قالت منظمة حقوقية، إن أكثر من 42 ألف أجنبي متهمين بصلاتهم مع تنظيم “الدولة الإسلامية” ما زالوا متروكين من قبل بلدانهم في المخيمات والسجون بشمال شرقي سوريا، في ظروف تهدد حياتهم.
وفي تقرير لمنظمة “هيومن رايتس ووتش” صدر اليوم، الخميس 15 من كانون الأول، أوضحت أن الغارات والمدفعية التركية فاقمت خطورة الوضع لدى المحتجزين في المخيمات، لكن حياتهم كانت مهددة سابقًا أيضًا بعدة عوامل.
وقُتل أكثر من 42 شخصًا خلال 2022 في مخيم “الهول”، شمال شرقي سوريا، بعضهم على يد موالين للتنظيم، كما قُتل أيضًا مئات آخرون في محاولة التنظيم اقتحام سجن “الصناعة” في كانون الثاني الماضي، وأفاد موظفون وعمال إغاثة ومحتجزون أن أطفالًا غرقوا في حفر الصرف الصحي، وتوفوا في حرائق الخيام، ودهستهم شاحنات المياه، ومات المئات نتيجة أمراض يمكن علاجها.
وقالت المديرة المشاركة لقسم الأزمات والنزاعات في المنظمة، ليتا تايلر، “تبرز هجمات تركيا الحاجة الملحة لقيام جميع الحكومات بالمساعدة في إنهاء الاحتجاز غير القانوني لمواطنيها، والسماح للجميع بالعودة إلى ديارهم ومحاكمة البالغين حسب الاقتضاء، إذ إن مقابل كل شخص أعيد إلى الوطن، يوجد سبعة آخرون يُحتجزون في ظروف جائرة”.
وعرضت المنظمة شهادات لبعض المحتجزين في المخيمات، قابلتهم في أيار الماضي، تعرض بعضهم للتعذيب من قبل حراس المخيم، وشهد آخرون على مقتل أفراد عائلتهم من موالين للتنظيم بحجة أنهم “جواسيس” لإدارة المخيم.
وتسيطر “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) على السجون والمخيمات في المنطقة، كما أنفقت الولايات المتحدة وبريطانيا، عضوا التحالف الدولي ضد التنظيم، ملايين الدولارات على سجون لاحتجاز المعتقلين في شمال شرقي سوريا، لكن الحكومات الأجنبية لم تتخذ خطوات لتوفير المراجعة القضائية للمعتقلين.
ونوّهت المنظمة الحقوقية إلى أن الحكومات التي تسهم “عن علم” في هذا “الحبس التعسفي” قد تكون “متواطئة” في الاحتجاز غير القانوني للأجانب، الذي يُرتكب كجزء من “هجوم واسع النطاق أو منهجي موجه ضد أي مجموعة من السكان المدنيين”، ما يعني أن سياسة الدولة لاحتجاز الأشخاص بشكل غير قانوني، يمكن أن ترقى إلى “جريمة ضد الإنسانية”.
الاستعادة متوقفة
منذ 2019، أعادت 34 دولة على الأقل أو سمحت بالعودة لأكثر من ستة آلاف أجنبي، منهم أربعة آلاف إلى العراق، وفقًا لأرقام من “الإدارة الذاتية”، ذات النفوذ السياسي والإداري في المنطقة، وجهات اتصال أخرى.
وازدادت عمليات الإعادة إلى الوطن في 2022 مع إعادة أكثر من ثلاثة آلاف و100 أجنبي إلى أوطانهم حتى 1 من كانون الأول الحالي.
ومنذ تشرين الأول الماضي، أعادت ثماني دول على الأقل رعاياها، منهم 659 شخصًا إلى العراق، و17 إلى أستراليا، وأربعة إلى كندا، و58 إلى فرنسا، و12 إلى ألمانيا، و40 إلى هولندا، و38 إلى روسيا، واثنان إلى المملكة المتحدة.
كما أعلنت إسبانيا، في تشرين الثاني الماضي، أنها ستعيد 16 مواطنًا على الأقل بحلول نهاية العام، لكن منذ بدء العملية العسكرية التركية (المخلب- القفل)، لم تعد أي دولة أجنبية أيًا من رعاياها.
وتتذرع الحكومات التي توقفت عن إعادة مواطنيها بمخاوف أمنية ورد فعل شعبي “عنيف”، وفق التقرير، وقال مسؤولون من خمس حكومات لديها مواطنون محتجزون في شمال شرقي سوريا لـ”هيومن رايتس ووتش”، إن السلطات هناك في بعض الأحيان تضع شروط إعادة إلى الوطن ضاعفت من “المهمة الصعبة” بالفعل المتمثلة في إخراج مواطنيها.
من جانبهم، حثّ كبار المسؤولين في الأمم المتحدة والولايات المتحدة الدول على إعادة مواطنيها، قائلين إن المحتجزين يمثلون “تهديدًا أكبر” إذا تركوا في شمال شرقي سوريا، حيث يمكن للمتشددين من بينهم الفرار، ولا سيما في الوقت الذي تحول فيه “قسد” جهودها للرد على هجمات تركيا، كما يمكن للأطفال أن يكونوا عرضة للتجنيد.
وبالنسبة للأطفال الذين أعادتهم دولهم من المخيمات، وجدت “هيومن رايتس ووتش” أن العديد منهم يندمجون بنجاح في بلدانهم الأصلية.
رد “الإدارة” على الانتهاكات
في رد مكتوب على طلبات “هيومن رايتس ووتش” للتعليق على معاملة المحتجزين، قالت “الإدارة الذاتية”، إنها “تبذل قصارى جهدها لدعم قانون حقوق الإنسان”، وأضافت أن “هذا لا يعني أنه لا توجد أخطاء هنا وهناك على مستوى الأفراد أو بعض المجموعات الصغيرة داخل القوات العسكرية”، مشيرة إلى أنها “تأخذ في الاعتبار” أي تقارير عن إساءة معاملة المحتجزين.
ووصل إنفاق الجيش الأمريكي في 2022 إلى 155 مليون دولار أمريكي، وطلب 183 مليون دولار لعام 2023 لتدريب وتجهيز ودفع رواتب آلاف من أفراد “قسد” و”أسايش” (عناصر الأمن الداخلي)، واستخدمت الولايات المتحدة أيضًا الأموال لزيادة الأمن في مخيم “الهول” وبناء سجن جديد في مدينة الرميلان شمال شرقي سوريا، وتجديد ما لا يقل عن ثلاثة مراكز احتجاز، وفق تقاريرها.
وأوصى التقرير الحكومات بأن تعمد فورًا إلى استئناف الجهود المتوقفة لإنشاء آلية قضائية في شمال شرقي سوريا، أو في أي مكان آخر للسماح لجميع الأجانب بالطعن في احتجازهم بشكل عادل، ما يسمح بالإفراج الفوري والطوعي والمرور الآمن لجميع الذين لم تُوجّه إليهم تهم جنائية أو الذين لا يشكلون تهديدًا أمنيًا.
–