وسوء التغذية، وهو السبب وراء التشوهات العديدة التي أصابت جنينها قبل وفاته، دون أن تتمكن من متابعة مراقبة حملها وحماية جنينها، وسط الظروف المعقدة التي تعيشها في مخيمات شمال إدلب.

نقص الرعاية يزيد معدلات الإجهاض

الطبيبة النسائية رائدة الشيخ (44 عامًا)، تحدثت عن زيادة معدلات الإجهاض ومشكلات الحمل في الآونة الأخيرة، وقالت لعنب بلدي، إن من أبرز أسبابها، نزيف الحوامل وارتفاع ضغط الدم الحملي، والإصابة بداء المقوسات، والولادة المتعسرة، وفقر الدم، وارتفاع التوتر الشرياني، والسكر الحملي، وأمراضًا متعلقة بنقص مناعة السيدة الحامل كالالتهابات التناسلية الفطرية.

وأشارت الطبيبة إلى أن هناك اضطرابات لا ترتبط مباشرة بالحمل، يزيد بعضها من خطر حدوث مشكلات للنساء الحوامل أو الجنين، كالاضطرابات التي تسبب حمى مرتفعة، وحالات العدوى، والاضطرابات التي تحتاج إلى جراحة على سبيل المثال.

ودعت الطبيبة رائدة الشيخ جميع الحوامل إلى عدم الاستهانة بأمراض الحمل، والعمل على الحصول على العناية الطبية الملائمة، وإجراء مراقبة مستمرة لفترة الحمل منذ بدايتها إلى لحظة الولادة، وإجراء فحوصات تشخيصية قبل الولادة، بناء على خصائص كل امرأة وكل حمل، ودراسة الموجات فوق الصوتية عالية الدقة والموجات فوق الصوتية ثلاثية الأبعاد، التي تُعرف بالموجات فوق الصوتية ثلاثية الأبعاد ورباعية الأبعاد، للكشف المبكر عن التشوهات الجنينية والأمراض الشائعة.

وفي السياق نفسه، قالت منى الشعراوي (28 عامًا)، وهي واحدة من فريق برامج التغذية ومتابعة أوضاع الحوامل في مناطق المخيمات، إنه “لوحظ ازدياد حالات سوء التغذية لدى النسوة الحوامل في المخيمات، بسبب النزوح واشتداد الفقر وعدم متابعة أوضاعهن الصحية بالشكل المناسب.

ونوهت إلى ضرورة الأخذ بعين الاعتبار قلة المراكز الصحية ونقاط الخدمات الطبية للحوامل في المخيمات، في الوقت الذي يصعب فيه على الكثيرات من الحوامل الوصول إلى خدمات الصحة الإنجابية البعيدة عن مناطقهن، بسبب الفقر وضعف الأحوال المادية، ما يهدد صحتهن وصحة حملهن.

أكثر من 440 ألف حامل في إدلب

بتول الخضر، مشرفة الصحة الإنجابية في مديرية صحة إدلب، قالت لعنب بلدي، إنه لا يوجد عدد دقيق جدًا للحوامل في إدلب، غير أن عدد السيدات الحوامل اللواتي أتممن أربع زيارات لعدد من المنشآت الصحية في إدلب خلال الأشهر الستة الماضية، بلغ 443 ألف سيدة، بينما وصل عدد السيدات الحوامل اللواتي زرن المنشآت الصحية مرة واحدة فقط إلى 253 ألف سيدة.

تعطي الخضر أرقامًا ومعدلات ولادات لا يمكن لعنب بلدي التأكد من صحتها، إذ تشير إلى أن عدد الولادات خلال الأشهر الستة الماضية لدى سجلات مديرية صحة إدلب، بلغ 233 ألفًا و104 ولادات، منها 42 ألفًا و842 ولادة قيصرية.

وأكدت الخضر أن دور مديرية الصحة في محافظة إدلب هو دور إداري من حيث تنظيم وتوزيع الخدمات الصحية حسب الاحتياج الموجود، إضافة إلى دورها الإشرافي على جودة الخدمات المقدمة.

ومن تلك الخدمات المقدمة للحوامل في المنشآت الصحية، مراقبة السيدة الحامل، ومتابعة ما بعد الولادة، ووصف الفيتامينات واللقاحات اللازمة للسيدة والطفل، وخدمة الولادة الطبيعية والقيصرية بشكل مجاني في المنشآت الصحية، وخدمات تنظيم الأسرة وتوفير مانع الحمل المناسب للسيدة الحامل.

مقالات متعلقة

  1. أطفال “داون” في مخيمات إدلب.. ضحايا العزلة والتنمر وغياب الرعاية
  2. عمليات الإجهاض في الشمال السوري.. الضرورات لا تبيح المحظورات
  3. رغم مخاطره.. نساء يلجأن للإجهاض غير الآمن بإدلب
  4. "الزنار الناري" يعود إلى إدلب.. كبار السن مهددون والرعاية الصحية غائبة

مجتمع

المزيد من مجتمع