وفاة مؤسسة جماعة “القبيسيات”.. من “الحاجة منيرة”؟

  • 2022/12/26
  • 3:47 م
اجتماع رئيس النظام السوري بشار الأسد مع معلّمات القرآن والتعليم الشرعي النسائي في المدارس الشرعية بعد انتهاء الاحتفال بذكرى المولد النبوي في الجامع "الأموي" بدمشق- 9 من تشرين الأول 2022 (صفحة رئاسة الجمهورية/ فيس بوك)

اجتماع رئيس النظام السوري بشار الأسد مع معلّمات القرآن والتعليم الشرعي النسائي في المدارس الشرعية بعد انتهاء الاحتفال بذكرى المولد النبوي في الجامع "الأموي" بدمشق- 9 من تشرين الأول 2022 (صفحة رئاسة الجمهورية/ فيس بوك)

توفيت الداعية السورية منيرة القبيسي مؤسسة جماعة “القبيسيات” الدينية اليوم، الاثنين 26 من كانون الأول، في العاصمة دمشق، عن عمر ناهز 89 عامًا.

ونعت وزارة الأوقاف في حكومة النظام السوري القبيسي عبر “فيس بوك” بالقول، “الجمهورية العربية السورية تنعى إليكم المربية الفاضلة والأستاذة القديرة الحاجة منيرة القبيسي”. 

وتصدّر اسمها مواقع التواصل الاجتماعي بين من ينعاها ومن ينتقدها بسبب مواقف جماعة ”القبيسيات” الداعمة للنظام خلال السنوات الماضية. 

ونعت القبيسي شخصيات دينية وشخصيات في المعارضة السورية، أمثال الرئيس الأسبق لـ”الائتلاف الوطني السوري المعارض”، أحمد معاذ الخطيب، والدكتور السوري في الفكر الإسلامي عبد الكريم بكار. 

من منيرة القبيسي؟ 

ولدت منيرة القبيسي في مدينة دمشق عام 1933، وتخرجت في جامعة “دمشق” بقسم العلوم الطبيعية، ومارست مهنة التدريس في حي المهاجرين.  

بدأت القبيسي في بداية الستينيات ممارسة النشاط الدعوي مع التعليمي، لقربها من مسجد “أبو النور” التابع لمفتي سوريا الراحل أحمد كفتارو، المشهور باتباعه الطريقة “الصوفية النقشبندية”، والمقرب من الرئيس السابق للنظام، حافظ الأسد. 

كان التوجّه العام للنظام السوري في الثمانينيات وبداية التسعينيات نحو إبعاد كل من له نشاط دعوي عن التدريس في المدارس الحكومية، الأمر الذي أسهم بتوجه القبيسي إلى التعلم على يد كفتارو، واتجاهها إلى دراسة العلوم الشرعية في كلية الشريعة بجامعة “دمشق”.  

بدأت دعوة القبيسي بين طالباتها في مدارس دمشق، وخصوصًا الفتيات المنحدرات من عائلات دمشقية كبيرة وثرية، وكان تركّز الدروس الدينية في المناطق الغنية من العاصمة، لتنتشر فيما بعد في كامل أنحاء دمشق، وريفها، وحلب، وحمص، ومحافظات أخرى، وليمتد اسم الجماعة لاحقًا خارج سوريا.  

ما “القبيسيات”؟ 

جماعة دينية إسلامية، صوفية الجذور، اكتسبت تسميتها من مؤسستها منيرة القبيسي، وتقتصر العضوية فيها على النساء، وتنشط في مراكز المدن السورية، وفي دمشق وحمص على وجه الخصوص.  

زادت الحركة من نشاطها، وبدأ يظهر إلى العلن، من الدروس الدينية إلى الموالد النبوية والاحتفالات، وغيرها من المناسبات الدينية والاجتماعية، ويهدف إلى التعليم الديني ونشر الأخلاق الإسلامية بين فئات النساء.  

ويتركز نشاط “القبيسيات” في سوريا بشكل أساسي، وكذلك في لبنان، وفلسطين، والأردن، ودول الخليج، وفي أوروبا وأمريكا أيضًا، ولكن بتسميات مختلفة.  

اجتماع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مع معلمات القرآن الكريم والتعليم الشرعي- 16 من كانون الأول 2019 (وزارة الأوقاف السورية/ فيس بوك)

التسلسل الإداري 

في عام 2017، أصدر مركز “جسور للدراسات” دراسة تحت عنوان “جماعة القبيسيات.. النشأة والتكوين”، وأوضح خلالها التراتبية البنيوية لـ”القبيسيات” وكانت:  

-“الحجَّات”: وهن الطبقة الأولى والنواة المركزية والمرجعية النهائية التي تدير الجماعة وحلقاتها، وتضع الخطط والبرامج، وتشرف على التنفيذ العام، وتُرفع إليهن التقارير وترجع إليهن الآنسات في كل شؤونهن، ولا تستطيع الطالبات الوصول إليهن إلا بعد المرور بمرحلة زمنية من الالتزام مع الجماعة وتزكيات خاصة وثبات على المواظبة وظهور الولاء المطلق للجماعة.  

-“الآنسات” (الخالات الكبيرات): وهن الذراع التنفيذية للخطط والبرامج، وعلى عاتقهن تقع مسؤولية الاستقطاب والوصول إلى الشرائح المستهدفة، وهنا تكمن سلسلة تراتبية من الآنسات يتمايزن بألوان حجابهنّ من الأزرق السماوي إلى الكحلي الغامق وما بينهما من درجات.  

-“المريدات” (التلميذات): وهن القاعدة التي ترتكز عليها الجماعة في عملها، والشريحة المستهدفة، ويتم تأطيرها في حلقات تتبع كل منها لآنسة بما يشبه “الخلية التنظيمية” التي تلتقي بشكل دوري، ويقدّم لها منهاج مدروس ومقرر من “الآنسات الكبيرات” أو “الحجات”، وينتقلن تصاعديًا من آنسة إلى أخرى، أي إلى حلقة جديدة بعد تحقيق شروط معيّنة وإنهاء مناهج محددة.  

إلى جانب الأسد 

اهتم رئيس النظام السوري، بشار الأسد، بـ”القبيسيات”، ولا سيما بعد بداية الثورة السورية عام 2011، وسمح بزيادة نشاطات الجماعة بشكل غير مسبوق بعد عام 2012، إذ يحرص رئيس النظام على تطويع المؤسسات الدينية والظهور إلى جانب رجال الدين في مختلف المناسبات، لإيصال الرسائل للداخل والخارج.  

واجتمع بشار الأسد مع معلّمات القرآن والتعليم الشرعي النسائي في المدارس الشرعية بعد انتهاء الاحتفال بذكرى المولد النبوي في الجامع “الأموي” بدمشق، في 9 من تشرين الأول الماضي، وتحدث عن مشاركتهن في هذا الاحتفال لأول مرة، بأن “وجود المعلّمات معنا في هذا الاحتفال الديني هو الأمر الطبيعي”.  

وفي كانون الأول 2019، اجتمع الأسد بالعشرات من الداعيات ومعلمات القرآن من “القبيسيات”، بهدف “تمتين المجتمع من الداخل، والتصدي للمفاهيم الخاطئة والمغلوطة التي حملتها التنظيمات الإرهابية”، وفق ما نقلته الوكالة السورية للأنباء (سانا).  

مع بداية الثورة السورية، انشقت أعداد كبيرة من طالبات الجماعة عنها، وأنشأن تجمعًا أطلقن عليه اسم “حرائر الثورة المنشقات عن تنظيم القبيسيات”.  

وبدأت حينها المنشقات بنشر مذكّراتهن مع حركة ”القبيسيات”، وجاء في بيان انشقاقهن، “نعلن براءتنا مما يُنشر إعلاميًا وعبر مواقع التواصل الاجتماعي من فيديوهات وتقارير منافية للأخلاق الإسلامية، والاتهامات ذات المعاني الوضيعة التي لا نعلمها عن (القبيسيات)، ومن هنا نؤكد أن أسباب انشقاقنا كانت وما زالت لها علاقة بالتوجه والفكر والمنهج، وليست لأسباب أخلاقية”.  

وترشّح بعض من “القبيسيات” إلى “مجلس الشعب“، كممثلات عن المرأة في دمشق، وكانت أبرز المرشحات فرح حمشو، التي نجحت في الوصول إلى المجلس عبر قائمة “دمشق الشام”.  

 وكان شعار حملتها “نبذ التطرف وترسيخ مبدأ الأخلاق في التعاملات”، وتعد فرح من قريبات رجل الأعمال الشهير محمد حمشو، صديق بشار الأسد وابن خاله رامي مخلوف، ويتشارك معهما جملة من الشركات والمشاريع الاقتصادية التي هيمنت على الاقتصاد السوري خلال سنوات.  

اجتماع رئيس النظام السوري، بشار الأسد، مع معلّمات القرآن والتعليم الشرعي النسائي في المدارس الشرعية بعد انتهاء الاحتفال بذكرى المولد النبوي في الجامع “الأموي” بدمشق- 9 من تشرين الأول 2022 (صفحة رئاسة الجمهورية/ فيس بوك)

لا وجود لـ”القبيسيات” 

رفض النظام إطلاق تسمية “القبيسيات” على هذه الجماعة، وأصدرت وزارة الأوقاف، في أيار 2018، بيانًا قالت فيه، إنه لا وجود لتنظيم اسمه “القبيسيات” في سوريا، وإنما توجد معلّمات قرآن.  

وجاء في البيان أن تسمية “القبيسيات” تعود إلى فترة معيّنة لم تعد موجودة الآن، مضيفًا أن عملهن يقتصر على تحفيظ القرآن وتفسيره في المساجد، حيث يعملن وفق تراخيص من الوزارة.  

بيان الوزارة جاء حينها بعد تداول تسجيل مصوّر انتشر بكثرة على مواقع التواصل الاجتماعي لنساء داخل الجامع “الأموي”، قيل إنهن من “القبيسيات” وينشدن بترخيص من وزارة الأوقاف السورية، لكن تاريخ الفيديو يعود إلى العام 2014.  

وبحسب البيان، فإن “القبيسيات” “لا يتقاضين أي راتب من وزارة الأوقاف، وإنما هن متطوعات ويعملن تحت إشراف الوزارة، كما أنهن لسن بديلًا عن الاتحاد النسائي، ولا علاقة لهن إطلاقًا بهذا المجال”.  

وأشادت وزارة الأوقاف بدور “القبيسيات” خلال السنوات السبع الأخيرة في سوريا بقولها، “كان لهن الدور الرائد في الدفاع عن الدولة ووحدة الوطن”.  

اقرأ أيضًا: حجاب أبيض وتنورة كحلية.. سبع سنوات بين “القبيسيات 

مقالات متعلقة

  1. بيان رسمي من الأوقاف بشأن نشاط "القبيسيات"
  2. حجاب أبيض وتنورة كحلية.. سبع سنوات بين القبيسيات
  3. بين "الاتحاد النسائي" والسيدة الأولى.. تدجين فكري في بوتقة "البعث"
  4. الطيران المروحي يشارك في إخماد حرائق "أبو قبيس" بريف حماة

سوريا

المزيد من سوريا