أعادت قيادة “فوج التدخل السريع”، المشكّلة من قبل “الحرس الثوري الإيراني” في محافظة حمص وسط سوريا، تنظيم تحركات قواتها في سوريا، عقب استبدال القائد الإيراني المسؤول عن “الفوج” مطلع العام الحالي.
وبحسب معلومات حصلت عليها عنب بلدي من ثلاثة عناصر عاملين في “الفوج”، فإن قرارًا صدر مطلع آذار الحالي، ألغى خدمات النقل المقدمة للمقاتلين (حافلات المبيت العسكري)، وبالتحديد الخاصة بنقل العناصر إلى محافظة دير الزور.
وبدأ تطبيق القرار في 12 من آذار الحالي، حين كانت الرحلة الأخيرة لنقل العناصر باتجاه محافظة دير الزور، وأبلغت العناصر بوجوب سفرهم بين المحافظات على حسابهم الخاص، عبر شركات النقل العامة.
وبحسب المصادر المتقاطعة، فإن إلغاء “حافلات المبيت” جاء للحد من عمليات التهريب من دير الزور إلى المحافظات الأخرى.
وتنشط عمليات التهريب بين محافظة دير الزور وبقية مناطق نفوذ النظام السوري، إذ تعتبر المحافظة المحاذية لمناطق سيطرة “قوات سوريا الديمقراطية” (قسد) المدعومة أمريكيًا شمال شرقي سوريا، محطة أولية لتهريب البضائع والمحروقات القادمة من جارتها.
“دفاع النظام” تتدخل للمرة الأولى
التعديلات الأحدث شملت بعض التغييرات على نظام عمل “الفوج” الذي كان يقوده جنرال إيراني يحمل اسم “الحاج عسكر”، لكن التعديلات جاءت بقرار من وزارة دفاع النظام السوري، للمرة الأولى منذ تأسيسه عام 2013.
وكان عناصر “الفوج” ملزمين بنظام دوام 20 يومًا، مقابل 20 يوم عطلة على شكل مناوبات، وبناء على قرار وزارة الدفاع، تغير برنامج الدوام إلى 20 يوم دوام مقابل عشرة أيام عطلة.
ويعتبر نظام الدوام الجديد في المجموعة بعد التعديلات مقرونًا ببرنامج دوام الجيش النظامي للمرة الأولى، في حين حافظ الفصيل على رواتبه الشهرية وهيكليته التابعة لـ”الحرس الثوري الإيراني”.
مصادر متطابقة من “فوج التدخل السريع” قالت لعنب بلدي، إن وزارة الدفاع فرزت عددًا من الضباط برتب عسكرية تبدأ من رتبة ملازم أول، ليتسلموا قيادة نقاط الحراسة التابعة للقوات الإيرانية.
ووسط حديث عناصر “الفوج” عن أن “الحاج عسكر” أنهى عمله في سوريا وعاد إلى إيران، نقلت قيادة المجموعة إلى شخصيات جديدة تحمل الجنسية اللبنانية، قادمة من معسكرات “حزب الله” في لبنان.
ما “فوج التدخل السريع”؟
يقع المقر الرئيس لـ”فوج التدخل السريع” على مدخل بلدة بسيرين، بالقرب من الأوتوستراد الدولي “M5″، ويتوسط الطريق الرئيس بين مركز محافظة حماة ومدينة الرستن شمالي حمص، ويتبع إداريًا بشكل كامل لـ”اللواء 47” المشكّل من قبل إيران في سوريا عام 2013، بحسب مراسل عنب بلدي في حمص.
أُسس الفصيل العسكري دعمًا لقوات النظام ضد فصائل المعارضة السورية في نفس العام الذي أطلق فيه “اللواء 47″، وكان يحمل اسم “لواء الرضا” في بداية تأسيسه.
وتركز مقاتلو هذا الفصيل العسكري على جبهات أرياف حمص الشمالية والشرقية، وفي محيط مدينة تدمر على وجه الخصوص.
ويبلغ العدد التقديري لعناصر “الفوج” بحسب المصادر العاملة في الفصيل حوالي 4000 مقاتل، وينحدر معظمهم من محافظات حمص، وحماة، ودمشق، والساحل السوري، ويقوده المرشح السابق لعضوية مجلس الشعب الحاج خير الله عبد الباري، إلى جانب ابنه الحاج خالد عبد الباري، وهما من أبناء مدينة الرستن، بعد دورات عسكرية أجرياها في إيران.
إيران تلتفت إلى جبهاتها الداخلية
قال موقع “إنتلجنس أونلاين” الفرنسي، في 17 من كانون الأول 2022، إن إيران بدأت بسحب مجموعات تابعة لها من سوريا لتعزيز جبهاتها الداخلية، بسبب الاحتجاجات التي تشهدها البلاد.
وأضاف أن قوات “الحرس الثوري” تعاني صعوبة في مواجهة الاحتجاجات الشعبية المعارضة لحكومة البلاد منذ أكثر من ثلاثة أشهر، ما دفع لتوجيه الميليشيات المدعومة إيرانيًا إلى إيران للحد من تطور الوضع في البلاد.
وأضاف الموقع أن إعادة إيران لمجموعاتها لم تقتصر على سوريا وحسب، إنما أعادت مقاتلين آخرين من لبنان والعراق إلى أكثر المناطق الإيرانية توترًا.
وحول هوية المجموعات التي سُحبت من سوريا مؤخرًا، قال الموقع الفرنسي، إن إيران أعادت من سوريا مجموعات كاملة من “لواء زينبيون”، المكوّن من ميليشيات شيعية باكستانية، ومن “لواء فاطميون”، القائم على عناصر قادمين من أفغانستان.
وأشار التقرير إلى أن شركتي “ماهان إير” و”إيران إير” للطيران، سيّرتا “رحلات مكوكية” بين دمشق وطهران، لنقل المقاتلين من سوريا.
ولفت إلى أن إعادة مقاتلي الميليشيات شملت جبهات قتال لم تعد بحاجة إلى انتشار قوات مسلحة فيها من العناصر المدعومين من إيران.
سوريا تُدار عبر “حجاج”
بـ”حجاج عسكريين” يرتبطون بالسفارة الإيرانية في دمشق، ويقودون ميليشيات مسلحة، تدير طهران تغلغلها العسكري في سوريا، بحسب معلومات اطلعت عليها عنب بلدي من مصدرين مقربين من قياديين إيرانيين من أبناء محافظة الحسكة.
وتعتبر الميليشيات الإيرانية مجموعات مقاتلة يشكّل المقاتلون المحليون أغلبية عناصرها، لكنها تتبع بشكل مباشر لـ”الحرس الثوري” المُشكّل في إيران عقب “الثورة الإسلامية الإيرانية”، وتتركز نواة هذه الميليشيات في سوريا بمحافظة دير الزور.
وبحسب المصادر المطلعة نفسها، فإن قائد هذه الميليشيات المباشر إيراني الجنسية يُلقب بـ”الحاج مهدي”، ويقودها في مدينة الميادين وريفها قيادي آخر يُلقب بـ”الحاج حسين”، وكان الجنرال “الحاج عسكر” يدير عمليات “اللواء 48” المنتشر في البادية الممتدة بين البوكمال وحمص.
اقرأ أيضًا: سفارة إيران في دمشق تدير “حربًا بين الحروب” شرقي سوريا
شارك في إعداد هذه المادة مراسل عنب بلدي في حمص عروة المنذر
–