“الرباعية” إلى أستانة.. الأتراك في موقف أفضل من النظام السوري

وزراء خارجية "رباعية دمشق" يلتقون في موسكو في اجتماع هو الأول بين المقداد ووزير الخارجية التركي حينها مولود جاويش أوغلو- 10 من أيار 2023 (تاس)

camera iconوزراء خارجية "رباعية دمشق" يلتقون في موسكو في اجتماع هو الأول بين المقداد ووزير الخارجية التركي حينها مولود جاويش أوغلو- 10 من أيار 2023 (تاس)

tag icon ع ع ع

من المقرر أن تنعقد على مدار اليومين المقبلين (20 و21 من حزيران) أعمال الاجتماع الدولي بشأن سوريا بصيغة “أستانة”، بمشاركة تركيا وروسيا وإيران والنظام السوري والمعارضة السورية.

ويعتبر هذا اللقاء السياسي الذي يأتي كحلقة استمرار لمسار التقارب التركي مع النظام، الأول من نوعه بعد الانتخابات التركية التي أبقت رجب طيب أردوغان رئيسًا لخمس سنوات لتتلاشى بذلك آمال رئيس النظام السوري، بشار الأسد، الذي ربط أي تطور في العلاقات مع أنقرة بالانتخابات التركية.

كما اعتبر  خلال مقابلة مع قناة “RT” أن “الزلزال الوحيد الذي يغير من السياسات التركية ويدفع باتجاه التقارب، هو الانتخابات الرئاسية في تركيا”.

وسيعقد غدًا الثلاثاء، 20 من حزيران،لقاء “رباعية سوريا”، على مستوى نواب وزراء خارجية تركيا وإيران وروسيا والنظام.

وكانت صحيفة “الوطن” المقربة من النظام، نشرت في رأس الصفحة الأولى من عددها المطبوع، الصادر اليوم الاثنين، مادة جاء فيها على لسان “مصادر متابعة” أن دمشق لا تريد من الاجتماعات المقبلة  استعادة المفردات أو التأكيد على مواقف سبق وأشير إليها بعنوانها العريض.

وأضافت “المصادر” أن الإشارة إلى التزام الأطراف بوحدة سوريا وسيادة أراضيها يجب أن تترافق مع التأكيد على إنهاء “الاحتلال التركي”، والإعلان بوضوح عن استعداد تركيا للانسحاب من الأراضي السورية.

ووفق ما نقلته “الوطن”، فيما يخص “مكافحة الإرهاب”،فيجب تسمية “التنظيمات الإرهابية” التي يجب محاربتها بصورة واضحة، إذا أرادت الأطراف المعنية والضامنة إحراز تقدم جدي في هذا المسار، إذ تربط أنقرة “مكافح الإرهاب” بـ”التنظيمات الكردية”، و”تتغافل” عن ذكر محاربة “التنظيمات الإرهابية” في مناطق إدلب، وريف حلب الشمالي، الموجودة في تلك المناطق “تحت أعين الاستخبارات التركية”.

“موقف دمشق” سيكون حاسمًا

كما نشرت “الوطن” مادة أخرى اعتمدت فيها على “رأي اليوم”، وجاء فيها أن الملف السوري بالنسبة لوزير الخارجية التركي الجديد، هاكان فيدان، ولطاقمه “على صفيح ساخن”، ويحظى بالأولوية من حيث سلسلة الاحتياجات السريعة للدولة التركية، وتم إقرارها باجتماع أمني وسياسي ودبلوماسي خاص، عقد مؤخرًا، وترأسه الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان.

وذكرت قناة “TRT HABER” التركية الرسمية، اليوم الاثنين، أن لقاء نواب وزراء الخارجية سيناقش ملف العودة الطوعية للاجئين السوريين، والخطوات الملموسة التي يتعين اتخاذها لتطبيع العلاقات بين الطرفين.

ومن المقرر أن تجدد تركيا تأكيد عزمها “مكافحة الإرهاب” وإيجاد حل سياسي، والعودة الطوعية والآمنة والكريمة للاجئين السوريين، معتبرة أن موقف “إدارة دمشق” من أولويات تركيا سيكون حاسمًا لتقدم العملية.

وخلال مشاركته في مؤتمر “بروكسل” في 15 من حزيران، اعتبر السفير التركي لدى الاتحاد الأوروبي، فاروق قايماقجي، أن إحياء العملية السياسية من العوامل التي تدفع أنقرة للتفاعل مع النظام السوري.

أنقرة في موقف أفضل

الباحث في العلاقات الدولية، محمود علوش، أوضح لعنب بلدي أن تركيا في موقف أفضل لإدارة سياستها حيال سوريا، مقارنة بمرحلة ما قبل الانتخابات التي جرت في أيار الماضي.

وعزا علوش ذلك إلى كون عامل الضغط الداخلي على الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، تراجع، وهذا العامل لعب دورًا رئيسيًا في إدارة شكل تحول العلاقة مع النظام السوري.

“التعقيدات كبيرة أمام إمكانية إعادة فتح صفحة جديدة في العلاقات بين أنقرة ودمشق، فهناك قضايا شائكة مثل مستقبل الوجود العسكري التركي في سوريا، والتعاون الأمني الذي تريده تركيا من النظام وحلفائه ضد التنظيمات الكردية”، أضاف الباحث.

وأمام هذه المطبات ستحاول موسكو إدارة الحوار خطوة بخطوة، لإحداث تقدم على عدة مستويات، بشكل متوازي، ومتوازن، بغية الوصول إلى مرحلة يمكنها تشكيل بداية جديدة للعلاقة بين تركيا والنظام، وفق علوش.

النظام في وضع أصعب

يرى الباحث محمود علوش، أن النظام السوري في وضع أصعب من ناحية فرض الشروط على تركيا للحوار، فهناك مسارات أخرى تعمل عليها تركيا في هذا الملف بمعزل عن النظام السوري، ومنها تمهيد أرضية مواتية في الشمال السوري لمشروع العودة الطوعية، وهذا يشير إلى أن تركيا لا تراهن في سياستها الجديدة بالكامل على إمكانية فتح صفحة جديدة مع النظام.

وعلى المستوى الأمني، فإن تصعيدًا لافتًا حصل خلال الأيام القليلة الماضية بين تركيا و”وحدات حماية الشعب الكردية” شمال شرقي سوريا، وكانت تركيا ترسل رسالة واضحة مفادها أن الاستراتيجية العسكرية والأمنية التركية حيال “مكافحة الإرهاب” لن تتراجع بصرف النظر عن طبيعة الحوار مع النظام والمسار الذي يمكن أن يصل إليه.

وردًا على قصف قواعده في المنطقة قبل نحو أسبوع، شن الجيش التركي حملة قصف استخدم فيها الطائرات المسيرة لأول مرة، ضد نقاط في تل رفعت ومنبج، ما أسفر عن وقوع قتلى وجرحى عسكريين.

وكانت وزارة الدفاع التركية أعلنت في 15 من حزيران، أن قواتها تمكنت من “تحييد 67 إرهابيًا بضرب مقارهم في تل رفعت ومنبج”، ردًا على استهداف قواعدها شمالي سوريا.

كل هذه المعطيات وفق الباحث، لا تضع النظام السوري في موقع من يفرض الشروط، فحتى ما قبل الانتخابات وبعد اشتراط النظام وضع جدول زمني للانسحاب التركي من سوريا بغية التفاوض، تراجع عن هذا الشرط ورضخ للضغوط الروسية وعقدت اجتماعات للآلية الرباعية على أكثر من مستوى.

لا يمكن أن نتوقع انفراجة قريبة في الحوار وبالتأكيد ستبقى هناك بعض القضايا الشائكة تجعل من الصعب التوصل لتسوية شاملة للعلاقات التركية مع النظام.

محمود علوش- باحث في العلاقات الدولية

ما خطة العمل؟

وفق ما نشرته الخارجية الكازاخية، في 16 من حزيران، فالمفاوضات ستجري بمشاركة وفود “الدول الضامنة” (تركيا وروسيا وإيران)، بالإضافة إلى ممثلين عن النظام السوري والمعارضة، ومن المتوقع مشاركة ممثلين عن الأمم المتحدة والأردن والعراق ولبنان كمراقبين.

وبعد لقاء نواب وزراء الخارجية في اليوم الأول، ستستمر المشاورات في اليوم الثاني لبحث المناخ الإقليمي المتغير حول سوريا، وجهود تسوية شاملة، وقضايا “مكافحة الإرهاب” وإجراءات بناء الثقة، والإفراج عن المعتقلين، والبحث في ملف الرهائن والمفقودين، والوضع الإنساني في سوريا، بالإضافة إلى حشد جهود المجتمع الدولي لتقديم المساعدة في إعادة الإعمار وتهيئة الظروف لعودة اللاجئين السوريين إلى سوريا.

وزراء الخارجية الأربعة يلتقون في موسكو لبحث مسار العلاقات بين أنقرة والنظام السوري- 10 من أيار (تاس)

“خارطة الطريق” جاهزة

من جانبه، بيّن نائب وزير الخارجية الروسي، ميخائيل بوغدانوف، في 14 من أيار، أن “خارطة الطريق” التي اقترح وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، وضعها للتقارب بين تركيا والنظام، خلال اللقاء الوزاري للأطراف الأربعة في موسكو في 10 من أيار، باتت جاهزة، لمناقشتها مع الشركاء والمضي قدمًا في هذا المسار.

وقال السفير الروسي في دمشق، ألكسندر يفيموف، في 12 من حزيران لصحيفة “الوطن” إنه “من الصعب في غضون أسابيع أو أشهر قليلة استعادة ما جرى تدميره لمدة 12 عامًا، إذ ينتظرنا الكثير من العمل الشاق في هذا الاتجاه، ويجب الاعتراف صراحة أن مواقف الطرفين لا تزال بعيدة عن بعضها بعضًا”.

وفي في 12 من حزيران، استقبل رئيس النظام السوري، بشار الأسد، كبير مستشاري وزير الخارجية الإيراني، علي أصغر خاجي، في دمشق، وتحدث خلال اللقاء عن أهمية التنسيق في المرحلة المقبلة، سيما فيما يتعلق باجتماعات الرباعية، ومسار أستانة.

كما شدد الأسد على وضع استراتيجية مشتركة تحدد الأسس، وتوضح العناوين والأهداف التي تبنى عليها المفاوضات القادمة، فيما يتعلق بالانسحاب التركي من سوريا، أو “مكافحة الإرهاب”، وغيرها، مع ضرورة وضع جدول زمني وآليات تنفيذ لهذه العناوين، بالتعاون مع موسكو وطهران.

من جانبه أشار خاجي إلى ما اعتبرها “صوابية الرؤية السورية” بخصوص مختلف الملفات التي يجري التفاوض بشأنها.

خطوات على مسار تقارب تركيا مع النظام السوري- (رصد عنب بلدي)

خطوات على مسار تقارب تركيا مع النظام السوري- (رصد عنب بلدي)




مقالات متعلقة


×

الإعلام الموجّه يشوه الحقيقة في بلادنا ويطيل أمد الحرب..

سوريا بحاجة للصحافة الحرة.. ونحن بحاجتك لنبقى مستقلين

ادعم عنب بلدي

دولار واحد شهريًا يصنع الفرق

اضغط هنا للمساهمة